قصه خياليه لعلاء الدين
قصه مصباح علاء الدين
كان مصطفى خياطا ماهرا وكان يعيش في احدى مدن الشرق البعيده . كان يفتح دكانه باكرا، وينصرف الى عمله بجد ونشاط لكي يربح بعض النقود القليله ليعيل بها زوجته وابنه الصغير علاء الدين، وقد عاش فقيرا.
مات مصطفى الخياط وترك ابنه في رعايه والدته، فاعتنت بتربيته وتعليمه. ولكنه كان كسولا، وكان يغافلها ويهرب من البيت ليلعب مع الاولاد في الازقه .
وفي يوم من الايام، زار المدينه رجل حسن الهيئه ، له لحيه طويله تدل على انه رجل غريب. وتجول في الازقه حتى وصل الى منزل مصطفى الخياط وشاهد بقربه اطفالا يلعبون. تاملهم، ثم تقدم نحو علاء الدين وساله: ما اسمك يا ولدي ؟
فاجابه : اسمي علاء الدين.
– وما اسم والدك يا ولدي؟
– اسمه مصطفى الخياط ، وقد توفي منذ زمن قريب.
فاقبل الرجل الغريب على علاء الدين وضمه الى صدره وقبله بحراره وقال: رحم الله والدك يا بني، فقد كان صديقي الحميم .
ثم اخذه الى السوق واشترى له ثيابا جديده وعادا معا الى المنزل.
خافت ام علاء الدين لما رات ابنها بين يدي الرجل الغريب ، ولكنه طمانها واخبرها انه صديق زوجها مصطفى الخياط ، وانه كان قد سافر الى بلاد بعيده منذ زمن بعيد ، وقدم الان ليقدم لها العزاء بوفاه زوجها. ورجاها ان تسمح له بان ياخذ علاء الدين ليعيش في رعايته فتره من الزمن يغمره فيها بحنان الاب وينسيه مراره اليتم ، وقال لها: ان كل ما اقوم به نحو هذا الطفل ما هو الا جزء يسير مما يفرضه علي واجب الوفاء نحو صديقي العزيز الراحل.
ترددت والده علاء الدين اول الامر، ولكن الرجل الح عليها، فاضطرت ان تشكره وسمحت لعلاء الدين بمرافقته ، ورجته الا يطول غياب ابنها عنها .
قبل الرجل علاء الدين بحنان واخذه وسارا معا في الطريق الطويل .
لم يكن الرجل الغريب صديقا لوالد علاء الدين، ولم يكن يعرفه ، بل كان ساحرا ينظر في كتب السحر والتنجيم . قرا مره انه يوجد في احدى مدن الهند البعيده كنز عظيم في داخله مصباح عجيب ، من استطاع الحصول عليه فتحت امامه كنوز الارض. كما قرا ان هذا الكنز لا يستطيع الوصول اليه الا ولد اسمه علاء الدين، والده خياط ، وهو يسكن في احدى مدن الشرق البعيده .
اهتم الساحر للامر، واعد عدته للسفر نحو الشرق للبحث عن علاء الدين. ووصل بعد مشقه وعناء الى بلد مصطفى الخياط، وفي احد الازقه لفته علاء الدين من بين صبيه يلعبون، اذ وجد في وجهه العلامه التي قراها في كتب السحر.
ولما ساله الساحر عن اسمه واسم ابيه، تاكد انه هو الطفل المطلوب، فاحتال على والدته واوهمها بانه صديق زوجها، واخذه ليحقق بغيته.
سار علاء الدين برفقه الساحر الشرير اياما طويله حتى تورمت رجلاه ، وكاد يموت جوعا وعطشا ، وتوسل الى الساحر ان يتلطف به ويدعه يرتاح اثناء الطريق. لكن الساحر المتلهف الى الحصول على المصباح كان قاسي القلب ولم يرحم الطفل المسكين.
وصل الساحر الى بلده البعيد، فاخذ علاء الدين الى بيته وبدا يعلمه بعض الفنون السحريه التي تساعده في الحصول على المصباح العجيب.
ولما اصبح علاء الدين شابا قويا، اخذه الساحر في احد الايام الى غابه كثيفه خارج البلده ، وامره ان يجمع له الحطب ويوقد فيه النار.
فعل علاء الدين ما امره به الساحر. ولما ارتفعت السنه النار، وقف الساحر يتمتم امامها بكلمات غامضه غريبه . فاظلمت السماء وحدث دوي عظيم يكاد يصم الاذان ، وانشقت الارض عن قبو كبير في نهايته دهليز مظلم طويل .
