افضل مقالات مفيدة بالصور مواضيع جميلة

حكاية ملك ظالم

حكاية ملك ظالم 20161008 989

 

حكاية ملك ظالم 20161008 989

قصه حاكم ظالم
هذه القصه لم تاتي من وحي الخيال وانما من عبق التاريخ لقد كانت شخصيه بن تليس درسا انسانيا يحمل معاني كثيره ليس للذين عايشوا وقائعها فقط بل لكل البشريه والذي يمعن النظر في واقعنا اليوم يقتنع ان الله سبحانه وتعالى دائما يسوق لنا الامثال لعلها تكون عبره لكن الحكام وحتى الشعوب دائما لايعتبرون من التاريخ.
عند انتهاءك من قراءه هذه القصه حاول الاجابه على الاسئله التاليه :-
س1 ماهي السبل التي من خلالها حكم بن تليس قبيلته؟
س2 لماذا امعن في اذلال رعيته؟
س3 كيف استطاع المظلومين القضاء على الظالم؟
القصه
مدينه صغيره تقع اعلى الجبل العظيم وسط الصحراء . منقطعه عن العمران لصعوبه الوصول اليها؛ فالصحراء المهلكه التي تحيط بالجبل من كل جانب ، تمنع الناس من التفكير في اجتيازها والحضور الى مدينه الجبل الفقيره . لذلك يلجا بعض سكانها للخروج والسير مسافه بعيده راكبين ظهور جمالهم ، حتى طريق القوافل . حيث يقايضون بعض ما عندهم من انتاج مدينتهم الشحيح ، من زيت الزيتون والتمر والتين ، ببعض الغلال والحبوب يقتاتون عليها ، ويطعمون قطعان ماشيتهم عند الجفاف وقله العشب . كان حاكم مدينتهم الصغيره والمسمى ( تاليس ) هو من يقوم بالقسمه مناصفه بين القبيلتين الوحيدتين اللتين تقطنان المدينه . كان حاكما عادلا محبوب من سكان مدينته . لا يفرق بين ابناء قبيلته ، والقبيله الاخرى في المعامله فنال رضاء اهل القبيلتين . لم يكن ينغص على حب الناس لحاكمهم الا تصرفات ابنه الشاب الطائش المتهور. كانوا كثيرون الشكوى منه لوالده ، ولكن لم يفلح معه النصح او العقاب ، فيعود كل مره لايذائهم ويعودون للشكوى منه . فطرده الحاكم اسفل الجبل وكلف حارسين من حراسه بالاقامه معه وتنفيذ طلباته ، ومنعه من الصعود للجبل وايذاء السكان
.
اقام ابن الحاكم بسفح الجبل مع الرعاه هو وحارساه . وصب جام غضبه من اهل المدينه ، على رعاه قطعانهم من الغنم والماعز . فاذاقهم الويل واصبح كثيرا ما يسطو على المواشي ، ويختار ما يعجبه منها فيقوم بذبحه واكله هو وحارساه . مهددا الرعاه المساكين من العواقب التي ستنالهم ، ان اخبروا احدا ووصل الخبر الى الحاكم عن طريقهم . فكانوا من خوفهم وكلما اخذ خروفا او جديا منهم ، قالوا للسكان ان الذئب اكله او مات بسبب المرض ؛ ولان المده كانت تطول قليلا بين كل وجبه ووجبه ، لم يلاحظ السكان ذلك واعتبروا فقد خروف او جدي من حين لاخر امر طبيعي ؛ بسبب كثره الذئاب اسفل الجبل ، وثقتهم في حرص الرعاه وامانتهم
.
مرض حاكم المدينه فامر باحضار ابنه اليه من اسفل الجبل . ظنا منه بان ابنه قد تحسنت اخلاقه بالاقامه بعيدا عن الناس ، وتجربته للوحده وفقد بعض المتع التي كانت متوفره له بالمدينه . وعند سؤاله للحارسين عن اخلاق ابنه طوال اقامته معهم ، اخبراه عن سلوكه الرفيع ، ومعاملته الطيبه لهم وللرعاه ، وان عقابه كان له درسا استفاد منه كثيرا . ففرح الحاكم ورضي عن ابنه الوحيد ، ووريثه على عرش مدينته الصغيره . اما الشاب الذي لم يتغير من اخلاقه شي ، وانما ازداد حقده على اهل المدينه ؛ بسبب طرده منها فانه عندما لاحظ مرض والده الشديد توقع موته قريبا ، فلزم بعض الهدوء وتظاهر بتغيره ، في انتظار وفاه والده التي تاكد انها قريبه ، بسبب حاله والده الصحيه التي تسوء كل يوم ، وانتظر ان يحكم المدينه من بعده وينتقم من سكانها اجمعين .
