وسائل الاعلام والمجتمع” في قسم الاعلام بجامعه قطر، كنت دائما اطرح السؤال التالي: ما هو البرنامج الاذاعي او التلفزيوني القطري المفضل لديكم؟ ولماذا؟ فكان الاختيار الاول للطلبه برنامج “وطني الحبيب” “لانه برنامج الشعب، برنامج الجماهير، برنامج الصراحه والشفافيه ، برنامج طرح المشاكل والقضايا والبحث عن حلول لها.
برنامج يجد الجمهور نفسه فيه لانه يخاطبه ويعطيه فرصه للكلام والتعبير عن رايه بكل حريه وديمقراطيه وبدون رقيب”، هذا كلام الطلبه .. البرنامج الاذاعي الشهير والمتميز “وطني الحبيب صباح الخير” هو مثال وقدوه للاعلام المسؤول والفاعل والمؤثر والمتفاعل مع المجتمع. هذا البرنامج في اذاعه قطر هو الاعلام الحقيقي الذي يطرح قضايا وهموم وانشغالات ومشاكل واستفسارات المواطن والوافد على حد سواء. برنامج يجمع المسؤول والشعب عبر الاثير للرد على الاستفسارات والاسئله وانشغالات واهتمامات الجمهور. برنامج اذاعي متميز هدفه هو طرح القضايا المجتمعيه الهامه كالازدحام المروري، ارتفاع الاسعار، مشاكل الخدم، التركيبه السكانيه ، الرسوم الدراسيه وغيرها كثير من القضايا والمشاكل اليوميه التي يعاني منها المجتمع. مثل هذه البرامج ترفع مستوى الوعي والمسؤوليه في المجتمع، وتنمي الحس الوطني عند الفرد في المجتمع. فهي منبر للحوار والنقاش والراي والراي الاخر، وهي كذلك برامج تقوي وتغذي المجتمع المدني بوسيله وقناه تجمع المواطن بالمسؤول لتنميه روح المسئوليه والمواطنه والولاء والدفاع عن الحق والصالح العام. مثل هذه البرامج تساعد صاحب القرار على التعرف على نبض الشارع وعلى حقيقه الواقع بدون تضليل ولا تزييف.فالاعلام في اي مجتمع هو مفتاح الديمقراطيه والحكم الراشد فهو اساس الرقابه الذاتيه والنقد الذاتي والصراحه والشفافيه .
فالاعلام الهادف والمسؤول والفاعل في المجتمع هو الاعلام الملتزم الذي يساير التغيرات والتطورات التي يشهدها المجتمع في مختلف المجالات وعلى كافه الاصعده . تثار في الاوساط العلميه والاكاديميه من حين لاخر حوارات ساخنه حول المنظومه الاعلاميه ودورها في المجتمع وما تستطيع ان تفعله من بناء وتوعيه ومساهمه في التغيير والتشييد والتنميه الشامله وكشف الحقائق والتجاوزات والامراض الاجتماعيه والاخطاء المختلفه التي تشل العمل الهادف والناجح. فالاعلام سلاح ذو حدين؛ فقد تكون المنظومه الاعلاميه عاله على المجتمع وهذا من خلال نشر ثقافه التلميع والتبسيط والتهميش والتركيز على القشور واهمال الجوهر. هذا النوع من الصحافه هو النوع السلبي الذي لا يغير الامور ولا يساهم في صناعه الاحداث وعاده ما تنكشف اموره عندما تتازم الاوضاع وتسوء الاحوال.
اعلام التلميع والتملق يكون همه الوحيد هو ارضاء المسؤول بكل الطرق والوسائل، همه الوحيد هو تكريس النظام والمحافظه على الوضع الراهن. فهمه الوحيد هو التبجيل والمدح والتسبيح. فالرساله والاجنده في هذه الحاله تكون شيء والواقع شيء اخر. وبدلا من ان تكون المنظومه الاعلاميه سلطه رابعه تراقب السلطات الاخرى وتكشف عن هموم ومشاكل الشارع وتطرح القضايا المصيريه للامه للنقاش والحوار نجدها تعمل على تلميع السلطه . الضمير هنا غائب تماما حيث يقوم الصحافي بعمليه تزييف وتضليل وتشويه منتظمه ، مستمره وبطريقه عفويه وتنحصر المهمه والرساله في هذه الحاله في التبجيل والتسبيح الامر الذي لا يضيف شيئا للمجتمع بل يسهم في نشر ثقافه التزييف والتضليل والنفاق الاجتماعي. وهكذا يصبح الصحافي ومؤسسته الاعلاميه بعيدين كل البعد عن خدمه المجتمع وكشف الحقيقه والمشاركه في صناعه القرار والاحداث وتغيير الواقع.. صحافه التلميع تفرز رايا عاما مزيفا مضللا. وقد يفاجئ هذا الراي العام نفسه في ظل هذه الصحافه من حين لاخر بالازمات وبالواقع المرير الذي يعيشه حيث التباين الكبير بين ما ينشر في الصحف وما تبثه وسائل الاعلام والواقع. وهنا يبدا التفكك وانهيار المصداقيه بين الراي العام والوسيله الاعلاميه حيث انه اجلا ام عاجلا يكتشف الراي العام ان ما يصله من رسائل اعلاميه بعيد كل البعد عن الواقع.