مواضيع عامة مفيدة جميلة بالصور

الغربة في وجدان الشعراء

الغربة في وجدان الشعراء 20161021 1038

الغربه في وجدان الشعراء

الغربة في وجدان الشعراء 20161021 1038

الوطن، كلمه ساحره لها وقع شهي على النفس، والوطن حضن كبير يوفر لابنائه الدفء والكرامه والامان، والجميل في الوطن انه يظل محبوبا تهوى الافئده اليه حتى لو لم يوفر الكرامه والامان، او كما قال الشاعر:

بلادي وان جارت علي عزيزه
اهلي وان شحوا علي كرام
فالوطن هو ارض الذكريات وملتقى الاحبه وجامع الصحب والعشيره ، ويكاد لا يوجد انسان في الدنيا يغادر وطنه طوعا قاصدا ارضا غير ارضه وناسا غير ناسه واهله ما لم تكن هناك اسباب قويه تدفعه للهجره .

اعلان 3

وبالرغم من العولمه واختصار المسافات بوسائل الاتصال المختلفه تظل الغربه مره المذاق، تؤثر في النفس البشريه فتشجيها، ولعل اكثر من يتاثر بالغربه هم الشعراء، باعتبارهم شريحه حساسه المشاعر، رقيقه الطباع، سريعه التاثر، لهم قدره على رسم مكنوناتهم ووصف حالات الانين والحنين، انهم يمنحون الروح لدوائر الشوق الممتده بين اضلاعهم.

و هذه الواحه تستضيف خمسه من الشاعرات والشعراء يختصرون معاناتهم مع الغربه وتعايشهم معها في كلمات قليله في العدد مؤثره في المحتوى، لعل القارئ العربي في المهجر يجد فيها بعض ما يختلج في داخله من لواعج الاشجان وحرقه الشوق والحنين الموجوع الى مرابع الصبا والشباب.

غربتي

ثائره شمعون البازي – السويد

اجلس وحدي في غربتي كلما ضاقت بي الدنيا، اجلس لاختلي بذكرياتي عن الوطن والاهل، استعيد صور الايام الجميله ، تؤلمني اخبار الراحلين من الاحبه وانا لم استطع لقائهم ولا وداعهم.

الوطن هو الحب الكبير الذي حرمت منه ولم استطع نسيانه بالرغم من السنوات الطويله التي قضيتها بعيدا عن ترابه وسمائه ومائه.

لم تخيرني الحياه ان اختار الطريق، قادتني مجبره ذليله لمصير مجهول، الى اين؟ لا اعلم.
اتذكر ذلك اليوم الذي خرجت فيه من بلدي. تلفت حولي تمنيت ان اجد احدا يقنعني…يمنعني من الخروج، تالمت وكان المي مصحوبا باحساس غريب، وهو اني ساضيع كل شئ بعد خروجي، حبيبي، طفولتي، شبابي، ذكرياتي، اقاربي، اصدقائي، احلامي، بيتي، حديقتي، جيراني .. اشياء واشياء كثيره اخرى.

في اللحظات الاخيره ، وانا اقترب من الحدود اعتصرني شعور موجع، واردت ان اقول للسائق:هل لك ان ترجعني! صرخت: توقف هنا من فضلك، نزلت من السياره التفت والقيت نظرتي الاخيره ، كانت طويله عميقه وتنهدت وكاني لن ارى وطني ثانيه ، غير اني ما زلت احتفظ بحفنه من تراب وطني اصطحبتها معي عند الخروج، انه تراب معطر بذكريات مفرحه ومحزنه اعود اليها كلما ضاقت بي الغربه اوقد حولها الشموع وارويها بالدموع.

ياوطني فارقتك وقلبي كسيرومازلت
اعاني في بعدك كاليتيم
ياوطني اطلت في غيبتي ولكني اوعدك باني
ساعود…ساعود.
وئام الملا سلمان – السويد

انا والغربه ، اي منا في عيني الاخر؟ سؤال يابس الشفتين، يستجدي على بوابه العمر.
تنحي يا ضفاف الجرح عند تمرد النهر.

