احب الاعمال الى الله تعلى

احب الاعمال الي الله تعلى

 



اما بعد ايها المسلمون :


اخرج الطبرانى يرحمة و الله و غيرة عن ابن عمر رضى الله عنهما ان رجلا جاء الي النبى فقال: يا رسول الله، اي الناس احب الي الله؟ و اي الاعمال احب الي الله؟ فقال رسول الله : ( احب الناس الي الله تعالي انفعهم للناس، و احب الاعمال الي الله سرور يدخلة الي مسلم او يكشف عنة كربة او تقضى عنة دينا او تطرد عنة جوعا، و لان امشى مع اخ فحاجة احب الى من ان اعتكف فهذا المسجد يعنى مسجد المدينة شهرا، و من كف غضبة ستر الله عورته، و من كظم غيظة و لو شاء ان يمضية امضاة ملا الله قلبة رجاء يوم القيامة ، و من مشي مع اخية فحاجة حتي تتهيا له اثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام، و ان سوء الخلق ليفسد الدين كما يفسد الخل العسل)).

حديث عظيم تضمن ما يورث حب الله و حب الخلق ، و ما يدعو الي لاخوة بين المسلمين ، و ما يقوى العلاقات بين المؤمنين.

توجيهات نبوية كريمة تزكو فيها النفوس ، و تصلح فيها المجتمعات ، و تسعد فيها الافراد و الجماعات . قيم اجتماعية عظيمة لم يشهد التاريخ لها مثيلا، و مبادئ حضارية لم تعرف البشرية لها نظيرا، ذلكم انها توجيهات من لا يصدر عن الهوى، ان هو الا و حى يوحي [النجم:4].

اخوة الاسلام، و حول ذلك الحديث العظيم سنقف عدة و قفات نستمتع عندها بتوجيهات نبينا الكريم علية اروع الصلاة و ازكي التسليم . خصوصا اننا مقبولون علي شهر عظيم ، يتنافس فية المسلمون علي فعل الخير و ادخال السرور علي اخوانهم المسلمون.

الوقفة الاولى: حول قولة صلي الله علية و سلم ((احب الناس الي الله انفعهم للناس )).فى هذة العبارة الكريمة تاكيد علي بذل النفع للمسلمين بوجوة النفع المختلفة ، و باشكالة المتعددة ، فذلكم اسباب عظيم للفوز بالاجر الكبير و الثواب الجزيل.

ومن اعظم النفع لهم قضاء حاجاتهم و اعانتهم فذلك، سواء اكانت حاجتهم الي المال او العمل او الوظيفة ، او الي بذل كلمة طيبة او الي دفع ظلم ، او الي المشاركة بالمشاعر فالاتراح و الافراح ، او الي غير هذا من الاشياء التي تختلف باختلاف اسبابها و بتنوع اشكالها.

وهذة قاعدة عامة فالشرع المطهر ، قاعدة مشروعية المواساة بين المؤمنين ، و الحرص علي قضاء اشياء المسلمين، و من ذلك المنطلق جاء فهذا الحديث قولة تمثيلا لجزئيات هذة القاعدة : ((ولان امشى مع اخ فحاجة احب الى من ان اعتكف فهذا المسجد شهرا))، و قوله: ((ومن مشي مع اخية فحاجة حتي تتهيا له اثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام )).

وفى مقام التفصيل و البيان يقول : فحديث احدث ( و ارشادك الرجل فارض الضلال لك صدقة ، و بصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة ، و اماطتك الحجر و الشوكة و العظم عن الطريق لك صدقة ، و افراغك من دلوك فدلو اخيك لك صدقة )

ولهذا كلة حرص اهل الخير و الفضل علي انهاء اشياء المؤمنين ، و اسداء النفع للمسلمين علي مر العصور ، يقول حكيم بن حزام رضى الله عنه: ( ما اصبحت صباحا قط فرايت بفناء دارى طالب حاجة ربما ضاق فيها ذرعا فقضيتها ، الا كانت من النعم التي احمد الله عليها، و لا اصبحت صباحا لم ار بفنائى طالب حاجة ، الا كان هذا من المصائب التي اسال الله عز و جل الاجر عليها) [3].

ايها الاخوة : و ختاما لهذة الوقفة اذكر بخطر مضرة الناس و السعى بما يسبب لهم المشاكل و الضرر..وهو ما يفهم من قولة ( احب الناس الي الله انفعهم للناس ) فالمفهوم لهذا الحديث ( ابغض الناس الي الله اضرهم للناس ) فلنحذر ان يبغضنا الله و نحن لا نعلم ، و هذا بجلب و بيع و تشجيع ما يضرهم فدينهم و دنياهم .

