مواجهه عاطفته وطرق توجيهها
1) ما هو مفهوم العاطفه ؟
التعريف العلمي للعاطفه : هي اتجاه وجداني، نحو موضوع معين، مكتسب بالخبرات والتعليم.
وهنا نتجه بالسؤال الى انفسنا الى من تتجه مشاعرنا؟ وحين تراجع ذاتك تسالها، من هو الانسان الذي تفرح لرؤيته، تحزن لمرضه تقلق لغيابه، تسر لصحبته، تضيق لالامه، تبتهج لنجاحه، مستعد ان تقدم بعض التنازلات من اجل ان تحتفظ بعلاقتك به؟ ان تجمع هذه الانفعالات والمشاعر حول محور واحد هو الذي يطلق عليه عاطفه الحب.
2) كيف نشات تلك العاطفه او مجموعه المشاعر حول شخص معين؟
هو تكرار المواقف التي اثارت مشاعر البهجه والسرور – حتى يصبح لقاء شخص معين عاده مبهجه ، وكاننا نؤكد ان العاطفه وليده تجارب ساره متكرره ويفسر ذلك حب الطفل الوليد لامه؛ فهي مصدر الشبع والانتصار على الام الجوع والعطش.. فهو لا يولد بهذه العاطفه بل هي نتاج التعامل اليومى. ويمكن ان تراجع ذلك في علاقتك التي تغلب عليها عاطفه الحب مع الاخرين.
3) هل يتوقف تكون العواطف عند مرحله معينه ؟
الحقيقه ان العواطف البشريه يظل يتسع نطاقها لتشمل الاخوه في الاسره ، الاقارب، الاصدقاء في المدرسه ، الرفاق في اللعب، المجموعه داخل الكنيسه او الجيران.. ومع الوقت يكون هناك موضوع لحب الله وحب الوطن.
4) هل لباقي جوانب الشخصيه اثر في تكوين العاطفه واختيار محورها؟
لان العاطفه وليده استجابات في مواقف متنوعه فيكون للخراج الشخصي والذوق الخاص، والقدره على التمييز وادراك ابعاد الموقف اثار واضحه على نوعيه الاستجابه ومداها، بالاضافه الى رصيد الخبرات العاطفيه السابقه ويمكنك ملاحظه اندفاع بعض الاشخاص بسبب الفراغ النفسي او العقلي او الروحى او ضعف العلاقات الاجتماعيه او الاسريه .
5) هل كل انسان يحب؟
لقد خلقنا الله جميعا بدافع طبيعي للبحث عن علاقه بالاخرين فمنذ خلقه ادم بقول الكتاب “ليس حسنا ان يكون ادم وحده” (نص الكتاب موجود هنا في موقع القديس تكلا). ان التفاعل مع الاخرين امر حتمي ليس فقط لاشباع الاحتياجات الجسميه من ماكل ومشرب.. ولكن من اجل ما يسببه من ارتياح. فحاجه الطفل للحنان لا تقل اهميه عن حاجته للطعام.. ويستمر الامر على نفس الحال باقي العمر، وان اختلف الاسلوب والنوعيه والمصدر.
6) هل يدور الحب حول محور واحد؟
الانسان يحب الانسان الاخر ولكن هذا لا يلغى اننا نحب:
ا- بعض الاماكن التي نسعد بالوجود فيها.. حجرتك.. مكتبك.. الشاطئ..
ب- دراسات معينه او قراءات نهواها ونشغف بها، روحيات، ادبيات.
ت- الحب لمبادئ معينه يتمسك بها الشخص مثل الامانه والحق حتى يضحى من اجلها.
ث- حب لوحه رسمها او اقتناها – او هديه ارتبطت بذكرى او شخص مهم.
ج- حب العمل ومعروف عن شخصيات كثيره تفانيها حبا لما تقوم به من اعمال.
ح- حتى حب الحيوان! وقد اثبتت الدراسات على السنين ان من يقتنى حيوان يحبه سواء كان كلب، قطه ، سلحفاه ، حصان، ببغاء.. او نباتات يرويها ويرعاها اطول عمرا.
7) هل الحب يلغى او يقتل بعضه بعضا:
هناك ما يسمى العاطفه السائده وهي تكون اهم العواطف في حياه شخص معين، ولذلك تنتظم باقي العواطف في ركابها او تخضع لتوجيهها:
– نلاحظ هذا في حياه اب له ابن مصاب فيضع كل الامور والاشياء الاخرى في خدمه انقاذه.. رغم انه اصلا يحب وظيفته، يحب المال، يحب نفسه يحب باقى البناء.. ولكن يسود عليه هذا الحب. مصدر المقال: موقع الانبا تكلا.
– ويمكننا ملاحظه ذلك فيمن طغى عليهم حب الله حتى تركوا كل شيء وتبعوه.
– وهناك من ضحوا حياتهم من اجل اوطانهم او مبادئهم..