الغربه ، ظل كالسيف ورائي يمشي، ويسبقني احيانا، حتى في الظلمه لي ظل يتبعني!
كيف سانجو من هذا السيف؟ الغربه ان ابحث عن رائحه للارض بهذه الارض رغم غناء المطر وعزف الريح، ولن اعثر

ان ابصر وجهي، وجهي لا يعرفني! ان يتشتت بصري في صور لا تشبه ما خزنت ذاكرتي
واقارن، هذا يشبه ذاك وهذي تشبه تلك، مديه ذاكره تطعنني حيث تشاء

والغربه سكين، اقامت في خاصرتي، صور، اصوات، طاسات سبيل، (عتيك) للبيع، ديك يقلق نومي وقت الفجر، السوق المكتظ باصوات الباعه (شلغم مايع)، (ريع كلبك يا ولد) و(باكله لوز)
وعباءات احمرت تحت الشمس لعراقيات سمراوات يدلقن من (الشجوه ) لبنا

اتسكع في اروقه القصر الملكي وارفل في بحبوحه وجعي، وارسم بالدمع المختنق بعيني خلف جدار الجفن وطنا

حتى لجنائز شارعنا المحموله فوق الاكتاف و(عاقل ) يتقدمها وهي تغادر باب الجامع، اشتاق
لصواني كعك العيد فوق رؤوس النسوه والاطفال

لرؤياي هلال يرسم اخر حرف من فرح، من ياتيني بجذعي نخل لا اكثر؟

اتارجح بينهما وابدد خوف الغربه بي.

الاغتراب

وفاء عبد الرزاق – لندن

كثيره هي المرات التي كتبت فيها عن غربتي، هذه الحاله التي لا استطيع الانفصال عنها لانها تلازمني منذ سن المراهقه ، حيث الاغتراب الاول.

لكن…

هذه الحاله تنهشني حتى في وضع السكوت المستسلم له، كاستسلامي لاعصار مثلا، النهش حين يكون في عود طري كعود مراهقه يكون بمثابه الموت، والموت صبرا.

هل حدث ان مر احدكم بنهش الصبر؟

مؤكد هذا، لكن بالنسبه لي نهش لذيذ لانه يجعلني اكتب الفكره الجديده ، وابتكر الكلمه الجديده غير المتداوله في صياغه لغتي الابداعيه ، لذا ساظل اكتب لاقناع الغربه بانني اصنع من فراغها الاكثر تشويها لايامي وجودا لاتعرفه هي، وعذريه لقصيده او قصه لا تشبه مومياءها “مومياء الغربه ” واذا كنت ومازلت اكتب تكثيفا لوجودي الابداعي والانساني، فهو تحد لفكره الخوف من الاغتراب.

في النهايه انا ممتنه لها، لانها رغم تخريبها فهي الحافز لي نحو الجمال، وباعثه الحب لا السقوط في غوايه الدمع والعويل.

فقط..

فقط لانني دائما المح بين دموعي صوره وطني التي تمدني بالحياه .

عدنان الصائغ – لندن

قد لا يعني المنفى ابتعادا جغرافيا عن الوطن، اذ يمكن ان يعيش الانسان او الكاتب منفاه ويحس اغترابه وهو داخل وطنه.

انها محنه المثقف الازليه منذ ظهور وعي الانسان ونشوء عصر الكتابه حتى عصرنا هذا وما سياتي.. يلخصها دائما هذا الاغتراب اي التقاطع بين اراء المثقف – الكاتب – الفنان، وبين واقعه الذي يتسع بمفهومه لياخذ اشكالا عديده داخل النص وفي الحياه ايضا.

ذلك ان الشكوى من الاغتراب في ظل القمع ستتغير لتاخذ الان بعدا جديدا في ظل الاغتراب داخل المنفى ذاته. فقد ينجو المثقف المغترب من انياب دكتاتور وطنه، لكن ثمه انياب اخرى لم يكن يحسب لها حسابا ستمتد له، لتهرسه، وان كانت اخف وطاه ، تبدا من لقمه العيش، وخبيصه التكتلات: الايديولوجيه ، والثقافيه ، والشلليه ، ولا تنتهي بالحنين او بالكابه . حين يصبح المنفى “اكثر الاقدار مدعاه للكابه ” كما يصفه ادوارد سعيد، مرورا بواقع المنفى الذي يفرض سلطته وايديولوجياته ودكتاتورياته المرئيه واللامرئيه احيانا.. وهكذا يعود للمثقف الاحساس المرير هذه المره بانه منفي داخل المنفى ايضا.

