معركه موهاتش هي معركه وقعت بين الدوله العثمانيه ومملكه المجر في 29 اغسطس 1526م). كان يقود قوات العثمانيين السلطان سليمان القانوني اما المجريون فكان يقودهم ملكهم لايوش الثاني (لويس الثاني). قدر عدد جنود الجيش العثماني بحوالي 100 الف جندي وعدد من المدافع و800 سفينه ، بينما قدرت اعداد الجيش المجري بنحو 200 الف مقاتل.
ادى انتصار العثمانيين في هذه المعركه الى احكام سيطرتهم على المجر وفتح عاصمتها بودابست والقضاء على ما كان يعرف باسم مملكه المجر. عانى العثمانيون كثيرا بعد فتح المدينه من غارات المسيحيين المتتاليه عليها.
حتى هذا اليوم، يعتبر المجريون هزيمتهم في هذه المعركه شؤما عليهم ونقطه سوداء في تاريخهم. على الرغم من انقضاء اكثر من 400 عام الا ان هناك مثل شائع لدى الهنجاريين «اسوا من هزيمتنا في موهاكس» ويضرب عند التعرض لحظ سيء.
ظهرت قوه اسبانيا كاعظم ما تكون في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني؛ فهي تملك اقوى الجيوش الاوربيه واكثرها كفاءه وقدره على القتال، واصبحت ماردا يهدد الدوله العثمانيه في البحر المتوسط حيث تهدد بلاد المغرب العربي، وفي وسط اوروبا حيث امتد نفوذها الى المانيا بعد ان دخلت تحت تاج ملكها شارل الخامس الذي زاد من نفوذه زواج اخواته من ملوك البرتغال وفرنسا والدانمارك والنرويج والسويد والمجر؛ ولذلك اطلق على هذه الفتره من القرن السادس عشر الميلادي عهد شارل الخامس.
ولم يبق من ملوك اوروبا خارج سيطرته وقبضته سوى انجلترا، وفرنسا التي عزم ملكها على منازله خصمه الامبراطور شارل الخامس مهما كلفه الامر، لكنه لم يقو على الصمود فخسر معه معركته، وسيق ذليلا الى مدريد حيث سجن في احد قصورها، غير ان ام الملك الاسير “لويز سافوا” ارسلت الى السلطان سليمان القانوني ترجوه تخليص ابنها من الاسر، فوجد السلطان في ذلك فرصه للانقضاض على شارل كوينت بعد ان صار معه حليف من الغرب الاوروبي، وامتلك مسوغا للتحرك باسم الملف الفرنسي بصوره شرعيه .
وكان ذلك املا يراود نفس السلطان لاعاده اسبانيا الى سابق عهدها دولا متفرقه لا دوله واحده تهدد دولته، وكان السلطان قد عهد الى خير الدين باربروسا بمهمه منازله اسبانيا في البحر المتوسط ودفع خطرها فكفاه ذلك، وترك لنفسه مهمه منازله اسبانيا في وسط اوروبا، وكان ينتظر الفرصه المناسبه للقيام بدوره، وما كادت تستنجد به ام الملك الفرنسي حتى استعد لتحقيق ما كان يصبو اليه.
ولما افرج شارل الخامس عن الملك الفرنسي بعد شروط صعبه اجبره على قبولها في معاهده مدريد في (29 من ربيع الاول 932 ه = 14 من يناير 1526م)، عمد الملك الفرنسي الى تقويه روابطه مع السلطان العثماني، والح في طلب العون والمساعده ؛ لان قواته العسكريه لم تكن كافيه لمجابهه الملك الاسباني الذي انفتحت جبهته لملاقاه خصوم اشداء، فكان عليه ان يواجه سليمان القانوني، وخير الدين باربروسا، وفرانسوا الاول ملك فرنسا، ومارتن لوثر الذي تفاقمت دعوته وازداد اتباعه، وانتشر مذهبه البروتستانتي، وتمزقت بسببه الوحده الكاثوليكيه ، وعجز الملك الاسباني عن القضاء على دعوته بعد ان دانت اقطار كثيره بمذهبه، وانفصلت عن نفوذ البابا في روما.
وهكذا تهيات الظروف للسلطان العثماني للقيام بضربته وتقليص نفوذ الملك الاسباني في المجر، وكانت اسبانيا اكبر كثيرا مما هي عليه الان؛ اذ كانت تتكون من اتحاد المجر وتشيكوسلوفاكيا السابقه ، بالاضافه الى الاقطار الشماليه ليوغسلافيا، مثل: سلوفينيا، وترانسلفانيا التي هي الان تابعه لرومانيا.
