احكام السحر و الشك واضررها

احكام السحر و الشك و اضررها



لمقدمة :


ان الحمد للة نحمده، و نستعينة و نستغفرة و نستهديه، و نعوذ بالله من شرور انفسنا و من سيئات اعمالنا، من يهدة الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادى له، و اشهد ان لا الة الا الله و حدة لا شريك له، و اشهد ان محمدا عبدة و رسوله، ارسلة بين يدى الساعة بشيرا و نذيرا، و داعيا الي الله باذنة و سراجا منيرا. صل اللهم علية و علي الة و صحبة و سلم تسليما كثيرا.

{يا ايها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاتة و لا تموتن الا و انتم مسلمون} [ال عمران: 102].{يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس و احدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون بة و الارحام ان الله كان عليكم رقيبا} [النساء: 1].{يا ايها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا * يصلح لكم اعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسولة فقد فاز فوزا عظيما} [الاحزاب: 71-72].

اما بعد:


اعلم -رحمك الله- ان العبد فدنياة تعترضة الابتلاءات؛ اختبارا من الله و امتحانا, فتواجهة فتن من شهوات و شبهات، او تلم بة الالام من امراض و احزان, ليمحص اهل التقوي و الايمان, فيغتنم هذا الشيطان، و يتسلط علي العبد ان و افق و وجد ضعف اثر الدين فنفسه، فيوسوس له بتتبع الرخص، و يصورها له و كانها بر الامان, و يزين له الفتاوي الشاذة التي ليس عليها من الله برهان, لكن من كان قلبة مشربا الايمان, منقادا لرب الانام برائع العرفان, مذعنا لحكم الله عز و جل و رسولة صلي الله علية و سلم، و قافا عند حدودهما، عارفا بالحلال و الحرام، منقادا للاسلام غير مضطرب الجنان, فانة يظل جبلا شامخا و لا تهتز له اركان, و تجدة صابرا علي ابتلاء الله معالجا نفسة برائع التوكل و عظيم الرجاء، و محتسبا ما الم بة عند الله الكريم المنان, لا يرجو من الخلق نفعا، و لا يخشي منهم ضرا، فتعلقة بالله و رجاؤة له هو سلوة القلب له و بهجة الخاطر و الامل الذي لا ينقطع ما دام الزمان، ايسا بما عند الناس؛ لا يسال فلانا و لا فلانا، و لسان حالة يقول:


يا من الوذ بة فيما اؤملة و من اعوذ بة مما احاذره


لا يجبر الناس عظما انت كاسرة و لا يهيضون عظما انت جابره


وبعد…


قال تعالى: {ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنة نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما} [النساء: 31]، فتبين ان السلامة من الكبائر من مهمات الدين.


وقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (اذا امرتكم بامر فاتوا منة ما استطعتم، و اذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، قال ابو بكر السيوطى علي الحديث: و من بعدها سومح فترك بعض الواجبات بادني مشقة ، و لم يسامح فالاقدام علي المنهيات و خصوصا الكبائر.

ويقول حذيفة بن اليمان رضى الله عنه: “كان الناس يسالون رسول الله صلي الله علية و سلم عن الخير، و كنت اسالة عن الشر مخافة ان يدركني” [رواة البخارى و مسلم و غيرهما].

وقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله و السحر…)، رواة البخارى و مسلم و غيرهما.

والسحر من كبائر الذنوب، و ربما قرنة الله عز و جل بالشرك؛ قال تعالى: {الم تر الي الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت و يقولون للذين كفروا هؤلاء اهدي من الذين امنوا سبيلا اولئك الذين لعنهم الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيرا} [النساء: 50-51]، و معني الجبت اي السحر, و ان مسالة التداوى بالسحر او ما يسمي بالنشرة الممنوعة مسالة قابلها صفوة علماء السلف و الخلف بالانكار بناء علي الدليل. فحين تتردد الان فالاوساط الاجتماعية فتوي شاذة ، يفرح فيها متصيدو الفتاوي و متتبعو الرخص، رجح بها صاحبها جواز التداوى بالسحر للمسحور، و هذا بناء علي توهمات و استنباطات عقلية معارضة للدين، و اعتمادا علي كلمات من اقوال السلف بعضها ثابت و بعضها يحتمل اكثر من معنى.

وحجج المجيزين قديما و حديثا ربما استوقفتني، و حرت فالجواب عنها فبادئ الامر، لكن اتضح بالبرهان بعد البحث ان الاحتجاج فيها باطل، و ردها متيسر لادني من يطلب العلم, بل انه لا يستساغ طرحها من بعضهم لمكانتة العلمية , فلا يخفي علي ذوى العلم و العقل الرشيد بطلان استدلالاتهم و عدم نهوضها لاثبات الاذن، مع و فرة الادلة التي تدحض هذة الفكرة نقلا و عقلا و تقتلعها من جذورها؛ لان الضابط -والحمد لله- و اضح، و خطوط الحرام و علاماتة بارزة لكل متبصر فاحكام الدين…… ان السحر حرام بالاجماع، بل هو من الكبائر و المهلكات التي تردى صاحبها فالنار ان لم يتب.

فالنشرة السحرية باطلة لعلة ملازمة لها، و هى السحر الذي هو و سيلة كفرية ممنوعة فالشرع؛ قال الحنابلة : ان عاد النهى لوصف ملازم فانة باطل. و الحكم العام فالسحر و اتيان السحرة الذي ثبت بالنصوص العامة الشرعية باق علي عمومة لانتفاء القرينة الصحيحة الثابتة التي تنقلة عن العموم…

فهذا بحث دونت فية جملة ما خذى علي مجيزى النشرة السحرية ، بعد حصر حججهم و استدلالاتهم و البحث فصحتها، و ان كنت لست اهلا لذلك، و لا ممن ينتصب لهذة المهام… و للة الحمد ربى الذي شرح صدرى لذلك، لا سيما و انى ربما شغلت بهذة الفتوي التي اراها تمس العقيدة و ادت لتساهل الناس فالذهاب للسحرة و اللجوء اليهم.. فان اصبت الحق فمن الله و حدة له الحمد و الفضل اولا و اخرا، و الخطا اعزوة لنفسى و الشيطان.

وقد جعلت البحث فثلاثة ابواب:


الباب الاول: و اقع السحر


الباب الثاني: علاج المسحور


الباب الثالث: رد حجج و استدلالات مجيزى فك السحر بسحر مثله

اسال الله جل و علا ان يعصمنى و اياهم من مضلات الفتن, و ان يجعلنا و اياهم مفاتيح للخير مغاليق للشر, ممن يستنون و يهتدون بهدى محمد صلي الله علية و سلم, و من دعاة الهدي لا من دعاة الضلالة , انه قريب مجيب الدعاء.


الباب الاول


( و اقع السحر )


تاريخ ظهور السحر:


ان السحر بعيد الغور فالحياة البشرية ، و لا يخلو اي عصر من العصور الا و تجد بصمات السحر تكمن فية ظاهرة جلية , قال تعالى: {ايضا ما اتي الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون} [الذاريات: 52]، و ذلك يدل علي ان جميع الامم السابقة ربما عايشت السحر و عرفته.

ومن اقدم الامم التي فشا بها السحر و ذاع (اهل بابل)، و هى مدينة عراقية اهلها الكلدانيون من النبط و السريانيون، و هم قوم صابئون يعبدون الكواكب السبعة ، و يسمونها الهة ، و يعتقدون انها الفعالة لكل ما فالعالم، و عملوا لها اوثانا علي اسمائها، و لكل و احد منهم هيكل فية صنمة يتقرب الية بما يوافقة بزعمهم من ادعية و بخور، و كانت علومهم فالنجوم، و يستخدمون سائر و جوة السحر، و ينسبونها الي فعل الكواكب؛ لئلا يبحث عنها و ينكشف تمويههم[1]، و اول ظهورة لديهم كان بطريق الملكين اللذين بعثهما الله -عز و جل- لتعليم السحر لمن اراده, اختبارا من الله لهم، و هما هاروت و ما روت، و مع هذا فهما يحذران من اراد تعلم السحر قبل الوقوع فيه، فيقولان له: لا تكفر، اي لا تاخذ السحر؛ لانة كفر، كما حكاة الله فكتابه: {يعلمون الناس السحر و ما انزل علي الملكين ببابل هاروت و ما روت و ما يعلمان من احد حتىٰ يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر} [البقرة : 102]، و ظل السحر سمة فارقة و متميزة لاهل بابل فالعراق علي مر العصور, قال كعب الاحبار لعمر بن الخطاب لما اراد ان يظهر للعراق: لا تظهر اليها يا امير المؤمنين؛ فان فيها تسعة اعشار السحر، و فيها فسقة الجن، و فيها الداء العضال. رواة الامام ما لك.

ثم بعد قصة هاروت و ما روت جاء عصر اول الرسل نوح علية السلام؛ قال ابن حجر: “وقصة هاروت و ما روت كانت من قبل زمن نوح علية السلام علي ما ذكر ابن اسحاق و غيره”، و يدل عموم قولة تعالى: {ايضا ما اتي الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون} [الذاريات: 52] ان جميع الاقوام زعموا ان نبيهم الذي جاءهم ساحر، و لا شك ان قوم نوح قالوا هذة المقالة و واجهوا فيها نبى الله نوحا علية السلام، و ذلك يدل علي و جود السحر فعصرهم.

واهل فارس كان بداية امرهم علي التوحيد، الي ان استولوا علي ارض بابل ففشا عندهم السحر، فاستعانوا بالطلاسم لاستحضار الكواكب لقضاء حاجاتهم و استطلاع الغيبيات.

وقوم فرعون -وهم القبطيون- كانوا يخلطون الادوية الطبية بالعزائم الشركية للشفاء من الامراض، و يتلون العزائم الشركية عند تحضير الموتي للانتقال للعالم الاخر، فاجراءات التحنيط و الدفن كانت مرتبطة بالسحر ارتباطا و ثيقا. و بلغ السحر مبلغا عظيما فايام (دلوكا) ملكة مصر بعد فرعون، فوضعوا السحر فالبرابى (وهى بيوت حكمة القبط يجلس بها الكاهن علي كرسى من ذهب) و صوروا فية عساكر الدنيا، فاى عسكر قصدهم، و اي شيء فعلوة تخيل هذا الجيش المصور او رجالة -من قلع الاعين او ضرب الرقاب- و قع بذلك العسكر فموضعه، فتحاشيهم العساكر، فاقاموا ستمائة سنة و النساء هن الملوك و الامراء بمصر بعد غرق فرعون و جيوشه، ايضا حكاة المؤرخون [2].

واما اهل الهند فحسبنا ان نعلم ان احد اسفار الفيدا الاربعة و هو سفر اترافا مخصص لمعرفة الرقي و السحر. و الفيدا هو الكتاب المقدس لدي الهندوس [3].

وفى بلاد الاغريق نحا اليونانيون ذلك المنحي من الاعتقاد بتاثير الرقي الشركية و العزائم و الطلاسم فحياة البشر، فالفوا فية الكتب و درسوا علم النجوم.

واليهود بلغ فيهم الامر الي ترك الشرعة البيتة و اتباع السحر؛ قال الله فيهم فسورة البقرة : {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله و راء ظهورهم كانهم لا يعلمون و اتبعوا ما تتلوا الشياطين علىٰ ملك سليمان..} [البقرة : 102]، و نسبت اليهود السحر الي نبى الله سليمان علية السلام، و تنكر ان يصبح سليمان نبيا مرسلا، بل يزعمون انه ساحر انقادت له الجن و الانس و الطير و الريح باخذة للسحر، فنزلت تبرئتة من هذة الفرية فالقران الكريم؛ قال تعالى: {وما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة : 102].

واختلف فالمراد بالاية ؛ فقيل: ان سليمان كان جمع كتب السحر و الكهانة فدفنها تحت كرسيه، فلم يكن احد من الشياطين يستطيع ان يدنو من الكرسي، فلما ما ت سليمان و ذهبت العلماء الذين يعرفون الامر، جاءهم شيطان فصورة انسان فقال لليهود: هل ادلكم علي كنز لا نظير له؟ قالوا: نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا -وهو متنح عنهم- فوجدوا تلك الكتب، فقال لهم: ان سليمان كان يضبط الانس و الجن بهذا، ففشا فيهم ان سليمان كان ساحرا، فلما نزل القران بذكر سليمان فالانبياء انكرت اليهود هذا و قالوا: انما كان ساحرا ا.ة [4].

تعريف السحر:


السحر لغة : الاخذة ، و جميع ما لطف ما خذة و دق فهو سحر، و الجمع اسحار و سحور، و اصل السحر: صرف الشيء عن حقيقتة الي غيره، فكان الساحر لما اري الباطل فصورة الحق و خيل الشيء علي غير حقيقتة ربما سحر الشيء عن و جهة اي صرفه، و قال الفراء فقولة تعالى: {فاني تسحرون} معناة فاني تصرفون؛ و قال يونس: تقول العرب للرجل: ما سحرك عن و جة هكذا و كذا؟ اي ما صرفك عنه؟ [5].

واصطلاحا: اختلفت تعريفات السحر اصطلاحا بناء علي اختلاف العلماء فية من حيث: هل هو حقيقة لها تاثير؟ او انه مجرد خيالات لا حقيقة لها؟ فتباينت التعريفات و افترقت بناء علي ذلك الخلاف، و الصواب ان السحر يشمل الامرين معا؛ فمنة ما هو حقيقة و له تاثير حسى علي الابدان و المحسوسات، و منة ما هو تخييل.

عرفة الرازى بما هو تخييل فقال: “اعلم ان لفظ السحر فعرف الشرع مختص بكل امر خفى سببه، و يتخيل علي غير حقيقته، و يجرى مجري التموية و الخدع؛ قال تعالى: (سحروا اعين الناس)”[6].

وعرفة ابن قدامة بما هو حقيقة فقال: هو عقد و رقي و كلام يتكلم بة او يكتبة او يعمل شيئا يؤثر فبدن المسحور او قلبة او عقلة من غير مباشرة له، و له حقيقة ؛ فمنة ما يقتل و ما يمرض و ما ياخذ الرجل عن امراتة فيمنعة و طاها، و منة ما يفرق بين المرء و زوجه، و ما يبغض احدهما الي الاخر او يحبب بين اثنين.


فقصر السحر علي ذكر نوع منة [7].

وعرفة احد العلماء المعاصرين تعريفا جمع فية القسمين فقال: “هو عبارة عن امور دقائق موغلة فالخفاء، ممكن اكتسابها بالتعلم، تشبة الخارق للعادة و ليس بها تحد، او تجرى مجري التموية و الخداع تصدر من نفس شريرة تؤثر فعالم العناصر بغير مباشرة او بمباشرة ” [8].

هل للسحر نوعيات تتباين فما هيتها، و تبعا لهذا التباين هل يفترق الحكم؟


اعلم ان نوعيات السحر التي عددها اهل العمل لا تظهر عن هذة الاقسام الثلاثة :


1- السحر الحقيقي


2- السحر التخيلي


(وهذان لا يتمان الا بالكفر و العبودية للشيطان).


3- السحر المجازي

القسم الاول: السحر الحقيقي


وهو جميع سحر كان له اثر حقيقى و ملموس فالخارج، و نوعياتة كما يلي:-

النوع الاول: ما يصبح بغير معين خارجي:


بل بهمة النفس و قوتها و قدراتها الروحية ، و هو سحر اصحاب الاوهام و النفوس القوية الخبيثة الفاسدة [9]، و بناء علية يقوم الساحر باقوال و افعال مخصوصة تقوى النفس حتي تؤثر فالاخرين بقدرة الله تعالى. و لا بد لهم لتحقيق هذا من رياضيات بليغة و اجتهادات و مجاهدات عسيرة ؛ كتقليل الغذاء، و الانقطاع عن الناس و غيرها.