ايام قليله وتوفى الحاكم . فحزن عليه سكان المدينه حزنا شديدا ، وبعد دفنه تجمع اهالي القبيلتين ، وقرروا وفاء منهم لحاكمهم العادل ، تنصيب ابنه حاكم عليهم . فتولى ) ابن تاليس ) الحكم بعد والده ، واول شي عمله هو الاجتماع باكابر شيوخ القبيلتين ، وطلب منهم الموافقه على تقديم بعض الشباب من ابنائهم ، لتدريبهم وجعلهم من ضمن حرسه الخاص ، ووعد بانهم سوف يعاملون معامله طيبه ، وياكلون اطيب الاطعمه ، ويرتدون الملابس التي تسترهم . فوافق الشيوخ بعد تردد بسيط ؛ فالمعيشه كانت صعبه والناس في فقر ومشقه حتى الشيوخ منهم . كشر بن تاليس عن انيابه في وجه ابناء مدينته ، الذين نصبوه حاكما بدلا من والده . انتقاما منهم على شكواهم منه وعقاب والده له بسببهم. فاحتجز ابناء الشيوخ رهائن عنده للضغط عليهم، وهددهم بقتلهم جميعا ان لم ينصاعوا لاوامره ويحققوا رغباته. كان اول طلب طلبه من سكان المدينه هو حصاد الشوك من اسفل الجبل والقيام بدرسه وتحويله الى تبن ليقدمه علف الى حيواناته التي ورثها عن والده. وامهلهم مده بسيطه لبدء العمل، بعد ان قسمهم الى مجموعتين؛ قبيلته تبدا العمل من الصباح الباكر وتستمر حتى الظهر، ثم تعود الى سابق عملها العادي قبل حصاد الشوك. اما القبيله الاخرى فانها تقوم بعملها المعتاد حتى الظهر، وبعدها تبدا في حصاد الشوك حتى المساء. وامر الحراس بحبس وتعذيب من يتقاعس عن العمل من ابناء القبيلتين اشد العذاب، حتى يتمنى حصاد الشوك على ما يناله من عذاب قاسي داخل السجن.
بدا العهد الجديد على سكان المدينه الجبليه بالشقاء والاذلال. كانوا مسالمين لا يملكون حتى السلاح البسيط الذي يدافعون به عن انفسهم، حاكمهم السابق لم ينشر بينهم روح القتال؛ فمدينتهم بعيده عن الاعداء والصحراء تحميها منهم، وصعوبه الوصول اليها والمشقه في صعود الجبل زاد من راحه بالهم. ولكن لم يكن يخطر لهم على بال، ان ابناء عمومتهم واخوانهم، هم من سوف يذيقونهم اصناف من العذاب لا توصف. فقد التف حول الحاكم الجديد بعض ضعاف النفوس منهم، وشكلوا حرسا قويا يدافع عنه. جلب له السلاح من بعيد، وجعل نواته حارساه القديمان وقت طرده من المدينه . ينتفعون بكل شيء نظير حمايه الحاكم وتنفيذ اوامره. وشعبهم يعاني اشد المعاناه .
جلب الاشواك من سفح الجبل على الظهور، والصعود بها وفرشها على الارض بساحات داخل المدينه والسير عليها بالاقدام الحافيه حتى هرسها وتحويلها الى تبن لين، يملا في شباك كبيره ويتم حمله على البغال والحمير وتخزينه بمخازن ( بن تاليس ). عمل مرهق صعب شديد على الرجال والنساء من سكان المدينه . لم يستمر الا بسبب الاهوال التي سمعها السكان، ممن خرج من سجن ( بن تاليس ) وعاد للعمل معهم. وقال ان درس الشوك بالاقدام الحافيه نقطه من بحر العذاب داخل السجن. هذا بالنسبه للرجال، اما النساء فتهديدهم بقتل اطفالهم وهتك اعراضهم، اجبرهم على معاونه الرجال في العمل الخفيف؛ كجمع التبن وشد الشباك وتحريض الرجال على مواصله العمل وعدم التمرد. فكميه الاشواك بسفح الجبل قاربت على النفاذ، وسيرتاحون قريبا.
