اولا : تدريب البنت على الطاعه – طاعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم – منذ الصغر :-
ينبغي ان تدرب البنت وتعود على الطاعات واعمال البر واتقاء المنكرات منذ الصغر ، وقد قال الشاعر :
وينشا ناشئ الفتيان منا **** على ما كان عوده ابوه
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تدريب الصغار على الطاعات منذ الصغر ، بل والحث على ذلك ، فقد قال عليه الصلاه والسلام : مروا اولادكم بالصلاه وهو ابناء سبع ، واضربوهم عليها وهم ابناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع . ابو داود ( 495 ) هذا مع كونهما غير مكلفين .
و كذلك كان الصحابه و السلف رحمهم الله يمرنون الصغار على الصيام ويجعلون لهم اللعبه من العهن ويشغلونهم بها اذا جاعوا ، وذلك حتى يدخل وقت المغرب . البخاري ( برقم 1960 ) ومسلم ( برقم 1136 ) .
وكانوا يصحبون الصغار الى الحج بفتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كما ينصح بتخفيف العتاب على الصغار .. فللاطفال قدرات عقليه اقل بلا شك من الكبار فتراعي اذن قدراتهم العقليه ولا يؤاخذون بكل شيء يصدر منهم ، بل ان اخذتهم ؛ فاخذهم ببعض افعالهم وتجوز لهم عن البعض الاخر .
وايضا فان الله لا يحب الفساد ، فاذا فعل الطفل شيئا فيه فساد فلزاما ان ينهى عنه ، ولزاما ان يوجه الى ما فيه الصلاح اذ النصيحه واجبه على المسلم للمسلم .
ولست ايتها الام بمعصومه .. فقد تخطئين في تصرفاتك مع ابنائك ، وقد تشتدين والامر لا يحتاج الى شده ، بل يحتاج الى رفق ، وقد تشتمين وتسبين ، والامر يحتاج الى شكر وثناء ، فماذا تصنعين بعد فيئك الى الحق ؟
عليك ان تطيبي الخواطر وتعتذري عما كان منك باسلوب يحفظ لك مقامك كام ، ويحفظ للابناء حقوقهم كمظلومين منك .
كما انه يمكن ان يستشار الابناء فيما يفهمونه من امور .. فقد تفهم البنت او الولد في بعض الاحيان من الامور ما لا يفهمه ابوه او امه ، فعلى الوالدان ان يستشيرا الولد او البنت فيما يفهمانه وفيما يتقنانه ولا يجهلان ، ولا يبخسان حقوقهما ، وعلى الولد و البنت ان يقدما رايهما في ثوب من الادب وقميص من الوقار .
كما انه ينصح بالعدل في الهبات بين الاولاد ، فلا يفرق بين البنت والولد ..
كما انه على الوالدين ان يعلما الابناء حفظ السر ، فليست كل الامور يخبر بها وتخرج ، وليست كل الاسرار تفشى ، فعلمي البنت حفظ السر ولا تكرهيها على افشاء الاسرار . اخرج مسلم في صحيحه برقم ( 2482 ) عن انس قال : اتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا العب مع الغلمان قال فسلم علينا فبعثني الى حاجه فابطات على امي ، فلما جئت قالت : ما حبسك ؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجه ، قالت ما حاجته ؟ قلت : انها سر ، قالت : لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم احدا ..
لاشك ان هناك جمله من المؤثرات تتدخل و تؤثر على تربيه الابناء و توجيههم ، فليس للوالدين كل التاثير على الابناء ، اذا فعلى الوالدين مراعاه هذه المؤثرات ، لتضبط وتوجه توجيها حسنا ، فمن هذه المؤثرات ما يلي :-
– اخواتها واخوانها وكذلك اقاربها : على الابوين ملاحظه تصرفات الابناء وسلوكهم مع بعضهم البعض والاصلاح في ذلك قدر الاستطاعه ، فليغرس في الصغير احترام الكبير وليغرس في الكبير العطف على الصغير ، كما وجه الى ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم . وليعلمهم جميعا الادب مع بعضهم البعض وترك السخريه والاستهزاء من بعضهم البعض .
