اجمل ما قيل في النميمه
الحمد لله رب العالمين، و الصلاه و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين، اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما، و ارنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه، و ارنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه، و ادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
النميمه :
ايها الاخوه المؤمنون، نحن في موضوعات متسلسله هي تربيه الاولاد في الاسلام، ولكن اردت ان اقطع هذه الموضوعات المتسلسله لاعالج موضوعا طارئا، وقد يكون هذا الموضوع من اخطر الموضوعات على الحياه الاجتماعيه بين المؤمنين.
كيف ان قطرات من حمض يمكن ان تفسد كميات كبيره من اللبن او الحليب، كيف ان نقاطا من النفط يمكن ان تفسد كميات كبيره من افضل انواع الاغذيه ، كذلك النميمه يمكن ان تفسد مجتمعا باكمله، والواحد احيانا يقول لك: انا لا افعل الكبائر، لم اكذب ولم اسرق، ولم ولم… لكنه كان ينقل كلاما من انسان لانسان فاذا بهذا العمل يوجب له النار.
اخواننا الكرام: لا يوجد مجال اطلاقا للمبالغه ، الشرع لا يوجد فيه مبالغه ، كلام النبي عليه الصلاه والسلام حق من عند الله تعالى، فانا الان ساسوق لكم بعض الايات والاحاديث التي وردت في موضوع النميمه ، ممكن انسان واحد يفسد علاقه الف انسان، وقد يدفع بهؤلاء جميعا الى اشد انواع العداوه والبغضاء، وقد يدفع بهم الى التقاطع والتدابر، لذلك عظم الذنب بعظم اثاره، والنميمه لها اثار لا تعد ولا تحصى، ساريكم في هذا الدرس نماذج من مواقف الصحابه والتابعين والعلماء في هذا الموضوع، ولو تصورنا ان جماعه محدوده لم يكن بينهم نميمه ولا غيبه لكانوا متماسكين متعاونين كانهم صفا واحدا.
من يمشي بالنميمه اقرب الى ان يكون من الزنا :
اولا الله سبحانه وتعالى حينما قال:
﴿ هماز مشاء بنميم ﴾
[ سوره القلم:11]
الزنيم هو الدعي، ومعنى الدعي ولد الزنا، اي الله عز وجل جعل الذي يمشي بالنميمه اقرب الى ان يكون من الزنا، ايه ثانيه قال تعالى:
﴿ ويل لكل همزه لمزه ﴾
[ سوره الهمزه : 1 ]
الهمزه هو النمام، وقال تعالى حينما تحدث عن ابي لهب:
﴿ تبت يدا ابي لهب وتب * ما اغنى عنه ماله وما كسب *سيصلى نارا ذات لهب * وامراته حماله الحطب * في جيدها حبل من مسد ﴾
[ سوره المسد: 1-5 ]
اي كانت ام جميل تمشي بالنميمه وكانها تحمل حطبا يحرق الناس، وقال تعالى:
﴿ ضرب الله مثلا للذين كفروا امراه نوح وامراه لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ﴾
[ سوره التحريم: 10 ]
قيل كانت امراه لوط تخبر بالضيفين، وامراه نوح تخبر انه مجنون.