ومن خواص النفوس ما يقتل؛ ففى الهند جماعة اذا و جهوا انفسهم لقتل شخص ما ت، و يشق صدرة فلا يوجد فية قلبه، بل انتزعوة من صدرة بالهمة و العزم و قوة النفس، و يجربون بالرمان فيجمعون علية هممهم فلا توجد فية حبة ، و خواص النفوس كثيرة لا تعد و لا تحصى، و الية مع غيرة الاشارة بقولة علية السلام: (الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة ) الحديث، و ليس جميع احد يؤذى بالعين، و الذين يؤذون فيها تختلف احوالهم؛ فمنهم من يصيد بالعين الطير فالهوي و يقلع الشجر العظيم [10].

وقد اخرج البزار بسند حسن عن جابر رفعة (اكثر من يموت بعد قضاء الله و قدرة بالنفس)، قال الراوي: يعنى بالعين.

ومعلوم ان النفوس الخبيثة لها اثار باذن الله تعالى، و من اصرح الادلة الشرعية فذلك قولة صلي الله علية و سلم: (العين حق، و لو كان شيء سابق القدر لسبقتة العين)، و ذلك الحديث الصحيح يدل علي ان همة العائن و قوة نفسة فالشر جعلها الله سببا للتاثير فالمصاب بالعين [11].

النوع الثاني: هو السحر الذي يستعان علية بمعين خارجي:


اولا: الاستعانة بالارواح الارضية ، و هم الشياطين من الجن، و اتصال النفوس الناطقة فيها اسهل من اتصالها بالارواح السماوية ؛ لما بينها من المناسبة و القرب، بعدها ان اصحاب الصنعة و ارباب التجربة شاهدوا ان الاتصال بهذة الارواح الارضية يحصل باعمال سهلة قليلة من الرقي و الدخن و التجريد[12]

فيقوم الساحر بتسخير الجن، و يعزم عليهم بالعزائم؛ ليطيعوه، و يتقرب لهم بما يحبونة من الكفر و الشرك، فيقضوا له اغراضه، فقد يكتب الساحر كلام الله بالنجاسات او يكتبة مقلوبا و غير ذلك.

ثانيا: الاستعانة بروحانيات الكواكب و الافلاك و الاجرام السماوية كما يزعمون، و يدخل من ضمنة نوعيات عدة :


– سحر الكلدانيين و الكشدانيين، الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة ، و هى السيارة ، و كانوا يعتقدون انها مدبرة العالم، و انها تاتى بالخير و الشر [13]، و هو سحر اهل بابل الذين بعث الله لهم ابراهيم علية السلام رادا علي ادعاءاتهم، و داحضا لشبهاتهم، و هم يزعمون ان الكواكب السبعة هى المدبرة للكون و المتصرفة فيه، و منها تصدر الخيرات و الشر و السعادة و النحوس، فيلبسون لها لباسا خاصا، و ينحرون لها الانعام، و صوروا لها تماثيل و سموها باسماء الكواكب؛ فالساحر فهذا النوع يعبد الكواكب و يعتقد تصرفها فالعالم.

– و منة الطلاسم: و حقيقتها نفس اسماء خاصة لها تعلق بالافلاك و الكواكب علي زعم اهل ذلك العلم، فاجسام من المعادن او غيرها، تحدث لها اثار خاصة ربطت فيها فمجارى العادات، فلا بد فالطلسم من هذة الثلاثة الاسماء المخصوصة و تعلقها ببعض اجزاء الفلك و جعلها فجسم من الاجسام، و لا بد مع هذا من قوة نفس خاصة لهذة الاعمال، فليس جميع النفوس مجبولة علي هذا [14].

– و منه: النظر فحركات الافلاك و النجوم و دورانها و طلوعها و غروبها و اقترانها و افتراقها، مع اعتقاد ان لكل نجم تاثيرا من ضرر او نفع عند انفرادها او افتراقها؛ من غلاء الاسعار او و قوع الحوادث، و منة الاستقاء بالانواء [15].


قال الرسول صلي للة علية و سلم: (من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد) رواة ابو داود.


وعن زيد بن خالد الجهني، انه قال: «صلي لنا رسول الله صلي الله علية و سلم صلاة الصبح بالحديبية فاثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف اقبل علي الناس فقال: هل تدرون ما ذا قال ربكم؟ قالوا: الله و رسولة اعلم. قال: قال: اصبح من عبادى مؤمن بى و كافر؛ فاما من قال: مطرنا بفضل الله و برحمته، فذلك مؤمن بى كافر بالكواكب، و اما من قال: مطرنا بنوء هكذا و كذا، فذلك كافر بى مؤمن بالكواكب»، رواة ابو داود.

– و منة النظر فمنازل القمر الثمانية و العشرين، مع اعتقاد التاثيرات فاقتران القمر بكل منها او مفارقته؛ من سعادة او نحوس، و ذلك ادعاء لعلم الغيب [16].

– و منة ما يفعلة من يستعمل حروف (ابجد هوز)، و يجعل لكل حرف منها قدرا من العدد معلوما، و يجرى علي هذا اسماء الادميين و الازمنة و الامكنة و غيرها، و يجمع جمعا معروفا عندة و يطرح طرحا خاصا، و يثبت اثباتا خاصا، و ينسبة الي الابراج الاثنى عشر المعروفة عند اهل الحساب، بعدها يحكم علي تلك القواعد بالسعود و النحوس و غيرها مما يوحية الية الشيطان، و كثير منهم يغير الاسم من اجل ذلك، او يفرق بين المرء و زوجتة بذلك، بدعوي انهم ان جمعهم بيت =لا يعيش احدهم، و ربما يتحكم بذلك فالغيب؛ فيدعى ان ذلك يولد له و ذلك لا، و ذلك ذكر و ذلك انثى، و ذلك يصبح غنيا و ذلك يصبح فقيرا، او غنيا او و ضيعا و نحو ذلك. كانة هو الكاتب هذا للجنين فبطن امه، لا و الله لا يدرية الملك الذي يكتب حتي يسال ربه، فكيف بهذا الكاذب المفتري؟ و يدعى ان هذا بصناعة اخترعها، و ذلك من اعظم الشرك فالربوبية ، و من صدق بة فقد كفر و العياذ بالله [17].

القسم الثاني :السحر التخييلي


وهو ان يقوم الساحر بالسيطرة علي القوي المتخيلة للشخص المسحور، فيتصرف بها بنوع من التصرف، و يلقى بها من الخيالات و الصور، بعدها ينزلها الي الحس من الرائي، فينظر لها الرائى ببصرة و كانها حقيقة فالخارج، و ليس فالاصل شيء من ذلك، و ينقل لنا ابن بطوطة عن اوحد الدين السنجارى (احد اهل العلم الذين كانوا ببلاد الصين) انه دخل علي رجل عابد فغار، فاخذ هذا العابد بيده, فخيل لاوحد الدين انه فقصر عظيم، و ان هذا العابد المبتدع قاعد فية علي سرير، و فوق راسة تاج، و حولة الوصائف الحسان، و الفواكة تتساقط فانهار هناك، و تخيل اوحد الدين انه اخذ تفاحة لياكلها، فاذا هو فالغار بين يدى هذا العابد الضال و هو يضحك منة [18].

ومثالة ان يقوم الساحر بتفريق اعضاء شخص احدث بعدها يعيدها، فالرائى يعتقد ان هذا حصل فالخارج، و الحقيقة ان الرائى و اقع تحت تاثير السحر التخييلي، و ما راة مجرد خيالات احدثها له الساحر فقواة المتخيلة . فوالله لم يحدث لا تقطيع و لا تجميع، انما هو سحر تخييلي.

– و منة السيمياء: بكسر السين، و هو عبارة عما يركب من خواص ارضية ؛ كدهن خاص، او ما ئعات خاصة ، او عبارات خاصة توجب تخيلات خاصة ، و ادراك الحواس الخمس او بعضها لحقائق من الاطعمة =و المشمومات و المبصرات و الملموسات و المسموعات، و ربما يصبح لذا و جود حقيقي؛ يخلق الله تلك الاعيان عند تلك المحاولات، و ربما لا تكون له حقيقة بل تخيل صرف، و ربما يستولى هذا علي الاوهام حتي يتخيل الوهم مضى السنين المتطاولة ، و يسلب الفكر الصحيح بالكلية ، و تصير احوال الانسان مع تلك المحاولات كحالات النائم من غير فرق، و يختص هذا كلة بمن عمل له، و من لم يعمل له لا يجد شيئا من هذا [19].

– الهيمياء: بكسر الهاء، قيل: هو ما تركب من خواص سماوية تضاف لاحوال الافلاك يحصل لمن عمل له شيء من هذا امور معلومة عند السحرة ، و ربما يبقي له ادراك، و ربما يسلبة بالكلية فتصير احوالة كحالات النائم من غير فرق حتي يتخيل مرور السنين الكثيرة فالزمن اليسير، و حدوث الاولاد و انقضاء الاعمار، و غير هذا فساعة و نحوها من الزمن اليسير، و من لم يعمل له هذا لا يجد شيئا مما ذكر و جميع ما يتصورة المسحور فهذة الحالة من الاوهام التي لا حقيقة لها [20].

فتفريقة بين المرء و زوجه: تخييلة بسحرة الي جميع و احد منهما شخص الاخر علي خلاف ما هو بة فحقيقتة من حسن و جمال، حتي يقبحة عنده، فينصرف بوجهة و يعرض عنه، حتي يحدث الزوج لامراتة فراقا، فيصبح الساحر مفرقا بينهما باحداثة الاسباب =الذين كان منة فرقة ما بينهما [21].


وقد يصبح التفريق بما يلقية الشيطان فقلب احدهما تجاة الاخر.

القسم الثالث: السحر المجازي


قال ابن كثير فتفسيره: “وادخل [اى الرازي] كثيرا من هذة الانواع المذكورة ففن السحر للطافة مداركها؛ لان السحر فاللغة عبارة عما لطف و خفى سببه”.

وانواعة كما يلي:


الاول: الاخذ بالعيون و خفة اليد


وهذا مبناة علي ان اغلاط البصر كثيرة ؛ فقد يري الشيء علي غير حقيقتة لبعض الاسباب العارضة ؛ فالبصر ربما يخطئ و يشتغل بالشيء المعين دون غيره، الا تري ذا الشعبذة الحاذق يخرج عمل شيء يذهل اذهان الناظرين بة و ياخذ عيونهم اليه، حتي اذا استفرغهم الشغل بذلك الشيء بالتحديق و نحوه، عمل شيئا احدث عملا بسرعة شديدة ، و حينئذ يخرج لهم شيء احدث غير ما انتظروه، فيتعجبون منة جدا، و لو انه سكت و لم يتكلم بما يصرف الخواطر الي ضد ما يريد ان يعمله، و لم تتحرك النفوس و الاوهام الي غير ما يريد اخراجه، لفطن الناظرون لكل ما يفعله، و كلما كانت الاحوال تفيد حسن البصر نوعا من نوعيات الخلل اشد، كان العمل احسن؛ كان يجلس المشعبذ فموضع مضيء جدا جدا او مظلم، فلا تقف القوة الناظرة علي احوالها [22].

الثاني: الاستعانة بخواص الادوية و الاطعمة = و الملابس


ومن هذا دخول بعض هؤلاء النار؛ حيث يدهنون جلودهم بمواد لها خاصية مقاومة النار، او يلبس ثيابا لا تحرقها النار، او ان يجعل فطعام احدهم بعض الادوية او الاطعمة = المبلدة المزيلة للعقل، او الدخن المسكرة التي تغير المزاج، فاذا تناولها تبلد عقلة و ذهبت فطنته، و ربما يستعين بهذة الادوية و نحوها فامساك الحيات او الاسود الضارية [23].

ومنة تغيير المشعوذ و جة انسان من البياض الي السواد، و هذة حيلة يقوم فيها المشعوذ بدهن الوجة بمادة (اكسيد البزموت) بعدها يضع امام المشاهدين اناء مليئا بالماء الممزوج بمادة الهيدروجين، بعدها يدعى انه يشم هذا الماء فيتحول و جهة من البياض للسواد، و هذا نتيجة التفاعل الكيميائى بين المادتين. و منة ان يامر الساعة بالتوقف عن الدوران فتقف، فيشير الي الساعة دون ان يلمسها و يخفى بيدة مغناطيسا، فتقف الساعة عن الحركة بتاثير المغناطيس [24].

الثالث: السعى بالنميمة و اغراء بعض الناس ببعض


وقد سمي الرسول صلي الله علية و سلم النميمة بالعضه؛ ففى صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: (الا انبئكم ما العضه؟ هى النميمة القالة بين الناس)، قال ابو الخطاب فعيون المسائل: “ومن السحر السعى بالنميمة و الافساد بين الناس” [25].

والنميمة علي قسمين: تارة تكون علي و جة التحريش بين الناس و تفريق قلوب المؤمنين، فهذا حرام متفق عليه، “فاما ان كانت علي و جة الاصلاح بين الناس و ائتلاف كلمة المسلمين؛ كما جاء فالحديث (ليس بالكذاب من ينمى خيرا), او يصبح علي و جة التخذيل و التفريق بين جموع الكفرة ، فهذا امر مطلوب؛ كما جاء فالحديث (الحرب خدعة )، و كما فعل نعيم بن مسعود فتفريق كلمة الاحزاب و بنى قريظة ؛ جاء الي هؤلاء فنمي اليهم عن هؤلاء كلاما، و نقل من هؤلاء الي اولئك شيئا اخر، بعدها لام بين هذا فتناكرت النفوس و افترقت، و انما يحذو علي كهذا الذكاء ذو البصيرة النافذة ، و الله المستعان [26].

الرابع: تعليق القلب


وهو ان يدعى الساحر انه عرف الاسم الاعظم، و ان الجن يطيعونة و ينقادون له فاكثر الامور، فاذا اتفق ان يصبح السامع لذا ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد انه حق و تعلق قلبة بذلك و حصل فنفسة نوع من الرعب و المخافة ، فاذا ما حصل الخوف ضعفت القوي الحساسة ، فحينئذ يتمكن الساحر ان يفعل ما يشاء.

(قلت) ذلك النمط يقال له التنبلة ، و انما يروج علي ضعفاء العقول من بنى ادم. و فعلم الفراسة ما يرشد الي معرفة كامل العقل من ناقصه؛ فاذا كان المتنبل حاذقا فعلم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيرة [27].

الخامس: البيان


عن ابن عمر ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: (ان من البيان لسحرا)، قال صعصعة بن صوحان: “صدق نبى الله؛ فان الرجل يصبح علية الحق و هو الحن من صاحب الحق، فيسحر القوم ببيانه، فيذهب بالحق”.

يعنى لتضمنة التخييل، فيخيل الباطل بالحق، و انما عني بالبيان المفاخرة و الخصومات بالباطل، كما يدل علية اصل القصة فالتميميين اللذين تفاخرا عندة باحسابهما و طعن احدهما بحسب الاخر و نسبه. و اما البيان بالحق لنصرة الحق فهو فريضة علي جميع مسلم ما استطاع لذا سبيلا[28].

وقد قسم بعض اهل العلم السحر الي نوعيات اخرى؛ منها: سحر الخمول, سحر الهواتف, سحر المرض، سحر المحبة (التولة )، سحر التفريق، سحر النزيف (الاستحاضة )، سحر التخييل، سحر الجنون، سحر تعطيل الزواج.

ومن نوعيات السحر العقد و النفث: قال الرسول صلي الله علية و سلم: (من عقد عقدة بعدها نفث بها فقد سحر)، و من السحر: زجر الطير، و الخط بالارض، و الطيرة ، قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (العيافة و الطيرة و الطرق من الجبت)، رواة ابو داود و احمد. و العيافة : هى زجر الطير و التفاؤل باصواتها و ممرها و باسمائها, و الطرق: هو الخط بالارض، قال ابن الاثير: “هو الضرب بالحصي الذي يفعلة النساء”، و الطيرة : اصلها التطير بالطير و الظباء، و هى من الشرك المنافى لكمال التوحيد الواجب؛ لكونها من القاء الشيطان و تخويفة و وسوسته، و الجبت: هو السحر، قالة عمر رضى الله عنه، و ابن عباس و مجاهد و الحسن و غيرهم [29].