الوقفة الثانية =: حول قولة صلي الله علية و سلم ( و احب الاعمال الي الله سرور تدخلة الي مسلم او تكشف عنة كربة او تقضى عنة دينا او تطرد عنة جوعا ) لقد اكد ذلك الحديث العظيم علي صفات خاصة من قضاء حوائج المسلمين لعظيم اجرها و كبير ثوابها، و هذة الصفات هى الحرص بقدر الامكان علي عون المسلم فتنفيس كربتة او قضاء دينة او طرد جوعه، قال :فى حديث احدث ((اطعموا الجائع، و عودوا المريض، و فكوا العاني)) رواة البخارى [4]، و يقول : ((الا رجل يمنح اهل بيت =ناقة تغدو بعس اي: قدح كبير و تروح بعس، ان اجرها لعظيم )) متفق علية [5].

وفى شان ثواب التجاوز عن الدين او قضائة عن المدين جاء فالصحيحين ان رسول الله قال: ((كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: اذا اتيت معسرا فتجاوز عنة لعل الله ان يتجاوز عنا، فلقى الله عز و جل فتجاوز عنة )) [6]،

وعن عبدالله بن ابى قتادة ان ابا قتادة طلب غريما له فتواري عنه، بعدها و جدة بعد هذا فقال اي: المدين : انى معسر، فقال: الله؟ قال: الله، قال: فانى سمعت نبى الله صلوات الله و سلامة علية يقول: (( من سرة ان ينجية الله من كرب يوم القيامة ، فلينفس عن معسر او يضع عنة ) رواة مسلم [7].

خصال عظيمة التزم فيها الصالحون و عمل فيها المتقون، قال ابو هريرة رضى الله عنه: كنا نسمى جعفر ابا المساكين؛ كان يذهب الي بيته، فان لم يجد شيئا اخرج لنا عكة من عسل اثرها عسل فنشقها فنلعقها [8]، و كانت لابى برزة الاسلمى جفنة من ثريد فالغدو و العشى للارامل و اليتامي و المساكين [9]،

وكان على بن الحسين رضى الله عنة و عن ابية و عن جدة يحمل الخبز بالليل علي ظهرة يتتبع بة المساكين فالظلمة و يقول: “ان الصدقة فسواد الليل تطفئ غضب الرب” [10]،

قال محمد بن اسحاق رحمة الله: “كان ناس من اهل المدينة يعيشون لا يدرون من اين كان معاشهم، فلما ما ت على بن الحسين فقدوا هذا الذي كانوا يؤتون بالليل فعلموا انه منه، و لهذا قيل: كان يعول ما ئة اهل بيت =من المدينة ” [11]،

وعن شعبة رحمة الله قال: “لما توفى الزبير لقى حكيم بن حزام عبدالله بن الزبير فقال: كم ترك اخى من الدين؟ فقال: الف الف، قال: على منها خمسمائة الف.

الوقفة الثالثة : حول قولة صلي الله علية و سلم ( احب الاعمال الي الله سرور تدخلة علي مسلم ) ان من الخصال التي حث عليها ذلك الحديث و رغب بها ، الحرص علي الشديد علي ادخال السرور و السعادة علي المسلمين ، و هذا بتطييب خواطرهم بكلمة طيبة او مساعدة ممكنة بالمال او الجاة ، او بمشاركة بمشاعر طيبة فاوقات الحزن ، و عند التعرض لما يعكر الصفو و يضيق الصدر.

جاء فالحديث عن انس رضى الله عنة عن النبى انه قال: (( من لقى اخاة المسلم بما يحب ليسرة بذلك ، سرة الله جل و علا يوم القيامة )) رواة الطبرانى باسناد حسن [12].

ولهذا ذكر نبى الرحمة صلوات الله و سلامة علية بالاتصاف بكل مظهر يوجب السرور ، و بكل مسلك يدخل علي الاخرين السعادة و الحبور، يقول علية الصلاة و السلام: ((لا تحقرن من المعروف شيئا و لو ان تلقي اخاك بوجة طلق)) رواة مسلم [13]، و يقول ايضا: (( تبسمك فو جة اخيك صدقة )).وفى حديث احدث ففضل ادخال السرور علي المريض بالزيارة ( من اتي اخاة المسلم عائدا ، مشي فخرافة الجنة حتي يجلس ، فاذا جلس غمرتة الرحمة ، فان كان غدوة ، صلي علية سبعون الف ملك حتي يمسي ، و ان كان مساء ، صلي علية سبعون الف ملك حتي يكون )

وقد التزم سلف هذة الامة و هم خيارها بتلك الاخلاق الفاضلة و القيم العظيمة ، فكان بكر بن عبدالله المزنى يلبس كسوتة و هو يعيش عيش الاغنياء، يلبس كسوتة بعدها يجيء الي المساكين يجلس معهم و يحدثهم و يقول: “لعلهم يفرحون بذلك” [15].

