لقد نتج من جهل المسلمين بامور دينهم وتقصيرهم في فهم احكامه السمحه وعدم تطبيقهم ما جاء في القران الكريم والسنه الشريفه وبالاضافه الى دسائسس اعداء الاسلام والحاقدين عليه ان ما تزال بعض البيوت العربيه والاسر الاسلاميه التي ترزح تحت اعباء النظره القاصره عن مفهوم حقيقه واقع المراه باعتبارها مخلوقا ضعيفا تظل خاضعه لعادات وتقاليد الاسره والمجتمع والقبائل ، لا لقيم الاسلام واحكام التشريع الحقيقي الصحيح . لا زالت تلك النظره المتعصبه المتوارثه من العهود السحيقه في جاهليتها الحديثه التي تضرب بجذورها الى الجاهليه الاولى ، تحجب حقائق الدين الحنيف في معالمه الانثى ، وتعاملها معامله مناقضه لما جاء به التشريع الاسلامي الحكيم ، فكراهيتها منذ مولها ، واهمال تربيتها وحرمانها من حقوقها المشروعه كل ذلك ولد في نفسها الشعور بالنقص والاهانه ، وهو الجانب الذي استغله اعداؤها فنادوا بما اسموه ( تحريرها ) ورفع الظلم عنها ، ومساواتها بالرجل في كل شيء !!
واتهام الدين الاسلامي صراحه بالرجعيه والجمود ، وبعد ذلك دفعوها الى السفور والتبرج والاختلاط بالرجل في كل المجالات ، وما ذلك الا لتنفيذ خططهم الماكره الخبيثه لتحطيم الاسلام واذلال المسلمين !
فخرجت المراه المعاصره مغتره بما زينوه لها وزخرفوه من القول غرورا ضاربه بنصوص الشرع واحكام الدين عرض الحائط ، فاصبحت تعمل وتستقل بمعايشها وشخصيتها ( اجتماعيا واقتصاديا ) بعد ان ظنت انها بذلك قد اسقطت حق قوامه الرجل عليها !!
( ولكن خروجها وعملها واختلاطها بالرجال وطلبها بالمساواه اكان حلا عادلا للمشكله اوزادها تفاقما وخطرا ؟ ) !
الواقع انه قد نشات مشكلات خطيره في محيط الاسره بل في المجتمع باسره نتيجه تمرد المراه المعاصره على ما شرعه الله لها من حدود لا يحل لها ان تتخطاها باي حال من الاحوال .
ذلك لان الاسر هي خلايا المجتمع وانهدام الاره معناه فساد الامه وانتشار الرذيله والفواحش والانحلال الخلقي.
ويؤدي هذا الى العنوسه المزمنه في النساء شيوع العزوبيه في الرجال نتيجه عزوفهم وكراهيتهم للزواج المشروع الذي رغب فيه الاسلام .
فبعد ان كان الزواج هو الطريق المشروع المحمود لانشاء اسر اسلاميه سعيده اصبح العزوف عنه مشكله اجتماعيه خطيره تطل براسها القبيح على معظم البلاد الاسلاميه في عصرنا لذا رايت ان القي الضوء على اسباب هذه المشكله وعلاجها في ضوء الاسلام ويبدو ان الاسباب كثيره ومتنوعه ولكن من اهمها :
1- عضل الاولياء وتعصبهم .
2- غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهضه .
3- انتشار المغريات وسهوله ارتكاب الفواحش .
4- سهوله الزواج بالاجنبيات .
اولا : عضل الاولياء :
ورد في لسان العرب لابن منظور ” عضل المراه عن الزوج ، حبسها ، وعضل الرجل ايمه ، يعضلها ، ويعضلها عضلا ، وعضلها : منعها الزوج ظلما ” .
قال تعالى (( فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن )) .. الايه .
ويقول في ايه اخرى : (( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما اتيتموهن )) .. الايه .
