مسالة ” اطول لمدة لحمل المراة ” من مسائل الخلاف بين علماء الشرع ، و هى ضيقة الخلاف عند الاطباء ، و اضيق منها فقوانين الاحوال الشخصية فغالب العالم العربى .
اما عند علماء الشرع : فقد اختلفوا فاقصي لمدة تمكثها المراة و هى حامل الي اقوال :
1. اقصي لمدة للحمل : هى المدة المعهودة ، و هى تسعة اشهر، و بة قال اصحاب المذهب الظاهرى .
2. اقصي لمدة للحمل : سنة و احدة ، و هو قول محمد بن عبدالحكم ، و اختارة ابن رشد .
3. سنتان ، و هو مذهب الحنفية .
4. ثلاث سنين ، و هو قول الليث بن سعد .
4. اربع سنين ، و هو مذهب الشافعية ، و الحنابلة ، و اشهر القولين عند المالكية .
5. خمس سنين ، و هى رواية عن الامام ما لك .
6. ست سنين ، و هى رواية عن الزهرى ، و ما لك .
7. سبع سنين ، و بة قال ربيعة الراى ، و هى رواية اخري عن الزهرى ، و ما لك .
8. لاحد لاكثر الحمل ،وهو قول ابى عبيد ، و الشوكانى ، و قال بة من المعاصرين : المشايخ : الشنقيطى ، و ابن باز ، و العثيمين .
واما عند الاطباء : فقد اختلفوا علي ثلاثة اقوال :
1. عشرة اشهر .
2. 310 يوما .
3. 330 يوما .
واما فقوانين الاحوال الشخصية فغالب البلاد العربية : فقد ذهبوا الي تحديد المدة بسنة ، و منهم من حسبها باعتبارها سنة شمسية – و هم الاكثر ، و منهم من نصف علي كونها سنة قمرية .
والذى اختارة كثير من الباحثين المعاصرين : ان اقصي لمدة حمل للمراة ما بين التسعة اشهر الي السنة ، و هو قول ابن عبدالحكم ، و ابن رشد ، رحمهما الله ، و ليس بعيدا عن قول الاطباء ، و هو مطابق لقوانين الاحوال الشخصية فعديد من البلاد الاسلامية .
واما القول بان الحمل ممكن ان يمتد لسنوات فهو امر مرفوض فعالم الطب ، و لذلك رفضة غالب الباحثين المعاصرين .
وقد طعن ابن حزم رحمة الله فصحة الاخبار التي اعتمد عليها اولئك العلماء، و قالوا بان الحمل ممكن ان يمتد لسنوات . فقال رحمة الله – تعليقا علي الاخبار التي تروي عن نساء حملن لعدة سنين :
“وكل هذة : اخبار مكذوبة ، راجعة الي من لا يصدق ، و لا يعرف من هو ، و لا يجوز الحكم فدين الله تعالي بمثل هذا”
وقد استدل من قال من الفقهاء بامتداد لمدة الحمل الي سنوات كثيرة ببعض الاحاديث و الاثار ، غير انها ضعيفة لا يثبت فيها كهذا الحكم .
وقد تتبعها ابن حزم رحمة الله بالتضعيف ، و الانكار .
اما اقوال الباحثين المعاصرين فهذة المسالة فنذكر بعضها :
1. جاء فالتوصيات الصادرة عن ” المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية ” فمقال ” اقصي لمدة الحمل ” – الندوة الثالثة سنة 1987 م :
يستمر نماء الحمل منذ التلقيح حتي الميلاد معتمدا فغذائة علي المشيمة ، و الاعتبار : ان لمدة الحمل بوجة التقريب : ما ئتان و ثمانون يوما ، تبدا من اول ايام الحيضة السوية السابقة للحمل .