احاديث في النميمه :
قال صلى الله عليه وسلم- والله هذا الحديث ايها الاخوه لو الانسان صدق انه من عند رسول الله لاجتنب النميمه ، والنبي عليه الصلاه والسلام لا ينطق عن الهوى، هناك حديث متفق عليه واذا قلت لكم: متفق عليه اي هو من اعلى انواع الاحاديث على الاطلاق، اي اتفق عليه الامام البخاري ومسلم -:
(( عن حذيفه انه بلغه ان رجلا ينم الحديث فقال حذيفه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنه نمام ))
[مسلم عن حذيفه ]
ولو صلى، ولو صام، ولو حج، ولو ادى زكاه ماله، ولو زعم انه مسلم، لا يدخل الجنه ، وفي حديث اخر:
(( عن همام قال: كنا مع حذيفه فقيل له ان رجلا يرفع الحديث الى عثمان فقال له حذيفه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنه قتات ))
[متفق عليه عن همام ]
والقتات هو النمام، وعن ابي هريره :
((احبكم الى الله احاسنكم اخلاقا، الموطئون اكنافا، الذين يالفون ويؤلفون، وان ابغضكم الى الله – ابغضكم على الاطلاق اسم تفضيل – المشاؤون بالنميمه المفرقون بين الاخوان الملتمسون لهم العثرات))
[ الخطيب عن انس]
و:
(( عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان من احبكم الي واقربكم مني مجلسا يوم القيامه احاسنكم اخلاقا وان ابغضكم الي وابعدكم مني مجلسا يوم القيامه الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون قالوا يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال المتكبرون))
[الترمذي عن جابر ]
انا لا اشرح انا اسمعكم ايات القران الكريم واحاديث الرسول عليه الصلاه والسلام.
((الا اخبركم بشراركم؟ المشاؤون بالنميمه ، المفسدون بين الاحبه ، والباغون للبراء العنت))
[ احمد عن عن اسماء بنت يزيد]
وقال ابو ذر قال عليه الصلاه والسلام:
(( من اشاع على مسلم كلمه ليشينه بها بغير حق شانه الله بها في النار يوم القيامه ))
[ الطبراني عن ابي ذر]
و:
((الا انبئكم بشراركم فقال: هم الثرثارون المتشدقون، الا انبئكم بخياركم احاسنكم اخلاقا ))
[البخاري عن ابي هريره ]
و:
(( عن اسماء بنت يزيد الانصاريه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى، قال: فخياركم الذين اذا رءوا ذكر الله تعالى، الا اخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: فشراركم المفسدون بين الاحبه المشاءون بالنميمه الباغون البراء العنت ))
[احمد عن اسماء بنت يزيد الانصاريه ]
كلام الانسان جزء من عمله :
اخواننا الكرام قبل ان تتلفظ بكلمه يجب ان تعلم ان كلامك من عملك، وليس كلاما، هذا عمل، لان كلمه ربما فسخت علاقه ، كلمه ربما افسدت بين محبين، لا تنسوا ان الله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ يسالونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين ﴾
[ سوره الانفال: 1]
ولا تنسوا ان النبي عليه الصلاه والسلام يقول:
(( دب اليكم داء الامم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقه حالقه الدين لا حالقه الشعر والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا افلا انبئكم بشيء اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم ))
[احمد عن الزبير بن العوام رضي الله عنه ]
ينتهي الدين كله، مجتمع بلا دين اذا كان يوجد نميمه ، رغم الصلاه والصوم والحج والزكاه ، تذكر هذا المثل حله حليب نقطتان من الحمض يفرط كله، اغلى طبخه ضع بها نقطتين من الكاز ترميها، هكذا النميمه لا تبقي شيئا.
