خطبة دينية عن الوطن

 

ان الحمد للة نحمدة و نستعينة و نستغفرة و نعوذ بالله من شرور انفسنا و سيئات اعمالنا من يهدة الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادى له و اشهد ان لا الة الا الله و حدة لا شريك له و اشهد ان محمدا عبدة و رسولة (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاتة و لا تموتن الا و انتم مسلمون)، (يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس و احدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون بة و الارحام ان الله كان عليكم رقيبا)، (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسولة فقد فاز فوزا عظيما).

اما بعد: فان اصدق الحديث كتاب الله و اقوى الهدى هدى محمد و شر الامور محدثاتها و جميع محدثة بدعة و جميع بدعة ضلالة و جميع ضلالة فالنار.

امة الاسلام الوطن و الحديث عنة مشاعر و احاسيس ذكراة تحرك القلوب فتلهب شوقا الي تلك المنازل و الي تلك الدروب و فالاصابة فتمييز الصحابة لابن حجر رحمة الله تعالي فترجمة اصير الغفارى عن ابن شهاب قال قدم اصير الغفارى رضى الله تعالي عنهم قبل ان يفرض الحجاب علي ازواج النبى صلي الله علية و سلم فدخل علي عائشة رضى الله تعالي عنها فقالت له يا اصير كيف عهدت مكة قال عهدتها ربما اخصب جنابها و ابيضت بطحاؤها قالت اقم حتي ياتيك رسول الله صلي الله علية و سلم فلم يلبث ان دخل النبى صلي الله علية و سلم فقال له يا اصير كيف عهدت مكة قال و الله عهدتها ربما اخصب جنابها و بيضت بطحاؤها و اغدق اذخرها و اسندت امامها و ابشت سمنها فقال حسبك يا اصير لا تحزنا.

وعن ابن عباس رضى الله تعالي عنهما قال رسول الله صلي الله علية و سلم ما اطيبك من بلد و ما احبك الى و لولا ان قومى اخرجونى ما سكنت غيرك و فصحيح البخارى من حديث عائشة رضى الله تعالي عنها ان النبى صلي الله علية و سلم دعا فقال اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد و اسباب دعائة ذلك ما قصتة الصديقة رضى الله تعالي عنها قال لما قدم رسول الله صلي الله علية و سلم المدينة و عك ابو بكر و بلال فكان ابى بكر اذا اخذتة حمي يقول:

كل امرء مصبح فاهله

والموت ادني من شراك نعله

وكان بلال اذا اطفا عنة الحمي يرفع عقيرتة يقول:

الا ليت شعرى هل ابيتن ليلة

بواد و حولى اذخر و جليل


وهل اردن يوما مياة مجنة

وهل تبدون لى شامة و طفيل

قال اللهم العن شيبة ابن ربيعة و عتبة ابن ربيعة و امية ابن خلف كما اخرجونا من ارضنا الي ارض الوباء بعدها قال رسول الله صلي الله علية و سلم اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة او اشد و ربما استجاب الله تعالي لنبية صلي الله علية و سلم

ففى البخارى ان انس رضى الله عنة قال كان رسول الله صلي الله علية و سلم اذا قدم من سفر فابصر درجات المدينة اوضع ناقتة و ان كانت نائمة حركها قال ابو عبد الله يعنى البخارى زاد الحارث ابن عمير عن عمير حركها من حبها و قال ابن حجر ففتح البارى و العينى فعمدة القارى و المباركفوري فتحفة الاحوزى فية دلالة علي فضل المدينة و علي مشروعية حب الوطن و الحنين اليه.

فسبحان الله كيف يلام من احب و طنة و عشق ارضة و افتداها بمالة و دمة و نافح عنها بساقة و قدمه.

معاشر المسلمين لا غرابة فحب التراب و المسكن و الحى فقد ثبت فالصحيح عنة صلي الله علية و سلم انه نظر الى احد فقال ذلك جبل يحبنا و نحبة متفق عليه،

وفى ذلك بيان ان حب الوطن ليس من اجل الدين فقط بل هو شعور يختلج فقلب جميع انسان ببلادة و مكان مولدة و الطرق التي ترعرع بها و نشا بين ربوعها و لهذا طمان الله تعالي نبية صلي الله علية و سلم و انزل علية قولة (ان الذي فرض عليك القران لرادك الي معاد) قال ابن عباس رضى الله عنهما الي مكة رواة البخاري


قال تعالي (انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فالدين و اخرجوكم من دياركم و ظاهروا علي اخراجكم ان تولوهم) فقرن بين الدين و الوطن و فهذا دليل ان كما للدين مكانتة فالنفس فان للوطن كذلك مكانته


