بحث حول الفرق بين البسملة والاستعاذة

بحث حول الفرق بين البسملة و الاستعاذة



اولا: الاستعاذة :


قال الله -تعالى-: ﴿ فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ﴾ [النحل: 98].

حكمها:


مستحبة قبل قراءة القران، و قيل: و اجبة ؛ اخذا بظاهر الامر فالاية ، و الصحيح انها مستحبة ، و هو قول جمهور العلماء؛ قال الامام الجصاص – رحمة الله – [1]: “والاستعاذة ليست بفرض؛ لان النبى -صلي الله علية و سلم- لم يعلمها الاعرابى حين علمة الصلاة [2]، و لو كانت فرضا لم يخلة من تعليمها”، و قال الامام ابن الجزرى – رحمة الله -:


واستحب تعوذ


وقال بعضهم يجب[3]

الفاظ الاستعاذة :


(اعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، او (اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزة و نفخة و نفثه)[4]، او (اعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم)، او (اعوذ بالله من الشيطان)، و هنالك الفاظ اخرى، و اللفظ الاول مقدم؛ لورود الاية بمقتضاه، و فيما سبق قال الامام الشاطبى – رضى الله عنة -:


اذا ما اردت الدهر تقرا فاستعذ


جهارا من الشيطان بالله مسجلا


علي ما اتي فالنحل يسرا و ان تزد


لربك تنزيها فلست مجهلا


وقد ذكروا لفظ الرسول فلم يزد


ولو صح ذلك النقل لم يبق مجملا

اوقات الاسرار و اوقات الجهر بالاستعاذة :


يسر بالاستعاذة عند القراءة سرا، و عند القراءة خاليا، سواء اقرا القارئ سرا ام جهرا، و فالصلاة سرية كانت ام جهرية ، و ان كان القارئ و سط قوم يتدارسون القران و لم يكن القارئ المبتدئ بالقراءة .

ويستحب الجهر بالاستعاذة اذا كان القارئ يقرا جهرا، و كان هنالك من يستمع اليه، و فحالة التعليم و المدارسة عندما يصبح القارئ المبتدئ بالقراءة [5].

ثانيا: البسملة :


حكمها:


البسملة ربما تكون و اجبة ، و ربما تكون ممنوعة ، و ربما تكون مستحبة .

اولا: الوجوب:


البسملة نصف قرانى يجب قراءتة فموضعين من القران العظيم:


الموضع الاول: و هو اول اية فسورة الفاتحة .

الموضع الثاني: فسورة النمل فقولة -تعالى-: ﴿ انه من سليمان و انه ﴾ [النمل: 30].

ويجب التاليان بالبسملة كذلك فاوائل السور، عدا سورة التوبة ؛ اتباعا لرسول الله -صلي الله علية و سلم- فقراءتها، و تبركا بتلاوتها علي انها ليست اية من القران العظيم.

قال الامام الشاطبى – رضى الله عنة -:


ولا بد منها فابتدائك سوره


سواها و فالاجزاء خير من تلا

ثانيا: المنع:


ولا يصح قراءة البسملة فاول سورة التوبة ؛ هذا انها لم تكتب فالمصحف علي عهد رسول الله -صلي الله علية و سلم- و قيل: لان سورة براءة نزلت بالسيف.

قال الامام الشاطبى – رضى الله عنة -:


ومهما تصلها او بدات براءه


لتنزيلها بالسيف لست مبسملا

ثالثا: الاستحباب:


ذهب بعض العلماء الي استحباب قراءة البسملة داخل اي سورة ، و لو بعد اولها باية و احدة و ان كانت سورة التوبة [6].

باب اوجة الاستعاذة مع البسملة عند اوائل السور


وللاستعاذة مع البسملة عند اول جميع سورة ، ما عدا سورة التوبة اربعة اوجه:


الوجة الاول: قطع الجميع.


اي: قطع الاستعاذة عن البسملة ، و قطع البسملة عن اول السورة ، فيقرا الاستعاذة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا البسملة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا اول السورة .

الوجة الثاني: قطع الاول و وصل الثاني بالثالث.


اي: قطع الاستعاذة عن البسملة ، بعدها و صل البسملة مع اول السورة ، فيقرا الاستعاذة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا البسملة و يصلها باول السورة .

الوجة الثالث: و صل الاول بالثاني و قطع الثالث.


اي: و صل الاستعاذة بالبسملة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا اول السورة .

الوجة الرابع: و صل الجميع.


اي: و صل الاستعاذة بالبسملة مع و صل البسملة مع اول السورة بغير توقف.

باب اوجة البسملة بين السورتين


الوجة الاول: قطع الجميع.


اي: قطع احدث السورة عن البسملة ، و قطع البسملة عن اول السورة الاخرى، فيقرا احدث السورة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا البسملة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا اول السورة الاخرى.

الوجة الثاني: قطع الاول، و وصل الثاني بالثالث.


اي: قطع احدث السورة عن البسملة ، بعدها و صل البسملة مع اول السورة الاخرى، فيقرا احدث السورة ، بعدها يتوقف، بعدها يقرا البسملة و يصلها باول السورة الاخرى.

الوجة الثالث: و صل الجميع.


اي: و صل احدث السورة بالبسملة مع و صل البسملة مع اول السورة الاخري بغير توقف.