(( ايما رجل اشاع على رجل كلمه وهو بها بريء ليشينه بها في الدنيا كان حقا على الله ان يذيبه بها يوم القيامه بالنار))
[ ابن ابي الدنيا عن ابي الدرداء]
وقال عليه الصلاه والسلام ايضا:
((عن ابي هريره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من شهد على مسلم شهاده ليس لها باهل فليتبوا مقعده من النار ))
[احمد عن ابي هريره ]
مره ثانيه : كلامك جزء من عملك:
((… وانا لنؤاخذ بما نتكلم به قال: ثكلتك امك معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم الا حصائد السنتهم ))
[احمد عن ابي هريره ]
لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه :
لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، انسان يتكلم على كيفه، جلس في جلسه يقول: هكذا قال عنك فلان، راسا العرى انفصمت، دخل الحقد، البغضاء، كما قال الله عز وجل يصف اهل الكفر:
﴿ لا يقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنه او من وراء جدر باسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون ﴾
[ سوره الحشر:14]
اي هل مر على المسلمين وقت هم في تمزق وتناحر وعداوه وبغضاء كهذا الوقت العصيب؟ باسنا بيننا، الله عز وجل وصف المؤمنين:
﴿ محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراه ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطاه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفره واجرا عظيما ﴾
[ سوره الفتح: 29 ]
نحن بالعكس اشداء على بعضنا رحماء مع اعدائنا، بسبب النميمه ، والله لا ابالغ وانا متاكد انه كما قال عليه الصلاه والسلام والحديث صحيح:
(( خير الصحابه اربعه وخير السرايا اربع مائه وخير الجيوش اربعه الاف ولن يغلب اثنا عشر الفا من قله ))
[الترمذي عن ابن عباس]
النميمه تفتت المجتمع و تضعفه :
ما قولكم ان نقول في جماعه تعيش في طرف الجزيره ، لا اقول اليمن لان فيها مشكله ، في طرف الجزيره نقول: هذه الجماعه القبليه المتواضعه المتفلته سوف تستولي على العالم الغربي باكمله، هذا الكلام مستحيل، الذي يقول هذا الكلام يعد مختل العقل، هذا الذي حصل في عهد اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما عرفوا الله، وحينما استقاموا على امر الله، وحينما احب بعضهم بعضا، كانوا كالبنيان المرصوص، لذلك دولتان كبيرتان عملاقتان جبارتان في الارض تهاوت تحت اقدامهم، قال تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ﴾
[ سوره محمد: 7 ]
النميمه تفتت، مجتمع فارط، عداء على مستوى الامه ، وعلى مستوى الشعب، و على مستوى الفئات، وعلى مستوى الاسر، وعلى مستوى الاسره الواحده ، البيت الواحد قال عنك كذا ولكن انا دافعت عنك، وهو كاذب ما دافع عنك، لكن نقلت لي هذا الكلام كي تنفصم عرى المحبه بيني وبين اخي، ويقال ان ثلث عذاب القبر من النميمه .
(( عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ان الله لما خلق الجنه قال لها: تكلمي، قالت سعد من دخلني، فقال الجبار جل جلاله: وعزتي وجلالي لا يدخل فيك ثمانيه نفر من الناس: لا يسكنك مدمن خمر، ولا مصر على الزنا، ولا قتات – اي نمام- ولا ديوس، ولا مخنث، ولا قاطع رحم، ولا الذي يقول: علي عهد الله ان لم افعل كذا وكذا ثم لم يف بعهده -الذي يخلف بعهده- ))
[ الغزالي عن ابن عمر رضي الله عنهما ]
باب التوبه مفتوح الى يوم القيامه :
الان اخبار اي ليس في مستوى الاحاديث، ولكن يوجد منها مغزى، قال: ان بني اسرائيل اصابهم قحط، فاستسقى موسى قومه مرات عده فما سقوا، فاوحى الله تعالى اليه ان يا موسى لن استجيب لك ولمن معك لان فيكم نماما – نمام واحد يمنع رحمه السماء – والقصه لها تتمه ، ثم انزل الله المطر فتعجب سيدنا موسى وقال له: يا موسى لقد تاب، قال: من هو يا رب؟ قال: عجبت لك استره وهو عاص وافضحه وهو تائب!! انتهى، باب التوبه مفتوح الى يوم القيامه .
هذه مقدمه الايات والاحاديث المتفق عليها والصحيحه وبعض الاحاديث الاقل صحه كلها ترهب الانسان من النميمه .
تعريفات النميمه :
بقي ان نعرف النميمه التعريف الدقيق، وهذا التعريف دقيق جدا، النميمه : تطلق على من ينم قول الغير في المقول فيه، معنى ينم اي ينقل قول الغير الى المقول فيه، كان تقول: ان فلانا كان يتكلم فيك كذا وكذا، قبل ان تقول هذا الكلام اعلم انك وقعت في كبيره ، اعلم انك وقعت في كبيره توجب النار، اعلم انك وقعت في كبيره توجب او تستلزم ان تفتت الجماعه المؤمنه .