فهذة نوعيات السحر ربما تقع بلفظ هو كفر، او اعتقاد هو كفر، او فعل هو كفر، فالاول: كالسب المتعلق بمن سبة كفر، و الثاني: كاعتقاد انفراد الكواكب او بعضها بالربوبية ، و الثالث: كاهانة ما اوجب الله تعظيمة من الكتاب العزيز و غيره؛ فهذة الثلاثة متي و قع شيء منها فالسحر فذلك السحر كفر لا مرية فية [30]، و متي و قعت هذة الانواع بشيء مباح، لم يكن هذا السحر كفرا، بل اما محرم؛ ان كان لا يروج هذا المباح الا بنحو الزنا و اللواط, و اما مباح؛ ان راج بدون ذلك، نعم و يصبح كفرا من جهة خارجة كقصد اضرارة صلي الله علية و سلم [31].

يقول النووي: “علم السحر حرام، و هو من الكبائر بالاجماع، و ربما عدة النبى صلي الله علية و سلم من السبع الموبقات، و منة ما يصبح كفرا، و منة ما لا يصبح كفرا، بل معصية كبار ، فان كان فية قول او فعل يقتضى الكفر فهو كفر، و الا فلا” [32].

حكم الساحر:


الساحر كافر؛ و الدليل قولة تعالى: {ولو انهم امنوا و اتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون}، و جة الدلالة : ان الاية تدل علي نفى الايمان عن السحرة ، قال ابن كثير: و ربما استدل بقوله: {ولو انهم ءامنوا و اتقوا} من ذهب الي تكفير الساحر، كما هو رواية عن الامام احمد بن حنبل و طائفة من السلف [33], و قال تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق} [البقرة : 102]، اي من استبدل بدينة السحر فمالة من نصيب، قال الحسن: ليس له دين، و قال الرسول صلي الله علية و سلم: (من تعلم شيئا من السحر قليلا كان او كثيرا كان احدث عهدة من الله)، و ذلك مرسل [34].

وقال تعالى: {ولا يفلح الساحر حيث اتى} [طه: 69] و جة الدلالة : ان الله سبحانة و تعالي نفي الفلاح عن الساحر نفيا عاما حيث توجة و سلك، و هذا دليل كفره؛ لان الفلاح لا ينفي بالكلية نفيا عاما الا عمن لا خير فية و هو الكافر، هذا انه ربما عرف باستقراء القران ان الغالب فية ان لفظة “لا يفلح” يراد فيها الكافر؛ كقولة تعالى: {قل ان الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون متاع فالدنيا بعدها الينا مرجعهم بعدها نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون} [يونس: 69], الي غير هذا من الايات [35]، و ربما سماة الله كفرا فقال: {انما نحن فتنة فلا تكفر} [البقرة : 102].

عن الحسن عن ابى هريرة قال: قال رسول الله صلي الله علية و سلم: «من عقد عقدة بعدها نفث بها فقد سحر، و من سحر فقد اشرك، و من تعلق شيئا و جميع اليه». رواة النسائي.

وعن عمران بن الحصين مرفوعا: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له..) الشاهد قوله: (ليس منا من سحر) فدل علي نفى الايمان عن الساحر.

قال الشافعي: ان اعتقد ما يوجب الكفر؛ كالتقرب الي الكواكب السبعة ، و انها تفعل ما يلتمس، او اعتقد حل السحر، كفر؛ لان القران نطق بتحريمه، و ثبت بالنقل المتواتر و الاجماع عليه، و الا فسق و لم يكفر.

عقوبة الساحر:


حد الساحر القتل، و روى عن كثير من الصحابة و لم ينكر عليهم احد هذا فكان اجماعا سكوتيا.

قال ابن المنذر: و اذا اقر الرجل انه سحر بكلام يصبح كفرا و جب قتلة ان لم يتب، و ايضا لو ثبتت بة علية بينة و وصفت البينة كلاما يصبح كفرا. و ان كان الكلام الذي ذكر انه سحر بة ليس بكفر لم يجز قتله، فان كان اخر فالمسحور جناية توجب القصاص اقتص منة ان كان عمد ذلك؛ و ان كان مما لا قصاص فية ففية دية هذا [36].

عن محمد بن عبدالرحمن بن سعد بن زرارة انه بلغة ان حفصة زوج النبى قتلت جارية لها سحرتها، و ربما كانت دبرتها، فامرت فيها فقتلت، قال ما لك: الساحر الذي يعمل السحر، و لم يعمل هذا له غيره، هو كالذى قال الله تبارك و تعالي فكتابه: {ولقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق} [البقرة : 102]، فاري ان يقتل هذا اذا عمل هذا هو نفسه. [موطا الامام ما لك – كتاب العقول].

وروى عن جندب بن عبد الله عن النبى انه قال: «حد الساحر ضربة بالسيف»، رواة الترمذي.

وروي ابو داود فسننة عن بجالة قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الاحنف بن قيس، اذ جاءنا كتاب عمر قبل موتة بسنة : اقتلوا جميع ساحر، فقتلنا ثلاث سواحر فيوم.

وقد روى من طرق متعددة ان الوليد بن عقبة كان عندة ساحر يلعب بين يديه، فكان يضرب راس الرجل، بعدها يصيح بة فيرد الية راسه، فقال الناس: سبحان الله يحيى الموتى! و راة رجل من صالحى المهاجرين، فلما كان الغد جاء مشتملا علي سيفة و ذهب يلعب لعبة ذلك، فاخترط الرجل سيفة فضرب عنق الساحر، و قال: ان كان صادقا فليحى نفسه، و تلا قولة تعالى: {افتاتون السحر و انتم تبصرون} [الانبياء: 3]، فغضب الوليد اذ لم يستاذنة فذلك، فسجنة بعدها اطلقة [37].

كما روي البخارى فالتاريخ الكبير بسند صحيح عن ابى عثمان: (كان عند الوليد رجل يلعب، فذبح انسانا و ابان راسه، فعجبنا، فاعاد راسه، فجاء جندب الازدى فقتله).

فحد الساحر القتل؛ روى هذا عن عمر، و عثمان بن عفان، و ابن عمر، و حفصة و جندب بن عبد الله، و جندب بن كعب، و قيس بن سعد، و عمر بن عبدالعزيز، و هو قول ابى حنيفة و ما لك، و لم ير الشافعى علية القتل بمجرد السحر، و وجة هذا ان عائشة رضى الله عنها باعت مدبرة سحرتها، و لو و جب قتلها لما حل بيعها، و لان النبى قال: «لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدي ثلاث: كفر بعد ايمان، او زنا بعد احصان، او قتل نفس بغير حق»، و لم يصدر منة احد الثلاثة ، فوجب ان لا يحل دمة [38].

فيجاب عنه: ان الامة لم تصنع السحر، انما ذهبت لساحر يصنع لها السحر، او انها ربما تكون تابت بعدها, او ان يصبح سحرها من النوع الذي بالادوية و خفة اليد و الخداع، فلم يشمل كفرا فلا تعتبر مرتدة لتقتل. و زاد ابو حنيفة فقال: و ان قتل بسحرة لم يقتل، الا ان يتكرر هذا منه.

ودليلنا علي انه يقتل و ان لم يتكرر منة الفعل عموم الخبر فقوله: (حد الساحر ضربة بالسيف)، و لان جميع فعل اوجب القتل تكرارة اوجب القتل عند ابتدائة [39].

هل يستتاب الساحر؟


عن ما لك: الساحر كافر؛ يقتل بالسحر و لا يستتاب، بل يتحتم قتلة كالزنديق.

وللحنابلة فية روايتان؛ احداهما: لا يستتاب؛ لان الصحابة لم يستتيبوهم، و لان علم السحر لا يزول بالتوبة ، و الثانية =: يستتاب؛ فان تاب قبلت توبتة و خلى سبيله؛ لان ذنبة لا يزيد علي الشرك، و المشرك يستتاب، و تقبل توبته، فايضا الساحر. و علمة بالسحر لا يمنع توبته؛ بدليل ساحر اهل الكتاب اذا اسلم، و لذا صح ايمان سحرة فرعون و توبتهم. [40]، و لان فتوبتة منفعة للمسلمين؛ لانة بعد التوبة هو عالم بالسحر يمكنة حلة فكان فذلك منفعة . [41].

وقد روي هشام بن عروة عن ابية عن عائشة ان امراة جاءتها، فجعلت تبكى بكاء شديدا، و قالت: يا ام المؤمنين، ان عجوزا ذهبت بى الي هاروت و ما روت، ليعلمانى السحر فقالا: اتقى الله و لا تكفري؛ فانك علي راس امرك، فقلت: علمانى السحر، فقالا: اذهبى الي هذا التنور فبولى فيه، ففعلت، فرايت كان فارسا مقنعا فالحديد خرج منى حتي طار، فغاب فالسماء، فرجعت اليهما فاخبرتهما، فقالا: هذا ايمانك، فذكرت باقى القصة الي ان قالت: و الله يا ام المؤمنين، ما صنعت شيئا غير هذا، و لا اصنعة ابدا، فهل لى من توبة ؟ قالت عائشة : و رايتها تبكى بكاء شديدا، فطافت فاصحاب رسول الله و هم متوافرون تسالهم هل لها من توبة ؟ فما افتاها احد الا ان ابن عباس قال لها: ان كان احد من ابويك حيا فبريه، و اكثرى عن عمل البر ما استطعت.

ويكفر بتعلم السحر، و العمل به؛ لقولة تعالى: {وما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر و ما انزل علي الملكين ببابل هاروت و ما روت و ما يعلمان من احد حتي يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر} [البقرة : 102]، فدل ذلك علي انه يكفر بتعلمة السحر.

وقد اجاز بعض العلماء تعلم السحر لاحد امرين: اما لتمييز ما فية كفر من غيره، و اما لازالتة عمن و قع فيه؛ فاما الاول فلا محذور فية الا من جهة الاعتقاد، فاذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجردة لا تستلزم منعا، و اما الثاني فان كان لا يتم -كما زعم بعضهم- الا بنوع من نوعيات الكفر او الفسق فلا يحل اصلا، و الا جاز للمعني المذكور [42].

ما حكم اتيان الساحر؟


قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (من اتي عرافا او ساحرا او كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما انزل علي محمد صلي الله علية و سلم)، و قال: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له).

فهنا بين رسول الله كفر من اتي الساحر و طلب السحر عموما لاى غرض كان، “والكفر هنا ظاهرة الكفر الحقيقى و هو الكفر الاكبر، و قيل الكفر المجازى و هو الكفر الاصغر، و قيل: من اعتقد ان العراف او الساحر او الكاهن يعرفان الغيب و يطلعان علي الاسرار الالهية كان كافرا كفرا اكبر؛ كمن اعتقد تاثير الكواكب، و الا فلا [43]، و قيل: انه كفر اصغر لا يظهر عن الملة ، ذلك المشهور عن الامام احمد.


الباب الثاني


( علاج السحر )


مشروعية التداوى فالاسلام:


ان التداوى لا ينافى التوكل، كما لا ينافية دفع الجوع و العطش بالطعام و الشرب، و ايضا اجتناب المهلكات، و الدعاء بطلب العافية و دفع المضار و غير ذلك.

قال صلي الله علية و سلم: “ما انزل الله من داء الا انزل له دواء”.

وعن اسامة بن شريك قال: «اتيت النبى صلي الله علية و سلم، و اصحابة كانما علي رؤوسهم الطير، فسلمت بعدها قعدت، فجاء الاعراب من هاهنا و هاهنا، فقالوا: يا رسول الله انتداوى؟ فقال: تداووا؛ فان الله تعالي لم يضع داء الا و ضع له دواء، غير داء و احد الهرم»، رواة ابو داود و الترمذى و احمد.

وحتي الداء القاتل الذي اعترف حذاق الاطباء بان لا دواء له، و اقروا بالعجز عن مداواته، فان له دواء لكنة مجهول، بناء علي ما جاء فحديث ابن مسعود من قوله: (وجهلة من جهله).

وقد اخرج ابن ما جة من طريق ابى خزامة عن ابية قال: قلت: يا رسول الله، ارايت رقي نسترقيها، و دواء نتداوي به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال: هى من قدر الله تعالى.

وقد اجمع العلماء علي جواز الرقي عند اجتماع ثلاثة شروط:


1- ان يصبح بكلام الله تعالي او باسمائة و صفاته.


2- و باللسان العربى او بما يعرف معناة من غيره.


3- و ان يعتقد ان الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى.

ففى صحيح مسلم من حديث عوف بن ما لك قال: كنا نرقى فالجاهلية ، فقلنا: يا رسول الله كيف تري فذلك؟ فقال: “اعرضوا على رقاكم، لا باس بالرقي ما لم يكن فية شرك”.

وقد تمسك قوم بهذا العموم فاجازوا جميع رقية جربت منفعتها و لو لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف انه مهما كان من الرقي يؤدى الي الشرك يمنع، و ما لا يعقل معناة لا يؤمن ان يؤدى الي الشرك فيمتنع احتياطا [44].

العلاج المشروع للسحر:


قبل البداية فالعلاج يجب علي المسلم ان يحصن نفسة و اهلة من شر شياطين الانس و الجن، و هذا بقراءة اذكار المساء و الصباح و اذكار النوم، و المحافظة عليها، و كذلك المحافظة علي قراءة (قل هو الله احد) و المعوذتين و اية الكرسى بعد جميع صلاة ، و الاكثار من قول (بسم الله الذي لا يضر مع اسمة شيء فالارض و لا فالسماء و هو السميع العليم) و قول (اعوذ بعبارات الله التامة من شر ما خلق)، و كان النبى صلي الله علية و سلم يعوذ فيها الحسن و الحسين.

وقد جمع العلماء من الاذكار و الدعوات التي يقولها العبد اذا اصبح و اذا امسي و اذا نام و اذا خاف شيئا و امثال هذا من الاسباب ما فية بلاغ، فمن سلك كهذا السبيل فقد سلك سبيل اولياء الله الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون، و من دخل فسبيل اهل الجبت و الطاغوت الداخلة فالشرك فقد خسر الدنيا و الاخرة ، و بذلك ذم الله من ذمة من مبدلة اهل الكتاب اذ قال: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله و راء ظهورهم كانهم لا يعلمون * و اتبعوا ما تتلوا الشياطين} -الي قوله- {ولبئس ما شروا بة انفسهم لو كانوا يعلمون} [البقرة : 102] [45].

واما ما و رد فالكتاب و السنة و كلام السلف عن علاج السحر بعد و قوعة و الاصابة بة فهو كما يلي:


اولا- اللجوء للرقية الشرعية :


ا- بالقران الكريم:


فالقران كلة شفاء؛ قال تعالى: {قل هو للذين امنوا هدي و شفاء} [فصلت: 44]، و قال سبحانة : {وننزل من القران ما هو شفاء و رحمة } [الاسراء: 82]، و هنالك سور و ايات مخصوصة فعلاج السحر؛ منها:


– قراءة سورة البقرة ، و فحديث مسلم: “اقراوا سورة البقرة ؛ فان اخذها بركة ، و تركها حسرة ، و لا يستطيعها البطلة “، قال معاوية : بلغنى ان البطلة السحرة .

– سورة الفاتحة ؛ فعن خارجة بن الصلت التميمى عن عمه: «انة اتي النبى صلي الله علية و سلم فاسلم، بعدها اقبل راجعا من عنده، فمر علي قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال اهله: انا حدثنا ان صاحبكم هٰذا ربما جاء بخير، فهل عندكم شيء تداوونه؟ فرقيتة بفاتحة الكتاب، فبرا، فاعطونى ما ئة شاة ، فاتيت رسول الله صلي الله علية و سلم، فاخبرته، فقال: هل الا هٰذا؟ و قال مسدد فموضع اخر: هل قلت غير هٰذا؟ قلت: لا، قال: خذها؛ فلعمرى لمن طعام برقية باطل لقد اكلت برقية حق»، قال: «فرقاة بفاتحة الكتاب ثلاثة ايام غدوة و عشية كلما ختمها جمع بزاقة بعدها تفل، فكانما انشط من عقال. رواة ابو داود.

