الاطفال والجوالات الذكيه
المراهقين بشكل يدق ناقوس الخطر لما تسببه من انطوائيه وعزله اجتماعيه اضافه لمشاكل اخرى، لكن بعض الخبراء واولياء الامور يرى ضروره التقنين وعدم حرمانهم منها.
متعلقات
مشتريات الاطفال في تطبيقات الهواتف الذكيه
متى تسمح لطفلك باقتناء هاتف ذكي؟
38% من الاطفال دون العامين يستخدمون اجهزه متنقله
العاب الفيديو تسبب الم المفاصل
مخاطر الهاتف الجوال على الاطفال
محمد النجار-عمان
لا ينكر عاقل ان الهواتف الذكيه اصبحت الان تلعب دورا كبيرا في حياه الناس، فقد اصبحت وسيله للتواصل الاجتماعي والترفيه والمعرفه ، ونتيجه لذلك اصبحت تنتشر بين الاطفال والمراهقين بشكل لافت، وزادت المده التي يمضونها مع تلك الاجهزه الامر الذي دفع كثيرا من الاخصائيين وولاه الامور لدق ناقوس الخطر من الاثار السلبيه التي قد تترتب على هذا الاستخدام مطالبين بتقنينه.
ولا يخفي خبراء تربويون واجتماعيون تاييدهم للاستخدام المقنن لهذه الهواتف، ويتحدثون عن فوائد ذلك، الا انهم يحذرون في الوقت ذاته من الاستخدام المفرط له، واثاره السلبيه على تركيبه الطفل النفسيه والاجتماعيه وصولا لتسببه بامراض نفسيه وحتى عضويه .
استقلاليه
وتكشف دراسه اجرتها مؤسسه دوكمو اليابانيه المتخصصه بهذا النوع من الدراسات ان اخر مسح اجرته عام 2024 على اطفال تتراوح اعمارهم بين 8 و18 عاما، واولياء امور في خمس دول (اليابان ومصر والهند وتشيلي وباراغواي) اظهر ان 70% من الاطفال الذين شملتهم الدراسه يمتلكون هواتف نقاله مستقله عن ذويهم.
الاطفال اكثر استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي من البالغين (ا ب-ارشيف)
واظهرت ايضا ان لا علاقه لدخل الاسر ومستواها الاجتماعي بامتلاك الاطفال الهواتف الذكيه ، وان اكثر ما يستخدمه الاطفال بالهواتف هو الكاميرات بنسبه 51%، ومشغل الموسيقى 44%، ومشغلات افلام الفيديو 26%، وان الاطفال يستخدمون تطبيقات ووظائف هذه الهواتف بنسبه اعلى بكثير من ابائهم.
وعن علاقه الانترنت بهذه الهواتف، بينت الدراسه ان 40% من الاطفال يستخدمونه من خلال هواتفهم مره واحده يوميا على الاقل، والاكثر استخداما من قبل الاطفال هي شبكات التواصل الاجتماعي بنسبه 73%، وهي اعلى بكثير من اولياء امورهم الذين تبلغ نسبه استخدامهم الهواتف للدخول لهذه الشبكات 43% فقط.
الدراسه خلصت الى ان هناك علاقه طرديه بين استخدام الاطفال الهواتف الذكيه وقلق اولياء امورهم، حيث بينت ان ما بين 70% و80% من الاباء يشعرون بالقلق الدائم من استخدام اطفالهم للهواتف الذكيه ، اما لجهه الافراط بالاستخدام، او المحتوى او الكلف المترتبه على هذا الاستخدام.
تجربه مفيده
الصحفي الاردني ورئيس تحرير صحيفه الامارات اليوم باسل رفايعه تحدث للجزيره نت عن تجربته وعلاقه اطفاله بالهواتف الذكيه ، معبرا عن اعتقاده بان التجربه مفيده جدا للاطفال “فهي تجعلهم اكثر قربا من الحياه في عصر التقنيه ، وتضعهم في التفاصيل الاساسيه المتعلقه باستخداماتها ومزاياها المعرفيه “.
ويضيف رفايعه ان طفليه البالغين من العمر عشره و12 عاما يلجان باستمرار لمحرك البحث غوغل عندما يتجادلان بالمعلومات الرياضيه مثلا، ويستفيدان منه في جوانب تتعلق بدراستهما، ويستخدمان اعلام التواصل الاجتماعي، كما ان المحتوى الرقمي المنشور على الانترنت بالانجليزيه وهو الاكثر غنى وكثافه ، توفره الهواتف الذكيه بسرعه وسهوله وفي اي مكان، ما يجعل الاطفال تحت طبقه مركزه وواسعه من المعلومات والمعرفه ، عوضا عن العاب الاطفال التي تنتمي لعالم ذكي وجدلي.
ويذهب لاعتبار ان ثقافه طفل عمره 12 عاما يستخدم هاتفا ذكيا الان، تفوق ثقافه شاب عمره عشرين عاما قبل عشر سنوات، منوها بان الرقابه على الاطفال “يجب ان تتم ولكن بذكاء”.
واوضح رفايعه ان طفليه لا يستخدمان الهاتف في البيت الا في عطله نهايه الاسبوع. وضبطا للامر ولنفقات حزم الانترنت، فان استخدامهما لا يتعدى ساعتين الى ثلاث ساعات يوميا، على حد قوله.