– زملاء البنت والاصدقاء من الجيران وزملاء واصدقاء المدرسه وسائر اماكن التجمعات ؛ كمكتبات تحفيظ القران وغيرها : فعلى الوالدين حث اولادهم على اختيار الاصدقاء الصالحين وتحذيرهم من اصدقاء السوء ، وهذا واجب على الاباء تجاه ابنائهم ، فيبينوا لهم المنافع في الدنيا والاخره من وراء مجالسه الصالحين ومصادقتهم ، ومخاطر مجالسه الشرسين واصدقاء السوء .
فعليك ايتها الام ان تتفقدي احوال ابنتك وتسالي عن صديقاتها ، فكم من بنت شريره تدعو الى المنكر والفساد وتزين لصديقاتها الشرور والاثام ، كما انك تحرصين على اكرام صديقات ابنتك حتى يسهل عليك توجيههم ويلينوا بيديك .
وهنا فائده اود ذكرها وهي : هل يتجسس على الصغار ويراقبوا ؟
الجواب : اذا علم من الطفل شر وفساد ، فلا باس بتتبع اخباره وتحسس احواله والنظر في امره ، وان اضطر الشخص مع ذلك الى شيء من التجسس عليه ، وهذا اذا كان القصد انما هو منع الشر والفساد ، فاذا علمت الام او الاب من البنت او الولد مثلا بشرب الدخان ، فلا باس ان يشم رائحه فمه ويسال عن زملائه ويطلع على اخباره ، واذا علمت الام ان ابنتها تعاكس الفتيان ، فلا باس ان تراقبها يوميا لمنع الشر ودفع الضرر واصلاح حالها وهكذا سائر المنكرات والمفاسد تتبع كي تتقى .
– معلموا الابناء ومدرسوهم والمشرفون على تربيتهم من الخدم ونحوهم : فهؤلاء ينتبه لهم لان لهؤلاء التاثير الكبير على نفسيات الطفل وبالاخص في المراحل الاولى من المدرسه ..
فقومي بتعليم ابناءك وبناتك قدر استطاعتك .. واحرصي على ان تدفعي بابنائك الى ايد امينه تتقي الله فيهم ، فادفعي بابنتك الى امراه تصلي وتعرف ربها ، لتعلمها كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما انه يجب عليك ان تنتبهي بان لا تدفعي بابنتك التي تشتهى الى رجل يعلمها فيخلو بها ، فما اجتمع رجل وامراه الا وكان ثالثهما الشيطان ، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كما انه يجب عليك ان تتفقدي احوال بناتك وابنائك بين الحين والاخر .. سليهم كم حفظتم ؟ الى اين ذهبتم ، ومن اين اتيتم ؟ باسلوب هادئ رفيق ، وشدي ان كان الامر يحتاج الى شده ، والا فالاصل هو الرفق فما كان في شيء الا زانه وما نزع من شيء الا شانه .
وبالنسبه للخادمات في البيوت التي فيها خدم ، يجدر بالاب بل ويجب عليه ان اتى بخادمه للبيت ان ياتي بها خادمه تعرف ربها وتوقر نبيها وتقيم حدود الله ، فانها في البيت بمنزله الام للاطفال ، وخاصه في حاله غياب الام لطلاق او موت او مرض ، حيث ان الابناء يقتبسون من سلوكها ومن اخلاقها وثقافتها ، ثم هي جليس ، اما صالح كحامل المسك او جليس سوء كنافخ الكير ..
– وسائل الاعلام المسموعه والمرئيه والمكتوبه .
اما وسائل الاعلام المرئيه والمسموعه والمقروءه فخطرها في كثير من البلدان عظيم ، وضررها جسيم ، وكم من خلق قد ساء بسببها ، وكم من فاحشه قد ارتكبت بسببها ، وكم من ابن عق ابويه وكم من صديق قد غدر باصدقائه وكم من امراه قد خانت زوجها وكم من زوج قد طلق زوجته ، كل ذلك بسببها ، بل وكم من رجل وشاب قد وقع على محرم من محارمه بسببها والعياذ بالله ، وكم فيها من اضاعه للصلوات ، وكم فيها من اتباع للشهوات ، وكم فيها من تهييج على الفواحش ، وكم فيها من تزيين للباطل وسخريه من الايمان واهله والدين ومن اعتنقه ..