الان نتابع تعريفات النميمه حدها كشف ما يكره كشفه، اذا كشفت سرا هذا الكشف يكره ذلك احد الطرفين فهذه نميمه ، احيانا الذي نقلت له الكلام قد لا يتالم والذي نقلت عنه الكلام قد يتالم، فانت نمام، ليس الشرط ان يتالم من نقلت له الكلام، لا اذا تالم وكره من نقلت عنه الكلام فهو نميمه ، الذي نقلت عنه والذي نقلت اليه اذا تالما جميعا، فهذا العمل نميمه ، واذا تالم احدهما فهذا العمل نميمه ، واذا لم يكره هذا العمل لا الذي نقلت عنه ولا الذي نقلت اليه ولكن شخص ثالث كره ذلك فهذه نميمه ، اي قد يكون الذي نقلت عنه لا يعبا، قوي جدا، وقد يكون الذي نقلت اليه لا يهمه – متمسح – الذي نقلت عنه لا يعبا، والذي نقلت اليه لا يهتم، لكن انسانا حساسا اخلاقيا راى في هذا العمل وقيعه ، دناءه ، فتالم رجل ثالث قال فهذه نميمه ، اذا كشفت شيئا كرهه واحد او اثنان او ثلاثه فهي نميمه .
الان الكشف بالقول او بالكتابه ، احيانا رساله ، احيانا اتصال هاتفي يلغي زواجا، احيانا رساله مجهوله التوقيع تفسخ خطبه ، او بالرمز، او بالايماء، ما فعل شيئا لكن حرك بدلته، هذه نميمه ، اما بالقول او بالكتابه او بالرمز او بالايماء، الان نقلت اما اعمالا او اقوالا، فلان فعل كذا غير مفتاح البيت، لانه يخاف منك، هذا ما قال شيئا سوى انه غير المفتاح، هذه اعمال، الاقوال: قال عنك كذا او لم يعمل ولم يتكلم لكن ذكرت عيبا في انسان خلقيا ففسخت علاقه بين اثنين، او عيبا او نقصا بالمنقول عنه.
حقيقه النميمه :
حقيقه النميمه افشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه، الا في حالتين النميمه معفو عنها اذا كان في حكايه هذا الكلام فائده لمسلم، او دفع لمعصيه ، الموضوع خطير موضوع زواج، لو فرضنا رجلا قال: انا سوف اتزوجها شهرين فقط وعندما اسافر سوف اطلقها، والجماعه صدقوه وهذا تصريح رسمي، وهذا الزواج المؤقت زواج زنا، اذا كان سيحدث ضررا كبيرا بمسلم فانت عندئذ لست نماما اذا فيه فائده لمسلم.
مثلا شراكه ، احد الشريكين تكلم بانسان لا يتوقع ان يصل الكلام للشريك الثاني، انا بعد ان اخذ المصلحه منه ساضعه خارج المحل، لان المحل باسمي وليس باسمه، هذا نمام صار؟ اذا الكلام وصله مراعاه لهذا المسلم البريء الطاهر صار موضوعا ثانيا، ولكن انا افضل الانسان لا يستعمل الرخص، لان الرخص احيانا تكون غير واضحه ، واحيانا اخرى تكون الرخص فيها شبهه ، فانت خذ الاحوط.
لو فرضنا رجلا يخفي مال مورث، خمسه اولاد واحد الاولاد حمل كيسا اسود ممتلئا بالنقود واخفاه اثناء الوفاه ، انت شاهدته ويوجد خمسه اخوه في البيت هذه موضوع فيه اكل حقوق وفيه ظلم.
اذا الاستثناء ما كان في حكايه الشيء فائده لمسلم او دفع لمعصيه ،طبعا الغلول ان تاخذ المال كله هذا غلول، وهذه معصيه كبيره جدا، يقول الامام الغزالي في الاحياء: “ان الباعث على النميمه احيانا ان تريد السوء للمحكي عنه او ان تظهر الحب للمحكي له”، اما ان تريد السوء لمن نقلت عنه، او ان تريد الخير لمن نقلت اليه، او ان تتسلى بالوقيعه بين الاثنين، هذا عمل شيطاني يبتغى به وجه الشيطان، اما ان تريد ان تسيء لمن نقلت عنه، واما ان تريد ان تظهر حبك لمن نقلت اليه، او ان تريد ان ترى بام عينك ما يجري بينهما وكيف تنفصم هذه العلاقه .