– و فعون المعبود كتاب الطب قال: قال الرسول الله صلي الله علية و سلم: (فلعل طبا اصابة بعدها نشرة ب(قل اعوذ برب الناس) اي رقاه)، و الطب هو السحر سمى بذلك تفاؤلا.

فانفع ما يستخدم فاذهاب السحر ما انزل الله علي رسولة فاذهاب ذلك، و هما المعوذتان, و فالحديث (ولم يتعوذ المتعوذ بمثلهما)، و ايضا قراءة اية الكرسى فانها مطردة للشياطين [46].

– قال القرطبي: قال ابن عباس: من اخذ مضجعة من الليل بعدها تلا هذة الاية : {ما جئتم بة السحر ان الله سيبطلة ان الله لا يصلح عمل المفسدين} [يونس: 81] لم يضرة كيد ساحر، و لا تكتب علي مسحور الا دفع الله عنة السحر [47].

– قال ابن ابى حاتم: عن ليث -وهو ابن ابى سليم- قال: بلغنى ان هؤلاء الايات شفاء من السحر باذن الله تعالى؛ تقرا فاناء فية ماء بعدها تصب علي راس المسحور:


ا- {فلما القوا قال موسي ما جئتم بة السحر ان الله سيبطلة ان الله لا يصلح عمل المفسدين و يحق الله الحق بكلماتة و لو كرة المجرمون} [يونس: 81-82]

ب- {فوقع الحق و بطل ما كانوا يعملون فغلبوا هناك و انقلبوا صاغرين و القى السحرة ساجدين قالوا امنا برب العالمين رب موسي و هارون} [الاعراف: 118-122]

ج- {انما صنعوا كيد ساحر و لا يفلح الساحر حيث اتى} [طه: 69] ا.ه.

– و هنالك ايات اخري مجربة ففك السحر و ابطالة [48]:-


ا- قال تعالى: {يا ايها الناس ربما جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما فالصدور و هدي و رحمة للمؤمنين} [يونس: 57]

ب- قال تعالى: {قالوا ارجة و اخاة و ابعث فالمدائن حاشرين * ياتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * و قيل للناس هل انتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين * فلما جاء السحرة قالوا لفرعون ائن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين * قال نعم و انكم اذا لمن المقربين * قال لهم موسي القوا ما انتم ملقون * فالقوا حبالهم و عصيهم و قالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون * فالقي موسي عصاة فاذا هى تلقف ما يافكون * فالقى السحرة ساجدين * قالوا امنا برب العالمين} [الشعراء: 36-47].


ج- قال تعالى: {ولو جعلناة قرانا اعجميا لقالوا لولا فصلت اياتة ءاعجمى و عربى قل هو للذين امنوا هدي و شفاء و الذين لا يؤمنون فاذانهم و قر و هو عليهم عمي اولئك ينادون من مكان بعيد} [فصلت: 44]..


واية الكرسى و المعوذتان و سورة الكافرون، و هذة الايات مع التي قبلها فرقية المسحور بالاضافة الي ايات الشفاء، و تكون الرقية بالنفث مباشرة علي المسحور، او بقراءتها علي ماء نظيف بعدها الاحتساء منة مع الاغتسال بة فمكان طاهر، و يروي عن عائشة انها كانت لا تري باسا ان يعوذ فالماء بعدها يعالج بة المريض، او بقراءتها علي زيت الحبة السوداء و دهن جسد المسحور به، و ثبت فصحيح البخارى ان نبينا صلي الله علية و سلم قال: (فى الحبة السوداء شفاء من جميع داء الا السام)، و السام: الموت.

ب- بالادعية و التعوذات النبوية العامة لكل داء:


– عن ابن عباس قال: «كان رسول الله يعوذ الحسن و الحسين؛ يقول: اعيذكما بعبارات الله التامة ، من جميع شيطان و هامة ، و من جميع عين لامة . و يقول: كذا كان ابراهيم يعوذ اسحاق و اسماعيل عليهم السلام»، سنن ابى داود.

– عن ابن عباس قال: «كان النبى صلي الله علية و سلم يدعو عند الكرب؛ يقول: لا الة الا الله العظيم الحليم، لا الة الا الله رب السماوات و الارض و رب العرش العظيم»، صحيح البخاري.

– عن هشام بن عروة قال: اخبرنى ابى عن عائشة «ان رسول الله صلي الله علية و سلم كان يرقي؛ يقول: امسح الباس، رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له الا انت»، رواة البخاري.

_ عن عثمان بن ابى العاص الثقفى انه شكا الىٰ رسول الله و جعا يجدة فجسدة منذ اسلم، فقال له رسول الله: «ضع يدك علىٰ الذي تالم من جسدك. و قل: باسم الله، ثلاثا. و قل، سبع مرات: اعوذ بالله و قدرتة من شر ما اجد و احاذر»، رواة مسلم.

– عن ابى الدرداء قال: سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: «من اشتكي منكم شيئا او اشتكاة اخ له فليقل: ربنا الله الذي فالسماء، تقدس اسمك، امرك فالسماء و الارض، كما رحمتك فالسماء فاجعل رحمتك فالارض، اغفر لنا حوبنا و خطايانا انت رب الطيبين انزل رحمة من رحمتك و شفاء من شفائك علي ذلك الوجع فيبرا»، رواة ابو داود.

– عن عمرو بن شعيب عن ابية عن جده: «ان رسول الله صلي الله علية و سلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: اعوذ بعبارات الله التامة من غضبة و شر عباده، و من همزات الشياطين و ان يحضرون»، رواة ابو داود.

ثانيا:- الادوية المباحة التي نصت عليها السنة :


– التصبح جميع يوم بسبع تمرات من عجوة المدينة ؛ فعن عائشة ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: «فى عجوة العالية اول البكرة علي ريق النفس شفاء من جميع سحر او سم»، رواة احمد و ابو داود.

وعن عامر بن سعد عن ابية قال: قال صلي الله علية و سلم: “من اصطبح جميع يوم بتمرات عجوة لم يضرة سم و لا سحر هذا اليوم الي الليل”. و كون العجوة تنفع من السم و السحر انما هو ببركة دعوة النبى صلي الله علية و سلم لتمر المدينة لا لخاصية فالتمر [49].

– استخدام الحجامة ؛ اي استفراغ الدم من العضو الذي يصل الية اذي السحر؛ فعن ابى هريرة ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: «ان كان فشيء مما تداويتم بة خير فالحجامة »، رواة ابو داود. و روى ان الرسول احتجم بقرن لما طب اي لما سحر.

قال ابن القيم فزاد المعاد:


“النوع الثاني: الاستفراغ فالمحل الذي يصل الية اذي السحر؛ فان للسحر تاثيرا فالطبيعة و هيجان اخلاطها و تشويش مزاجها، فاذا ظهر اثرة فعضو و امكن استفراغ المادة الرديئة من هذا العضو، نفع جدا. و ربما ذكر ابو عبيد فكتاب غريب الحديث له باسنادة عن عبدالرحمن بن ابى ليلي ان النبى صلي الله علية و سلم احتجم علي راسة بقرن حين طب، قال ابو عبيد: معني طب سحر”.

– ذكر ابن بطال ان فكتب و هب بن منبه: ان ياخذ سبع و رقات من سدر اخضر –النبق-فيدقة بين حجرين، بعدها يضربة بالماء و يقرا فية اية الكرسى و ذوات قل، بعدها يحسو منة ثلاث حسوات، بعدها يغتسل به، فانة يذهب عنة جميع ما به، و هو جيد للرجل اذا حبس عن اهلة [50].

– قال ابن حجر: “واما النشرة فانة يجمع ايام الربيع ما قدر علية من و رد المفازة و ورد البساتين، بعدها يلقيها فاناء نظيف و يجعل بها ماء عذبا، بعدها يغلى هذا الورد فالماء غليا يسيرا، بعدها يمهل حتي اذا فتر الماء افاضة عليه، فانة يبرا باذن الله”.

– و من انجح الادوية كذلك الوصول الي مكان السحر بعد البحث عنه، و استخراجة لابطالة بقراءة المعوذات علية و ايات السحر، بعدها كسرة ان كان و دعا او صدفا، او اذابتة ان كان (بودرة )، او حرقة بعد القراءة عليه، و كما صح عنة صلي الله علية و سلم انه سال الله سبحانة و تعالي فذلك فارشدة اليه، و لا سبيل الي هذا الا بسؤال الله تعالي مع الالحاح فالدعاء بان يكشف له مكان السحر، و اعلم ان الله سميع قريب، و يجيب الدعاء اذا دعاة عبدة بصدق و اخلاص، مع تمام المسكنة و كامل التوكل، و اعلم كذلك ان الله حيى كريم و يستحيى ان يرد يدى عبدة صفرا، فجد فالمسالة و ثق بالاجابة باذن الله، فقد يمن الله علي عبدة بان يرية رؤيا تدلة علي مكان السحر و الرؤيا جزء من اجزاء النبوة ؛ فعن انس بن ما لك ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و اربعين جزءا من النبوة »، رواة البخاري.

او ان يقدر الله بان يتكلم الجنى الموكل بالسحر فيخبر عن مكان السحر.

– قال ابن حجر: (اخرج عبدالرزاق من طريق الشعبى قال: لا باس بالنشرة العربية التي اذا و طئت لا تضره، و هى ان يظهر الانسان فموضع عضاه، فياخذ عن يمينة و عن شمالة من كل، بعدها يدقة و يقرا فية بعدها يغتسل به)، اي ياخذ من اوراق اشجار الشوك التي عن يمينة و عن شمالة فالبقعة التي هو فيها.

– و ورد فكتب العلم علاج خاص للمربوط عن زوجته؛ يقول ابن حجر: (المبتلي بذلك ياخذ حزمة قضبان و فاسا ذا قطارين، و يضعة فو سط تلك الحزمة ، بعدها يؤجج نارا فتلك الحزمة حتي اذا حمى الفاس استخرجة من النار و بال علي حره، فانة يبرا باذن الله تعالى) [51]، فالابخرة المتصاعدة من الفاس بعد تسخينة علي النار تفيد المربوط عند تعريض الذكر لهذة الابخرة فيخرج الجنى باذن الله و يبطل السحر.

– اما السحر المطعوم او المشروب فان علاجة باستسهال البطن للمسحور مع اخذ الرقية الشرعية .


الباب الثالث


( فك السحر بالسحر )


القول الراجح فمسالة فك السحر عن المسحور بالسحر:


لا يجوز فك السحر بالسحر؛ لعموم ادلة التحريم من الكتاب و السنة ، و هى عامة فحال التداوي، او النشرة ، او قصد الاذية ، و من فرق بينها فقد فرق بين ما جمع الله بينة و خص العموم، و ذلك لا يجوز بدون مسوغ, و القاعدة عند العلماء ان ما حرم فعلة حرم طلبه.

اولا:عموم ادلة التحريم من الكتاب


يقول تعالي فمحكم كتابه: {…ويتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم و لقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق…} [البقرة : 102]. هم يعتقدون انه نفع لما يتعجلون بة من بلوغ الغرض، و حقيقتة مضرة ؛ لما فية من عظيم سوء العاقبة ، و حقيقة الضرر عند اهل السنة : جميع الم لا نفع يوازيه، و حقيقة النفع: جميع لذة لا يعقبها عقاب و لا تلحق فية ندامة ، و الضرر و عدم المنفعة فالسحر متحققة [52].


وقال تعالى: {…ولبئس ما شروا بة انفسهم لو كانوا يعلمون} [البقرة : 102].


وقال تعالى: {يامرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث} [الاعراف: 157].


الشاهد (ويحرم عليهم الخبائث)، و السحر لما يحوية من الكفر هو اولي بالتحريم، و هو اعلي درجات الخبائث لما فية من الكفر و الشرك.

ثانيا: نصوص السنه


– قولة صلي الله علية و سلم: “اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله ما هن؟ قال: الشرك بالله، و السحر، و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق، و طعام ما ل اليتيم، و طعام الربا، و التولى يوم الزحف، و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات”، رواة البخارى و مسلم.

يقول شارح كتاب التوحيد: “قولة اجتنبوا اي ابعدوا, و هو ابلغ من قولة دعوا و اتركوا؛ لان النهى عن القربان ابلغ”.

– عن جابر بن عبد الله -رضى الله عنهما- قال: سئل رسول الله صلي الله علية و سلم عن النشرة ، فقال: (هى من عمل الشيطان)، رواة الامام احمد و ابو داود.

و(النشرة ): هى ضرب من العلاج و الرقية ، يعالج بة من يظن ان بة مسا من الجن، سميت نشرة ؛ لانة ينشر فيها عنة ما خامرة من الداء: اي يكشف و يزال.

قال ابن الجوزي: النشرة حل السحر عن المسحور، و لا يكاد يقدر علية الا من يعرف السحر، و فكلامة اشارة منة انه لا يري جوازها لما بها من السحر. و ربما سئل الحسن عن النشرة فقال: لا يحل السحر الا ساحر، و الساحر كافر، و حكمة القتل، و لا يستعان به، و قال الامام احمد: ابن مسعود يكرة ذلك كله، اي الرقي كلها.

قال ابن القيم -رحمة الله-: “النشرة : حل السحر عن المسحور، و هى نوعان: حل السحر بمثلة و الذي هو من عمل الشيطان، و علية يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر و المنتشر الي الشيطان بما يحب فيبطل عملة عن المسحور.

والثاني: بالرقية و التعوذات و الادوية المباحة فهذا جائز” انتهي كلام ابن القيم.

والشاهد علي ان الرقية بالقران تسمي نشرة ما جاء فالحديث: “..فنشرة ب(قل اعوذ برب الناس)” اي رقاه.

وفى عون المعبود قال: “قوله: (هو من عمل الشيطان): اي من النوع الذي كان اهل الجاهلية يعالجون بة و يعتقدون فيه، و اما ما كان من الايات القرانية و الاسماء و الصفات الربانية و الدعوات الماثورة النبوية فلا باس به”..

– و قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (من اتي عرافا او ساحرا او كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما انزل علي محمد صلي الله علية و سلم)، رواة ابو يعلي من حديث ابن مسعود موقوفا، و رواة البزار، و صححة الالبانى فصحيح الجامع.

– و عن عمران بن الحصين مرفوعا: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له…)، رواة البزار، و هو حديث صحيح فصحيح الجامع و السلسلة الصحيحة .

– حكاية الصحابية زوجة عبد الله بن مسعود فالاثر المشهور، و ملخصها انها كانت عندها راقية ترقى بالسحر بخيط تربطة فكتفها، فدخل ابن مسعود فاختبات الساحرة تحت السرير، فراي ابن مسعود الخيط فكتف امراته، فعلم انه سحر فنزع الخيط و قال: (ان ابن ام عبد و الة اغنياء عن الشرك).

– و عن ام الدرداء عن ابى الدرداء، قال: قال رسول الله صلي الله علية و سلم: «ان الله انزل الداء و الدواء، و جعل لكل داء دواء، فتداووا و لا تتداووا بحرام»، سنن ابى داود كتاب الطب، و صححة الالبانى فالسلسلة الصحيحة بلفظ: (ان الله تعالي خلق الداء و الدواء، فتداووا و لا تتداووا بحرام).

– و فرواية : سئل ابن مسعود عن التداوى بشيء من المحرمات فاجاب: (ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)، علقة البخارى فصحيحه، و فالحديث: رضيت لامتى ما رضى لها ابن ام عبد، لمعرفتة بشفقتة عليهم و نصيحتة لهم، و ابن ام عبد: هو عبد الله بن مسعود.

– و فالفتح قال الحافظ.. “ولابى داود مرفوعا من حديث ام سلمة قال صلي الله علية و سلم: (ان الله لم يجعل شفاء امتى فيما حرم عليها).