وفى ختام هذة الوقفة اذكر كذلك بخطر ، ادخال الخوف و الضيق و الخطر علي قلوب المسلمين ..فالرسول صلي الله علية و سلم يقول ( و احب الاعمال الي الله سرور تدخلة الي مسلم ) و مفهوم الحديث ( ان ابغض الاعمال الي الله حزن تدلة الي مسلم ) فلنتق الله فابائنا و امهاتنا و اولادنا و زوجاتنا ، و سائر اخواننا المسلمين ..فلا نحرص علي تضييق صدروهم و ازعاجهم بما يعكر صفو حياتهم .

ايها الاخوة فالله : هذة بعض الوقفات حول ذلك الحديث العظيم و للحديث بقية ، اسال الله تعالي ان ينفعنا فيها ..كما اسالة تعالي ان يغفر لى و لكم و لسائر المسلمين من جميع ذنب .. فاستغفروة انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية = :


الحمد لله، الذي ارسل رسولة بالهدي و دين الحق ليظهرة علي الدين كلة و لو كرة المشركون. و اشهد الا الة الا الله و حدة لا شريك له يعلم ما كان و ما يكون. و ما تسرون و ما تعلنون. و اشهد ان محمدا عبدة و رسولة الصادق المامون، صلي الله علية و علي الة و اصحابة الذين كانوا يهدون بالحق و بة يعدلون. و سلم تسليما كثيرا الي يوم يبعثون.

ايها الاخوة فالله : و بعد ان انهينا الوقفة الثالثة ..فنبدا هذة الخطبة بالوقفة الرابعة :


وهى حول قولة صلي الله علية و سلم ( و من كف غضبة ستر الله عورته، و من كظم غيظة و لو شاء ان يمضية امضاة ملا الله قلبة رجاء يوم القيامة ،) فمن القيم العالية التي حث عليها ذلك الحديث و بين عظيم اجرها التحلى بالصبر عند الغضب و عند ثوراتة ، و الاتصاف بكظم الغيظ عند اشتداده،

فالصبر عند الغضب و كظم الغيظ عند و جودة ، خصلة من خصال الصالحين، و صفة من صفات المتقين، امر الله تعالي فيها فاكثر من اية ، فمن هذا قولة تعالي ( و سارعوا الي مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات و الارض اعدت للمتقين الذين ينفقون فالسراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين [ال عمران:133، 134].

قال الطبرى رحمة الله : “الكاظمين الغيظ يعني: الجارعين الغيظ عند امتلاء نفوسهم منه، يقال: كظم فلان غيظة اذا تجرعة فحفظ نفسة ان تمضى ما هى قادرة علي امضائة ، باستنكارها ممن غاظها و انتصارها ممن ظلمها” [16]، و يقول القرطبي: “كظم الغيظ ردة فالجوف و السكوت علية و عدم اظهارة لا بقول و لا بفعل ، مع قدرة الكاظم علي الايقاع بعدوه” [17].


ورسولنا يبين عظيم فضل كظم الغيظ فيقول: ( من كظم غيظا و هو قادر علي ان ينفذة دعاة الله علي رؤوس الخلائق حتي يخيرة من الحور ما شاء ) ..

الوقفة الخامسة و الاخيرة : حول قولة صلي الله علية و سلم (وان سوء الخلق ليفسد الدين كما يفسد الخل العسل))

ان فهذا الحديث ذما لسوء الخلق ، و بيانا لعاقبتة الوخيمة ، ذلكم ان الاخلاق السيئة سموم قاتلة ، و مهلكات و اقعة ، و رذائل و اضحة ، روي الطبرانى و غيرة عن انس رضى الله عنة عن النبى قال: ( ان العبد ليبلغ بحسن خلقة عظيم درجات الاخرة و شرف المنازل و انه لضعيف فالعبادة ) و فحديث احدث يقول صلي الله علية و سلم ( ما من شيء اثقل فميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، و ان الله يبغض الفاحش البذيء )

قال بعض السلف: “سوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات، و حسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات”، كيف و ربما روي احمد و غيرة بسند صحيح عن ابى هريرة رضى الله عنة قال: قال رجل: يا رسول الله، ان فلانة تكثر من صلاتها و صيامها و صدقتها غير انها تؤذى جيرانها بلسانها، قال: ( هى فالنار )، قال: يا رسول الله، ان فلانة تذكر من قلة صلاتها و صيامها و انها تتصدق بالاثوار من الاقط و لا تؤذى جيرانها، قال: ((هى فالجنة ))

اخوة الايمان : ذلك ما تسير حول ذلك الحديث العظيم ، من و قفات و المسلم الفطن يستطيع ان يستخرج من الكلمة الواحدة عدة فائدة تعود علية و علي مجتمعة بالخير فالدنيا و الاخرة .. فاسال تعالي ان يجعلنى و اياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.

 

  • احب الاعمال إلي الله تكشف عنه كربته


احب الاعمال الى الله تعلى