عندما يمتزج الغضب والخوف وحب التملك تحدث الغيره ، وعندما يشعر الطفل باغتصاب فرد اخر لما يعتبره حقا لنفسه يصبح طفلا غيورا، فالغيره عند الاطفال ليست – كما يعتقد البعض – مرضا، بل هي الم داخلي ومعاناه نتيجه منافسه حقيقيه بغيه الفوز والسيطره .
ويرتبط الشعور بالغيره بنمو المشاعر والعلاقات ، فالطفل يبني علاقته الحقيقيه الاولى مع الام، وهذا الاحساس “بتملك” الام هو الذي يظهر شعور الغيره لديه.
• الاسباب:
يرجع الخبراء اسباب الغيره الى ما يلي:
عوامل اجتماعيه و ثقافيه :
لا تزال عوامل تفضيل الذكر على الانثى في المجتمع واضحه ولذلك نسبه الغيره في البنات اكثر منها في البنين. وعند الاذكياء اكثر منها عند قليلي الذكاء. وبين الاطفال الذين لا يوجد فارق في السن بينهم.
عوامل فسيولوجيه :
ان اغلب الاطفال لديهم شعور بالغيره من الاخ الذي يولد جديدا ، و ذلك لاعتقادهم انه سلبهم مركزهم المميز، ونقلهم من محور الاهتمام الى المركز الثاني او الى زاويه الاهمال والنسيان باعتباره الاكبر.
عوامل نفسيه :
الخوف من فقدان محبه والديهم او احدهما سبب رئيس في الغيره بين الاخوه ، ومن المنطقي ان يحاول الطفل الغيور- بصوره لا شعوريه غالبا- ازاله منافسه بالاعتداء عليه، او بالاستهزاء منه، بمحاوله تحقيره، بالمنافسات،او بالمشاجرات، او بالاحقاد احيانا، واحيانا اخرى بتفريغ غيرته بصوره رمزيه بالانقضاض على لعبه ، او اي شيء يخص منافسه، فيضربها بقسوه ، او يدوسها ويحطمها او يرسم منافسه “اخاه” بصوره غير جميله . وقد يكبت الطفل الميول العدوانيه نتيجه تاثير والديه، و يسبب هذا الكبت تاثيرا نفسيا حسب شدته ومدى استمراره.
الانانيه :
من اهم العوامل التي تجعل الطفل راغبا في حيازه اكبر قدر من عنايه والديه وخاصه عندما يلاحظ الطفل اهتمام الوالدين او احدهما باحد الاخوه لوجود تشابه بينهم وهذا الاخ، وقد ظهر هذا في معاملتهم له ويمس هذا التغيير صميم توزيع الحنان في الاسره وعنايتها بالاخوه الاخرين.
الشعور بالنقص و المرور بمواقف محبطه :
اقسى انواع الغيره ينشا من شعور بالنقص مع عدم امكانيه التغلب عليه كنقص الجمال او القدره الجسميه او الثياب و الممتلكات من الالعاب.
• مظاهر الغيره :
العدوانيه :
من مظاهر الغيره عند الاطفال الضرب او السب او التخريب او الثوره او النقد لما يحدث في احيان كثيره .
الانطوائيه :
من مظاهرها الميل الى الصمت او التجهم او الانزواء او الاضراب عن الاكل.
مظاهر فسيولوجيه وجسميه :
منها فقدان الشهيه واصفرار الوجه و نقص الوزن والصداع و شكوى الشعور بالتعب وقد يتطور الى شعور بالقيء والاضطرابات المعويه .
اساليب التغلب على المشكله :
ان رسولنا- صلى الله عليه وسلم- حبيبنا وقدوتنا ارشدنا الى طرق علاج الغيره بين الاخوه عندما دعا الى المساواه بين الابناء حتى في القبله ، وخاصه ان هناك فروقا في القدرات والطباع بين الابناء في الاسره الواحده ، وهذا قد يقود الام الى التفرقه بينهم دون ان تعلم خطوره امتداح احد الابناء لنبوغه او توجيه اللوم الى الاخر بسبب فشله في الدراسه ، فتقع الغيره بين الابناء وقد تصبح هذه الغيره مدمره .