كانت كل قبيله تعمل لوحدها وفي الفتره المخصصه لها؛ ولكن الحراس المشرفين على سير العمل كانوا من القبيله الاخرى؛ حتى لا يقوم احد بمساعده اقاربه او العطف عليهم والرافه بحالهم. السياط والحراب والسيوف بايدي الحراس حتى نهايه العمل، ومن يتقاعس او يتهاون يعاقب اشد العقاب ويهدد بتحويله الى سجن ( بن تاليس ) فيعود مكرها خائفا الى العمل.
من عادات واخلاق السكان بالمدينه ، عدم تكشف نسائهم وبناتهم على الغريب من خارج العائله . نساؤهم دائما يغطي وجوههن الخمار، ولا يكشفن على وجوههن امام الغريب مهما كانت الاسباب. ولكن هاهي ( بشرى ) ذات العشرين ربيعا تخرج عن المالوف؛ فتلقي بخمارها على الارض وتكشف عن وجهها امام شباب ورجال قبيلتها، وقت العمل بدرس الاشواك وتعبئتها بالشباك بعد تحويلها الى تبن، وليتها فعلت هذا فقط بل لم تستر وجهها حتى عند حضور الحراس من قبيله ( بن تاليس). مما سبب نقمه بعض شباب قبيلتها عليها وشكوا امرها الى والدها. ولكنها لم تبال باحد وردت عليهم ردا افحمهم. ولم يعودوا يستطيعون تكرار شكواهم. كان ردها على والدها: ( انني لا ارى رجالا حتى اغطي وجهي خجلا منهم ). كان رد ( بشرى ) اشد عذابا للرجال والشباب من سيرهم على الاشواك القاسيه تحت اقدامهم؛ التي تعودت من كثرت العمل عليها فتحجرت اقدامهم وكونت جلده سميكه ساعدتهم على تحمل قسوه الاشواك.
ظهور ( بشرى ) كل يوم سافره الوجه وقت العمل. زاد من اذلال رجال قبيلتها فلم يستطيعوا النظر اليها خجلا من انفسهم امامها، وحدث العكس عند مرورها امام الشباب والرجال مرفوعه الراس منهمكه في عملها. يطاطئون هم رؤوسهم خجلا منها حتى تمر. كان الشباب يختلسون النظر الى جمالها الفاتن الذي لم يلاحظوه من قبل. جميله جمالا يذهل العقل، فلا يشعرون بوخز الاشواك اسفل اقدامهم، ولا التعب او الملل ما دامت تشاركهم العمل كاي واحد منهم. ولكنهم كانوا يتقطعون الما وحسره عندما يحضر الحراس ويشاهدون نظراتهم النهمه اليها. ولا يخفى عليهم تملق الحرس لها والطلب اليها بان ترتاح من عناء العمل في الظل. ولكن كان يسعدهم عدم ردها عليهم او الانصات الى غزلهم المبطن حتى ظن الحرس انها صماء خرساء بسبب عدم تجاوبها معهم. وعند المساء ومع نهايه العمل اليومي ترتدي ) بشرى ) خمارها تغطي وجهها، وتتجه الى بيتها دموعها تجري على خذها الوضاء حزنا على ما يقاسيه اهلها من هوان.
حب ( بشرى ) سكن قلوب الجميع ، جمالها الساحر ، وعملها الدؤوب ومساعدتها لابناء قبيلتها ، وقله كلامها زاد من تعلق الشباب بها . ولكنهم لم يجدوا الشجاعه للتصريح بمكنون صدورهم نحوها . واحد فقط هو من تجرا على اظهار مشاعره تجاه ( بشرى) وعرض حياته للخطر بسببها هو ( سيف الحق ) ، الذي وقف في وجه حراس ( بن تاليس ) الذين يراقبون العمل ، عندما تحلقوا حولها ذات مساء قبل انتهاء العمل بقليل . فهب اليهم والشرر يتطاير من عينيه غضبا من تصرفهم الاهوج، فانصرفوا خجلين ، ولم يتعرضوا لها او له خوفا من تاليب الناس ضدهم.