فالعضل من العادات الجاهليه التي بقيت في بعض المجتمعات الاسلاميه والتي تسببت في حرمان كثير من البنات بالتمتع بالحياه الزوجيه السعيده التي هي منتهى امل كل فتاه في الحياه .
والعضل بجميع انواعه لا يقع في الغالب الا من قبل الاولياء الجاهلين المتعنتين الذين يتسببون بسوء تصرفهم هذا في تعطيل زواج الاناث وانصراف الذكور عنهن ، واعراضهم عن التفكير في الزواج واقامه حياه اسريه هانئه ومن الصور الشائعه لهذا العضل : ان يمتنع الولي من تزويج ابنته او من تحت ولايته بالرجل الكفء تحكما وتعصبا متعلللا باوهى الاسباب ودون اي مبرر تحقيقا لمصحله شخصيه او منفعه ماديه او بحجه المحافظه :
ا- على النسب .. وذلك بالتفاخر بالاحساب والطعن في الانساب .
(( فلا تتزوج القبليه من الحضري ، ولا الشريفه من غير الاشراف وكذلك بحجه المحافظه على العرف فلا تتزوج العربيه من العجمي .. او بحجه المحافظه على المال والثروه فلا تتزوج الغنيه الا من غني وهذا التعصب مازال موجودا بين بعض الاسر الى الان )) .
ب- وكثيرا ما يمنع الولي ابنته المطلقه طلاقا رجعيا من الرجوع الى زوجها بحجه جرح الكرامه او الاهانه ، اما المطلقه طلاقا بائنا او الارمله المتوفي عنها زوجها فانها تحرم من الزواج بتاتا بسبب ظلم الولي وتقاليد المجتمع الجاهلي البعيد عن الاسلام واحكامه حيث ينظر افراد هذا المجتمع الى المطلقه او الارمله نظره شؤم وكانها ليست انسانا تستحق الحياه الكريمه ، وينبغي ان تعطي فرصه اخرى للبحث عن حلم السعاده الزوجيه مره اخرى في ضوء ما اباحه الله تبارك وتعالى من ابتغاء الزواج بالكفء التقي الصالح.
ج- ومن انواع العضل الاخرى : ان يمنع الولي موليته من الزواج ليستفيد مما تكسبه بعملها خارج البيت ، او يمنعها من الزواج في انتظار من يقدم لها المهمر اضعاف ، او قد يزوجها من ليس بكفء لها طمعا في ماله او جاهه حتى ولو كان شيخا هرما او فاسقا عاصيا وفي كثير من الاحيان يتدخل الولي في حياه ابنته حتى يعد زواجها ، يسبب لها مشاكل ويفسدها على زوجها لتغضب من زوجها وتعود معه الى بيته .. وكم من ماسي حصلت نتيجه هذا الظلم المتمثل في التدخل في حياه الزوجين ، طمعا في ( الرضوه ) وهي ما يقدمه الزوج لارضاء زوجته او لاهلها كي يسمحوا بارجاعها الى بيتها ) !
ولاشك انها من قبيل الرشوه المحرمه التي يعتبر اخذها حراما مادام الزوج مجبرا على دفعها ، وهي من قبيل اكل اموال الناس بالباطل .
د- وامر اخر فيه تعصب الاهل وحجر على زواج البنت تمسكا ببعض التقاليد السائده في المناطق ( وخاصه الريفيه ) وهي حجر البنت لابن العم او الخال بحجه انه الاولى بها من الغريب حتى ولو لو يكن كفؤا وهذا الامر فيه ظلم عظيم للمراه .
ويقول سماحه الشيخ عبد العزيز بن باز ” رحمه الله تعالى ” [ ومن المسائل المنكره في هذا ما يتعاطاه الكثير من الباديه وبعض الحاضره من حجر ابنه العم ومنعها من التزوج بغيره ، وهذا منكر عظيم وسنه جاهليه وظلم للنساء وقد وقع بسببه فتن كثيره وشرور عظيمه من شحناء وقطيعه رحم وسفك دماء وغير ذلك].