وقد تسهم الام في احداث الغيره داخل الاسره من خلال طبيعتها اذا كانت تتسم بالغيره فيتشرب الابناء هذا الطبع، وعموما فان الامر يتطلب اخذ الاعتبارات التاليه باهتمام:
– تهيئه الام لطفلها الاكبر لاستقبال المولود الجديد باخباره قبل شهر او شهرين بقدوم اخ جديد جميل مثله، و يمكن للام ان تطلب من طفلها ان يساعدها ان امكنه ذلك في رعايه هذا المولود الجديد في اعداد طعامه او احضار حاجياته للام او مداعبته واللعب معه بشرط الا يكون ذلك فيه اذى لاي من الطفلين.
– عند قرب موعد الولاده يفضل ان تخفي الام بعض الهدايا في البيت وبعد الولاده تخبر طفلها الاكبر عن مكان وجود الهدايا فيشعر ان والدته لم تتخل عنه بل تفكر فيه.
– لا يجب ابعاد الطفل الكبير عن البيت مع قدوم المولود الجديد لان ذلك يجسد مخاوفه في امكانيه التخلي عنه مع عدم الانهماك مع المولود الجديد واظهار انهما ما يزالان يهتمان بطفلهما الاكبر و يحبانه مع مراعاه عدم مدح المولود الجديد كثيرا امام الطفل الاكبر.
– توبيخ الطفل الاكبر اذا اظهر غيرته من اخيه الاصغر غالبا ما يثير مخاوف الطفل وغيرته، ومن الافضل ترك الطفل يعبر عن شعوره الحقيقي فهذا التصرف يريحه وينفس عنه الحقد والغيره دون ان يلحق الاذى بالطفل الصغير ومن الافضل شراء دميه للطفل الاكبر حتى يصب عليها الغضب و يفرغ انفعالاته بدلا من كبتها لتتفاعل داخله.
– عند محاوله الطفل الاكبر تقليد الاصغر بشرب الحليب، او ان تتولى الام اطعامه بنفسها فلا مانع من تلبيه رغباته وعدم صده لان ذلك سيساعده على التخلص من النكوص ومن تقليد اخاه الاصغر.
– احيانا يطلب الطفل الاكبر من احد والديه ان يكون حكما بينه و اخيه الاصغر (من اقوى – من احسن- من اجمل ) فعلى الوالدين ان يرضيا غروره وانانيته والا يطلقا لنفسيهما العنان في اظهار تفضيلهما لاحد الطفلين ومن المستحسن ان نجعل الطفل يشتهي ان يكبر بدون اكراه ولا مبالغه .
– قد يبالغ الوالدان في خوفهما من غيره ابنهما فيمنحانه امتيازات تجعله اكثر غلظه وغيره فيجب الاعتدال في المعامله .
– لا مكان للعقاب الجسدي في علاج الغيره لان استخدام العنف يولد شعورا بالاحباط والانتقام.
– من المستحسن ان نوجه الارشادات و التنبيهات لكل طفل على حده لا امام اخوته.
– فيما يتعلق بتدخل الوالدين في المشاجرات بين الابناء ؛ فالامر يتعلق بطبيعه هذه المشاجرات وعنفها فاذا تحولت الى اقتتال فعلى الوالدين ان يوقفا هذا فورا، وعندما يعود الهدوء الى المنزل تبدا الارشادات والتحقيق في الموضوع، اما اذا كانت المشاجره لا تتسم بالعنف الشديد فمن المستحسن عدم التدخل و تركهم يحلون مشاكلهم بانفسهم. ومن الطرق الناجحه لتخفيف المشاجرات استضافه اصدقاء الابناء لقضاء بعض الوقت، والخروج الى المتنزهات وتغيير الجو.
– الحذر من الاخ المحتال الذي يحاول الايقاع باخيه و يجره الى المشاكل ليجبر الاهل على التدخل ومعاقبته بحجه انه المعتدي. وعلينا ان نواجه ذلك بالايضاح الهادئ للطفل، بلغه بسيطه مفهومه ، بحنان وتفاهم، اما من قام بسلوك غير لائق ينبغي تجنبه، ولابد ان يفهم الطفل ان له مكانه واهميه لا تتغير ابدا مهما حدث.
– اذا حدث و ظهرت علامات الغيره على الطفل فينبغي الا نجعلها مصدرا للفكاهه ، وينبغي على الوالدين ان يقنعا الطفل بان الصغير مازال بحاجه الى العطف والاهتمام والرعايه لبعض الوقت.
– لا يصح ان ينبهر الوالدان بما يقوم به بعض ابنائهم من مبالغه في الطاعه واظهار الحب لان بعض الابناء لايجيدون التعبير وقد يعتادون النفاق بعد ذلك لكسب رضاء الاخرين، وعلى الوالدين تعليمهم التوسط والاعتدال في المشاعر.