– وهناك من طغى عليه حب المال حتى باع الاهل والاصدقاء والمبادئ وحتى كرامته.. من اجل حب المال.
– من طغى عليه حب رومانسي او شهواني متى دمر حياته مثل مجنون ليلى، او حتى انتحر مثل روايه روميو وجوليت، او ما نسمعه حاليا عن رؤساء دول، او عن فتيات مصريات احببن الفنان عبد الحليم حافظ وانتحرن يوم وفاته!
8) هل الحب كله دمار؟ هل له من فائده ؟
ان العواطف المعتدله الصادقه هي التي تعطى الفرد احساسه بالحياه وصفته كانسان، واعتدال الفرد في استخدام عواطفه هو اهم علامات الاتزان النفسي، كما ان للعواطف اثار حسنه فهي تلعب دورا هاما في ابداع وابتكار الفنانين وتمثل دافعيه قويه لخدمه الغير، والتفاني في مراعاه من يحتاج الى الرعايه .
لكن للعواطف اثارها الضاره ايضا فالعواطف القويه بصوره مبالغ فيها تؤثر تاثيرا سيئا على الجسم والنفس، فمنها ما يؤدى الى الارق المضني كما يؤدى الى الانشغال عن باقي الاهداف الهامه في الحياه مثل التعليم، العمل، والعباده .. وقد تؤدى الى التوتر والاكتئاب اذا حدث عائق اجتماعي في مواجهه تحقيقها، وتستحوذ على الطاقه الجسميه والنفسيه وتؤدى الى عدم التركيز وتوقف الانجازات الاخرى.
9) هل حب الجنس الاخر خطيه ام هزيمه اجتماعيه ؟
يقول بولس الرسول للقديس تيموثاوس “اما الحدثات فعاملهن بكل طهاره كاخوات”. واضح ان هناك شرطين: الاول هو ان يكون الحب طاهرا لا تطغى عليه الشهوات، والثاني انها محبه اخويه لمجموعه كبيره وليس واحده تتحول الى علاقات عاطفيه عنيفه يصعب الانتصار عليها او ضبطها.. ولها نتائجها على حياتنا الروحيه اذا طغت الجوانب الجسديه ، وايضا لها نتائجها الاجتماعيه فهي اساءه الى سمعه كل الاطراف، ولها اثارها النفسيه فالعلاقه السطحيه يمكن نسيانها ولكن اذا تعمقت يصعب ازالتها وتصبح مشكله حين يتباعد الاطراف لاي سبب.
10) هل هناك قدره على ضبط الحب او العاطفه ؟
في بدايه العلاقه يتحكم الانسان في عواطفه بسهوله ، اذا اراد اذ تلعب اراده الانسان دورا هاما في تحكمه في العديد من مواقف الحياه – ولكن بعض الشباب يريد ان يحب.. فهنا اراده الضبط غير فعاله . كلما زادت العلاقه عمقا او فتره زمنيه ، يصبح التحكم اصعب، يحسن ان يعمل الانسان عقله من البدايه .
وقد تحدث الكتاب المقدس عن الحب في افسس 5 التي تقرا في كل اكليل عن العلاقه بين الرجل وامراته، ولذلك على كل منا -شاب وشابه – ان يدخر حبه للذي يتزوجه. فكلما قوى الجانب الروحي، الجانب العقلي، الهدف الشخصي تزداد القدره على توجيه العاطفه وضبطها والرب يعين.
St-Takla.org Divider فاصل موقع الكنيسه القبطيه الارثوذكسيه – انبا تكلا هايمانوت
واخيرا نختم باجابه لقداسه البابا شنوده الثالث:
11) هل يمكن لانسان ان يتخلص من غريزه قد ولد بها؟
الانسان لا يقضى على غرائزه، انما يحسن توجيهها، فالغريزه الجنسيه مثلا عباره عن طاقه وحب وعاطفه . فان احسن الانسان توجيه ما عنده من طاقه وحب وعاطفه ، باسلوب سليم، حينئذ لا يتعب من الغريزه الجنسيه . لان الذي يتعب الانسان ليس هو الغريزه ، انما انحرافها. الغضب مثلا يمكن توجيهه الي الخير، بغير عصبيه ، فيتحول الي طاقه بناء وليس الي هدم. وعنه تصدر النخوه والشهامه ، والدفاع عن الحق، ونصره المظلوم. كل ذلك باسلوب روحي، ودون الوقوع في خطيه ، ويحسن استخدام الالفاظ. مثلما قال الكتاب “اغضبوا ولا تخطئوا” (سفر المزامير 4:4). لذلك ابحث عن الاخطاء التي تسبب لك انحرافات في غريزه ما، واعمل علي علاجها. واعرف ان الله لم يضع في طبيعتنا شيئا خاطئا، حينما خلقنا. انما وضع فينا طاقات، لنستخدمها حسنا.