فلا بد ان يتفقد الاب ابناءه معها ، ولابد للام ان تتفقد بناتها معها ، فهي وسائل قد غزت كل البيوت ، والاحتراز عنها من اصعب ما يكون الا على من يسره الله عليه ..
وشانها شان الجليس اما انها جليس صالح او جليس سوء ، فان كانت داعيه الى الخير والمعروف لا تطرد معها الملائكه بل تقبل اليها وتحفها ، والخير من ورائها عميم ، فنعما هي ان كان يبث فيها ما هو نافع في الدنيا والاخره فالحمد لله ، ولنقبل عليها حينئذ ما لم تنتهك فيها محرمات ، وان كان دون ذلك فالله لا يحب الفساد ولا ضرر ولا ضرار ، والسمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا ، ولا ينبغي ان نغبن فيها ونضيع فيا الاوقات ونضيع فيها الابدان ، – وستكون هناك باذن الله تعالى حلقه خاصه عن التلفزيون وما يبث فيه من برامج وايجاد البديل الاسلامي الى غيرها من الامور – ، اما هنا فاني قد اقتصرت على التحذير منه والاستفاده من برامجه الجيده بقدر المستطاع ..
– طبيعه البلدان التي يعيش فيها الطفل بما فيها من اخلاق وعادات واداب ومناظر واحوال .
للبلدان التي تعيش فيها الاسره وطبيعه اهلها اثر في تربيه الابناء ، فالبلاد التي يسكنها الشرسون والمفسدون ليست كبلاد اهل الخير والفضل والصلاح ، فشرور هذه البلاد تنعكس على الاسر والابناء ، وكذلك فاهل الصلاح لا يشقى بهم جليس ..
ومن ثم شرعت الهجره من ارض الفساد الى ارض اهل الصلاح ، فهذا قاتل التسعه التسعين الذي اتمهم بقتل الراهب فقتل حينئذ مائه نفس يؤمر بترك ارضه والاتجاه الى ارض اهلها يعبدون الله عز وجل كي يعبد الله معهم . انظر القصه في البخاري ( برقم 3470 ) .
فالابن يخرج من البيت فيرى الاطفال في الشارع ينظرون الى الفيديو والى التلفزيون والى شاشات السينما والدشوش وما فيها من مناظر محرمه ، والبنت كذلك تخرج من البيت فترى البنات في الشوارع وقد تعلقن بايدي الشباب .. او يتبادلن الصور والافلام والاشرطه نهارا جهارا .. فتلقائيا تهفو نفس الطفل الى النظر الى هذه الشاشات والى محاكاه ما يشاهده في الشارع ، فيتلقى منها الشر والفساد ..
وكذلك يخرج الولد من بيته فيرى الابناء يلعبون الالعاب المكروهه او المحرمه فيلتقط ذلك منهم .. وكذلك البنت التي تخرج فتجد اترابها متبرجات سافرات تتعلم منهم تلقائيا التبرج والسفور ..
فعلى ذلك اذا كان الاب يسكن في عماره اهلها شريرون او في حي من الاحياء عموم اهله مفسدون ، او في قريه الغالب على اهلها الشر ، او في دوله كافره يتسرب اليه من فسق اهلها وكفرهم ، وكذلك يتسرب الى ابنائه ، فعليه حينئذ ان يغادر مكانه ويذهب الى موطن من مواطن الصلاح .. والمحفوظ من حفظه الله تعالى ..
– هل تضرب البنت لتاديبها ؟
لاشك ان هذه مساله مهمه لها فقهها ، فالمواقف تختلف وكذلك الاحوال وايضا المسائل التي ستؤدب من اجلها ، هل هي مسائل مستبشعه مستقبحه ومستهجنه ؟ ام هي دون ذلك ؟ وهل هي تعقل هذه المسائل وتعرف مدى اثمها وشرها وخطورتها ؟ ام انها جاهله بها وباحكامها ؟
ولكن في الجمله فالامر كما قال صلى الله عليه وسلم : ان الرفق لا يكون في شيء الا زانه وما نزع من شيء الى شانه . مسلم برقم ( 2594 ) .
