العراقيه فوق الجبين
يعتبر ا لمبدع الراحل ابراهيم حسن ناصر وبجداره/ من مبدعي فن القصه القصيره و علامه بارزه في ادب وجيل قصه الحرب في العراق وانه يمتلك مستوى فنيا ناضجا يعبر عن موقف واع لتقنيات العمل القصصي والروائي و امكانيه هائله في الوصف والتعبير عبر لغه بسيطه وكثيفه لها شاعريتها وتدفقها متاتيه من احساس مرهف منحه دقه متناهيه في التقاط الصوره عبر تقديم شرائح يعبر الكاتب من خلالها عن رايه في الحروب تركت اثرا في القراء وجيل واسع من الشباب المثقف حيث تنطوي كتاباته على ركام من التجارب الخاصه الضاغطه على وجدانه التي تتناول قضايا الانسان وهمومه وعذاباته وطموحاته اومستمده من التراث والتجربه الحيه المشحونه بمناخ ميادين القتال والحرب التي لم يحبها يوما()لقد اسس بناءا فذا للثقافه والوعي هو والمبدع الكبير الراحل حسن مطلك مولف روايتي دابادا وقوه الضحك في اورا اساسا لازال الكثير من الشباب المثقف يعتبرها مدرسه ينتهجها في قراءاته وكتاباته.ولد الروائي الراحل ابراهيم حسن ناصر في قريه (اسديره) في قضاء الشرقاط عام 1961 ثم اكمل دراسته الثانويه فيها عام 1980 فيها ثم حصل عام 1984 على شهاده بكالوريوس اعلام من كليه الاداب – جامعه بغداد. بعد تخرجه من الجامعه مباشره التحق بالخدمه العسكريه كليه الضباط الاحتياط” وتخرج برتبه ملازم عام 1985 ليساق مع اقرانه الى جبهات القتال /تزوج في احدى اجازاته من احدى فتيات قريته فتزوجته الحرب والهجومات لتنهي حياته هناك رصاصه غادره من رصاصات الحرب التي لعنها علنا ولعن مشعليها بلسانه وقلمه مما ادهش كل الاوساط الثقافيه والسياسيه لجراته في ذلك الزمن الصعب (ماجدوى هذه الحرب ومن هو المنتصر؟.اللعنه لها انها سرطان ياكل هيكل السلام) شواطيء الدم ص60كتب مجموعه من القصص القصيره منها مانشر ومنها مالم يرى النور لحد هذه اللحظه مثل:
الثوب الاحمر:حازت على جائزه القصه مناصفه مع قصه اخرى1 /8 1984//المقعد الخالي/الوادي العميق نشرت في مجله الطليعه الادبيه العدد 7 / 1985/اليوم الاخير((شرق البصره)) 1986/اجوبه كلب/يوميات محترقه/فرصه عمل/زمن الرصاص نشرت في مجله الطليعه الادبيه العدد 5 مايس 1983/استغاثه ليل/عاشق السعالي 20/ 3 /1983/الوطن والعذريه والرجوله عند غسان كنفاني:دراسه/الوعد / كماكتب روايتان الاولى (شواطيء الدم..شواطيء الملح) والثانيه (صدى مكحول )لم تنشر بعد ، اما الاولى فهي عباره عن ملحمه عراقيه فذه فازت بالجائزه الاولى في مسابقه الروايه لعام1988 ،صدرت طبعتها الاولى عام 1990 عن دار الشوون الثقافيه العامه (افاق عربيه) 159 صفحه من الحجم المتوسط ونفذت من الاسواق ولازال القراء يتناوبون على استنساخها وتنقل عبر الاصدقاء من محافظه الى اخرى ،قال لي احد الاصدقاء انذاك (انها منعت من دائره الرقابه بعدما تم قراءتها بدقه من قبل السلطه وانه تم سحب ماتبقى من نسخها المعروضه في السوق وحرقها)من الاشياء المثيره في الروايه انها تكلمت عن الحرب بطريقه تختلف عن السائد في ذلك الوقت الذي كانت فيه كل وسائل الاعلام المرئيه والمسموعه والمقروءه تعبا للحرب وتتنغنى بامجادها،طلع لهم من بين كل هذه التناقضات مقاتل شجاع ولكنه يرفض هذه الحرب ويمقتها بشده (ان الحرب غايه للجنون ووسيله للموت)ص10
(عندما تكون المصالح فوق الشرف تسقط القيم ويرتفع النفاق فوق الجبين)ص7
(الحرب اعصار من نار وحديد يجتاح الارض لكنه يبدا من عقول القاده ،وينتهي في اجساد الجنود..في قلوب الامهات وفي دموع الارامل)ص133
لياخذنا الراوي الى تلك القناعه الراسخه والايمان المطلق بنتائج القدر عبر حوار عفوي يدور بينه وبين احدى ارامل الحرب
(من يضمن ان تبقى سالما والحرب لم تنته بعد؟ اللذين استشهدوا ليس اسواءمني ولا انا احسن منهم) انك تكابر/انها الحقيقه لايعرفها الا من احترق بنار ضياعها”) شواطيء الدم ص45
كذلك الاعتراف بالاستجابه المفروضه المجرده من الرغبه الواعيه
(ركبنا الخطب مرغمين اومدفوعين بلامعنى )/وفي ثنايا المنولوج او التداعي الحر ينتصر للانسان في جراته عبر(الحرب هاجس المجانين وقبلتهم) شواطيء الدم ص49
غير انه لايخذل بل يندفع بقناعه استخلصها هو وسط جحيم الحرب ((الذي يتوسط هذا الجحيم يتجاوز احاسيس وخلجات تتعلق بالمعنويات،اننا في مكان اما ان تقتل لتحيى واما ان تقتل ليحيا غيرك) شواطيء الدم ص 100
ليمر باشكاليه الموت عبر قول قريب من الحكمه (اننا محكومون بنهايات مشتركه ومصائر متساويه شواطيء الدم) ص 109
ثم الى تلك البديهيه المفهومه والتي حاول ان يكرس عبرها ظاهره الاعتراف بسطوه الارث الاخلاقي اللاواعي والذي اتفقت عليه الامم عفويا
(حين اموت تخرج العشيره في جنازتي فزعه وتعود ادراجها ضاحكه) شواطيء الدم ص11 1 لقد كان يقسم لي انه كان يكتب بعض مقاطع الروايه على ضوء التنوير في الملجا لان (وميض الهاونات والمدفعيه يجعل الليل نهارا)شواطيء الدم ص102
/اي تحد هذا واي مبدع هذا العراقي الذي كتب على ضوء القذائف والذي كتب في السجون وربما وهم يهيئون له حبل المشنقه اني اجزم ان هناك اشياء كبيره خنقها حبل المشنقه اللعين وهو يخنق المبدع الكبير حسن مطلك.
