صداع الجيوب الانفيه
علاج صداع الجيوب الانفيه اعراض الصداع الجيبي التهاب الجيوب الانفيه وانتفاخ الانف اسباب الصداع عند الاستيقاظ من النوم علاج الصداع للجيوب الانفيه
التهابات الجيوب الانفيه منتشره ويعانى منها كثير من الناس رجالا ونساء؛ كبارا وصغارا، واكثر اعراضها انتشارا هو الصداع الذي قد يحيل حياه المريض الى جحيم لا يطاق، ليس هذا فحسب انما تكمن خطورتها الحقيقيه فيما قد تسببه من مضاعفات قد تذهب بالبصر اذا لم يحسن علاجها في الوقت المناسب، ولكي نتفهم حجم المشكله وطبيعتها وكيفيه الوقايه منها وعلاجها سنناقش في هذا البحث الجوانب العلميه المتعلقه بالتعرف على التركيب التشريحي للجيوب الانفيه ووظائفها واسباب الامراض التي تحدث فيها ومضاعفاتها وكيفيه تشخيصها وعلاجها في الطب الحديث، ثم نقدم العلاج النبوي لهذه الظاهره المرضيه ، ثم نبين وجه الاعجاز العلمي في الوصفه النبويه لهذا المرض العضال.
اولا: التحقيق العلمي
ما هي الجيوب الانفيه ؟
بدايه يجب ان نصحح التسميه ، فالترجمه الصحيحه للكلمه هى الجيوب الجار انفيه ، وهذه التسميه تعطى تصورا حقيقيا عن ماهيه هذه الجيوب وطبيعتها، فهي مجموعه من التجاويف في عظمه الجمجمه محيطه بالانف من الناحيتين اليمنى واليسرى ومبطنه بغشاء مخاطي يشبه الى حد بعيد ذلك الذى يبطن الانف نفسه، ويفرز هذا الغشاء افرازات تساعدها على القيام بالوظائف التي تناط بها وتصرف هذه الافرازات عن طريق ثقوب دقيقه جدا الى تجويف الانف ثم الى البلعوم الانفي حيث تستقر بعد ذلك في المعده ، وهذه التجاويف هي:
1- الجيب جار الانفي الوجني (79%): يوجد اسفل العين، ومتوسط حجمه في البالغين 15 مم3.
2- الجيب جار الانفي الجبهي (41%): يوجد فوق العين وتحت المخ، ومتوسط حجمه في البالغين 7مم3.
3- الجيب جار الانفي الغربالي (93%): يوجد بين العينين وهو مجموعه من الجيوب الصغيره (7-15مم).
4- الجيب جار الانفي الوتدي (22%): يوجد خلف الانف وتحت الغده الصنوبريه ، ومتوسط حجمه 7مم3.
وظائف الجيوب الانفيه :
وللجيوب الانفيه عده وظائف نذكر منها:
1- ترطيب وتدفئه وتنقيه هواء الشهيق: وحتى ندرك مدى اهميه وعظمه هذه الوظيفه علينا ان نعرف ان الانف وما يجاورها من الجيوب الانفيه تؤدي هذه الوظيفه لكميه الهواء المستنشق يوميا، وهى كميه هائله تصل الى (10000-20000 لتر يوميا)
وهى تقوم بذلك بواسطه :
· الغشاء المخاطي:وهو يفرز نوعين من السائل المخاطي في طبقتين احدهما لزجه وتوجد على السطح ونظرا للزوجتها فان الجراثيم وذرات الغبار تلتصق بها، اما الطبقه الثانيه فهي اقل لزوجه وتوجد تحت الاولى وتعمل كالسير الذى ينقل الحقائب، حيث تقوم بنقل الطبقه العليا بما تحويه من جراثيم وغبار الى الانف خلال فتحاتها الدقيقه جدا ثم الى البلعوم بسرعه 1سم في الدقيقه ، وهذه الطبقه تحتوى على انزيمات تستطيع ان تقضى على كثير من البكتريا والفيروسات والباقي يتم التعامل معه بعد ذلك عندما يبلع الى المعده . وكميه السائل المخاطي التي تفرز في اليوم تبلغ1000 مم3.
· الاهداب: وهى شعيرات بالغه الدقه وتعمل في داب ونشاط ولا تمل، اذ تتحرك في اتجاهين: الاولى: حركه قويه وفعاله في اتجاه فتحات الجيوب الانفيه ، والثانيه : حركه ضعيفه واقل فعاليه في الاتجاه المضاد، وهى تتحرك 700 حركه في الدقيقه . والجفاف من اهم العوامل التي تعوق هذه الحركه ومن ثم فهو يساعد على حدوث الالتهابات.