ومن ابرز الادلة علي اهمية الوطن فدين الاسلام ما و رد من الايات التي تحث علي الاحسان الي الجار و ما و رد فالسنة فذلك كما قال جل و علا (واعبدوا الله و لا تشركوا بة شيئا و بالوالدين احسانا و بذى القربي و اليتامي و المساكين و الجار ذى القربي و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت ايمانكم)

وتامل الوصية بابن السبيل و هو الغريب العابر من بلد ليست بلدة و لا موطنة قال علية الصلاة و السلام ما زال جبريل يوصينى بالجار حتي ظننت انه سيورثة اخرجة فالصحيحين فقل لى بربك باى مزية ما يلجا ذلك الاهتمام من جبريل علية السلام و من محمد صلي الله علية و سلم حتي قال من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر فليكرم جارة و فرواية من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر فلا يؤذى جارة و هما فالصحيحين

امة الاسلام قال.. قال ابتلي الله سبحانة و تعالي نبية بفراق الوطن و ذلك بان فراق الاوطان من اعظم البلايا و من هنالك كان للمهاجرين مزية علي الانصار اذ تركوا ديارهم و اهليهم و تفرقوا فارض الله حفاظا علي دينهم فكان ترك الوطن منهم من اعظم التضحيات التي ذكرها الله لهم فقال (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم و اموالهم يبتغون فضلا من الله و رضوانا و ينصرون الله و رسولة اولئك هم الصادقون) و قال فالحبيب (الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله)

وهدد قوم لوط لوطا علية السلام (لئن لم تنتة يالوط لتكونن من المخرجين) و قال و رقة للنبى صلي الله علية و سلم ياليتنى بها جذعا ليتنى اكون حيا اذ يظهرونك قومك فقال رسول الله صلي الله علية و سلم او مخرجى هم قال نعم لم ياتى رجل بمثل ما جئت بة الا عودى فانك تلحظ ان الاخراج من الديار عسير علي النفس فاقدروا للقلب مدر بدمع العين و من هنا كان فعقاب الزانى غير المحصن ان يغرب سنه

ايها المسلمون :

وكيف يصح فالاذهان شيء

اذا احتاج النهار الي دليل

ولكننا ابتلينا فزمننا ذلك بانواع من البلاء فاصبحنا نناقش فامور اوضح من الشمس فرابعة النهار و احتجنا فعصر كثر فية المعجبون بارائهم و تعددت الرايات تحمل نصرة للدين زعموا و كان مما يشكك بة ان نزعوا من الاوطان قيمتها و عابوا الناس علي حبها و ظنوا ان الله تعالي حين قال (قل ان كان اباؤكم ابناؤكم و اخوانكم و ازواجكم و عشيرتكم و اموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها احب اليكم من الله و رسولة و جهاد فسبيلة فتربصوا حتي ياتى الله بامره) ينهي عن حب الوطن

فالاية لا تنهى عن حب تاصل فالقلوب و قدرت علية النفوس فلم ياتيك الاسلام ابدا ما يعارض الحب و انما فية ما يقومة و يسلك بة مسلك الوسطية و الاية تنهى ان يصبح ذلك الحب لهذة الحاجات المذكورة فالاية اعظم من حب الله و رسولة صلي الله علية و سلم

فالله و رسولة لابد ان يكونا احب للمرء من جميع شيء من اهلة و ما له و ولدة و مسكنة فالاية تثبت حب هذا و لكنها تنهي ان يطغي ذلك الحب علي حب الله و رسوله

امة الاسلام و من عجيب ما جاء فحب الوطن قصة ميسون فتاة دحبلة الكلبية و هى اخت يزيد بن معاوية بن ابى سفيان و ربما تزوجها معاوية و هو خليفة المسلمين و اسكنها قصرا منيفا و اخدمها الجوارى و الوصيفات و لكنها مع جميع ما غدت فية من نعيم و رفاهية لم تستطع ان تنسي تلك الحياة التي ترعرعت فاكنافها فكانت تنشد ابياتا تبثها هذا الحنين تقول:

لبيت تخفق الارواح فيه

احب الى من قصر منيف

الي ان قالت:

ولبس عباة و تقر عيني

احب الي من لبس الشفوف

فسمعها معاوية رضى الله عنة فطلقها و اعادها الي و طنها و خيامها فلقد يلومها البعض ممن لم يعرف كيف هو الحنين الي الديار و يظن ان من عاش بين جبال مكة او رمال نجد ربما تغرية فبلد احدث بروج و انهار و غابات و اشجار فيستبدل تلك بتلك و لو فعل هذا امة معدودة لعاودة الحنين و اشتهي نسمة من غبار او لفحة من سموم و الله لو فعلوة فليس بملوم اقول ذلك القول و استغفر الله لى و لكم فاستغفروة انه هو الغفور الرحيم.


خطبة دينية عن الوطن