لقد كان المبدع الراحل ابراهيم يمتلك حيويه حتى في مشيته ويحب الحياه بشكل لايصدق،الحياه التي خانته مبكرا فاني اتذكر انه يوما ما كان يحدثني عن احدى صديقاته البصراويات التي تعرف عليها خلال جوله له في اسواق البصره الجميله(يااخي مجرد ان ترجلت من مركبه احد الاصدقاء تحنطت تلك الشابه في مكانها وفغرت فاها مع ابتسامه منذهله ولااعرف الى هذه الللحظه كيف تجرات وتقدمت نحوها مباشره لكي ترحب بي وكاننا نعرف بعضنا،عندما سالتها عن معنى تلك الحركه التي ابدتها نحوي قالت بشجاعه
نادره(ادهشني توهجك،انك ترجلت من المركبه بعنفوان وزهو يليق بطول قامتك،اعجبتني يارجل)ولاادري ان كانت تلك المراه قد علمت بان ذلك الرجل قد صار من ضحايا الحرب وقد مضى على رحيله اكثر من عشرون عاما،اصطحبني ذات يوم الى العاصمه بغداد ولم اكن قد رايتها كثيرا من قبل وقد تجولنا في الاماكن النافعه مثل شارع المتنبي واشترى بعض الكتب وتجولنا في المتاحف وكانت له اراء جميله في النساء اتذكر انا راينا مجموعه من الاجانب وكانت فيهم شابه فارعه طويل احمر ترقصه الرياح وقال انظر انظر كانها حصان وتحدثنا كثيرا عن حسن مطلك وعن القصه والروايه وعن الحرب كنت في بغداد عندما انبئوني بانه جريح ويرقد في مستشفى الرشيد العسكري لقد صعقت ولم اصدق وماهي الا ساعات وقد همس لي احد الاصدقاء ان ابراهيم الان تحت التراب حيث دفنوه منذ الصباح…….
وجاءت مسودات الروايه مبعثره بدون ترتيب وهي ملطخه بالدماء في حقيبته السوداء مع بعض الملابس وادوات الحلاقه والاقلام. في مركبه شقيقه الاكبر الحمراء يرفع صوت فيروز الى اقصاه وهي تصدح باغنيه جبل الشيخ في ليل اسديره الوديع الهاديء المسالم ويقرا لي بصوت عجيب بعض مقاطع محمود درويش (لقد بكيت مرتين عند وفاه محمود درويش بكيت عن نفسي وبكيت عن ابراهيم حسن ناصر ) كان يعيرني الروايات تباعا ولن انسى روايه الدون الهاديء لميخائيل شولوخوف التي عذبتني في تلك الفتره ذات يوم جئت اليه وقلت له اريد منك اعظم كتاب قراته وقال تدلل فاخذ بيدي وتوجهنا نحو مكتبته التي تركن في زاويه غرفته الخاصه وقد تفاجات عندما ناولني (القران الكريم) وبهت وقلت لم اقصد هذا انت تعرف ان القران في كل بيت قال نعم نعم ولكن هل قراته كله ولم ادري اني لم اقراه كله حتى سماعي سواله ومنذ تلك اللحظ هوانا ادين له بهذه الالتفاته العظيمه وتنبيهي الى شيء كبير ومهم وحتمي وقد رويت هذه الحكايه لصديقي حسن مطلك وضحك بقوه وقال جميل وكان يمد كلمه جميل بطريقه مثيره ونبهني الى ضروره قراءه القران بفهم وعمق وانتباه
منذ عام 1988 ولم يكتب عن هذا المبدع الراحل ابراهيم حسن ناصر الا القليل الذي لم يفيه حقه غير اني شعرت ببعض الارتياح عندما سمعت ان هناك مقالا رائعا للقاصه والناقده العراقيه الشابه
منور ملا حسون بعنوان (الشهيد روائيا )نشر في العدد الصادر في الاول من مايس عام 2008.ومن هنا ادعوالسيد اسماعيل ابو مازن الى نفض الغبار عن ابداعات شقيقه المبدع الكبير الراحل ابراهيم حسن ناصروتقديمها الى المطابع كي تصل الى القراء واتمنى من وزاره الثقافه العراقيه الاهتمام بابداعات الادباء الراحلين رغم ذلك النسيان فان قريته(اسديره )الجميله كما يسميها ظلت وفيه له وهي حريصه عبر منتداها الثقافي على اقامه امسيه له كل عام يتم خلالها الحديث عن اعماله الكثيره وقراءات وشهادات عن تلك الايام والجلسات الرائعه التي يحتفظ بها الاصدقاء والقراء والمعجبون.