· شبكه معقده جدا من الشعيرات الدمويه والاورده والشرايين الصغيره : وتتغير كميه الدم المندفعه في هذه الشبكه زياده ونقصانا حسب الاختلاف في درجات الحراره بين الجسم والجو الخارجى. فاذا كان الهواء الخارجى شديد البروده ، فان كميه الدم المندفعه الى هذه الشبكه تزداد لتتمكن من تدفئه الهواء الداخل الى الرئتين والعكس صحيح. وهناك ما يعرف بالدوره الانفيه وهي تحدث باليه معينه بحيث تتمدد الاوعيه الدمويه في الغشاء المخاطي باحدى فتحتى الانف فيندفع الدم فيها وينتفخ الغشاء المخاطي وبالتالى يقل الفراغ المتاح لمجرى النفس فتقل كميته وسرعته مما يتيح له فرصه اطول لاكتساب كميه اكبر من حراره الغشاء المخاطى فترتفع درجه حراره الهواء الداخل من هذه الفتحه ، ويحدث العكس تماما في الفتحه الاخرى،حيث تنقبض الاوعيه الدمويه فينكمش الغشاء المخاطي فيزيد فراغ مجرى النفس فتندفع كميه كبيره من الهواء بسرعه وبذلك لا تكتسب نفس الحراره التي اكتسبتها الجهه الاخرى، وعندما يتقابل الهواء من الناحيتين في البلعوم الانفي يختلطان بحيث تكون درجه حراره هذا الخليط ملائمه تماما لدرجه حراره الجسم، وتحدث هذه الدوره بالتبادل بين الناحيتين فتتمدد اليمنى وتنقبض اليسرى في وقت معين ثم ينعكس الوضع في الدوره التاليه وهكذا. وهى عمليه بالغه التعقيد ويتحكم فيها عديد من العوامل وحتى نبسط الامور فيمكن تشبيهها بما يحدث في خلاط صنبور المياه، فاذا اردت ماء ساخنا تفتح صنبور الماء الساخن بدرجه كبيره وصنبور الماء البارد بدرجه اقل، وبتحكمك في درجه فتح الصنبورين تستطيع التحكم في درجه حراره الماء.
2- تخفيف وزن الجمجمه :لو تخيلت هذه التجاويف مصمته فكم سيكون وزن الجمجمه ؟
3-تحسين نغمه الصوت: وهذا ما نلمسه عاده فيمن يصاب بادوار البرد والزكام من تغير في نغمه صوته نتيجه لعدم قيام الجيوب الانفيه بهذا الدور انذاك نظرا لانسدادها بفعل الالتهاب.
اساس المشكله :
تبدا مشاكل الجيوب الانفيه بانسداد فتحه جيب او اكثر من الجيوب الانفيه ، وذلك يؤدى الى تقليل او توقف التهويه وكذلك تصريف الافرازات من الجيب الانفي وهذا يؤدي بدوره الى تراكم هذه الافرازات، مما يؤدي الى تلف الاهداب والخلايا الحامله لها، وهذا يهيئ الظروف لنشاط الميكروبات المرضيه وتحول الميكروبات غير الضاره الى ضاره ، وهذه تؤدى الى التهابات وتورم في الغشاء المخاطى، مما يؤدى بدوره الى مزيد من انسداد الفتحات، وهكذا تبدا الدائره المفرغه .
التشخيص:
تنقسم التهابات الجيوب الانفيه الى التهابات حاده واخرى مزمنه .
اولا: الالتهابات الحاده وتنقسم اعراضها الى:
اعراض عامه : مثل الحمى والصداع وفقدان الشهيه .
اعراض موضعيه :
1) انسداد الانف.
2) افرازات مخاطيه .
3) اعتلال حاسه الشم.
4) الام في المنطقه السطحيه المغطيه للجيب او الجيوب الانفيه المصابه ، كالام تحت العين في حالات التهاب الجيب الانفي الوجني، والام في الجبهه في حاله التهاب الجيب الانفي الجبهي، والام بين العينين عند التهاب الجيب الانفي الغربالي، والام خلف العينين ومؤخره الراس في حاله التهاب الجيب الانفي الوتدي.
ومما يجدر الاشاره اليه هنا ان الصداع في حاله التهابات الجيوب الانفيه يبدا عاده في الصباح بعد الاستيقاظ من النوم ثم ياخذ في التحسن تدريجيا خلال 3 او 4 ساعات بعد ذلك.
والعلامات التي قد تصاحب هذا الالتهاب عباره عن تورم واحمرار في الجلد المغطى للجيب او الجيوب الانفيه المصابه .