الموقف الشرعي الذي يجب ان ياخذه الانسان حيال النمام :
1 الا يصدقه :
الان اهم ما في الدرس هذه النقطه ؛ انت شاب مؤمن طالب علم، تنتمي الى مسجد، جاء انسان وقال لك: ان فلانا تكلم عليك كذا، انت ما الموقف الشرعي الذي يجب ان تاخذه؟ قال: اولا من قيل له ان فلانا قال فيك كذا، او فعل في حقك كذا، او هو يدبر في افساد امرك، او في ممالاه عدوك، او تقبيح حالك، او ما يجري مجرى هذا، قال: فعليه سته امور، سته واجبات على من قال له انسان: فلان تكلم عنك كذا وكذا، الاول الا يصدقه لان النمام فاسق وهو مردود الشهاده لقوله تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾
[ سوره الحجرات: 6 ]
اولا: الا تصدقه لانه كذاب.
2 ان ينهاه عن ذلك وينصحه :
ثانيا: ان ينهاه عن ذلك، وينصح له، ويقبح فعله، قال تعالى:
﴿ يا بني اقم الصلاه وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور ﴾
[ سوره لقمان: 17 ]
يا فلان ما كان ينبغي ان تقول هذا الكلام ولو وقع، انك اصبحت نماما، والنمام لا يدخل الجنه ، لا ينبغي ان تسكت من نقل لك كلاما عن شخص قال فيك هذا الكلام ينبغي اولا الا تصدقه لانه كذاب بنص القران الكريم.
3 ان يبغضه في الله تعالى :
ثالثا: ان يبغضه في الله تعالى، يجب الا تحبه، هذا يحضر لي اخبارا اذا اشجعه، يجب ان ابغضه في الله تعالى فانه بغيض عند الله تعالى، ويجب ان تبغض من يبغضه الله تعالى، اذا انسان نقل اليك كلاما وانت احببته واعتبرته من طرفك، من اتباعك، هذا مخبر، ان اعتبرته ذلك فانت خالفت سنه النبي عليه الصلاه والسلام، ينبغي ان تبغضه في الله لان المؤمن يبغض من يبغضه الله، وهذا بغيض عند الله.
4 ان يظن باخيه خيرا :
رابعا: الا تظن في اخيك الذي نقل عنه هذا الكلام سوءا لقوله تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم﴾
[ سوره الحجرات: 12 ]
5 الا يحمله ذلك على التجسس :
خامسا: الا يحملك ما حكى لك هذا الانسان على التجسس والبحث، لتتحقق اتباعا لقوله تعالى:
﴿ يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾
[ سوره الحجرات :6]
يقول لك: انا اتتبع الامر، لا تتبع الامر، ارح نفسك وارح غيرك.
6 الا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه :
السادس: الا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه، ولا تحكي نميمته، وتقول: فلان قد حكى لي كذا وكذا فتكون نماما ومغتابا، وقد تكون قد اتيت ما عنه نهيت.
ست حالات؛ اولا: الا تصدقه، ثانيا: ان تنهاه، ثالثا: ان تبغضه، رابعا: ان تظن باخيك خيرا، خامسا: الا يحملك هذا القول على التجسس، سادسا: الا تفعل ما نهيت عنه.
سته واجبات دينيه مدعمه بالايات القرانيه يجب ان تفعلها اذا استوقفك انسان وقال لك: فلان قال عنك كذا وكذا.
