(ايه الزواج)
1 – ايه الزواج:
لا يطلق لفظ ((ايه )) الا على الشيء العظيم، وما اشبه الايه بالمعجزه الا ترى الى قول الله –عز وجل–:{ولقد اتينا موسى تسع ايات بينات فاسال بني اسرائيل اذ جاءهم فقال له فرعون اني لاظنك يا موسى مسحورا} [الاسراء: 101].
اعلان 3
ويطلق لفظ ايه على الجمله من القران الكريم، والقران الكريم كلام الله الذي تحدى به الانس والجن، فقال عز من قائل: {قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الاسراء: 88].
وقد قال الشاعر من قديم:
وفي كل شيء له ايه تدل على انه الواحد |
اي علامه عظيمه في كل شيء تراه تدل على وحدانيه الله عز وجل وعظيم قدرته وجليل حكمته، ومن الايات التي دعانا ربنا –عز وجل– الى التفكر فيها ايه الزواج؛ قال ربنا عز من قائل: {ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم موده ورحمه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون} [الروم: 21].
فكيف يتسنى لنا التفكر في ايه الزواج؟ وما الذي يترتب على هذا التفكر من علاقه سويه بين الازواج ومن عيشه هنيه ، وصحبه مرضيه ؟
لا شك ان اول ما يدعو الى التفكر ان الزواج يتم بكلمه ، هي قول ولي المراه لخاطبها ((زوجتك فلانه )) واجابه ذلك الخاطب بقوله ((قبلت)) وهذا التعبير عن الايجاب والقبول مع وجود شاهدي عدل من الرجال المسلمين والولي- ينبني عليه ان يصير كل منهما زوجا للاخر، وقد كانا قبيل هذا العقد اجنبيين، فسبحان الله العلي العظيم الذي قرب البعيد بكلمه ، وادنى النائي بعباره ، تلك الكلمه كما كانت بدايه عهد وحياه ، تكون عند الضروره نهايه عقد وفرقه اذا قال لها ((انت طالق)) صريحه هكذا، ومن هنا يجب ان يتعلم الناس معنى الكلمه واثرها، وان يعي الشباب خصوصا خطوره تلك الكلمه التي يتلاعبون بها هزلا وفصلا، نقول للرجل: كما تزوجت بكلمه … اعلم انك تفارق بكلمه . فاحفظ عليك لسانك، واشكر الله تعالى ان علمك حدوده فلا تتعد حدوده، ولا تتخذ ايات ربك هزوا؛ ففي سياق الطلاق يقول ربنا:
{ولا تتخذوا ايات الله هزوا واذكروا نعمه الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمه يعظكم به واتقوا الله واعلموا ان الله بكل شيء عليم} [البقره : 231].
واذا حاولت ان استثمر هذا المعنى في تربيه الشباب على حياه زوجيه ناجحه اقول:
ان الكلمه التي كانت سببا لاجتماعكما هي ايضا سبب لاستقامه حياتكما، فالكلمه الطيبه التي تسري بينكما كما يسرى النسيم بين الغصون، يرطب منها ما قست عليه الشمس، ويلطف من حرارتها، هي التي تكون حبل وصال بينكما، فلا يضق صدرك منها ولا يضق صدرها منك، واذا كانت الكلمه الطيبه في الاسلام صدقه ، فما المانع الذي يمنعك ان تتصدق على اهلك؟ وما المانع الذي يمنعك ان تتصدقي على زوجك، وقد روي البخاري في صحيحه عن النبي –صلى الله عليه وسلم– ان اللقمه يضعها الزوج في فم زوجته صدقه ، وفي البخاري كذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي)).
وبنظره في بعض مصادرنا نجد حوارا بين رجل وامراه ، هما (حمران بن الاقرع الجعدي) و(صدوف) وهو اسم المراه ، كانت صدوف هذه امراه غنيه خطبها رجال كثيرون، وكانت ذات مال كثير، فما اعجبها غير حمران هذا، وقد جاء في قصتهما ان حمران حين اناخ ببابها ناقته ودخل ظل واقفا، وكان الذين سبقوه اذا دخل الواحد منهم جلس، فلما جاءت وراته واقفا سالته:
– فما يمنعك من الجلوس؟
فقال:
– حتى يؤذن لي.
قالت:
– وهل عليك امير؟
قال:
– رب البيت احق ببنائه، ورب الماء احق بسقائه، وكل له ما في وعائه.
فقالت له:
– اجلس، فجلس.
ثم قالت له:
– ماذا اردت؟
فقال:
– حاجه ، ولم اتك لحاجه .
فقالت:
تسرها ام تعلنها؟
فقال:
– تسر وتعلن.
قالت:
– فما حاجتك؟
فقال:
– قضاؤها هين، وامرها بين، وانت بها اخبر، وبنجحها (نجاحها) ابصر.
قالت:
– فابصرني بها.
فقال:
قد عرضت[1] وان شئت بنيت.
وسالته عن ماله فقال: ورثت بعضه، واكتسبت اكثره. فتزوجها[2].