§قبل المعركه [عدل]
سار السلطان سليمان من اسطنبول في (11 من رجب 932 ه= 23 من ابريل 1526 م) على راس جيشه، الذي كان مؤلفا من نحو مائه الف جندي، وثلاثمائه مدفع وثمانمائه سفينه ، حتى بلغ “بلجراد”، ثم تمكن من عبور نهر الطونه (الدانوب) بسهوله ويسر بفضل الجسور الكبيره التي تم تشييدها، وبعد ان افتتح الجيش العثماني عده قلاع حربيه على نهر الطونه وصل الى “وادي موهاكس” بعد 128 يوما من خروج الحمله ، قاطعا 1000 كيلو من السير، وهذا الوادي يقع الان جنوبي بلاد المجر على مسافه 185 كم شمال غربي بلجراد، و170 كم جنوبي بودابست. وكان في انتظاره الجيش المجري البالغ نحو مائتي الف جندي، من بينهم 38000 من الوحدات المساعده التي جاءت من المانيا، ويقود هذه الجموع الجراره الملك “لايوش الثاني”. حيث قام الصدر الاعظم ابراهيم باشا باعداد الخطه التي تتضمن انسحاب مقدمه العثمانيين وتراجعها حتى يندفع المجريون نحوهم فتحصدهم المدافع والقناصه العثمانيين.
§المعركه [عدل]
وفي صباح يوم اللقاء الموافق (21 من ذي القعده 932 ه= 29 من اغسطس 1526 م) دخل السلطان سليمان بين صفوف الجند بعد صلاه الفجر، وخطب فيهم خطبه حماسيه بليغه ، وحثهم على الصبر والثبات، ثم دخل بين صفوف فيلق الانكشاريه والقى فيهم كلمه حماسيه استنهضت الهمم، وشحذت العزائم، وكان مما قاله لهم: “ان روح رسول الله صلى الله عليه وسلم تنظر اليكم”؛ فلم يتمالك الجند دموعهم التي انهمرت تاثرا مما قاله السلطان.
وفي وقت العصر هجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثه صفوف، وكان السلطان ومعه ابراهيم باشا الفرنجي الصدر الاعظم ومعهم مدافعهم الجباره ، وجنودهم من الانكشاريين في الصف الثالث، فلما هجم فرسان المجر وكانوا مشهورين بالبساله والاقدام امر ابراهيم صفوفه الاولى بالتقهقر حتى يندفع المجريون الى الداخل، حتى اذا وصلوا قريبا من المدافع، امر ابراهيم باطلاق نيرانها عليهم فحصدتهم حصدا، واستمرت الحرب ساعه ونصف الساعه في نهايتها اصبح الجيش المجري في ذمه التاريخ، بعد ان غرق معظم جنوده في مستنقعات وادي موهاكس، ومعهم الملك لايوش الثاني وسبعه من الاساقفه ، وجميع القاده الكبار، ووقع في الاسر خمسه وعشرون الفا، في حين كانت خسائر العثمانيين الف و خمسمائه شهيدا، وبضعه الاف من الجرحى.
§نتائج هذه المعركه [عدل]
كانت معركه موهاكس من المعارك النادره في التاريخ، حيث هزم احد اطرافها على هذا النحو من مصادمه واحده وفي وقت قليل لا يتجاوز ساعتين، وترتب عليها ضياع استقلال المجر بعد ضياع جيشها على هذه الصوره في هزيمه مروعه ، وبعد اللقاء بيومين في (23 من ذي القعده 932 ه= 31 من اغسطس 1526 م) قام الجيش العثماني بعمل استعراض امام الخليفه سليمان، وقام باداء التحيه له وتهنئته، وقام القاده بدءا من الصدر الاعظم بتقبيل يد الخليفه .
ثم تحرك الجيش نحو الشمال بمحاذاه ساحل الطونه الغربي حتى بلغ بودابست عاصمه المجر، فدخلها في (3 من ذي الحجه 932 ه= 10 من سبتمبر 1526 م)، وشاء الله ان يستقبل في هذه المدينه تهاني عيد الاضحى في سراي الملك، وكان قد احتفل بعيد الفطر في بلجراد في اثناء حملته الظافره .
مكث الخليفه في المدينه ثلاثه عشر يوما ينظم شئونها، وعين جان “زابولي” امير ترانسلفانيا ملكا على المجر التي اصبحت تابعه للدوله العثمانيه ، وعاد الخليفه الى عاصمه بلاده بعد ان دخلت المجر للدوله العثمانيه وتقلص نفوذ الملك الاسباني.