ثانيا: الالتهابات المزمنه وتنقسم اعراضها ايضا الى:
اعراض عامه : مثل الصداع والالام الروماتيزميه والتهابات في الاذن الوسطى والبلعوم والحنجره .
اعراض موضعيه : تشبه الى حد بعيد تلك التي توجد في حاله الالتهاب الحاد الا انها اقل في حدتها ولكن مدتها اطول.
واما العلامات التي تميز الالتهاب المزمن فاهمها احتقان الغشاء المخاطي للانف ووجود افرازات خلف انفيه يحس بها المريض في حلقه.
اما اهم الفحوصات التي تؤكد التشخيص وتساعد كذلك في تحديد العلاج فاهمها الاشعه المقطعيه .
المضاعفات:
وتنقسم الى مضاعفات بالجمجمه ، وداخل الجمجمه ، وخارج الجمجمه .
مضاعفات بالجمجمه : التهاب او خراج بعظام الجمجمه او ناصور.
مضاعفات خارج الجمجمه : التهابات بالعين وضمور بالعصب البصري مما قد يؤدى الى العمى.
مضاعفات داخل الجمجمه : التهاب بالاغشيه المحيطه بالمخ وخراج بالمخ.
العلاج الطبي:
ا)علاج دوائي: مضاد حيوى (يستحسن ان يكون حسب مزرعه للحساسيه )، مضاد للهستامين، قابض للاوعيه الدمويه وغسول للانف.
ب) علاج جراحي: باستخدام الميكروسكوب او المنظار الجراحي، وغسول للانف قبل وبعد العمليه فهو يستخدم كعلاج من المرض وكذلك كوقايه لعودته مره اخرى، حيث يعمل على ازاله الافرازات اولا باول وكذلك يرطب الاهداب ويحميها من الجفاف الذى يعتبر من اهم اسباب الالتهابات.
وتكمن اهميه الغسول في نقطتين اساسيتين:
ا) التنظيف والازاله :
1- للغبار والجراثيم التي يتعرض لها الانف من الخارج، وهذا ما اثبتته دراسات علميه كثيره منها على سبيل المثال رساله الماجستير التي اجريت في طب الاسكندريه وخلصت الى ان نمو الجراثيم الممرضه في المزارع التي اخذت من انوف المتوضئين كان اقل كثيرا من مثيلاتها التي اخذت من غير المتوضئين.
2- للافرازات التي يتم افرازها من الغشاء المخاطي للانف،
3- وهناك طريقه اخرى للتنظيف لا تقل اهميه عما سبق، وهى ازاله مسببات الحساسيه (الانتيجينات) مثل حبوب اللقاح، بل ان هناك نظريه تفسر كثره الافرازات المائيه كعرض من اعراض الحساسيه على انها نوع من التنظيف الذاتي للانف حتى تتخلص من هذه المسببات فتقل بذلك فرصه تلامسها للغشاء المخاطى، ومن ثم تقل حده التفاعلات وبالتالى حده اعراض الحساسيه الاخرى كالحكه والعطس وانسداد الانف.
ب) ترطيب الاهداب:
والمحافظه على ليونتها وبذلك تعمل في بيئه مثاليه حيث ان الجفاف من اشد اعداء هذه الاهداب.
وحتى يؤدى الغسول دوره كما ينبغى يجب ان تتوفر له صفتان اساسيتان:
1- الاستمراريه : وذلك لان اللانف يتعرض بصفه مستمره للاتربه والميكروبات وكذلك الافرازات التي تفرز من الانف، فكما ان هذه الاشياء لا تتوقف، فيجب كذلك ان يكون الغسول باستمرار.
2-الغسول العميق: حتى يصل الى ثنايا التجويف الانفي العميقه وبذلك يتمكن الغسول من تنظيف هذه المناطق الداخليه .
واقصى ما طمحوا له في ذلك ان يستعمل المريض الغسول بصفه مستمره كفرشه الاسنان، اى مره او مرتين يوميا على الاكثر.
ونظرا لاهميه هذا الموضوع فقد انشاوا له عده مواقع على الشبكه العنكبوتيه العالميه (انترنت) تتحدث كلها عن اهميه الغسول وكيفيته.
