تاريخ خلق ادم
الحمدلله والصلاه والسلام على رسول الله ه اله وصحبه وبعد
فلقد روى اهل العلم والمعرفه والاستقامه والاحسان ان ابا البشر جميعا هو ادم عليه السلام
لقد اراد الله ان يخلق ادم وان يكون له اولاد واولاد اولاد وذريه الى ما شاء الله
ليسكنوا الارض ويعمروها
وياكلو من زروعها ومن حيواناتها ويعيشوا في خيراتها التي خلقها الله تعالى
وليعبدوا الله تعالى ويشكروه على نعمه الكثيره
فقال عز وجل للملائكه ((اني جاعل في الارض خليفه ))
ان الله سبحانه وتعالى خلق ادم على اطوار مختلفه اي على مراحل
فكان اوله ترابا نعم كان من تراب
اوتدرون لماذا؟
لان التراب عنصر طيب وماده خيره
انظروا الى التربه كيف ينزل الله عليها المطر فتنبت الازهار وتثمر الاشجار وتكثر الزروع فياكل الاحياء من خضرواتها ويتفكهون من ثمارها وتقضم الاغنام من اعشابها وتلتقط الطيور من حبوبها
كل ذلك يدل على ان التراب اصل طاهر معطاء
فلما اراد الله ان يصنع تمثال ادم اختار التراب ماده اوليه له لينسجم مع طبيعته التي اتصف بها التراب
وهي الهدوء والبروده والتواضع والعطاء والنفع للغير ثم ((اوحى الله عز وجل الى الارض اني خالق منك خليقه منهم من يطيعني ومنهم من يعصيني فمن اطاعني ادخلته الجنه ومن عصاني ادخلته النار))
قالت الارض اتخلق مني خلقا يكون للنار؟!
قال نعم
فبكت الارض فانفجرت منها العيون الى يوم القيامه
فبعث الله اليها جبريل لياتيه بقبضه منها من احمرها واسودها وطيبها وخبيثها
فلما اتاها جبريل ليقبض منها قالت اعوذ بعزه الله الذي ارسلك الي ا، لا تاخذ مني شيئا فرجع جبريل الى مكانه وقال يا رب استعاذت بك مني فكرهت ان اقدم عليها
فقال الله تعالى لميكائيل انطلق فاتني بقبضه منها
فلما اتاها ليقبض منها قالت له مثل ما قالت لجبريل
فرجع الى ربه فقال ما قالت له
فقال لعزرائيل انطلق فاتني بقبضه من الارض
فلما اتاها قالت له اعوذ بعزه الله الذي ارسلك ان لا تاخذ مني شيئا
فقال وانا اعوذ بعزته ان اعصي له امرا وقبض منها قبضه من جميع بقاعها من عذبها ومالحها وحلوها ومرها وخبيثها وطيبها
وصعد الى السماء
فساله ربه عز وجل وهو اعلم بما صنع؟
فاخبره بما قالت الارض وبما رد عليها
فقال الله تعالى وعزتي وجلالي لاخلقن مما جئت به خلقا ولاسلطنك على قبض ارواحهم لقله رحمتك …..
ثم ترك هذه القبضه ما شاء الله
ثم اخرجها فعجنها طينا لازبا اي لازقا مده
ثم حما مسنون اي طينا اسودا مصورا صوره انسان اجوف مده
ثم صلصالا اي طينا يابسا كالفخار مده
ثم جعلها جسدا والقاه على باب الجنه
فكانت الملائكه يعجبون من صفه صورته لانهم لم يكونوا راوا مثله.
فلقد ذكر الله سبحانه وتعالى ادم في القران الكريم خمسا وعشرين مره في خمس وعشرين سوره
في سوره البقره وال عمران والمائده والاعراف والاسراء والكهف ومريم ويس وطه وغيرها…
قال تعالى في سوره الحجر ((واذ قال ربك للملائكه اني خالق بشرا من صلصال من حما مسنون فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكه كلهم اجمعون الا ابليس ابى ان يكون من الساجدين ))صدق الله العظيم
فقد كان ابليس يمر عليه ويقول لامر ما خلق هذا ونظر اليه فاذا هو اجوف فقال هذا خلق لا يتمالك
وقال يوما للملائكه ان فضل هذا عليكم ما تصنعون؟
فقالوا نطيع ربنا ولا نعصيه.
فقال ابليس في نفسه لئن فضل علي لاعصينه ولان فضلت عليه لاهلكنه.
فلما اراد الله تعالى ان ينفخ فيه الروح امرها ان تدخل في جسد ادم .
فنظرت فرات مدخلا ضيقا فقالت يا رب كيف ادخل هذا الجسد ؟ قال عز وجل لها ادخليه كرها وستخرجين منه كرها
فدخلت في يافوخه اي من سطح راسه فوصلت الى عينيه فجعل ينظر الى سائر جسده طينا فسارت الى ان وصلت منخريه فعطس.
فلما بلغت لسانه قال الحمدلله رب العالمين وهي اول كلمه قالها
فناداه الله تعالى رحمك ربك ولهذا خلقتك.