( سيف الحق ) في الخامسه والعشرين من عمره ، ابوه فلاح بسيط من قبيله ( بشرى ) ؛ ولكنه حكيم من حكمائها كلمته مسموعه ويحضى باحترام شيوخها وشبابها ، ربى ابنه على الاخلاق الفاضله الكريمه وعزه النفس ، فنشا شجاعا قويا لا يخشى احدا ، موقفه الاخير في حمايه ( بشرى ) تحدث عنه شباب وشيوخ قبيلته همسا فيما بينهم ؛ خوفا من وصول ما قام به الى اسماع ( بن تاليس ) فيتعرض سيف للاذى . كانوا معجبين بموقفه البطولي وشجاعته امام عجز الحاضرين وخوفهم
.
ما قام به ( سيف الحق ) لفت نظر ( بشرى ) اليه ، ولكن موقفها السابق لم يتغير . لم تشكره على ما فعله من اجلها ؛ وان لاحظ ابتسامه رضا على ثغرها ، ومسحه من السرور اشرق به وجهها الجميل . جعلته سعيدا بفعلته التي لم يدرك خطورتها ، لو تطور الامر الى اكثر مما حصل . ولكن الحب الشديد الذي يكنه ل( بشرى ) كان هو الدافع بلا شك . من اول يوم حضرت فيه للعمل ، والقت خمارها على الارض وكشفت عن وجهها امام الجميع ، و( سيف الحق ) يعاني اشد المعاناه ؛ احبها حبا جنونيا ملك عليه اقطار نفسه وخوالج صدره ودفين فكره . لم يعد يرى احدا الا هي ، ولا يفكر بشي الا فيها ، ولا يحزنه الا عملها معهم سافره يختلس الجميع النظر اليها
.
تطور الامر بينهما رويدا رويدا ، لم يعد ( سيف الحق ) يستطع البقاء بعيدا عنها . كان يختلق الحجج وينتهز الفرص للتكلم معها . وزاد من اشتعال نيران حبه لها ، حكمتها ، ومنطقها ، ورايها الصائب في كثير من الامور التي ناقشها معها . لفتت نظره الى كثير من الحقائق التي كانت غائبه عنه . وفي يوم من الايام وعند مغادره ساحه العمل ، وقف بجانبها وقال لها بحسره :
-لقد قاربت كميه الاشواك بسفح الجبل على النفاذ ، فهل يا ترى بعد انتهاء العمل بالساحه نلتقي من جديد ؟!
ردت عليه بتهكم -يبدو انكم تعودتم على العمل الشاق ، وهل تظن ان ( بن تاليس ) يترككم ترتاحون بعد انتهاء هذا العمل ؟!! بالتاكيد سيخترع لكم عملا اقصى منه يشغلكم به لا اظن ذلك فاقاربه وافراد قبيلته يعانون مثل ما نعاني !
-انكم واهمون ، انتم فقط من يعاني من الاشواك وليس رجال قبيلته
تسال باستغراب كيف
ردت عليه : هم يشتغلون منذ الصباح الباكر ، عندما تكون الاشواك رطبه ونديه بفعل الرطوبه والندى . يجمعونها بسهوله ، ويدرسونها باقدامهم فيجدونها لينه تحتهم تطاوعهم وتتحول الى تبن بدون ان تؤثر فيهم ، ولا ينتصف النهار حتى ينتهوا من عملهم ويرتاحون في الظهيره ، فلا يؤذيهم الحر وقيظه ، ولا الشمس وحرارتها .
اما انتم فيبدا عملكم في عز الحر والشمس في كبد السماء ، وتكون الاشواك جافه صلبه فقدت ليونتها ورطوبتها ، يؤذيكم حصادها وتخترق اقدامكم مثل الخناجر عند المشي عليها ودرسها . فهل انتم مثل افراد قبيله الحاكم ؟! قالت جملتها الاخيره بغضب واضح على وجهها .. وتابعت بصوت عالي سمعه من كان قريب منهما
:
انتم صابرون على الهوان والذل ، ولا يصبر الحر تحت الضيم وانما يصبر الحمار !!
غادرت مسرعه ، وتركته مندهشا من هول ما سمع منها .