وستجد بثبت المراجع عده مصادر اجنبيه كلها تتحدث عن اهميه الغسول في العلاج الدوائي او الجراحي، وتبعا لنوع الالتهاب فانهم يضيفون بعض الاضافات الى الغسول مثل كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) او كربونات الصوديوم او مضادات الفطريات وذلك تبعا لنوع الميكروب المسبب للمرض ولكن تبقى العله من استخدام الغسول ثابته باستمرار وهى التنظيف والترطيب وبالشرطين المذكورين وهما الاستمراريه وان يصل الغسول الى عمق الانف. ولكن لانهم لا يعرفون الهدى النبوي فقد تحيروا في ابتكار اجهزه عديده تقوم بعمليه الغسول وايصاله الى عمق تجويف الانف وكذلك للجيوب الانفيه ، وبالرغم من ان بعضها يقوم بهذه العمليه بكفاءه فان العيب الرئيسى يبقى وهو صعوبه استخدامها على المدى الطويل وتكرار ذلك حيث ان تكرار الغسيل واستمراريته هو الضمان الوحيد لعدم التهاب الجيوب من الاصل وكذلك لعدم تكرار الالتهاب بعد العلاج والعيب الثاني لهذه الاجهزه هو ارتفاع ثمنها.
ثانيا: العلاج النبوي
تكمن عبقريه الحل النبوي في كفاءته وفاعليته في العلاج وكذلك الوقايه ،ثم ايضا بسبب سهوله استخدامه وسهوله تكراره، واهم من ذلك انه ربما يكون بدون تكلفه على الاطلاق بل يثاب من يفعله بنيه.
والحديث الذى جاء بالحل رواه الخمسه ابن ماجه والنسائي واحمد والترمذي وابن داود وصححه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
عن عاصم بن لقيط بن صبره عن ابيه لقيط بن صبره قال: قلت يا رسول الله اخبرني عن الوضوء قال اسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع وبالغ في الاستنشاق الا ان تكون صائما.
(اسبغ الوضوء): بفتح الهمزه ، اي ابلغ مواضعه، واوف كل عضو حقه وتممه واكمله، كميه وكيفيه بالتثليث والدلك وتطويل الغره ولا تترك شيئا من فرائضه وسننه.
(وخلل بين الاصابع): التخليل: تفريق اصابع اليدين والرجلين في الوضوء، واصله من ادخال شيء في خلال شيء وهو وسطه.
قال الجوهري: والتخليل: اتخاذ الخل وتخليل اللحيه والاصابع في الوضوء، فاذا فعل ذلك قال: تخللت.
ويوضع الشاهد في الحديث قوله ؟ (وبالغ في الاستنشاق): بايصال الماء الى باطن الانف بل الى البلعوم حيث فهم ذلك من الجزء الاخير من الحديث (الا ان تكون صائما).
ثالثا: وجه الاعجاز في الحديث
هو اختيار الرسول ؟ المبالغه في الاستنشاق بالذات، فالبرغم من امره ؟ بالاسباغ في اعضاء الوضوء كلها الا انه اختص الانف بمزيد عنايه واهتمام، ولانه ؟ اوتى مجامع الكلم، فقد اختار كلمه واحده شملت كل الصفات اللازمه في الغسول، فالمبالغه تعنى الكثره الكميه والنوعيه . فالمبالغه الكميه تعني كثره عدد الغسلات،اى الاستمراريه التي اشرنا لها في صفات الغسول الفعال، بالاضافه الى ترغيبه ؟ في احاديث كثيره في ان يظل المسلم على طهاره باستمرار. و اما المبالغه النوعيه فتعنى المبالغه في ايصال الماء الى داخل عمق تجويف الانف حتى تصل الى البلعوم في غير نهار الصيام.
ثم ان هذه الكلمه بالذات «المبالغه » تسترعى الانتباه، فما بال رسول الوسطيه والاعتدال يدعو الى المبالغه ؟، فامر الدين كله مبنى على التوسط والقصد، في الاكل (كلوا واشربوا ولا تسرفوا)، وفى الانفاق (ولا تجعل يدك مغلوله الى عنقك ولا تبسطها كل البسط)، بل حتى وفى العبادات (الا اني اصوم وافطر واقوم وانام واتزوج النساء، فمن رغب عن سنتى فليس منى)، فما الذي دعا المعصوم والذى لا ينطق عن الهوى صلوات ربى وتسليماته عليه ان يعدل عن هذا المنهج الثابت المطرد الى المبالغه ؟، فلابد ان ذلك لسبب مهم وحكمه بالغه .
فقد راينا ان الشق العلمي في الموضوع، وهو اهميه غسول الانف في علاج التهابات الجيوب الانفيه والوقايه منها، حقيقه علميه مؤكده بالمراجع العلميه ، فكثره غسول الانف لابد ان يؤدى الى تنظيفها وازاله الافرازات والجراثيم منها ومن ثم حمايتها من الالتهابات.
اما الشق الشرعي، فهو دلاله الالفاظ الواضحه في هذا الحديث العظيم فليس ادق ولا ابلغ من كلمه المصطفى ؟ (وبالغ في الاستنشاق) لتحقيق ما يصبوا اليه العلماء في الوقايه والعلاج من الالتهابات المزمنه للجيوب الانفيه .