ولما بلغت الروح الى الركبتين هم ليقوم فلم يقدر … فلما بلغت الساقيت والقدمين استوى قائما بشرا سويا لحما ودما وعظاما وعروقا وعصبا واحشاء
وكسي لباسا من ظفر يزداد جسده جمالا وحسنا كل يوم .
وجعل في جسده تسعه ابواب سبعه في راسه وهي الاذنان يسمع بهما والعينان يبصر بهما والمنخران يشم بهما والفم وفيه اللسان يتكلم به والاسنان يطحن بها ما ياكله ويجد لذه المطعومات بها .
وفي اسفل جسده بابان وهما القبل والدبر تخرج منهما فضلاته.
(وجعل الله له العقل والدماغ واجرى فيه فكره)
((فسبحان من جعله يسمع بعظم ويبصر بشحم وينطق بلحم ويتحرك بدم ))
لقد كرم الله ادم ونبيه تكريما عظيما حينما امر تعالى الملائكه بالسجود لادم ابي البشر
قال تعالى (واذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين)
وهو سجود تحيه وخضوع لا سجود عباده
فالعباده لا تجوز الا لله تعالى وحده
ولقد اراد الله تعالى ان يعترفوا بفضل ادم وكرامه اصله بهذا السجود
فبادر الملائكه بالسجود لادم لم يتخلف منهم احد الا ابليس فقد استكبر وفسق وابى ان يسجد .
وهنا ياتي السؤال هل كان ابليس حقا ملكا ؟
ان الملائكه خلقهم الله من نور وابليس خلقه الله من نار وكان من الجن وطبيعته التي جبل عليها تختلف عن طبيعه الملائكه
فطبيعه الملائكه مجبوله على الحق والخير اما طبيعه ابليس فكانت تضمر الشر فلديه استعداد للعصيان
لهذا لما امر باحترام ادم نسب الى الله الظلم ورفض السجود قائلا ((انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ))
انظروا كيف تكبر وراى نفسه افضل من ادم
فطرده الله من الجنه وغضب عليه
فكبر حقده على ادم وازداد كثيرا وصار عدوا لدودا لادم وذريته
ان الله سبحانه وتعالى اباح الجنه كلها لادم يعيش فيها ياكل ويشرب ويقعد ويمشي وينام ان شاء …
وبقي وحده في الجنه ولم يكن له في الجنه من يجالسه ويستانس به
فالقى الله عليه النوم فنام نومه .
فخلق الله زوجته من قصيراء شقه الايسر اي اخذ سبحانه ضلعا من اضلاع جنبه الايسر وهو الاقصر فيها فخلق منه زوجته حواء ووضع مكان الضلع لحما من غير ان يحس بالم ولو وجد الما لما عطف رجل على امراه قط وسميت حواء لانها خلقت من حي
فلما استيقظ ادم من نومه وراها جالسه الى جنبه كاحسن ما خلق الله تعالى فقال لها من انت؟
فالهمها الله الجواب قائله انا زوجتك حواء
قالت لتسكن الي واسكن اليك
وامر الله ادم وزوجته ان يسكنا الجنه واباح لهما التمتع بما في الجنه من كل شيء الا شجره منعهما من الاكل منها فقال سبحانه((وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنه وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجره فتكونا من الظالمين))
فسمع الزوجان كلام ربهما واطاعاه فيما امر ومر عليهما زمن طويل وهما في الجنه سعيدين. ولكن ابليس كان يتربص بهما وينتظر فرصه لينتقم منهما ويثار
فاستغل مسارعه ادم وزوجته في طاعه الله فجاءهما ووسوس لهما واوهم لادم انه مخلص له في النصح واغراه مع زوجته بالاكل من الشجره
وحلف لهما انه من الناصحين فصدقه ادم لانه لا يعرف الكذب
واغتر بكلام ابليس
ونسي انه وعد لهما لحيله اصطنعها هذا الشيطان
وهي ان ابليس الطريد (وقف على ادم وحواء وهما لا يعلمان انه ابليس فبكى وناح نياحه احزنتهما وهو اول من ناح.
فقالا ما يبكيك
قال ابكي عليكما لانكما تموتان فتفارقان ما انتما فيه من النعمه
فوقع ذلك في نفسيهما واغتما ومضى ابليس
ثم اتاهما بعد ذلك وقال يا ادم هل ادلك على شجره الخلد اي اذا اكلت منها تبقى دائما منعما في الجنه فلا تموت
فابى ادم ان يقبل منه في بدايه الامر
فقاسمهما بالله اني لكما من الناصحين
فاغترا وما ظنا ان احدا يحلف بالله كاذبا فبادرت حواء الى اكل الشجره ثم ناولت ادم فاكل منها
فغضب الله وقال فبعزتي لاهبطنك الى الارض ثم لاتنال العيش فيها الا نكدا
وهكذا جرى اهبط ادم وزوجه من الجنه وعلمه الله سبل معايشه
فحرث وزرع وسقى حتى اذا بلغ المزروع النماء المطلوب واشتد حصده ثم درسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه وخبزه ثم اكله
وهكذاداب على العمل حتى بلغ منه الجهد
ويروى ان ادم اهبط الى سرنديب من ارض الهند وان حواء اهبطت الى جده قرب مكه المكرمه ولهذا سميت جده نسبه الى جدتنا حواء والله اعلم