– قالت ام سلمة -رضى الله عنها-: اشتكت ابنة لي، فنبذت لها فكوز، فدخل النبى صلي الله علية و سلم و هو يغلي، فقال: ما هذا؟ فقلت: ان ابنتى اشتكت فنبذنا لها هذا، فقال رسول الله صلي الله علية و سلم: (ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)، و فرواية : (ان الله لم يجعل فحرام شفاء)، انظر السلسلة الصحيحة .

– عن ابى هريرة -رضى الله عنه- قال: ان رسول الله صلي الله علية و سلم نهي عن الدواء الخبيث، سنن ابى داود، و الترمذى كتاب الطب، و رواة احمد، و قيل: هو النجس او الحرام او ما ينفر عنة الطبع [53].

ثالثا: بعض اقوال اهل العلم


قال شيخ الاسلام ابن تيمية -رحمة الله-: (والمسلمون و ان تنازعوا فجواز التداوى بالمحرمات كالميتة و الخنزير، فلا يتنازعون فان الكفر و الشرك لا يجوز التداوى بة بحال؛ لان هذا محرم فكل حال، و ليس ذلك كالتكلم بة عند الاكراه، فان هذا انما يجوز اذا كان قلبة مطمئنا بالايمان، و التكلم بة انما يؤثر اذا كان بقلب صاحبه، و لو تكلم بة مع طمانينة قلبة بالايمان لم يؤثر) [54].

قال الشيخ محمد بن ابراهيم -رحمة الله-: (قال بعض الحنابلة : يجوز الحل بسحر ضرورة ، و القول الاخر انه لا يحل، و ذلك الثاني هو الصحيح، و حقيقتة انه يتقرب الناشر و المنتشر الي الشيطان بما يحب من ذبح شيء او السجود له او غير ذلك، فاذا فعل هذا ساعد الشيطان، و جاء الي اخوانة الشياطين الذين عملوا هذا العمل، فيبطل عملة عن المسحور، افيعمل الكفر لتحيا نفوس مريضة او مصابة ؟ مع ان الغالب فالمسحور انه يموت او يختل عقله، فالرسول صلي الله علية و سلم منع و سد الباب، و لم يفصل فعمل الشيطان و لا فالمسحور) [55].

قال الشيخ محمد الامين الشنقيطي: (التحقيق الذي لا ينبغى العدول عنة فهذة المسالة : ان استخراج السحر ان كان بالقران كالمعوذتين، و اية الكرسي، و نحو هذا مما تجوز الرقية به، فلا ما نع من ذلك، و ان كان بسحر، او الفاظ اعجمية ، او بما لا يفهم معناه، او بنوع احدث مما لا يجوز، فانة ممنوع، و ذلك و اضح، و هو الصواب ان شاء الله تعالي كما ترى) [56].


وقال الشيخ حافظ حكمي:


وحلة بالوحى نصا يشرع اما بسحر مثلة فيمنع

(وحله) يعنى حل السحر عن المسحور (ب) الرقي و التعاويذ و الادعية من (الوحي) الكتاب و السنة (نصا) اي بالنص (يشرع) كما رقي جبريل النبى صلي الله علية و سلم بالمعوذتين، و كما يشمل هذا احاديث الرقى.

وقال –رحمة الله–: (اما حل السحر عن المسحور بسحر مثلة فيحرم؛ فانة معاونة للساحر، و اقرار له علي عمله، و تقرب الي الشيطان بانواع القرب ليبطل عملة عن المسحور، و لهذا قال الحسن: لا يحل السحر الا ساحر، و قال الرسول -صلي الله علية و سلم- عنها: هى من عمل الشيطان. و لهذا تري كثيرا من السحرة الفجرة فالازمان التي لا سيف بها يردعهم يتعمد سحر الناس ممن يحبة او يبغضه، ليضطرة بذلك الي سؤالة حله، ليتوصل بذلك الي اموال الناس بالباطل، فيستحوذ علي اموالهم و دينهم، نسال الله تعالي العافية ) [57].

قال الشيخ ابن باز -رحمة الله تعالى-:


“فك السحر بالسحر لا يجوز، و اتيان الكهان او احضارهم عند المسحور لفك ما بة من سحر لا يجوز، و تعليق الحجب و التمائم لذا لا يجوز، و لو ترتب علي ما ذكر فك السحر احيانا، و لكن يرقي المسحور بتلاوة القران عليه؛ كسورة الفاتحة ، و اية الكرسي، و قل هو الله احد، و المعوذتين و نحوها من سور القران و اياته، و ايضا يرقى بالادعية الثابتة عن النبى (صلي الله علية و سلم)”.

شبة و حجج مجيزى فك السحر بالسحر، و الرد عليها علي ضوء الكتاب و السنة و قواعد الفقة و اصوله:


اما حجج مجيزى فك السحر بالسحر، فالغالب انه لا دليل لهم عليها، و ما هى الا تقديم للراى علي النص، و تعظيم لكلام الاشياخ او قواعد تنتفى مناسباتها فهذة المسالة .

وهذة استدلالاتهم و حججهم و ما توصل الية البحث فحقها:


اولا: يرد المجيزون قول الرسول صلي الله علية و سلم لما سال عن النشرة فقال: (هى من عمل الشيطان) عن كونة يدل علي نهى النبى عن النشرة ، فيرون ان قوله: (هى من عمل الشيطان) اشارة لاصلها و لا يرون ان فية اي امر بالنهى عنها, و ذكر الحافظ ابن حجر ايضا ففتح البارى [58].

قال مصنف كتاب التوحيد شيخ الاسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله تعالى– فباب النشرة : عن جابر ان رسول الله صلي الله علية و سلم سئل عن النشرة ، فقال: (هى من عمل الشيطان)، رواة احمد بسند جيد، و ابو داود و قال: سئل احمد عنها فقال: ابن مسعود يكرة ذلك كله.

ويقول اهل العلم هو حديث صحيح، رجالة رجال الصحيحين, و قال اهل العلم: ذلك محمول علي ما اذا كانت خارجة عما فكتاب الله و سنة رسولة علية السلام، و عن المداواة المعروفة . [59].

قال الشارح الشيخ حسن ال الشيخ -رحمة الله تعالى-: قوله: “سئل عن النشرة “: الالف و اللام ف(النشرة ) للعهد اي النشرة المعهودة التي كان اهل الجاهلية يصنعونها هى من عمل الشيطان”.

ونرد عليهم من قواعد الاصول؛ فان الالفاظ التي تتلقي منها الاحكام اما ان تاتى بصيغة الامر او بصيغة خبر يراد بة الامر فتستدعى الفعل, و اما ان تاتى بصيغة النهى او بصيغة خبر يراد بة النهى فتستدعى الترك[60]، فالرسول صلي الله علية و سلم ليس فجديدة لفظ صريح بامر او نهى كقول: اجتنبوا او دعوا.. و غيرة من الالفاظ التصريحية . لكنة استعاض عنة بخبر جاء عوضا عن التصريح و دل عليه.

قال: (هى من عمل الشيطان). و فالشرع ذلك و صف خاص للمحرمات دون المباحات، و هو علة تستدعى و تدل علي النهي، و خبر و يراد بة الترك فالاصل.


ودليلة ان اهل العلم يستنبطون من و صف اي امر ما فالنصوص بانة من عمل الشيطان، ان الشارع يريد بذلك النهى عنه:


مثالة قول الله تعالى: {انما الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة : 90].


استفاد اهل العلم التحريم فهذة الاية من و جوه؛ منها قولة تعالى: (من عمل الشيطان).


يقول القرافي: “قال تعالى: {من عمل الشيطان} فاضافتة الي الشيطان تفيد التحريم فعرف الشرع” ا.ة [61].


وقال ابو بكر الرازى فاحكام القران: “قال تعالى: (من عمل الشيطان)؛ لان مهما كان من عمل الشيطان حرم تناوله” [62].


يقول الطيبي: قولة تعالي {من عمل الشيطان}، و ما هو من عملة حرام. [63].

فقال تعالى: (فاجتنبوه) و الحكم المقرون بالفاء بعيد و صف يشعر بعليتة كما فقواعد الاصول, فالامور المذكورة فالاية قرنت بعلة و احدة مشتركة بها اقتضت النهى عن الجميع، فالعلة المجتمعة هى فقولة تعالى: “رجس من عمل الشيطان”.

وبدوران العلة يثبت حكم النهى فالنشرة ؛ لوجود العلة التي اقتضت تحريم جميع ما ذكر فالاية السابقة . فالامر الذي يوصف بعمل الشيطان او بالرجس يصبح حكمة النهى دائما؛ سواء نهى كراهة او نهى تحريم بحسب الحال.

وكذلك من الامثلة قولة تعالى: {ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: 31], يقول ابن جرير: “عن ابن عباس: و لا يضربن بارجلهن، نهي الله سبحانة و تعالي عن هذا لانة من عمل الشيطان”. فالاسباب =الذي كان من دواعى النهى ذكرة لنا ابن عباس, و قول الصحابى حجه.. اذن “عمل الشيطان” كما يخرج هى علة استفاد منها العلماء النهى و الترك…


والرسول صلي الله علية و سلم ينهانا فاحاديثة عن امور و يصرح بالسبب: انها من عمل الشيطان.

وفى صحيح مسلم و عند الامام احمد -رحمهما الله- عن ابى هريرة رضى الله عنة [64] قال: قال رسول الله: «المؤمن القوى خير و احب الي الله من المؤمن الضعيف، و فكل خير، احرص علي ما ينفعك، و استعن بالله، و لا تعجز، و ان اصابك شيء فلا تقل: لو انى فعلت كان هكذا و كذا، و لكن قل: قدر الله و ما شاء فعل، فان لو تفتح عمل الشيطان».

وفى صحيح مسلم و مسند الامام احمد عن انس رضى الله عنة [65] قال: (لما فتح رسول الله خيبر، اصبنا حمرا خارجا من القرية ، فطبخنا منها، فنادي منادى رسول الله: الا ان الله و رسولة ينهيانكم عنها فانها رجس من عمل الشيطان، فاكفئت القدور بما فيها، و انها لتفور بما فيها).

الاسباب =الذي دعا للنهى هو كونها من عمل الشيطان، و صرح بذلك رسول الله صلي الله علية و سلم , فحرى بنا ان ننتهى بنهية و نحرص علي تجنب جميع ما كان كذلك, و ورد فالاصل تحريمة و تواترت الادلة علي ذلك.

وعديد من المحرمات و الكبائر فالشرع يطلق عليها هذة التسمية : “من عمل الشيطان”، و لم يسبق ان سميت فيها المباحات اطلاقا…

قال تعالى: {فوكزة موسي فقضي علية قال ذلك من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين * قال رب انى ظلمت نفسى فاغفر لي} [القصص: 16], موسي علية السلام قتل القبطى فندم و قال: ذلك من عمل الشيطان -اى القتل العدوان المحرم- و استغفر الله و تاب اليه. و يقول اهل العلم ان التوبة تكون من كفر او شرك او معصية او نفاق.

وبنو اسرائيل لما اراد السامرى اغواءهم و صدهم عن توحيد الله اتاهم بالعجل ليعبدوه, يقول ابن كثير: “قالت فرقة من بنى اسرائيل: ذلك من عمل الشيطان -اى الشرك- و ليس بربنا لا نؤمن بة و لا نصدق”.

وفى فتح البارى قال الحافظ: و ثبت النهى عن الطعام بالشمال و انه من عمل الشيطان، من حديث ابن عمر و من حديث جابر عند مسلم.

فالامثلة الشرعية السابقة هى برهان علي بطلان حجتهم و دليل علي دحض شبهتهم و ردها عليهم. و هى اثبات لعكس ما يقولون. فمن الخطا ان يقال: ان قول النبى صلي الله علية و سلم عن النشرة : “هى من عمل الشيطان” لا يحمل دلالة علي النهى عن النشرة ، مع انها قرنت فية بهذة الصفة المقتضية للنهي..!! ف”منهج الشريعة ” هو الذي اكد استدعاء النهي؛ لان عمل الشيطان عمل حقير خبيث يحمل علية هو؛ فيزين القبيح، و يغوى الخلق به، و يضلل بة العباد عن الحق و عن الصراط السوي, و عملة من الاعمال التي تسخط الله و لا ترضيه، و ليست هى من الاعمال التي يرتضيها الله لصفوة عبادة المسلمين…. قال عز و جل: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين} [البقرة : 168]، و قال تعالى: {ان الشيطان لكم عدو فاتخذوة عدوا} [فاطر: 6]، يقول المفسرون: اي لا تتبعوا طرائقة و مسالكة التي اضل فيها اتباعه.

ثم ان النهى يحمل علي التحريم لا الكراهة ، و ليس فالنص اشارة كافية للحمل سواء علي التحريم او الكراهة ، و لكن ادلة السحر العامة فحكمة و حكم فاعلة و حكم طالبة ترجح حمل ذلك النهى علي التحريم لورود الزجر و العقاب و ترتب الاثم الكبير علي ذلك, و منها.. قولة تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق} [البقرة : 102]، اي من استبدل دينة بالسحر فانة لا نصيب له، و عد الرسول صلي الله علية و سلم السحر عامة من الموبقات المهلكات فالحديث الذي اخرجة البخاري، و قال: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له).

والادلة فهذا المعني كثيرة ، و يستفاد منها التحريم لا الكراهة ، و النصوص القرانية تبين ان السحر كفر و الساحر كافر، و تنهي عن طلب السحر و استبدالة بالدين؛ فالنصوص عامة او ربما تكون مجملة ، و ان كانت مجملة فهى تحتاج لما يبينها، و فالسنة ما يبينها؛ فالنشرة قال رسول الله صلي الله علية و سلم فيها: (هى من عمل الشيطان)، و بين الرسول ان اتيان الساحر كفر بما انزل الله و هو القران، و ذلك عام؛ سواء كان التاليان لتعلم السحر، او كان لسؤال الساحر عن المغيبات، او لعمل السحر للاخرين، او كان للنشرة ، كما دلت النصوص، و التفريق بين ما جمع بينة النص بغير قرينة صحيحة لا يجوز.

ثم ان الرسول صلي الة علية و سلم لم يصدر هنا حكما جديدا او و صفا خاصا بالنشرة ؛ لان السحر اخبر الله عنة انه من عمل الشيطان بدلالة قولة تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين علي ملك سليمان و ما كفر سليمان و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة : 102]، قال ابن باز -رحمة الله-: “هنا فهذة الاية تحذير من تعلم السحر و تعليمه؛ لانة من عمل الشيطان، و لانة كفر ينافى الايمان” ا.ه.

فالذى يخلص الية بعد النظر فالادلة و القرائن، و بعد التتبع لهذة العبارة فاحكام القران و السنة ، بيان ان و صف النشرة بانها من عمل الشيطان كان كافيا لنعلم ان النبى صلي الله علية و سلم ربما اراد بها التحريم؛ لانة الصقها بوصف مقتض للنهى فالشرع دائما، و لا يدل علي الاباحة … فما زعموة مغاير لمقتضي الكتاب و السنة .

يقول بعض المجيزين: [66] “اخذ البعض يستدلون بما لا دليل فيه، و يخلطون بين الساحر و الكاهن، و يستدلون بقوله: (من اتي كاهنا او عرافا فصدقة بما يقول فقد كفر بما انزل علي محمد)، و الكاهن و العراف هما اللذان يخبران بالغيب المستقبل الذي لا يعرفة الا الله، و لهذا فان الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله- عقد بابا فيما جاء فالكهان و نحوهم، بعدها عقد بابا احدث فقال: “باب ما جاء فالنشرة “، مما يدل علي التفريق”.