تفتت المجتمع من النميمه :
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه دخل عليه رجل، فذكر له عن رجل شيئا، فقال له عمر: “ان شئت نظرنا في امرك فان كنت كاذبا فانت من اهل هذه الايه
﴿ ان جاءكم فاسق بنبا ﴾
وان كنت صادقا فانت من اهل هذه الايه :
﴿ هماز مشاء بنميم ﴾
وان شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا امير المؤمنين لا اعود اليه ابدا”.
حكيم من الحكام زاره بعض اخوانه فاخبره بخبر عن بعض اصدقائه، قال له الحكيم: قد ابطات في الزياره – تاخرت حتى زرتني- لكن بهذه الزياره ارتكبت ثلاث جنايات، بغضت اخي الي، وشغلت قلبي الفارغ، واتهمت نفسك الامينه ، اي وضعت نفسك في موضع تهمه ، وشغلت قلبي، وبغضتني باخي، بعد انتظار هذه الزياره ترتكب هذه الجنايات الثلاثه .
سليمان بن عبد الملك كان مره جالسا وعنده الزهري فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني انك وقعت في وقلت كذا وكذا، فقال الرجل: ما فعلت ولا قلت، فقال سليمان: ان الذي اخبرني صادق، فقال له الزهري: لا يكون النمام صادقا، فقال سليمان: صدقت، ثم قال للرجل: اذهب بسلام.
الحكم رضي الله عنه يقول: “من نم اليك نم عليك”، الشيء الغريب انسان يتودد لك ويقول لك فلان قال عنك كذا، وفلان قال عنك كذا، وانا والله ما هان علي، وليس له الحق ان يقول هذا الكلام، فانت تميل نحوه، الله يرضى عليك، والله انا احبك يا فلان، صار هناك غزل، يذهب الى الطرف الثاني ويقول كلاما معاكسا، قال: هذه اشاره الى ان النمام ينبغي ان يبغض والا يثق بقوله، ولا بصداقته، صدقوني زواج يفسد ينتهي بالطلاق، شركه تنتهي بالفسخ، اسره تنتهي بالعداوه والبغضاء، شيء خطير جدا ان المجتمع يتفتت من النميمه .
الام انواع الصدق ان تكون نماما :
الان بعض الايات الكريمه :
﴿ انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم ﴾
[ سوره الشورى : 42]
علماء التفسير قالوا: النمام منهم، يبغون في الارض بغير الحق، يعتدون، وقال صلى الله عليه وسلم:
((عن عائشه رضي الله عنها ان رجلا استاذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم بئس اخو العشيره فلما دخل انبسط اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه فلما خرج قلت يا رسول الله لما استاذن قلت بئس اخو العشيره فلما دخل انبسطت اليه فقال: يا عائشه ان الله لا يحب الفاحش المتفحش حدثنا عباس العنبري حدثنا اسود بن عامر حدثنا شريك عن الاعمش عن مجاهد عن عائشه في هذه القصه قالت: فقال تعني النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشه ان من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء السنتهم ))
[متفق عليه عن عائشه رضي الله عنها]
والنمام منهم، وقال صلى الله عليه وسلم:
((عن جبير بن مطعم اخبره انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنه قاطع ))
[متفق عليه عن جبير بن مطعم ]
قيل: وما القاطع؟ قال: قطع بين الناس، والنمام منهم.
وعن علي رضي الله عنه ان رجلا سعى اليه برجل فقال: “يا هذا نسال عما قلت فان كنت صادقا مقتناك، وان كنت كاذبا عاقبناك، وان شئت ان نقيلك اقلناك، فقال: اقلني يا امير المؤمنين”.
قيل لمحمد بن كعب القرظي: اي خصال المؤمن اوقع له؟ – تزل قدمه فيها- فقال: كثره الكلام، وافشاء السر، وقبول قول كل احد.
تقبل اي قول، تفشي اي سر، وكثره الكلام، من كثر كلامه كثر خطؤه، ذكر عند بعض الحكماء النميمه فقال: ما ظنكم بقوم يحمد الصدق من كل طائفه من الناس الا منهم النمام قد يكون صادقا وفعلا الكلام قاله فلان، ولكن الام انواع الصدق ان تكون نماما، فلان قال هذا الكلام، انت ما كذبت، انت نقلت ما قال فلان في فلان، فهذا الام انواع الصدق ان تصدق في هذا الموطن، انا لا اقول لك اكذب لا، اقول لك اسكت.