في الايام التاليه لم تكلم ( بشرى ) احدا ، ولم ترد على احد . تجاهلت ( سيف الحق ) تجاهلا تاما ، وان حاول الاقتراب منها ابتعدت هي عنه . جن جنونه من صدها ، وازداد عذابه من هجرها . منذ كلامها الاخير معه وكلماتها تتردد عاليه براسه ، اكتشف انها على حق في كل كلمه نطقت بها ، وجرب بنفسه صدقها . حضر في صباح اليوم التالي وخرج قليلا للعمل مع بعض اصدقائه الشباب من قبيله ( بن تاليس ) ، جرب معهم قطع الاشواك الرطبه في الصباح والمشي عليها في الضحى ، وجدها عمليه سهله عذابها قليل بالمقارنه لما يعانيه افراد قبيلته من نفس العمل ، ولكن بفارق بسيط في التوقيت . ادرك الان سر دموع ( بشرى ) التي كانت لا تفارقها . وازداد حنقه وغضبه من حاكمهم الجديد ، الذي بدا حكمه بعذابهم والانتقام منهم . ولكن كيف السبيل لارضاء ( بشرى ) حتى تعود الايام الى سابق عهدها ، حااظلمت الدنيا في وجه ( سيف الحق ) فهجران ( بشرى ) زاد عن حده ، افتقد ابتسامتها الجميله ، وضحكتها الرائعه التي نادرا ما تجود بها بسبب الوضع الذي يعاني منه الجميع ، وافتقد كذلك حديثها العذب الشهي الذي كان يتمنى ان يدوم لاطول وقت مادام معها . كانت الزهره الفواحه وسط غبار الاشواك الخانق ، والبلسم الذي يداوي الجميع بحنانها ورقتها .
طال غضبها هذه المره اكثر من المعتاد ، وكانها فقدت املا كبيرا كانت ترجو تحقيقه ولم تفلح محاولاتها الجريئه في ذلك . مرت هذه الخاطره سريعا بذهن ( سيف الحق ) فاعاد ذكريات الماضي الحزين بتمهل وتفكر وتدقيق . ما الذي يدفع فتاه جميله ك( بشرى ) للقيام بكل ما قامت به دون غيرها من بنات قبيلته ؟! خرجت عن المالوف والمتعارف عليه بقبيلتها، حطمت عادات وتقاليد تتبعها القبيله منذ اجيال بعيده ، شجاعتها وتفردها في كل ما تقوم به ؛ زاد من اعجاب الجميع بها رغم شذوذها عن القاعده . اذن ما تقوم به لا يتعارض مع قيم القبيله واخلاقها بدليل عجز افرادها على منعها وايقافها . هل هي رساله هامه وخطيره تقوم بها ( بشرى ) ولكنها مشفره ولم يستطيع احد ان يفك شفرتها ويفهمها الى الان ؟! ولكن لماذا ومنذ هجرها ازداد تعلق قلبه بها اكثر من السابق ورغم قسوتها عليه ، تتردد كلماتها وتلميحاتها وافعالها وحركاتها امام ناظريه في نومه ويقظته ؟! هل بدا قلبه المحب لها بجنون يفك طلاسم سحرها الحلال ؟
وقف امامها فجاه وهي مشغوله في عملها ، لم تلاحظه هذه المره من بعيد مترددا يحاول ان يقترب منها ويكلمها ، فتهرب من نظراته وكلماته وسط جموع اهل قبيلتها المنهمكين في العمل الشاق حتى لا يستطيع ان يلحق بها. نظرته اليوم وهيئته مختلفه عن سابقاتها الذليله المترجيه عطفها ، الهدوء والراحه تطغى على ملامح وجه الصارم . طلب منها بلطف ورقه وعذوبه لم تعهدها منه ان تعطيه قليلا من وقتها . هزت راسها موافقه وانتحت جانبا وقلبها يدق بعنف في انتظار كلماته ، التي شعرت بانها ستكون وبلا شك جديده لم تسمعها منه سابقا .