قال الامام احمد: “العرافة طرف من السحر, و الساحر اخبث؛ لان السحر شعبة من الكفر. و الساحر و الكاهن حكمهما القتل او الحبس حتي يتوبا؛ لانهما يلبسان امرهما” ا.ة [67], و الكاهن هو من يخبر بواسطة النجم عن المغيبات فالمستقبل [68]. و ما يقوم بة العراف و الكاهن من ادعاء علم الغيب يعد من السحر بدلالة ان التنجيم ادعاء لعلم الغيب و دجل و كذب، و عدة الرسول كذلك من السحر؛ فعن العباس رضى الله عنهما قال: “قال رسول الله صلي الله علية و سلم: “من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر, زاد ما زاد”، رواة ابو داود و اسنادة صحيح,. فكل من ادعي علم الغيب فهو داخل فمسمي الساحر كما ثبت بالنص,,,, و جميع حكم يلحق بالكاهن و العراف فالساحر اولي بة لان الساحر كاهن و زيادة . فزيادة علي ادعائة لعلم الغيب هو يعقد و ينفث.

ثم ان العلامة الالبانى -رحمة الله تعالى- صحح الحديث برواية اخرى: (من اتي عرافا او ساحرا او كاهنا يؤمن بما يقول، فقد كفر بما انزل علي محمد صلي الله علية و سلم)، و حديث احدث علي ذلك المعنى: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له)، فيبطل احتجاجهم من غير ريب و لا شك.


وقال الشيخ حفظة الله ايضا: “الذين يامرون الناس بالاقتصار علي الرقية يخالفون ما فعلة من استخراج السحر و حله”.

ان الرسول صلي الله علية و سلم استخرجة بالوحي، و لم يستخرجة بالسحر و الشعوذة ، و حاشاة من ذلك، و ان من انجح الادوية الوصول الي مكان السحر و اتلافة و ابطاله، لكن لا يباح ان كان هذا بالسحر الذي حرمة الله فكتابة و علي لسان نبيه، و عدة من الموبقات المهلكة لما فية من الامور الموغلة فالكفر و الشرك..

قال الشيخ ايضا: “يستدل بنهى النبى صلي الله علية و سلم عن التداوى بالحرام…. فان حل السحر ليس من تعاطى الادوية المحرمة الماكولة و المشروبة ، فالحديث هو فالتداوى باكل الاكل المحرم او شرب ما هو محرم؛ كالخمر و لو علي سبيل التداوي، اما السحر فهو بحل عقد و اتلاف ما و ضع فية السحر و استخراجة كما فعل الرسول صلي الله علية و سلم”.

ان لفظ التداوى الوارد فالحديث الشريف لفظ عام لا يسوغ تخصيصة بالدواء الماكول و المشروب؛ لان المفهوم الظاهر للحديث هو عموم الدواء, و الادوية متنوعة الهيئة و الاساليب ليست فقط ما كولة او مشروبه؛ فمنها ما هو علي هيئة البخور، و منها ما يصبح عن طريق الرقي او الحجامة ، قال رسول الله صلي الله علية و سلم قال: (ان اروع ما تداويتم بة الحجامة )، رواة الترمذي، او الكى او التدليك او الاستفراغ، او حرق الحصير كما ثبت هذا بفعل فاطمة رضى الله عنها، او الحمية او الاغتسال بالسدر و غيرة من الاعشاب، و ايضا حل العقد و اتلافها فهى من الاساليب الناجحة فدواء المسحور.

ثم انه لا احد يستطيع ان ينكر ان حل عقد و اتلاف ما و ضع فية السحر و استخراجة كما فعل الرسول صلي الله علية و سلم هو من سبب الشفاء و ازالة الباس. و الرسول صلي الله علية و سلم قيد سبب الشفاء فقال: (ان الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)، اخرجة البخارى فصحيحه. فطلب الشفاء عن طريق السحر محرم؛ لان السحر محرم فذاته، و لان الله سبحانة و تعالي لم يجعل فمحرم شفاء، و قال الله تعالى: {ويحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث} [سورة الاعراف: 157]، و ذلك عام فتحريم جميع ما هو خبيث، و يشمل التداوى بالسحر.

ثانيا: يتذرعون باقرار النبى صلي الله علية و سلم النشرة ، و حجتهم فذلك ما رواة البخارى عن عائشة رضى الله عنها قالت: «مكث النبى صلي الله علية و سلم هكذا و هكذا يخيل الية انه ياتى اهلة و لا ياتي. قالت عائشة : فقال لى ذات يوم: يا عائشة ، ان الله تعالي افتانى فامر استفتيتة فيه؛ اتانى رجلان فجلس احدهما عند رجلى و الاخر عند راسي، فقال الذي عند رجلى للذى عند راسي: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب -يعنى مسحورا- قال: و من طبه؟ قال: لبيد بن اعصم قال: و فيم؟ قال: فجف طلعة ذكر فمشط و مشاطة تحت رعوفة فبئر ذروان. فجاء النبى صلي الله علية و سلم فقال: هذة البئر التي اريتها، كان رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، و كان ما ءها نقاعة الحناء. فامر بة النبى صلي الله علية و سلم فاخرج. قالت عائشة : فقلت يا رسول الله صلي الله علية و سلم، فهلا، تعنى تنشرت؟ فقال النبى صلي الله علية و سلم: اما الله فقد شفاني، و اما انا فاكرة ان اثير علي الناس شرا. قالت: و لبيد بن اعصم رجل من بنى زريق، حليف ليهود».

يقول الشعبي: ان فذلك دلالة علي جواز النشرة ؛ لان النبى صلي الله علية و سلم ترك الانكار علي عائشة ، و ذلك دليل علي الجواز.

ويؤخذ عليهم فاستدلالهم ذلك ما خذان:


اولا: ان من الاصول المستقرة عند الاصوليين اذا اختلفت الروايات فان الجمع بينها اولى, و حملها جميعها علي معني و احد متوافق اولى، و الحديث ذلك اتي بروايات متعددة ظاهرها الاختلاف حول سؤال عائشة ؛ فاتي سؤالها بلفظ: افلا احرقته؟ فصحيح مسلم، و عند احمد بلفظ: افاخرجتة او استخرجته؟ و لفظ: افلا؟ اي تنشرت فالبخاري, و مدار الحديث علي هشام بن عروة , يقول ابن بطال: ان الاعتبار يعطي لسفيان الذي و رد فروايتة ان عائشة سالت عن النشرة , فان الزيادة منة مقبولة ؛ لانة اقواهم فالضبط.

ويقول ابن حجر ففتح الباري: “ان سفيان عندما قال: افلا؟ اي تنشرت، كانة لم يستحضر اللفظة فذكرة بالمعنى، و ظاهر هذة اللفظة انه من النشرة ، و يحتمل ان يصبح من النشر؛ بمعني الاخراج فتوافق من رواة بلفظ: (فهلا اخرجته) اي اخرجت ما حواة الجف. و لان النشر ياتى بمعني الاخراج، فالاولي ان تحمل الروايات علي معني و احد يعبر عن هذة الالفاظ المتعددة ؛ و هو ان سؤالها كان عن اخراج ما احتواة الجف من السحر و اظهارة للناس، فهنالك اخراجان احدهما مثبت و الاخر منفي؛ الاول اخراجة من البئر، و هو المثبت؛ ففى الحديث: فامر بة النبى صلي الله علية و سلم فاخرج، و الثاني المنفي؛ و هو اخراج ما حواة الجف من السحر و اظهارة للناس، و هو الذي سالت عنة عائشة رضى الله عنها.

وان قيل: ان الحمل علي ذلك المعني لا يصح لان بعض الروايات جاء بها اشعار باستكشاف ما حواة الجف فوجدوا و ترا فية عقد و انحلت عند قراءة المعوذتين، فهذة الروايات غير ثابتة ، قال الحافظ: [69] “فلو كان ثابتا لقدح فالجمع المذكور, لكن لا يخلو اسناد جميع منهما من ضعف”.

ثم ان سؤال عائشة من الصعب ان يحمل علي معنى: لو انك ذهبت للسحرة لفك سحرك؛ اذ كيف تشير علية عائشة رضى الله عنها بطلب العون من السحرة و اللجوء لهم, و هى تدرك قول الله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراة ما له فالاخرة من خلاق} [البقرة : 102]، و تدرك و تعى قول النبى صلي الله علية و سلم: (اجتنبوا السبع الموبقات)، و ذكر منها السحر, و لا تجهل الكفر الذي يقوم بة الساحر، فهل يعقل ان تشير علي رسول هذة الامة ان يلجا الي ساحر و هو الذي ينهي عنة و عن اتيانه؟


فالاولي حمل النشرة التي و ردت فحديث سفيان علي الاخراج؛ للتوفيق بين الادلة و ذلك يمكن و للة الحمد.

وثانيا: حتي و ان سلمنا ان سؤال عائشة كان عن الذهاب للسحرة , و ثبت اقرار النبى للنشرة ، فهذا كذلك لا يرجح الجواز؛ لان هذا فية تعارض بين النصوص مع بعضها، و لا ممكن الجمع و التوفيق بينها؛ و هى حديث عائشة ذلك الذي برواية سفيان و حديث جابر الذي رواة احمد و ابو داود، فعن النبى صلي الله علية و سلم لما سئل عن النشرة قال: (هى من عمل الشيطان) و جميع منهما دليل خاص.. فعلينا الترجيح بينهما، و من قواعد الترجيح:


1- ان الفعل لا يقدم علي القول؛ و يقول الاصوليون من باب اولي ان لا يقدم الاقرار علي القول, فيرجح بهذا حديث جابر لانة قولى فيقدم بذلك.

2- و كذلك من قواعد الترجيح اخذ ما كان العمل بة احوط, و ما لا يتعارض مع ما شهد بة القران و السنة و الاجماع، و الذي لا يتعارض كذلك مع ما عمل بة الخلفاء؛ ففى البخارى عن بجالة بن عبدة قال: كتب عمر بن الخطاب: ان اقتلوا جميع ساحر و ساحرة ، قال: فقتلنا ثلاث سواحر, فلو كان فابقائهم مصلحة ترجي او خير يبتغي لما امر بقتلهم عمر رضى الله عنه!!! فيرجح بهذا حديث جابر لانة احوط و اسلم و لا يخالف النصوص، بل جاء موافقا للقران و سنة النبى و سنة اصحابة الاخيار من بعده.

3- و كذلك من قواعد الترجيح اذا تعارض دليلان احدهما يقتضى التحريم و الاخر يقتضى الاباحة قدم التحريم فالاصح, قال الائمة : و انما كان التحريم احب لان فية ترك مباح لاجتناب محرم، و هذا اولي من عكسه. و اوردة جماعة حديثا, و روى موقوفا علي ابن مسعود فيرجح بهذا حديث جابر لانة نصف علي النهي.

ففعلة و اقرارة صلي الله علية و سلم ان عارض قولة ظاهرا, فاما ان يصبح هذا خاصا بة او لاسباب و حكمة لا نعلمها بسب القصور فالذهن لدينا. فيبقي حكم النهى كما هو لا يزول لهذة الاسباب التي قررها اهل العلم.

ثالثا: يستدل المجيزون بما رواة البخارى عن قتادة قال: قلت لابن المسيب: رجل بة طب او يؤخذ عن امراته، ايحل عنة او ينشر؟ قال: لا باس انما يريدون بة الاصلاح, فاما ما ينفع فلم ينة عنه.

وهذا من ابن المسيب يحمل علي نوع من النشرة لا يعلم انه سحر؛ لان سؤال قتادة فالنشرة عن المسحور، و كان جواب ابن المسيب لا باس -اى بالنشر- لانهم يريدون الاصلاح, فاما ما ينفع فلم ينة عنه. فدل علي انه اراد الرقية الشرعية او النشرة المباحة الخالية من الشرك؛ لانها منفعة لا تلحقها مضرة لا دنيوية او اخروية ، و النبى لم ياذن بفك السحر الا بالرقية الشرعية و الادوية المباحة ؛ كما فالحديث: فلعل طبا اصابه، بعدها نشرة ب(قل اعوذ برب الناس)، اي رقاه، و طلب من الصحابة الكرام ان يعرضوا رقاهم علية فقال: اعرضوا على رقاكم؛ لا باس بالرقي ما لم تكن شركا.

واما حمل كلام ابن المسيب علي جواز النشر عن المسحور بالسحر فلا يصح، و ان صح عنة هذا فانة لا يؤخذ بقوله؛ لانة قول مخالف للنصوص العامة و الخاصة , و السحر عرف منذ القدم و عرفتة العرب، و كان يستعمل علي الوجهين: فالشر و الضرر, و فالنشر و حل السحر عن المسحور, و بعد الاسلام نزلت ايات السحر فذمة و النهى عنه, ايات عامة بدون تخصيص, و ايضا اقوال الرسول صلي الله علية و سلم تامر باجتنابة و تبين كفر طالبة و الخطاب بها عام، فالنهى يشمل الوجهين.

يقول ابن قدامة فروضة الناظر و جنة المناظر: “اجماع الصحابة رضوان الله عليهم؛ فانهم من اهل اللغة ، باجمعهم اجروا الفاظ الكتاب و السنة علي العموم الا ما دل علي تخصيصة دليل، فانهم كانوا يطلبون دليل الخصوص لا دليل العموم، و الاجماع حجة ، فالاصل استصحاب عموم الدليل حتي يرد المخصص”.

والعموم لا يحمل علي غيرة الا بقرينة . و لا توجد قرينة تنقلة للخصوص, فادلة السحر القرانية و الحديثية , ادلة تشتمل علي الفاظ و صيغ تعبر عن العموم، و هى معروفة و مدونة فكتب العلم، فان و ردت فالنصوص كان دليلا عاما.

قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (من اتي عرافا او ساحرا او كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما انزل علي محمد صلي الله علية و سلم).

فية من صيغ العموم “من” للعاقل, و ”ما” فيما لا يعقل, اي عموم التاليان للساحر و الاستعانة بة و قصد سحرة يترتب علية الكفر, باى غاية كانت، و تصديقة باى شيء قالة دون تخصيص او استثناء, فهذا هو المفهوم الظاهر للحديث، فيبقي المعني و الحكم كما هو لانتفاء الناسخ او المخصص او الاجماع علي خلاف العموم.

فلم يخصصون الدليل؟


وقال كذلك صلوات ربى و سلامة عليه: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له)، فية (من) و هى من الفاظ العموم؛ ففية كفر من تطلب عمل السحر، و لا شك ان الشخص المسحور الذي ينشر عنة بالسحر يدخل فهذا العموم, و السحر هنا لفظ عام يشمل الوجهين.

وقال صلي الله علية و سلم: (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله/ و السحر ….. الخ)، و السحر اسم جنس محلي ب(ال) التعريف فيوجب العموم، اي يشمل سحرا قصد للشر و الاذية او التفريق او للنشر عن المسحور لما فية من الامور الكفرية ، فالامر عام بالاجتناب، و الاصل فالاوامر الحتم, يقول شارح كتاب التوحيد: “قوله: اجتنبوا اي ابعدوا, و هو ابلغ من قولة دعوا و اتركوا؛ لان النهى عن القربان ابلغ”، و غيرة من الادلة .

وهكذا الادلة جميعها، فالناظر اليها يجدها ادلة عامة . فليست هى خاصة لمن قصد السحر لارادة الاضرار.

والمخصصات هي: النص، و العقل، و الحس، و المفهوم، و الاقرار، و الفعل، و الاجماع, و لا احد يستطيع ان يثبت شيئا منها.


فالاولي حمل كلام ابن المسيب علي نوع من النشرة لا يعلم انه سحر.

رابعا: يقولون حملنا علي الاباحة الضرورة التي تباح فيها المحرمات


استنباطا من قول الله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه} [الانعام: 119].


فهذا احتجاج فاسد لا اعتبار له؛ لان علماء الاصول و ضعوا لهذة القاعدة شروطا تضبطها و تحكمها، فلا بد من تحققها و استيفائها اولا, و من هذة الشروط -بل هو اولها- ان يتعين المحظور طريقا لدفع الضرورة , اي انتفاء البديل عدا الاخذ بالمحظور, و المعلوم ان البدائل موجودة و طرق علاج السحر كثيرة ، كما تبين سابقا, فلا يري اذن ما يسوغ فعل المحظور.