السعايه و الاجازه :
قال مصعب بن الزبير: نحن نرى ان قبول السعايه شر من السعايه لان السعايه دلاله والقبول اجازه ، ما هي السعايه ؟ هي النميمه نفسها، لكن اذا كانوا شخصين متكافئين، صديقين، شريكين، اخوين، هذه نميمه ، لكن الاول موظف، والثاني مدير عام، فانت نقلت للمدير العام هذا يتكلم عليكم سيدي، يقول: انت لا تفهم شيئا، والذي قبلك افضل منك، وامام الناس تكلم هكذا وانا لم يهن علي، هذه سعايه نقلت كلاما الى شخص اقوى من الاول، قال: قبول السعايه شر من السعايه لان السعايه دلاله والقبول اجازه ، وليس من دل على شيء فاخبر به كمن قبله واجازه، فاتقوا الساعي ولو كان صادقا في قوله، لئيما في صدقه حيث لم يحفظ الحرمه ، ولم يستر العوره .
يقال ان احد الصالحين دخل على احد الخلفاء وقال: يا امير المؤمنين انه قد اكتنفك رجال ابتاعوا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك، فلا تامنهم على ما ائتمنك الله عليه، ولا تصغ اليهم فيما استحفظك الله اياه، فانهم لم يالوا في الامه خسفا، وفي الامانه تضييعا، والاعراض قطعا وانتهاكا، واجل وسائلهم الغيبه والوقيعه ، وانت مسؤول عما اجرموا، وليسوا مسؤولين عما اجرمت، فلا تصلح دنياك بفساد اخرتك، فان اعظم الناس غبنا من باع اخرته بدنيا غيره.
رجل قال لعمرو بن عبيد: ان فلانا لا يزال يذكرك بقصصه بالشر، فقال له عمرو: يا هذا ما راعيت حق مجالسه الرجل، حيث نقلت الينا حديثه، ولا اديت حقي حيث اعلمتني عن اخي ما اكره، ولكن اعلم ان الموت يعمنا، وان القبر يضمنا، وان القيامه تجمعنا، والله سبحانه وتعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
اي الله عز وجل مطلع وهو خير الحاكمين، فالموت يجمعنا، والموت يضمنا، والقيامه ننتهي اليها، والله يجمع بيننا، رجل رفع كتابا فيه نميمه فكتب من تلقى الكتاب على ظهره هذا الجواب، قال: “السعايه قبيحه وان كانت صحيحه ، فان كنت اجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها افضل من الربح، ومعاذ الله ان نقبل مهتوكا في مستور، ولولا انك في خساره شيبتك لقابلناك بما يقتضي فعلك بمثلك، فتوقى يا ملعون العيب فان الله اعلم بالغيب، الميت رحمه الله، واليتيم جبره الله، والمال ثمره الله، والساعي لعنه الله”، النميمه هي في اكل مال يتيم.
سيدنا لقمان كان من الحكماء، والله عز وجل ذكر بعض حكمه في القران الكريم، قال: “يا بني اوصيك بخلال ان تمسكت بها لم تزل سيدا: ابسط خلقك للقريب وللبعيد، وامسك جهلك عن الكريم واللئيم، واحفظ اخوانك و صل اقاربك، وامنهم من قبول قول ساع، او سماع باغ يريد افساد ما بينك وبينهم ويروم خداعك، وليكن اخوانك من ان فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك”.
البواعث على النميمه :
الحقيقه الان البواعث على النميمه ، قال: الكذب، والحسد، والنفاق، وهي اساس الذل، وقال بعضهم: لو صح ما نقله النمام اليك لكان هو المجترا بالشتم عليك، والمنقول عنه اولى بحلمك لانه لم يقابلك بشيء، المنقول عنه اولى بحلمك استحى منك وتكلم بغيابك، اما هذا فنقل لك الكلام مباشره وهو اولى – الاول اولى بحلمك – لان الثاني شتمك وهو لا يشعر.