وايضا كما قال صلى الله عليه وسلم : اذا اراد الله باهل بيت خيرا ادخل عليهم الرفق . المسند (6/71 ) .
وقد ورد ايضا انه عليه والصلاه والسلام : ما ضرب شيئا قط بيده ، ولا امراه ولا خادما الا ان يجاهد في سبيل الله . مسلم برقم ( 2328 ) .
فحينئذ علينا بالكلمه اذا اردنا الاصلاح وعلينا بانواع الترغيب ، فاذا لم تجد الكلمات الطيبه في الاصلاح ، استعملت الكلمات التي تحمل نوعا من الزجر واستعمل الترهيب بحسب نوع الخطا والجرم المرتكب ، واذا لم تجد ولم تنفع كلمات الزجر هذه فحينئذ قد يجدي الضرب ، فاحوال الابناء تختلف وطبائعهم تتنوع ، فمنهم من تكفيه نظره بالعين لتاديبه وتوبيخه وتانيبه ، وتؤثر فيه هذه النظره تاثيرا بالغا لا حدود له ، وتكون سببا في كفه عن مثل هذا الخطا الذي ارتكبه .
ومنهم من اذا حولت وجهك عنه عرف مرادك وفهمه وانكف عن خطئه .
ومنهم من تجدي معه الكلمات الطيبه ، فعليك بالكلمات الطيبه مع مثل هذا .
ومنهم من لا يصلحه الا الضرب ولا تنفع معه الا الشده ، فحينئذ نتجه للضرب والشده بالقدر الذي يصلح فقط ولا نتعداه ، كالطبيب الذي يعطي للمريض حقنه ، والحقنه تؤلمه ، ولكنها بقدر المرض فحسب .
فللرجل ان يشتد مع ابنائه – وكذلك المراه – ، اذا راى منهم قصورا او وجد فيهم خللا .
وعليه ان يتق ضرب الاولاد على وجوههم ، فان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك ، قال عليه الصلاه والسلام : ( اذا قاتل احدكم اخاه فليتجنب الوجه ) . وفي روايه ( فليتق الوجه ) مسلم برقم ( 2612 ) .
ومن النصائح ايضا :-
انك لا تعد الاطفال بموعد ثم تخلفه ، ولا تكذب عليهم ، فانهم يتعلمون منك الكذب واخلاف المواعيد ، وفي ذلك مخالفه لسنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ايه المنافق ثلاث .. وذكر : واذا وعد اخلف . البخاري برقم ( 33 ) .
ثم ان في اخلاف الوعد فقدان للثقه ، فضلا عن كونهم يتعلمون منك اخلاف الوعود والاستهتار بها ، فانهم ايضا لا يصدقونك فيما هو ات .
كما انك تنتبه الى انه لا ياتي الى بيتك من يسال عنك فترسل ولدك وتقول له اخبره اني غير موجود ! ففي ذلك اثم وتعليم الكذب للابناء وانت لا تشعر . وقد يذهب الولد او النبت وببراءه الاطفال فتقول للسائل : ان ابي يقول انه ليس موجود !! فتقع انت في الحرج ويعرف الزائر انك تتهرب منه .
و من النصائح ايضا :-
متى تؤمر البنت بالحجاب ؟
القواعد الشرعيه تقتضي ان امر الفتاه بالحجاب يكون اذا بلغت المحيض ، وهكذا سائر الاوامر الشرعيه والمناهي والتكاليف ، ولكن التدريج معها قبل بلوغها المحيض يسهل عليها التكاليف ويهون عليها الطاعات اذا بلغت المحيض ، فيستحب للوالدين تدريب البنات على التحجب والبعد عن الرجال قبل بلوغهن المحيض ، اما اذا كانت الفتاه قبل بلوغها المحيض تشتهى لحسنها وجمالها وشبابها ، و الفتنه من وراءها قائمه ، فتحجب قبل البلوغ دفعا للمنكر وابعادا للشر والفساد . والله اعلم ..