خاف الساحر واقترب من علاء الدين واعطاه خاتما سحريا وقال له: انزل الى هذا القبو وسر في الدهليز حتى تصل الى نهايته، وهناك تجد على احد الرفوف مصباحا قديما، فجئني به.
اخذ علاء الدين يرتجف من الخوف، وبدت عليه علائم التردد، ولكن الساحر نهره وهدده بالعقاب الشديد وقال له: ان الخاتم سوف يحميك من الارواح الشريره التي قد تصادفها في الدهليز .
نزل علاء الدين الى القبو وسار في الدهليز الطويل وبحث عن المصباح حتى وجده وعاد به مسرعا ، ومد يده للساحر ليساعده على الصعود الى سطح الارض ..
وفض الساحر ان يمد يده لاخراج علاء الدين وقال له: اعطني المصباح اولا حتى اساعدك في الخروج .
خاف علاء الدين من تصرف الساحر ، ورجاه ان يساعده في الخروج من القبو اولا ، واصر الساحر ان ياخذ المصباح اولا .
لما تاكد الساحر ان علاء الدين لن يسلمه المصباح الا اذا اخرجه من القبو تمتم بكلماته السحريه ، واذا بعلاء الدين يسقط في قعر القبو ثم يقفل عليه الباب وتعود الارض كما كانت.
بات علاء الدين في ظلام رهيب وهو لا يدري ماذا يفعل. وكان يسمع وقع اقدام الساحر وهو يبتعد شيئا فشيئا، فيزداد خوفه ويتاكد انه لن يخرج من هذا القبو ، فحزن كثيرا واخذ يفكر في مصيره.
تناول علاء الدين المصباح واخذ يعالجه لعله يجد سبيلا الى اضاءته، فاذا بالارض تهتز من تحته ثم تنشق ويظهر عفريت من الجن هائل الخلقه يصيح بصوت كالرعد: انا خادم حامل هذا المصباح، مرني فاطيع. قصه مصباح علاء الدين 190083hayah.jpg
استعاد علاء الدين شجاعته، وطلب الى العفريت ان يخرجه حالا من هذا المكان ويعيده الى امه التي طال غيابه عنها.
وبسرعه كالبصر، وجد علاء الدين نفسه بين ذراعي امه التي يئست من عودته سالما بعد غيابه الطويل، وقد ازعجها انه لم يكن لديها طعام تقدمه له.
امسك علاء الدين بالمصباح وضغط عليه فظهر له العفريت فامره ان يحضر له اثني عشر طبقا ذهبيا مملوءه بشتى انواع الطعام. وبعد لحظه ، كان امام علاء الدين وامه مائده حوت ما لذ وطاب من الطعام. وفي اليوم التالي باع علاء الدين الاطباق الذهبيه وعاش مع امه مرتاح البال.
وذات يوم كان علاء الدين يتنزه امام قصر السلطان ، فلمح ابنته امام نافذتها، وكانت باهره الجمال، فتمنى ان يتزوجها.
ولما عاد الى بيته، قص على امه ما راه، واخبرها عن رغبته في الزواج من الاميره الجميله . فقالت له امه في حنان: ان من يطلب يد الاميره ينبغي ان يتقرب من السلطان بهدايا ثمينه لم يسبق ان تقدم له بها احد من قبل .
اسرع علاء الدين الى المصباح وضغط عليه، فظهر امامه عفريت الجن فامره ان يحضر له من الاحجار الكريمه والجواهر الثمينه ما لم يقدم للسلطان من قبل. وفي لمح البصر كان كل ما طلبه علاء الدين حاضرا بين يديه.
اخذت والده علاء الدين هذه الهدايا الثمينه وذهبت الى قصر السلطان وطلبت مقابلته . ولما سمح لها بذلك قدمت هدايا ابنها علاء الدين بين يديه، وقالت له: هذه يا مولاي هدايا ابني علاء الدين. وهو يقدم لكم الولاء والطاعه ، ويطلب التقرب من جلالتكم بطلب يد الاميره للزواج.
فوافق السلطان على الفور.
كان للسلطان وزير ماهر، سبق له ان راى الاميره في حديقه القصر، فاعجب بها واحب الزواج منها. وبات ينتظر الفرصه السانحه لينال موافقه السلطان على ذلك.
ولما علم ان السلطان سيزوج ابنته من علاء الدين ، دبت الغيره في قلبه، وقال للسلطان بخبث: ان هدايا علاء الدين اقل بكثير من مكانه الاميره ، فيجب ان نطلب منه يا مولاي اكثر من ذلك واغلى ، صيانه لمقام الاميره .