الحقيقه يوجد قصه يرويها اكثر العلماء عن النمام، انسان اشترى عبدا وقال للمشتري: عبد رخيص قوي البنيه وشاب لكنه رخيص جدا، ما هو عيبه؟ فقال له: نمام، قال: لا يوجد مشكله واشتراه، مكث هذا الغلام اياما ثم قال لزوجه مولاه: ان سيدي لا يحبك وهو يريد ان يتسرى عليك فخذي الموس واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات حتى اسحره بها واصرف عنه هذه التي احبها فيحبك عندئذ، ثم قال للزوج: ان امراتك اتخذت خليلا، وتريد ان تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف ذلك، فتناوم لها فجاءت المراه بالموس فظن انها تريد ان تقتله فقام اليها وقتلها، فجاء اهل المراه فقتلوا الزوج، ووقع القتال بين القبيلتين، فنسال الله حسن التوفيق، هذه القصه نادره وغريبه ، والله تقع، هناك من يرتكب جريمه احيانا بكلمه ، فارجو الله سبحانه وتعالى ان اكون قد نقلت لكم ما في الكتاب والسنه والتعريف الدقيق الدقيق للنميمه ، والبواعث، والاخطار، وكيف ان مجتمعا باكمله يمكن ان يتفتت ويتشرذم ويفسد وتتقطع العلاقه بين ابنائه عن طريق النميمه ، طبعا هذا الكلام موجه لعامه المؤمنين، اما طلاب العلم رواد المسجد الذين ينتمون لاهل الايمان فهؤلاء اولى بهم واولى ان يتمسكوا بهذا.
التماسك والمحبه اجمل شيء بالمؤمنين :
لي عندكم رجاء اي انسان قال لك عله انسان انه قال عنك كذا كما قلت قبل قليل هناك ست حالات: اولا: الا تصدقه، ثانيا: ان تنهاه، ثالثا: ان تبغضه، رابعا: ان تظن باخيك خيرا، خامسا: الا يحملك هذا القول على التجسس، سادسا: الا تفعل ما نهيت عنه.
ونحن عندما نجامل بعضنا نهلك، اي ابشع صفه تعلمناها عن الاجانب المجامله ، بالتعبير العادي -اعطيه جمله – لا تحزن احدا انت، لا هذا موقف لئيم، ينبغي ان تقف موقفا عنيفا، اسكت، كان احد العلماء الصالحين الشيخ بدر الدين رحمه الله لا يجرؤ انسان ان يتكلم انسان امامه، اسكت يابا اظلم قلبنا، امش.
اجمل شيء بالمؤمنين التماسك والمحبه ، كان النبي عليه الصلاه والسلام يقول: “احب ان اخرج لاصحابي وانا سليم الصدر عنهم”.
احيانا يكون انسان له صله طيبه مع استاذه، ويوجد علاقه طيبه وموده ، وهو يتالق في نظره، والاستاذ يتالق في نظر تلميذه، ويوجد محبه ووفاء وموده ، ياتي انسان يسود صحيفه هذا التلميذ عند استاذه، في بيته هكذا يفعل، ياكل مال الناس، يكون طالب العلم متالقا فيخبو نوره، فالنبي الكريم كان يقول: “احب ان اخرج لاصحابي وانا سليم الصدر عليهم”، فالذي ارجوه انسان تكلم كلمه ينبغي ان تسكته الا في حالات نادره جدا وخطيره ، هذه فيها مصلحه عامه ، او نفع لمسلم، او دفع ضر.
- اجمل ما قيل عن النمام
- اجمل ما قيل في الغيبة
- اذا وصلك كلاما قيل عنك من اقرب انسان لك
- اية عن النمام
- عن النمام
- ما قيل في النمام
- من أجمل ما قبل من شعر فى الغيبة والنميمة