واترك هذا وتعال الى حسره غيلان ابن الشاعر بدر شاكر السياب، وهو يفتتح الندوه العالميه لاحياء الذكرى الثلاثين لرحيل والده بكلمه موجعه تختصر معاناه شعراء الارض كلهم وهو يخاطب المتجمهرين في المركز الثقافي العربي بباريس 20-21 كانون الثاني 1995 في رساله وجهها من منفاه (القاها نيابه عنه الشاعر بلند الحيدري)، حيث لم يستطع الحضور الى المهرجان، مثلما لم يستطع السفر الى البصره ، لزياره قبر ابيه، يقول:

“رسالتي ان يكون تذكركم لابي، ذكرى ان لا نسمح لانفسنا ان يضيع شاعر او اديب او اي صاحب رساله خير وجمال كما ضاع ابي، وكما ضاع امل دنقل وكما ضاع اخرون كثر… ضاعوا في منافي الداخل والخارج، على اسره المرض، غرباء، او وحيدين او منسيين”
وانتقل من الاغتراب الى الارهاب الذي هو اغتراب اخر، وانتقل من التهميش الى النفي، الى الاذلال تجد ان القضيه واحده وان اختلفت طرقها وتباينت مستوياتها.

وقد حمل جثمان السياب في يوم مطير اربعه من اصدقائه ليدفنوه في البصره ، وليجدوا ان الحكومه قد طردت اسرته من المنزل. بينما ظل صديقه بلند الحيدري – الذي قرا كلمه غيلان بالنيابه عنه – مدثرا بصقيع لندن وضبابها بعد ان رفض النظام العراقي مجرد دفنه في وطنه.
وكان بيتنا اثناء اقامتي في العاصمه الاردنيه عمان، جوار شارع يحمل اسم “بدر شاكر السياب”، يقاطعه شارع يحمل اسم “احمد الصافي النجفي” الذي لم اجد في مدينتي النجف شارعا او ساحه تحمل اسمه او اشاره اليه، على امتداد الوطن الذي غنى له ومات بعيدا عنه.

الاغتراب

د قصي الشيخ عسكر – لندن

مفهوم الاغتراب يختلف من وجهه نظري كليا عما يراه الاخرون، سوف اتحدث عن ذلك المفهوم في هذه العجاله بصفتي – وفق راي بعض النقاد العرب – رائدا للادب المهجري المعاصر. اقول: ان الاغتراب وفق الرؤيا الروحيه لايحمل معنى سلبيا قط، الغربه والغرب والاغتراب مشتقه من معنى واحد وقد وضحت في كتابي ” الاغتراب في نهج البلاغه ” ان الاغتراب يحمل معنى ايجابيا من حيث كونه مهجرا او مرتبطا بالمهجر. النبي محمد “ص” هاجر من مكه الى المدينه فجسد العظمه في بناء مجتمع جديد من خلال المهجر. الامام علي “ع” هاجر من مكه الى المدينه ثم الى العراق ليحقق معنى عظيما هو العدل. الحسين “ع” هاجر من المدينه الى كربلاء ليخلق ثوره عظيمه . وهناك حديث شريف ” طوبى للغرباء “.

المهجر يعنى التفاعل والاغتراب يعني الخلق والجانب الايجابي في النفس الذي يمكن ان يحققه المغترب، ومن الامثله الحديثه نذكر شخصيات كثيره حققت المفهوم الايجابي للاغتراب، لينين كان لاجئا افتتح القرن العشرين باعظم ثوره اشتراكيه ، الامام الخميني رحمه الله كان مهاجرا، اي مغتربا، اختتم القرن العشرين باكبر ثوره روحيه ، ومابين الثورثين الكبيرتين هناك شخصيات وقاده مثل قاده الثوره الجزائريه وقاده الثوره الفلسطينيه .

على ايه حال يجب ان نفهم الاغتراب بصفته الايجابيه وروحه الرائعه المشرقه ، الاغتراب الهجره ليس بكاء او سلبا ونواحا فقط.

السابق
صور مفارش سفرة كروشيه
التالي
صور بطله فيلم تايتنك kate winslet