ادمان الاطفال على استخدام الاجهزه الذكيه قد يعزلهم عن البيئه المحيطه بهم (ا ب-ارشيف)منع وحزم
وبالمقابل، تمنع معلمه الانجليزيه سميه حمزه طفلتيها البالغتين من العمر خمسه وسته اعوام من اي استخدام لهذا النوع من الهواتف، مشيره في حديث للجزيره نت الى ان الاطفال الذين يستخدمون هذه الهواتف من اقاربها باتوا اشبه بالمصابين بمرض التوحد.
وتابعت سميه “لم يسبق لي ان اعطيت طفلتي هاتفي الذكي للعب فيه، والامر يعود لتجربتي من اطفال اخواتي وصديقاتي المتعلقين بدرجه كبيره بهذه الهواتف وتطبيقاتها”.
وتلفت الى ان احد ابناء اخواتها وعمره سبعه اعوام يعرف بتطبيقات هذه الهواتف اكثر من البالغين، لكنه -كما تقول- بات بعيدا عن محيطه الاجتماعي وتفاعله مع اقرانه بدرجه كبيره .
وتشير سميه حمزه الى ان غالبيه الامهات اللواتي تعرفهن يستخدمن هذه الهواتف لاشغال اطفالهن، بدلا من بناء علاقات مع هؤلاء الاطفال، مؤكده ان الطفل في هذه السن بحاجه للتفاعل والحديث مع محيطه الاجتماعي حتى يتمكن من التعبير اللغوي والنطق السليم.
اثار سلبيه
الخبير التربوي في مجال الاطفال والمراهقين د. يزن عبده قال -للجزيره نت- ان للاستخدام المفرط للهواتف الذكيه اثارا سلبيه على نواح اربع في نمو الابناء: نموهم الجسدي، والذهني والانفعالي (العاطفي)، والاجتماعي.
وبين للجزيره نت ان نمو التفكير التخيلي عند الطفل في سن الخامسه غايه بالاهميه كونه يعتبر المرحله الثانيه بعد التفكير الحسي ومرحله تسبق وصول الطفل الى التفكير التجريدي، وان الاستخدام المفرط لجميع الاجهزه الحديثه والذي يزيد على ساعه الى ساعه ونصف الساعه يوميا يضعف من هذه القدره النمائيه في الجانب الذهني، كون هذه الاجهزه توفر له الخيال وبالتالي تشكل الصور الذهنيه بطريقه اليه بغض النظر عن رغبه الطفل.
كما نوه ايضا بان الافراط في استخدام هذه الاجهزه يصيب الطفل بخمول جسدي واضح، وضعف شديد في التركيز خاصه بين عمر الذكور في عمر 8-12 سنه ، والسبب في ذلك تلك المشاهدات السريعه لمقاطع الصور التي تكون على الالعاب في هذه الاجهزه ، الامر الذي يؤدي الى تخزينها في العقل الواعي واللاواعي عند الطفل ويستمر عقله باسترجاعها حتى بعدما يتوقف عن اللعب، مما قد يتسبب بتشتته وضعف تركيزه.
ضعف التواصل الاسري احد الاثار المترتبه على ادمان الاجهزه الذكيه (ا ب-ارشيف)
المهارات الاجتماعيه
اما من الناحيه الاجتماعيه -يقول عبده- فان الدراسات تدل على ان المهارات الاجتماعيه تضعف وتصاب بالتراجع بما يقارب نسبه 65% من الاصل الذي يجب ان تكون عليه بمرحله الطفوله من سن خمس الى عشر سنوات، ومن ذلك ان نسبه العدوانيه الاجتماعيه تزداد بشكل واضح، كون الطفل يشاهد هكذا مشاهدات وبالتالي يحاكيها ويسقطها على حياته.
من ناحيه اخرى -يضيف عبده- هناك اطفال على النقيض من ذلك يصابون بالخجل والانطوائيه جراء عدم نمو المهارات الاجتماعيه من الحديث والتواصل الاجتماعي الجسدي كالسلام باليد، ومن التواصل الاجتماعي الايمائي كالابتسامه وغيرها.
من جهته، تحدث الطبيب النفسي د. اشرف صالحي للجزيره نت عن عدم القدره على منع الاطفال من استخدام واقتناء هذه الهواتف في عالم اليوم، مشيرا الى ان الاستخدام المقنن لها ما بين ساعه وساعتين يوميا على الاكثر يعزز من ايجابيات استخدام هذه الهواتف ويقلل من السلبيات.
واعتبر صالحي ان احد اخطر الامراض التي تصيب الاطفال بسبب الاستخدام الخاطئ لهذه الهواتف هو “التوحد الوظيفي” والناتج عن تعلق الطفل بعالم افتراضي وانعزاله عن محيطه الاجتماعي خاصه في حالات الاباء والامهات العاملين وكثيري الغياب عن المنزل، وترك الطفل نهبا للاجهزه التقنيه الحديثه .
ويحذر من منع هذه الاجهزه كما يحذر من الاستخدام المفرط لها، خاصه مع تركها اثارا سلبيه تتمثل في امراض عضويه كالسمنه الناتجه عن قله الحركه ، والامراض بالاطراف خاصه نتيجه استعمالها للعب واستخدام الهواتف الذكيه .
المصدر : الجزيره