– و فبيان للجنة الدائمة للبحوث العلمية و الافتاء عن علاج السحر، جاء فيه:


(.. و لا يصح القول بجواز حل السحر بسحر مثلة بناء علي قاعدة الضرورات تبيح المحظورات؛ لان من شرط هذة القاعدة ان يصبح المحظور اقل من الضرورة ، كما قررة علماء الاصول، و حيث ان السحر كفر و شرك، فهو اعظم ضررا؛ بدلالة قول النبى صلي الله علية و سلم: (لا باس بالرقي ما لم يكن بها شرك)، اخرجة مسلم، و السحر ممكن علاجة بالاسباب المشحلوة ، فلا اضطرار لعلاجة بما هو كفر و شرك..)ا.ه.

ثم ان التداوى لا يعد ضرورة ، و لا تستحل بة المحرمات، و الدليل علي هذا ما قالة ابن تيمية فالرد علي من اباح التداوى بالمحرمات؛ قال: “اما اباحة المحرمات للضرورة فحق؛ و ليس التداوى بضرورة لوجوه:


احدها: ان اكثر المرضي يشفون بلا تداو، و يشفيهم الله بما خلق فيهم من القوي المطبوعة فابدانهم الرافعة للمرض، و فيما ييسرة لهم من نوع حركة و عمل، او دعوة مستجابة ، او رقية نافعة ، او قوة قلب و حسن التوكل، الي غير هذا من الاسباب الكثيرة ظاهرة و باطنة , روحانية و جسدية .

وثانيها: ان التداوى غير و اجب، و من نازع فية خصمتة السنة فالمراة السوداء التي خيرها النبى صلي الله علية و سلم بين الصبر علي البلاء و دخول الجنة ، و بين الدعاء بالعافية ، فاختارت البلاء و الجنة . و لو كان رفع المرض و اجبا لم يكن للتخير موضع، و خصمة حال انبياء الله المبتلين الصابرين علي البلاء حين لم يتعاطوا الاسباب الدافعة له؛ كايوب علية السلام و غيره، و ايضا السلف الصالح.

ثالثها: ان الدواء لا يستيقن، بل و فعديد من الامراض لا يظن دفعة للمرض، اذ لو اطرد هذا لم يمت احد.

رابعها: ان المرض يصبح له ادوية شتى، و محال ان لا يصبح له فالحلال شفاء او دواء، و الذي انزل الداء انزل لكل داء دواء الا الموت، و لا يجوز ان يصبح ادوية الادواء فالقسم المحرم، و هو سبحانة الرؤوف الرحيم كما جاء فالحديث المروي: “ان الله لم يجعل شفاء امتى فيما حرم عليها” [70].


ثم قال فموضع احدث -رحمة الله-: (والمسلمون و ان تنازعوا فجواز التداوى بالمحرمات كالميتة و الخنزير، فلا يتنازعون فان الكفر و الشرك لا يجوز التداوى بة بحال).

خامسا: احتجاجهم بالقاعدة (الاصل فالمنافع الاذن, و فالمضار المنع)؛ فالمجتهد الضال عندما يخالف عموم النصوص الصريحة من غير مسوغ شرعى من اجل مصلحة يتوهمها ليس له عليها من الله برهان فقد و قع فالخطا العظيم؛ لانة تحليل للحرام و تحريم للحلال، و هذا دليل علي ضحالة علمة و جراتة علي دين الله.

فان هذة القاعدة ليست علي الاطلاق، بل قيدت بقيد, يقول الفقهاء: ان الحكم علي المضار و المنافع, يصبح بادلة السمع لا بادلة العقل، خلافا للمعتزلة [71]؛ لان المصالح و المنافع نسبية يختلف اعتبارها من مجتهد لاخر، فاحتاجت لشرع من الالة يضبطها.

فالضابط هو قول الشارع، و الله عز و جل قال فالسحر الذي يزعم المجيزون منفعتة و يحتجون لاثبات اذن التداوى به: {ويتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم} [البقرة : 102]، يقول اهل العلم: نفي الله ان يصبح فالسحر منفعة باى و جة من الوجوه، فانة ضرر محض خالص لا نفع فية اطلاقا؛ لان الفعل المضارع بعد النفى يدل علي العموم كما حكاة بعض العلماء، فالمحرمات التي بها شيء من النفع و بها ضرر اكبر تحرم للضرر العظيم الذي فيها، فكيف بالذى كلة ضرر؟ فانة يحرم من باب اولى. و الخمر و الميسر اخبر الله ان فيهما منفعة ، فالله لم ينف منافعهما مع رجحان اثمهما ف لذا حرما, و حرمت عموم الخبائث و جميع نجس، و لكن اجيز التداوى بابوال الابل بالنص مع انها مستقذرة لثبوت المنفعة الراجحة بها.

روي ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا: (ان فابوال الابل شفاء لذربة بطونهم) [72].

لكن فالسحر الامر يختلف لنفى الشارع المنفعة مطلقا؛ لان الكفر لا توجد فية منفعة ، بل هو مفسدة عظمي للعقائد و النفوس، و لو كان فية منفعة لنفع السحرة انفسهم، فهؤلاء يعلمون ان الساحر ما له نصيب فالاخرة ، لكنهم يطلبون بة الشرف و الرئاسة فالدنيا، و طالت الازمان و لم يحصل لهم ذلك، فما نفعهم السحر كما دلت علية احوالهم، و لا ننكر ان الساحر ربما يتحصل له بعض اغراضة لكن يعقبة الضرر علية فالدنيا و الاخرة اعظم مما حصل علية من اغراضه.

وقال تعالى: {انما صنعوا كيد ساحر و لا يفلح الساحر حيث اتى} [طه: 69].


يقول البعض: ان هذة الاية المقصود فيها نفى فلاحهم فالاخرة ، و ليس المقصود نفى فلاح سحرهم فالدنيا؛ لانهم ربما يفلحون فايقاع الضرر او النفع، و يقول المفسرون علي هذة الاية : اي لا يظفر الساحر بسحرة بما طلب اين كان [73]، و المفلح: هو الذي ينال المطلوب و ينجو من المرهوب، فالساحر لا يحصل له هذا [74].

فالفعل فسياق النفى يدل علي العموم؛ قال تعالى: (لا يفلح) اي يعم نفى كل نوعيات الفلاح عن الساحر، و الفلاح يطلق فالعربية علي الفوز بالمطلوب؛ قال تعالى: (حيث اتى) تاكيدا للعموم، اي حيث توجة و سلك، و ذلك اسلوب عربى معروف، يقصد بة التعميم كقولهم: فلان متصف بكذا اينما كان [75]، و ان قولهم بان السحرة يفلحون فايقاع الضرر و النفع فانة مصادمة مع كتاب الله؛ لان الاصل هو اثبات ما اثبتة الله فكتابة و نفى ما نفاه. و الله اثبت لهم ايقاع الضرر بعد مشيئتة سبحانة فقال: {يفرقون بة بين المرء و زوجه} [البقرة : 102]، لكن النفع نفاة الله عز و جل فقال: {ويتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم} [البقرة : 102]، و حقيقة النفع: لذة لا يعقبها عقاب و لا يلحقها ندامة ، و نفى فلاحهم بعملهم مقيد يظهر عنة ما اثبتة لهم من التفريق و الاذية .

فبطل احتجاجهم بالقاعدة ؛ لانها قاعدة مقيدة و ليست علي الاطلاق، فتبين زيف ادعائهم؛ لان النصوص الالهية تنفى النفع عن السحر، بل علي العكس ثبت مضرتة و فسادة علي العقائد و النفوس، فمن ادعي ان فالسحر مصلحة فانها مصلحة متوهمة ، و هى مصلحة ملغاة ؛ لتعارضها مع عموم نهى الرسول صلي الله علية و سلم عندما قال: (ان الله تعالي خلق الداء و الدواء، فتتداووا و لا تتداووا بحرام) [السلسلة الصحيحة ], فعلي تقدير رجحان المصلحة يلزم انتفاء الحرمة كما قرر هذا علماء الامة .

سادسا: يحتجون بالقاعدة الفقهية (الامور بمقاصدها)


وذكر ابن حجر كهذا، و القاعدة استنباط من قول الرسول صلي الله علية و سلم: (انما الاعمال بالنيات، و انما لكل امرئ ما نوى..)، يقول اهل العلم: ان الشريعة مبنية علي المقاصد و وسائلها, و وسائل المقصود الموصلة الية لها حكمه. و ذلك الكلام صحيح، لكن فهذة المسالة لا يستدل به؛ لانة الباس للحق بالباطل, لان القاعدة هي:


1- قاعدة فقهية موضوعها افعال المكلفين، و هى ليست ضابطا لاستنباط الحكم من النصوص الواردة فالمسالة .

2- و كذلك لا يقتصر عليها بذاتها فاصدار الاحكام دون ان يعضدها نصف يعزز الحكم.

3- و اهل العلم يستدلون بهذة القاعدة فالعبادات المحضة ، و فالمباحات و التروك الموجبة للمثوبة , لان النية عبادة بحد ذاتها, و فالمعاملات و العقود بين الافراد بشتي نوعياتها, و فالايمان. لكن الاستدلال فيها لتسويغ المحرمات و الكبائر ما سبق احد من اهل الحق لهذا.

4- يقول المحققون: ان قواعد الفقة قواعد اغلبية مبنية علي و جود مسائل مستثناة من تلك القواعد, تخالف احكامها حكم القاعدة , بسب نصف او اجماع او ضرورة او قيد او علة مؤثرة , لذا سمي العلماء قواعد الفقة قواعد اغلبية اكثرية لا كلية مطردة , و سموا قواعد الاصول قواعد مطردة ؛ لانة لا يستثني منها شيء.

وورد فكتب القواعد الفقهية مسائل مستثناة علي قاعدة الامور بمقاصدها, من هذة الاستثناءات التي و ردت علي القاعدة : التوسل بالوسائل المحرمة للحصول علي امر مباح شرعا؛ اما استعجالا او تحايلا، و عبر عن ذلك الناقض فمنظومة لاصول الفقة يقول ناظمها:


وكل من تعجل الشيء علي و جة محرم فمنعة جلا


فالتوسل بالسحر المحرم المشتمل علي اقوال او افعال او اعتقادات كفرية , و التداوى به، و العدول عن الوسائل المباحة استعجالا للشفاء…هو امر لا يستدل علية بهذة القاعدة ؛ لانة مستثني من القاعدة , و لا سبيل لهم للاحتجاج فيها علي ذلك؛ لان السحر و سيلة فذاتها محرمة بل كفر فاصلها.

5- قال ابن حجر: ان قصد فيها خيرا كان خيرا، و الا فهو شر.


اى بحسب النية ؛ لكن اهل العلم قرروا ان هنالك افعالا لا تتبدل احكامها باختلاف القصد او النية ، و لا شك ان الكفر هو فمقدمة الحاجات التي لا يتبدل حكمها، و ان قيل: النطق بالكفر يجوز كما فحال الفرار بة من القتل فايضا السحر؟ نقول: يختلف هذا؛ لان الفرار بة من القتل متيقن و مباح بالنص، لكن الاستشفاء بالسحر متوهم و غير متيقن و حرم بالنص، فاختلفا فالحكم، بعدها ان النطق بكلمة الكفر لا يتعدي اللسان و القلب مطمئن بالايمان, اما الاستعانة بالساحر فان القلب عند هذا يدخل علية شيء قل او كثر من التوكل عليهم و اعتقاد مقدرتهم الخاصة ف لذا افترقا.

6- و فمبحث شروط صحة و سلامة النية يقول الفقهاء: لا بد ان لا يتنافي المنوى مع الشرع، اي عدم التوصل للمنوى -الذى هو رفع الضرر بالسحر- بسبب منع منة الشرع، و الشارع ربما نفي مطلقا المنفعة من السحر بوجة من الوجوه، فكيف ينوي بالسحر النفع و رفع الضرر؟ و ان كان هنالك نفع فهو و قتى زائل و تعقبة ندامة و حسرة و عقاب، فكان من المفترض ان لا تترك النصوص الظاهرة الجلية و تستبعد الادلة الشاملة للفرع و الضابطة لحكمه، و يحتج بقاعدة فقهية يخرج بالبرهان انها و ضعت فغير محلها، و انها لا ترجح ما اختاروة اطلاقا.

سابعا: قالوا: ان مسالة فك السحر بالسحر ربما تعرض لها علماء اجلاء من السلف و قالوا بجوازها؛ كالامام احمد، و ابن الجوزي، و الامام البخاري، و ابن حجر، و الطبري، و ابن بطال، و الشعبي، و بعض علماء الحنابلة ؛ رحمهم الله تعالي جميعا.

وهذا مرود عليه؛ لان الاصل ان لا يقدم قول احد البشر علي قول الله و قول رسولة صلي الله علية و سلم. قال ابن عباس: (يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء, اقول: قال رسول الله صلي الله علية و سلم، و تقولون: قال ابو بكر و عمر؟)

قال الامام ما لك: “ما منا الا راد و مردود عيه، الا صاحب ذلك القبر صلي الله علية و سلم”، و كلام الائمة فهذا المعني كثير. و ما زال العلماء يجتهدون فالوقائع؛ فمن اصاب فلة اجران, و من اخطا فلة اجر كما فالحديث, لكن اذا استبان لهم الدليل اخذوا بة و تركوا اجتهادهم، و علي ذلك فيجب الانكار علي من ترك الدليل لقول احد العلماء كائنا من كان، قال ابو حنيفة رحمة الله: “اذا جاء الحديث عن رسول الله صلي الله علية و سلم فعلي الراس و العين, و اذا جاء عن الصحابة رضى الله عنهم فعلي الراس و العين, و اذا جاء عن التابعين فنحن رجال و هم رجال”، فالواجب علي جميع مكلف اذا بلغة الدليل من كتاب الله و سنة رسوله، و فهم معني هذا ان ينتهى الية و يعمل به، و ان خالفة من خالفه؛ كما قال تعالى: {اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونة اولياء قليلا ما تذكرون} [الاعراف: 3]، و قال تعالى: {اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلي عليهم ان فذلك لرحمة و ذكري لقوم يؤمنون} [العنكبوت: 51].

فيجب علي من نصح نفسة اذا قرا كتب العلماء، و نظر فيها، و عرف اقوالهم، ان يعرضها علي ما فالكتاب و السنة . و الائمة رحمهم الله لم يقصروا فهذا البيان, بل نهوا عن تقليدهم اذا استبانت السنة ؛ لعلمهم ان من العلم شيئا لم يعلموة و ربما يبلغ غيرهم, قال ابو حنيفة : اذا قلت قولا و كتاب الله يخالفة فاتركوا قولى لكتاب الله، و قال الربيع: سمعت الشافعى -رحمة الله- يقول: اذا و جدتم فكتابى خلاف سنة رسول الله صلي الله علية و سلم فخذوا سنة رسول الله صلي الله علية و سلم و دعوا ما قلت [76].

واما قولهم: ان الامام احمد يجيزة فهذا خطا؛ لانة لما سئل عن الرجل يحل السحر قال: ربما رخص فية بعض الناس، قيل: انه يجعل فالطنجير ما ء، و يغيب فيه، فنفض يدة و قال: لا ادرى ما هذا، قيل له: اتري ان يؤتي كهذا؟ قال: لا ادرى ما هذا. و ذلك دليل علي انه لا يجيزه.

ومما ممكن ان يستدل بة علي عدم جواز فك السحر بالسحر امور:


ا- المجيزون اجتهدوا فراوا ان فالنشرة السحرية علة التداوى فاباحوها لهذة العلة , و المانعون يرون ان بها علة الاقوال و الافعال و الاعتقادات الكفرية ، فالذى دعاهم الي المنع هذة العلة , و يقول الشيرازى فالتبصرة : [77] “اذا كانت احدي العلتين تقتضى الحظر و الاخري تقتضى الاباحة ، فالتى تقتضى الحظر اولى، و لان الحظر احوط؛ لان فالاقدام علي المحظور اثما، و ليس فترك المباح اثم”، فهذا هو الفيصل فامور الاجتهاد، و الحق الذي لا بد ان يتاملة المجتهد و لا يغفل عنه؛ لانة موقع عن الله جلا جلاله.