قال لها بعزم وتصميم ان رسالتها وصلت اخيرا ، وان قلبه المحب لها اهتدى الى طريق الخلاص التي كانت تحرض على اتباعها ، وسيضع روحه على كفه فداء لاهل مدينته الطيبين ، وحبه لها هو زاده فيما سيقدم عليه من عمل خطير عزم على تنفيذه . ورجاها ان لا تنسى مهما حدث له حبه العظيم لها ، الذي انار دربه والهمه التضحيه والمخاطره في سبيل حريه شعبه وانعتاقه من عذاب ( بن تاليس ) . شدت على يده بقوه واسارير الفرح بكلماته تنير وجهها الصبوح ، وقالت له لم يخب ظني فيك يا ( سيف الحق ) فالحريه اغلى من الحياه ، والموت اهون من الذل . ولكن لا تتسرع ونفذ ما خططت له بتروي وحكمه ، وشاور من حنكته الحياه بدروسها والايام بتجاربها ، واعلم بان اليد الواحده لا تصفق وان حمل الجماعه ريش . وختمت كلامها بقولها : انني انتظر على احر من الجمر عودتك ظافرا منتصرا على الظلم واعوانه ، وجالبا لنا السعاده التي لا تحلى الحياه بدونها .
الليل يغطي مدينه الجبل الهادئه ، والسكان يغطون في نوم عميق بسبب التعب والارهاق ؛ من عناء العمل بالاشواك وهولها الدائم منذ بدايه حكم ( بن تاليس ) ، الذي مضت عليه عده شهور . ( سيف الحق ) وثلاثه شباب من ابناء مدينته يتسللون بحذر ، وسط الظلام الدامس متسلحين بسيف ، ورمح ، وخنجر ، وعصا ، لا غير متجهين الى قصر ( بن تاليس ) المنيع ذو الاسوار العاليه الذي يعج بالحرس الاشداء المسلحين بمختلف انواع الاسلحه .
صحا ( بن تاليس ) مذعورا من نومه ، كانت الاصوات تاتي من الخارج عاليه ، جلبه وصراخ واصوات قتال ضاري في ساحه قصره . خرج من حجره نومه يرتعش من الخوف . وبعد خطوات قليله التقى باحد افراد حرسه مجروحا والدم ينزف منه بغزاره . وعندما ساله عن الخبر قال له : لقد هجموا على القصر وقتلوا حراس السجن واخرجوا السجناء وابناء الشيوخ الرهائن . وقاموا بتسليحهم بعد ان استولوا على مخزن السلاح وهم في الطريق اليك . فانجو بنفسك يا سيدي . وسقط الحارس على الارض لافظا انفاسه الاخيره . اسرع ( بن تاليس ) يرتدي عده حربه وخرج شاهرا سيفه لعله يصل الى الاسطبل ، فيركب حصانه وينجو بجلده من العقاب الذي ينتظره على يد ابناء شعبه ، الذين اذاقهم فنون العذاب ولم يكن يظن انهم سينتفضون في يوم من الايام ضده
.
ولكن ما كاد يصل ساحه القصر حتى تجمد في مكانه من هول ما راى ؛ كانت جثث حراسه الاشداء تملا المكان ، ووجد ( سيف الحق ) ورجاله الابطال كانهم الاسود من ورائه في انتظار خروجه اليهم . وصاح به ( سيف الحق ) : الى اين يا ( بن تاليس ) حانت ساعه القصاص فاين المفر . صاح ( بن تاليس ) : من انتم ؟ وكيف تمكنتم من التغلب على حرسي القوي المدرب ؟ ضحك ( سيف الحق ) ورد عليه : نحن تدربنا اكثر منهم ، شهور طويله ونحن نتدرب اشق تدريب يتصوره العقل وكان بامرك ، هل نسيت ؟! ولكن رب ضاره نافعه ، تمارين الشوك فعلت فعلها بحرسك كما ترى . وهجم عليه بشده وما هي الا جوله قصيره وسقط ( بن تاليس ) مضرجا بدمه ونال عقابه الذي يستحقه .
اقيمت الافراح على طول المدينه وعرضها ، وفرح الناس بخلاصهم من الذل والمهانه على يد ( سيف الحق ) واصحابه وبمساعده ابنائهم الرهائن والمسجونين في سجون ( بن تاليس ) الرهيبه . واكتملت الفرحه بتنصيب ( سيف الحق ) حاكما على المدينه ، بموافقه كامل شعبها وزواجه من ( بشرى ) حبيبته ومعلمته فنون التضحيه والفداء .
كاتب القصه ازكير

  • صور ملك كرتون
  • حكاية عن اطفال يشتغلون
  • قصة الشحيح أعذر من الظالم
  • قصة حاكم ضالم
  • قصة عن ملك ظالم
  • قصة ملك و حاكم
  • مسلسل قصرة الشوك
السابق
محلات لملابس الاطفال بالاسكندرية
التالي
طريقة تنظيف الوجه