احضر السلطان ام علاء الدين واخبرها ان هديه علاء الدين لا تليق بمقام الاميره ، وطلب اليها ان تقدم هديه مقدارها اربعون خابيه مملوءه بالذهب والاحجار الكريمه يحملها اربعون عبدا لابسون اجمل الثياب واغلاها، يدخلون القصر في موكب فخم، يتقدمهم علاء الدين .
دهشت ام علاء الدين لضخامه ما طلبه السلطان هديه لبنته ، بينما كان قلب الوزير يكاد يطير فرحا لاعتقاده ان علاء الدين سيعجز عن تقديم هذه الهديه ، وبذلك تظل الاميره من نصيبه .
اخبرت ام علاء الدين ابنها بطلب السلطان وهي مضطربه ، ولكن علاء الدين طمانها… وبمثل لمح البصر كان كل ما طلبه السلطان جاهزا، بفضل عفريت الجن خادم المصباح العجيب .
سار الموكب الى قصر السلطان يتقدمه علاء الدين على جواده الاصيل وسط اعجاب اهل المدينه .
ولما مثل علاء الدين بين يدي السلطان قدم له الهدايا، فوافق فورا على زواجه من الاميره ، واقيمت الزينات في كل البلاد احتفالا بهذا الحدث السعيد .
امر علاء الدين خادم المصباح ان يبني له امام قصر السلطان قصرا يضاهيه فخامه وجمالا ، وان يحضر له اجمل الملابس، وان يقوم على حراسه القصر حراس اقوياء. فتم له ما اراد.
وعاش علاء الدين مع زوجته الاميره في سعاده وهناء.
لما عاد الساحر الى بيته بعد ان اغلق باب القبو على علاء الدين، اعتقد انه سيموت جوعا وعطشا.
لكنه بينما كان ينظر ذات يوم في كتب السح، علم ان علاء الدين قد نجا من الموت وانه صار اميرا محترما بعد ان تزوج بنت السلطان، فكاد الحقد يقضي عليه.
لكن عقل الساحر هداه الى حيله ناجحه تحقق له الاستيلاء على المصباح السحري العجيب.
قصد الساحر مدينه السلطان وتظاهر انه مسكين يشتري الامتعه والاواني القديمه من المنازل. ولما وصل قصر علاء الدين، صار يدور حوله وينادي باعلى صوته: من عنده امتعه قديمه للبيع؟ من عنده ثياب باليه للبيع؟ سمعته الاميره ، فنادت خادمتها وقالت لها: ان عندنا مصباحا قديما متروكا في احدى زوايا المطبخ، لماذا لا نبيعه ونتخلص من منظره الكريه؟ اذهبي بالمصباح القديم واعطيه للمنادي .
ولم تكن الاميره تعلم ان هذا المصباح العجيب هو سر سعادتها وسعاده زوجها.
ما كاد الساحر يستولي على المصباح حتى طلب خادمه الجني وامره ان يزيل قصر علاء الدين من مكانه وينقله الى اقاصي الارض وان يعود علاء الدين الى حالته الاولى فقيرا بائسا. وقد تم للساحر الشرير ما اراد. .
عاد علاء الدين في المساء الى قصره فلم يجد له اثرا، فعلم ان الساحر الشرير استولى على المصباح السحري وفعل به ما فعل، فحزن على فراق زوجته الاميره ، وضاقت به الدنيا وحار فيما يفعل!
وكان علاء الدين يوما جالسا مع والدته في بيته الحقير حزينا كئيبا، وتذكر الخاتم السحري الذي اعطاه اياه الساحر الشرير عندما طلب اليه النزول الى القبو. فرك علاء الدين الخاتم في اصبعه، فظهر له الجني خادم الخاتم، فطلب اليه ان يحضر له المصباح السحري في الحال. في مثل لمح البصر كان المصباح السحري بين يدي علاء الدين، فضغط عليه، فحضر الجني، فامره ان يحضر له الساحر الشرير ذليلا بين يديه.
نفذ الجني طلب علاء الدين فورا، وحضر الساحر مطاطئ الراس ذليلا، فقال له علاء الدين:
– لن اقابل غدرك واساءتك لي بمثلها ، وانما ساعيدك الى بلادك البعيده ليتخلص اهل بلدي من شرك .
وفي الحال طار الجني بالساحر الى بلاده البعيده .
ثم طلب علاء الدين من الجني خادم المصباح ان يعيد له قصره وزوجته الاميره .
وفي الحال عاد القصر الى مكانه فخما رائعا كما كان، وعاد علاء الدين ليعيش فيه مع زوجته الاميره في سعاده .
وحفظ علاء الدين المصباح في مكان امين لا يستطيع احد ان يهتدي اليه .