قال الامام الشاطبى – رضى الله عنة -:


وبسمل بين السورتين بسنه


رجال نموها درية و تحملا


ووصلك بين السورتين فصاحه


وصل و اسكتن جميع جلاياة حصلا

هذا و يمتنع و صل الاول و الثاني و قطع الثالث؛ اي: يمتنع و صل احدث السورة بالبسملة ، بعدها قراءة اول السورة الاخري مقطوعا عما قبله؛ لان البسملة للافتتاح لا للاختتام، فيستثقل فعل ذلك عند ائمة القراء، كما قال الامام الشاطبى – رضى الله عنة -:


ومهما تصلها مع اواخر سوره


فلا تقفن الدهر بها فتثقلا

واما عن سورة التوبة براءة ، فيبتدا فيها باحد و جهين:


الاول: قراءة الاستعاذة و قطعها عن اول السورة .

والثاني: و صل الاستعاذة باول السورة ، و اما عن حال سورة التوبة براءة مع احدث السورة التي قبلها سورة الانفال، ففيها ثلاثة اوجه:


الاول: قطع احدث سورة الانفال عن اول سورة التوبة .


والثاني: و صل احدث الانفال باول التوبة .


والثالث: السكت سكتة لطيفة علي احدث الانفال، بعدها الوصل باول التوبة .

[1] (ج 5 ص 13 من احكام القران).


[2] يعنى حديث المسيء صلاته، فعن ابى هريرة – رضى الله عنة – ان رجلا دخل المسجد و رسول الله – صلي الله علية و سلم – جالس فناحية المسجد، فصلي بعدها جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله – صلي الله علية و سلم -: ((وعليك السلام، ارجع فصل، فانك لم تصل))، فرجع فصلي بعدها جاء فسلم، فقال: ((وعليك السلام، فارجع فصل، فانك لم تصل))، فقال فالثانية = او فالتى بعدها: علمنى يا رسول الله فقال: ((اذا قمت الي الصلاة ، فاسبغ الوضوء، بعدها استقبل القبلة ، فكبر بعدها اقرا بما تيسر معك من القران، بعدها اركع حتي تطمئن راكعا، بعدها ارفع حتي تستوى قائما، بعدها اسجد حتي تطمئن ساجدا، بعدها ارفع حتي تطمئن جالسا، بعدها اسجد حتي تطمئن ساجدا، بعدها ارفع حتي تطمئن جالسا، بعدها افعل هذا فصلاتك كلها))؛ صحيح رواة البخارى (5897) (5/2307)، (760) (1/274)، (724) (1/263)، (6290) (6/2455)، و مسلم (397) (1/298).


[3] هكذا علق الشيخ محمود بن امين طنطاوى – حفظة الله.


[4] صح الحديث بهذة الصيغة و رواة الترمذى (242) (2/9)، و ابو داود (775) (1/265)، و ابن ما جة (807) (1/265)، و الدارمى (1239) (1/310)، و ابن خزيمة (467) (1/238)، و ابن حبان (1779) (5/78)، (2601) (6/336)، و الدارقطنى فسننة (4) (1/298)، و الطبرانى فالكبير (1569، 1570) (2/134، 135)، و فمسند الشاميين (1343) (2/281)، و ابو يعلي (1108) (2/358)، (4994) (8/411)، (5077) (9/10)، (5380) (9/258)، و عبدالرزاق (2580) (2/84)، و ابن ابى شيبة (2396) (1/209)، (2460) (1/215)، (29123) (6/17)، (29142) (6/19)، و البيهقى فالكبري (2179) (2/34)، (2184، 2185) (2/35)، و الطحاوى فشرح معانى الاثار (1073) (1/197)، و احمد (25266) (6/156) بسند صحيح و فيه: قالوا يا رسول الله و ما همزة و نفخة و نفثه؟ قال: ((اما همزة فهذة الموتة التي تاخذ بنى ادم، و اما نفخة فالكبر، و اما نفثة فالشعر)).


[5] كذا قال العلامة الشيخ رزق خليل حبة شيخ المقارئ المصرية – علية من الله سحائب الرحمة – و اشار الي هذا الشيخ محمد بن صادق قمحاوى فالبرهان، (ص 8).


[6] قال الحافظ السيوطي: فان قرا (البسملة ) من خلال سورة استحبت له ايضا؛ نصف علية الشافعى فيما نقلة العبادي، قال القراء: و يتاكد عند قراءة نحو: ﴿ الية يرد علم الساعة ﴾ [فصلت: 47]، و ﴿ و هو الذي انشا جنات ﴾ [الانعام: 141]؛ لما ذكر فذلك بعد الاستعاذة من البشاعة و ايهام رجوع الضمير الي الشيطان؛ انتهى؛ الاتقان فعلوم القران (1/308)، و انظر: النشر لابن الجزرى (1/266)، و قال الشيخ الضباع شارحا لقول الشاطبي: (وفى الاجزاء خير من تلا): و اما الاجزاء و المراد فيها ما بعد اوائل السورة و لو بكلمة ، فالقارئ مخير بين البسملة و تركها، و علي اختيار البسملة جمهور العراقيين، و علي اختيار تركها جمهور المغاربة ؛ (ارشاد المريد ص32 طبعة مكتبة صبيح).


بحث حول الفرق بين البسملة والاستعاذة