ثانيا : غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج :
التغالي في المهور ظاهره عصريه خطيره ينسبها بعض الناس الى التضخم المالي الذي ساد بعض البلاد العربيه والاسلاميه .
فنرى كثير من اولياء الامور يرفضون تزويج البنات او من تحت ولايتهم الا اذا دفع الزوج اكبر قدر من المال والمتاع ، طمعا في عرض الحياه الدنيا او التفاخر والظهور امام الاخرين بمظاهر كلها اسراف وتبذير وكان المراه سلعه تباع وتشترى بالاضافه الى امر اخر هو شر من التغالي في المهور الا وهو التنافس في الجهاز والاثاث واقامه افراح الزواج مما يثقل كاهل الزوج فينصرف عن التفكير في الزواج وتظل الفتاه تنتظر وتترقب حتى يوافق وليها لمن يدفع اكثر قدر ممكن من المهر والاثاث .
تلك هي الاعتبارات التجاريه السائده عند طائفه من الناس الجاهلين باحكام الاسلام ولا زال يرزح تحت ثقلها كثير من شبابنا وفتياتنا على حد سواء .
يقول الشيخ السيد سابق موضحا ” كثير من الناس جهل تعاليم الاسلام وحاد عنها . وتعلق بعادات الجاهليه من التغالي في المهور ورفض التزويج الا اذا دفع الزوج قدرا كبيرا من المال يرهقه ويضايقه كان المراه سلعه يساول عليها ، ويتجر بها !
وقد ادى ذلك الى كثره الشكوى وعانى الناس من ازومه الزواج التي اضرت بالرجال والنساء على السواء ، ونتج عنها كثير من الشرور والمفاسد ، وكسدت سوق الزواج واصبح الحلال اصعب منالا من الحرام !! .
لا شك ان كلا الامرين ( عضل الاولياء وغلاء المهور ادى الى نتائج سيئه وعواقب وخيمه . اشار اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :
” اذا اتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، الا تفعلوا تكن فتنه في الارض وفساد عريض ”
لقد ظهرت الفتنه وانتشر الفساد
ويمكن اجمال هذه النتائج العديده في النقاط التاليه :
1- كثره الشكوى والمعاناه من قله الزواج التي اضرت بالرجال والنساء على السواء .
2- انصراف الشباب عن الزواج ازاء تعنت الاهل وصعوبه الزواج وارتفاع تكاليفه .
3- كساد سوق الزواج لدرجه ان الحلال في بعض الاقطار الاسلاميه صار اصعب منالا من الحرام كما اصبح الحرام ايسر من الحلال.
4- العنوسه المزمنه المتمثله في كثره عدد العانسات في البيوت والاسر .
5- انتشار الفواحش والزنا والامراض النفسيه والعصبيه والشذوذ الجنسي .
6- التمرد والعصيان والانحلال الخلقي والاستهتار بالقيم والمبادئ والاخلاق .
7- تفكك الاسر وفساد المجتمع وقله النسل .
وقد يفرط بعض الاولياء في حق المراه فيهضمها حقها في الصداق فيسعى الى الغاء المهر بان يزوج ابنته او اخته لرجل يتزوج هو بابنته او اخته.
وليس بينها مهر وهذا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نكاح الشغار ) .. فعن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار ان يزوج الرجل ابنته على ان يزوجه الاخر ابنته ليس بينهما صداق .
يقول الشيخ العلامه ابن باز ” رحمه الله تعالى ” : ( وفي ذلك فساد كبير لانه يفضي الى اجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه ايثارا لمصلحه الاولياء على مصلحه النساء ، وذلك منكر وظلم للنساء .. ولان ذلك ايضا يقضي الى حرمان النساء من مهور امثالهن كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر الا من شاء الله)).
