تفسير سورة التين والزيتون

تفسير سورة التين و الزيتون



البسملة تقدم الكلام عليها‏.‏ ‏{‏والتين و الزيتون و طور سينين و ذلك البلد الامين‏}‏ اقسام الله تعالي بهذة الحاجات الاربعة ‏:‏ بالتين، و الزيتون، و بطور سينين، و ذلك البلد الامين يعنى مكة ، لان السورة مكية فالمشار الية قريب و هو مكة ، ‏{‏والتين‏}‏ هو الثمر المعروف، ‏{‏والزيتون‏}‏ معروف، و اقسم الله بهما لانهما يكثران ففلسطين، ‏{‏وطور سينين‏}‏ اقسم الله بة لانة الجبل الذي كلم الله عندة موسي صلي الله علية و علي الة و سلم‏.‏ ‏{‏وهذا البلد الامين‏}‏ اقسم الله بة اعنى مكة لانها احب البقاع الي الله، و اشرف البقاع عند الله عز و جل‏.‏ قال بعض اهل العلم‏:‏ اقسم الله بهذة الثلاثة ، لان الاول ‏{‏والتين و الزيتون‏}‏ ارض فلسطين التي بها الانبياء، و احدث انبياء بنى اسرائيل هو عيسي بن مريم – صلي الله علية و الة و سلم – و بطور سينين لانة الجبل الذي اوحي الله تعالي الي موسي حوله، و اما البلد الامين فهو مكة الذي بعث الله منة محمدا صلي الله علية و علي الة و سلم‏.‏ قال العلماء‏:‏ و معني قوله‏:‏ ‏{‏وطور سينين‏}‏ اي طور البركة لان الله تعالي و صفة او و صف ما حولة بالوادى المقدس‏.‏ ‏{‏لقد خلقنا الانسان فاقوى تقويم‏}‏ ذلك هو المقسم عليه، اقسم الله تعالي انه خلق الانسان فاقوى تقويم، و هذة الجملة التي بها المقسم علية مؤكدة بثلاثة مؤكدات‏:‏ القسم، و اللام، و قد، اقسم الله انه خلق الانسان ‏{‏فى اقوى تقويم‏}‏ فاقوى هيئة و خلقة و ‏{‏فى اقوى تقويم‏}‏ فطرة و قصدا، لانة لا يوجد احد من المخلوقات اقوى من بنى ادم خلقة ، فالمخلوقات الارضية كلها دون بنى ادم فالخلقة ، لان الله تعالي قال‏:‏ ‏{‏لقد خلقنا الانسان فاقوى تقويم‏}‏ قوله‏:‏ ‏{‏ثم رددناة اسفل سافلين‏}‏ هذة الردة التي ذكرها الله عز و جل تعنى ان الله تعالي يرد الانسان اسفل سافلين خلقة كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ومنكم من يرد الي ارذل العمر‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 70‏]‏‏.‏ فكلما ازدادت السن فالانسان تغير الي اردا فالقوة الجسدية ، و فالهيئة الجسدية ، و فنضارة الوجة و غير هذا يرد اسفل سافلين، و اذا قلنا ان اقوى تقويم تشمل حتي الفطرة التي جبل الله الخلق عليها، و العبادة التي تترتب او تتبني علي هذة الفطرة ، فان ذلك اشارة الي ان من الناس من تعود بة حالة – و العياذ بالله – الي ان يصبح اسفل سافلين بعد ان كان فالاعلي و القمة من الايمان و العلم، و الاية تشمل المعنيين جميعا بعدها قال تعالى‏:‏ ‏{‏الا الذين امنوا و عملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون‏}‏ ذلك استثناء من قوله‏:‏ ‏{‏ثم رددناة اسفل سافلين‏}‏ يعنى الا المؤمنين الذين امنوا و عملوا الصالحات فانهم لا يردون الي اسفل السافلين، لانهم متمسكون بايمانهم و اعمالهم، فيبقون عليها الي ان يموتوا‏.‏ و قوله‏:‏ ‏{‏فلهم اجر‏}‏ اي ثواب ‏{‏غير ممنون‏}‏ غير مقطوع، و لا ممنون بة كذلك فكلمة ‏{‏ممنون‏}‏ صالحة لمعني القطع، و صالحة لمعني المنة ، فهم لهم اجر لا ينقطع، و لا يمن عليهم به، يعنى انهم اذا استوفوا ذلك الاجر لا يمن عليهم فيقال اعطيناكم و فعلنا و فعلنا، و ان كانت المنة للة عز و جل عليهم بالايمان و العمل الصالح و الثواب، كلها منة من الله لكن لا يمن عليهم به، اي‏:‏ لا يؤذون بالمن كما يجرى هذا فامور الدنيا، اذا اقوى اليك احد من الناس فربما يؤذيك بمنة عليك، فكل مناسبة يقول‏:‏ فعلت بك، اعطيتك و ما اشبة ذلك‏.‏ بعدها قال الله تبارك و تعالى‏:‏ ‏{‏فما يكذبك بعد بالدين‏}‏ انتقل الله تعالي من الكلام علي و جة الغيبة الي الكلام علي و جة المقابلة و الخطاب قال‏:‏ ‏{‏فما يكذبك بعد بالدين‏}‏ اي‏:‏ اي شيء يكذبك ايها الانسان بعد ذلك البيان ‏{‏بالدين‏}‏ اي بما امر الله بة من الدين، و لهذا كلما نظر الانسان الي نفسة و اصلة و خلقته، و ان الله اجتباة و اقوى خلقته، و اقوى فطرتة فانة يزداد ايمانا بالله عز و جل، و تصديقا بكتابة و بما اخبرت بة رسله‏.‏ بعدها قال‏:‏ ‏{‏اليس الله باحكم الحاكمين‏}‏ و ذلك الاستفهام للتقرير يقرر الله عز و جل انه احكم الحاكمين، و احكم هنا اسم تفضيل و هو ما خوذ من الحكمة ، و من الحكم، فالحكم الاكبر الاعظم الذي لا يعارضة شيء هو حكم الله عز و جل، و الحكمة العليا البالغة هى حكمة الله عز و جل فهو سبحانة و تعالي احكم الحاكمين قدرا و شرعا، و له الحكم، و الية يرجع الامر كله‏.‏ نسال الله تعالي ان يرزقنا العلم بكتابه، و سنة رسولة صلي الله علية و علي الة و سلم، انه علي جميع شيء قدير‏.‏

  • سورة التين مكتوبة


تفسير سورة التين والزيتون