ب- ان القاعدة التي تحكم المتناولات كافة , كالادوية و الاطعمة = و الاشربة و الزينة و الملابس , تقول: “ما ابيح لصفتة حرم لسببه” [78].


فالادوية الاصل بها الاباحة لاشتمالها علي مصلحة التعالج و الشفاء, و تحرم لاسباب؛ كان يصبح الدواء مغصوبا، او ان يصبح مسروقا، او ان يصبح الدواء خبيثا او محرما، كما نصت احاديث الرسول علي ذلك؛ فعن ابى هريرة رضى الله عنة قال: ان الرسول صلي الله علية و سلم نهي عن الدواء الخبيث. رواة الترمذى [صحيح الجامع], و النشرة هذة لاشتمالها علي السحر و الكفر تكون من اخبث الخبائث التي يزينها الشيطان و يدعو لها، فالتداوى فيها يحرم كذلك لهذا الاسباب =الذي اثبتة النص.

ج- القياس الصحيح: القياس لا يصبح مع و جود النصوص، و هنالك نصوص كثيرة مبينة للمسالة ، و تغنى عن اللجوء للقياس، لكن المجيزون لا يرجعون لها؛ لانهم يرون العامة منها خصصها العقل بمن قصد السحر للاضرار، و النص الخاص بالنشرة يرونة لا يحمل دلالة علي حكمها، فاصبحت النشرة لديهم و كانها فمحل المسكوت عن حكمها.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية : (والقياس الصحيح من العدل؛ فانة تسوية بين متماثلين و تفريق بين المختلفين..).

وفى كتاب التوحيد قال المصنف شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله تعالى-: و عن ابن مسعود رضى الله عنة قال: سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: ان الرقي و التمائم و التولة شرك، هنا ثبوت ظاهر لحكم التولة و متفق عليه.

قال الشارح -رحمة الله تعالى- الشيخ عبدالرحمن بن حسن ففتح المجيد: “قال الحافظ: التولة شيء كانت المراة تجلب بة محبة زوجها, و هو ضرب من السحر. و كان من الشرك لما يراد بة من دفع المضار و جلب المنافع من غير الله تعالى”.

ومن ضمن ما علق بة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمة الله تعالى- علي التولة قال: “الدجالون يكتبون التمائم و التولات علي كيفية العقيدة اليهودية , فيزعمون ان للحروف خداما يقومون بما يطلب منهم من الاعمال السحرية ، و يتخذون نوعياتا من البخور و الادوات المخصوصة التي يوحى فيها شياطينهم, و جميع هذا من الكفر العظيم”.

وقال ابن الاثير: التولة ، بكسر التاء و فتح الواو، ما يحبب المراة الي زوجها من السحر, و حكي ابن برى عن القزاز: التولة و التولة السحر. قال ابن الاعرابي: تال يتول اذا عالج التولة و هى السحر [79].

ومما لاشك فية ان الوصول للقربة و الالفة بين الزوجين اللذين هما لبنة المجتمع من الامور التي يدعو لها ديننا الحنيف و يرغب فيها، و من المنافع التي بها خير عظيم, تعود علي الاسرة اولا و علي المجتمع ثانيا، فالسحر هنا زالت عنة ارادة الاذية ، بل علي العكس اريد بة جلب منفعة محضة و دفع مضرة التفكك و الفرقة و ابتغاء للانس و الطمانينة -كما يظن- و هى منفعة قريبة لما يراة المجيزون فالنشرة . فالزوجة من الخير لها ان تلجا للوسائل التي تحبب زوجها فيها، لكن عندما يصل الامر الي العقيدة و الااثناء بها…نقف!

فكان حكم التولة الشرك؛ لان الوسيلة المستخدمة هى و سيلة كفرية بحد ذاتها، العلة هى و جود السحر لما فية من الكفر و الشرك و التعلق بغير الله، و النشرة هى كذلك؛ فهى ازالة و كشف الداء و حل السحر عن المسحور، ففيها جلب للمنفعة كما يظن، فالنشرة تشبة التولة للجامع الذي بينهما فكون السحر الكفرى اداة لهما، و كذلك ما عمد اليهما الا لجلب المنافع و دفع المضار، فكلاهما طلب لامر مشروع؛ النفع و رفع الاذى، بكيفية غير مشحلوة محرمة هى السحر.

فلم يثبتون الحكم فالتولة و ينفونة عن النشرة ؟ مع و جود الاوصاف المشتركة بينهما من حيث الغرض و الوسيلة و الطريقة و العلة ، و مع انتفاء المانع او الناقض فهذا القياس!!

– استنباط العلة الصحيحة التي من اجلها حرم الذهاب للساحر و سؤاله، اي العلة التي لا يزول المنع الا بزوالها؛ فرسول الله صلي الله علية و سلم قال: (من اتي عرافا او ساحرا او كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما انزل علي محمد صلي الله علية و سلم) [صحيح الجامع]، و يقول صلي الله علية و سلم: (ليس منا من تطير او تطير له، او تكهن او تكهن له، او سحر او سحر له) [صحيح الجامع و السلسلة الصحيحة ].

فهنا بين رسول الله صلي الله علية و سلم كفر من اتي الساحر و طلب السحر عموما، و المجيزون يثبتون و يسلمون بكفر من اتي الساحر لاضرار احد الخلق، و هو كفر لا يظهر عن الملة فالمشهور عن الامام احمد، لكن من قصد السحرة للتداوى و حل السحر فاستعان بهم علي هذا فحال الضرورة -كما يقولون- يرون انه لا يدخل فالحكم، فينازعون فاثبات الحكم عليه؛ لانة كما يرون هم انه لم يذهب ليضر احدا بذلك، فلم يقصد ان يفرق بين المتحابين و لم يؤذ احدا, اذن.. الا يلزم من قولهم ذلك ان تكون علة المنع فالذهاب هى قصد الاضرار, فبزوالها يزول المنع.

والشرع و العقل يتفقان فعدم قبول ان هذة العلة هى التي قصدها الشارع؛ لان احكام الشرع كلها حق و عدل لا ظلم فيه, و لان الحكم علي الشخص بالكفر بالقران امر عظيم، ليس بالهين ان يطلق علي المسلم الموحد الا ان كان بسبب قوى يستدعى و يوجب ذلك, بل ان الاستعانة باهل و ارباب الكفر، و باعمالهم و رقاهم و عزائمهم و طلاسمهم الشركية بحد ذاتة هو الاسباب =و العلة التي قصدها الشارع فالنهي، فهى تتناسب مع حكم الكفر المنصوص.

والعلة الصحيحة عند الاصوليين لا بد لاثباتها من شروط منها ان تكون العلة مطردة فمعلولاتها، فيخرج بهذا الشرط قصد الاضرار للخلق عن كونة علة المنع فاتيان الساحر بالاستقراء و التتبع لهذة العلة فاحكام الشرع؛ لانها ليست مطردة اطلاقا مع الحكم السابق الكفر.

فقصد اضرار احد الخلق؛ سواء الاضرار الحسى او المعنوي, ليس سببا يتاتي معة الكفر ابدا، بخلاف قصد اضرار النبى صلي الله علية و سلم, فاذن زوال قصد الاضرار عند الذهاب للساحر لا يجعل ابدا من النشرة امرا مباحا؛ لانة بقى فالنشرة السحرية ما يستدعى بقاء الحكم، فلا يتخلف عنها الحكم الا اذا تخلف موجب الحكم، و هو فعل او قول او اعتقاد الكفر.

ان عند فك السحر بالسحر امورا توجب الكفر؛ كان يعزم الساحر علي الجن الموجود مع المسحور ليتركه، فيقسم بحق ابالسة الشياطين و ملوك الجن بان يظهر، او يقوم باسترضائة عن طريق القرابين من ذبح و زار فطقوس غريبة شاذة , او ان يقوم باستحضار شياطين لتبعد شياطين المسحور و يقدم لهم ما يشاءون من الحاجات التي ترضيهم، فيتقرب لهم بالذبح و اهانة المصحف بالنجاسات و الزنا و شرب المسكرات، و يستعملون لذا طلاسم و رقي و تمائم موغلة فالكفر و الشرك.

وتلك الرقي المنهى عنها هى التي يستخدمها المعزم و غيرة ممن يدعى تسخير الجن له، فياتى بامور مشتبهة مركبة من حق و باطل، يجمع الي ذكر الله و اسمائة ما يشوبة من ذكر الشياطين و الاستعانة بهم و التعوذ بمردتهم [80].

فالمعزم الذي يستعين بالجن، ذكرة القاضى و ابو الخطاب فجملة السحرة قال: فاما المعزم الذي يعزم علي المصروع، و يزعم انه يجمع الجن، و انها تطيعه، و الذي يحل السحر، فذكرهما اصحابنا من السحرة الذين ذكرنا حكمهم. و سئل ابن سيرين عن امراة تعذبها السحرة ، فقال رجل: اخط خطا عليها، و اغرز السكين عند مجمع الخط، و اقرا عليها القران، فقال محمد: ما اعلم بقراءة القران باسا علي حال، و لا ادرى ما الخط و السكين.. و اما من يحل السحر؛ فان كان بشيء من القران، او شيء من الذكر و الاقسام و الكلام الذي لا باس به، فلا باس به، و ان كان بشيء من السحر، فقد توقف احمد عنه، قال الاثرم: سمعت ابا عبد الله سئل عن رجل يزعم انه يحل السحر؟ فقال: ربما رخص فية بعض الناس، قيل لابى عبد الله: انه يجعل فالطنجير ما ء، و يغيب فيه، و يعمل كذا، فنفض يدة كالمنكر و قال: ما ادرى ما هذا، قيل له: فتري ان يؤتي كهذا يحل السحر؟ فقال: ما ادرى ما ذلك [81].

فمتي ما كان الذهاب للساحر لفك السحر يترتب علية قيام الساحر بامر كفرى من قول او عمل او اعتقاد، فالحكم هو كفر الذاهب، كما ثبت هذا بالادلة ، و كما اتضح لنا من بيان العلة .

الاضرار المترتبة علي الاستعانة بالساحر لفك السحر:


قال ابن تيمية : يكفى المسلم ان يعلم ان الله تعالي لم يحرم شيئا الا و مفسدتة محضة او غالبة ، و اما ما كانت مصلحتة محضة او راجحة ، فان الله شرعه؛ اذ الرسل بعثت بتحصيل المصالح و تكميلها، و تعطيل المفاسد و تقليلها، و السحر قرن بالشرك؛ قال تعالى: {الم تر الي الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت و يقولون للذين كفروا هؤلاء اهدي من الذين امنوا سبيلا اولئك الذين لعنهم الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيرا} [النساء: 51-52].

وفى الذهاب للسحرة مخالفة لامر الرسول صلي الله علية و سلم بقتلهم، ناهيك عن الاقرار للسحر دون الانكار، و ربما امرنا ان نكفر بة و ذلك لا يجوز، فكيف ان كان يطلبه، فهذا تعاون علي الاثم و العدوان، و هو محرم، و الله يقول: {وتعاونوا علي البر و التقوي و لا تعاونوا علي الاثم و العدوان} [المائدة : 2].

قال شيخ الاسلام: (من حضر الي مكان فية منكر لم يستطع تغييرة لم يجز له الحضور)، و قال تعالى: {فلا تقعدوا معهم حتي يخوضوا فحديث غيرة انكم اذا مثلهم} [النساء: 140].

وقال العلماء: الرضي بالشيء رضي بما يتولد منه، و السحرة ربما يكتبون كلام الله بالنجاسات دم او غيره، و ربما يقلبون حروف كلام الله عز و جل، و ربما يقولون ما يرضى الشيطان، و يفعلون ما يرضية من لواط او زنا او ذبح، فاذا فعلوا ما ترضاة الشياطين اعانتهم علي اغراضهم.

ومن اشد الضرر الترويج لبضاعتهم الكاسدة المزجاة ، و العمل علي انتشارها، و التقوية لشوكتهم؛ قال د. ابراهيم ادهم: “فتلمع اسماء بعض السحرة و تشتهر، و يزداد الايمان و التسليم باقوالهم و قدراتهم، و يزداد نفوذهم فالمجتمع، و ينظر اليهم نظرة المنقذ و المخلص، و اصحاب الحلول التي لا تخطئ، فيتنفس السحرة الصعداء، و يكشرون عن انيابهم و اظافرهم، ليبذروا حب الفتنة و الفساد فارض المجتمع الغافل عن نداء السماء”.

ناهيك عن تسهيل طعام اموال الناس بالباطل, و ان كثرة التردد عليهم و اللجوء لهم و سؤالهم يفتح الابواب لتسلط جموع الجن و الشياطين و تمردهم؛ لانها لما رات كثرة خضوع الانس و استعاذتهم فيها و بملوكها لقضاء الاشياء زاد طغيانهم و جورهم علي بلاد الاسلام بسبب ضعاف الايمان الذين يتمسكون بهذة الفتاوي الشاذة .

ومن اعظم البلاء ان الاستعانة بالسحرة و الكهنة اسباب لبعد القلوب عن فطرها السوية و عقيدتها السليمة ، و اسباب لدخول الشك فعون الله عند الملمات، و من الضرر المحض التعلق بغير الله؛ فعن ابى هريرة قال: قال رسول الله صلي الله علية و سلم: (من تعلق شيئا و جميع اليه) رواة النسائي. و التعلق ربما يصبح فالقلب ايضا, اي التعلق بشيء و الاعتقاد انه ربما يجلب نفعا او يدفع ضررا من دون الله. فالساحر يعتقد انه يشقى و يسعد و يشفى و يمرض بمعاونة الجن و روحانيات الكواكب، و فذلك شرك عظيم..

ومن المفاسد العظمي التي لا تخفي علي جميع ذى لب: انه ربما يتوسع البعض فيلجؤون الي الكهان و السحرة فجميع حوائجهم كما كانوا فالجاهلية يفعلون.

ومن البلاء انه ربما يكذب الساحر و يقول كلاما يصبح سببا فتقطيع الارحام؛ كان يقول: سحرك اخوك، او سحرتك اختك، و هكذا، و يتبع هذا نشر العداوة و البغضاء و الانتقام و الحقد و النميمة و الكذب و الظلم بين الناس.

وان الضرر لا يزال بالضرر، فصاحب العقيدة السليمة حرى بة ان يبتعد عن السقوط بيد امثال اولئك حفظا لدينة و ابراء لذمتة امام الله.

يقول ابن قدامة : متي لزم من ترتب الحكم علي الوصف المتضمن للمصلحة مفسدة مساوية للمصلحة او راجحة عليها فقيل ان المناسبة تنتفي؛ فان تحصيل المصلحة علي و جة يتضمن فوات مثلها او اكبر منها ليس من شان العقلاء لعدم الفوائد ..

واخيرا و صية لكل مسلم:


انتبة من جميع نوم اغفلك و اخش ربا بالعطايا كفلك


بع له الدنيا باخري ان من يشترى الدنيا باخراة هلك


تابع المختار و اسلك نهجة فهو نور من مشي فية سلك


ثق بمولاك و كن عبدا له ان عبد الله فالدنيا ملك


جدد النوح علي ما ربما مضي من زمان بالمعاصى اثقلك


حاسب النفس و علمها الرضي بالقضا و اعص هواها ترض لك


خذ من التقوي لباسا طيبا انها خير لباس يمتلك


داوم الذكر لخلاق الوري و اترك الامر لمن اجري الفلك


ذل و اخضع و استقم و اعبد له مخلصا يفتح طريق الخير لك


روح النفس له و اعكف علي بابة فهو الذي ربما فضلك


زين الباطن بالتقوي كما تحسن الظاهر تعطي املك


سلم الامر له تسلم فكم من فتي ربما سلم الامر سلك

وصلي الله و سلم علي سيدنا و حبيبنا محمد، و علي الة و صحبة و من سار علي دربة و اقتفي اثرة الي يوم الدين، و سلم تسليما كثيرا,,،.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/3786/#ixzz3Qxko7pE0


احكام السحر و الشك واضررها