فاذا تاخر الميلاد عن هذا : ففى المشيمة بقية رصيد يخدم الجنين بكفاءة مدة اسبوعين اخرين , بعدها يعانى الجنين المجاعة من بعد هذا ، لدرجة ترفع نسبة و فاة الجنين فالاسبوع الثالث و الاربعين , و الرابع و الاربعين , و من النادر : ان ينجو من الموت جنين بقى فالرحم خمسة و اربعين اسبوعا .
ولاستيعاب النادر و الشاذ : تمد هذة المدة اعتبارا من اسبوعين اخرين ، لتصبح ثلاثمائة و ثلاثين يوما , و لم يعرف ان مشيمة قدرت ان تمد الجنين بعناصر الحياة لهذة المدة , و ربما بالغ القانون فالاحتياط مستندا الي بعض الاراء الفقهية ، بجانب الراى العلمى , فجعل اقصي لمدة الحمل : سنة .
2. و ربما ذكر الاستاذ عمر بن محمد بن ابراهيم غانم فخاتمة كتابة ” احكام الجنين فالفقة الاسلامى ” النتائج التي توصل اليها ، و منها :
ان اقصي لمدة للحمل هى : سنة قمرية و احدة ، و لا عبرة لما ذهب الية الفقهاء من اقوال تزيد عن هذة المدة ، بنيت علي الظنون، و الاوهام ، و لا اساس لها من الحقيقة ، بل ان معطيات العلم الحديث تبددها .
3. و قال الدكتور محمد سليمان النور فمقالة ” لمدة الحمل بين الفقة و الطب و بعض قوانين الاحوال الشخصية المعاصرة ” :
وترجح للباحث انها ثلاثمائة و ثلاثون يوما ، و ممكن ان تزيد اذا ثبت بالفحص ما يتسمي عند الاطباء ب ” السبات ” ، و هو يحدث عندما يتم الحمل ، و فمرحلة ما يتوقف ذلك الحمل عن النمو لفترة ، لكنة موجود حى ، و فق الفحوصات ، و الاختبارات الطبية ، فتزيد لمدة الحمل بقدر زيادتة ، و اختلف الاطباء فاكثر لمدة الحمل علي ثلاثة اراء : انها : عشرة اشهر ، ( 310 ) يوما ، ( 330 ) يوما ، و هى اراء متقاربة ، و احوطها : الراى الاخير ، و علل بعض الاطباء حكايات الحمل الممتد لسنين بعدة تعليلات ، و هى : الحمل الوهمى او الكاذب ، الخطا فالحساب من بعض الحوامل ، ظهور اسنان عند بعض المولودين حديثا ، موت الحمل فبطن امة و بقاؤة بها لمدة طويلة ، عدم صحة هذة الاخبار .
وذهبت قوانين الاحوال الشخصية المعاصرة ، و مشروعات قوانين الاحوال الشخصية فعديد من البلاد الاسلامية : الي ان اكثر لمدة الحمل : سنة و احدة .
4. و قال الدكتور عبدالرشيد بن محمد امين بن قاسم :
وبالتامل فالاقوال السابقة : يخرج لى : ان اقصي لمدة الحمل التي تبني عليها الاحكام الشرعية : هى المدة المعهودة ، تسعة اشهر ، و التي ربما تزيد اسابيع محدودة ، كما هو الواقع ، اما المدد الطويلة : فهى نادرة ، و القاعدة الفقهية ان ” الاحتمالات النادرة لا يلتفت اليها ” ، و القاعدة : ” العبرة بالغالب ، و النادر لا حكم له ” ، و الواقع المعاصر يبدد و هم القائلين بامتداد حمل امتد لسنوات، حيث يولد فالعام الواحد عشرات الملايين من البشر ، و لو قدر و جود امثال ذلك الحمل : لتناقلتة و سائل الاعلام ، و الاطباء ، حيث انهم يهتمون بنقل ما هو اقل من ذلك الحدث بعديد ، و ربما اختار ذلك الراى : عامة الباحثين المعاصرين ، الذين تناولوا هذة المسالة .
واخيرا .. الذي ممكن ان يقال فهذة المسالة : اذا ثبت طبيا ، ثبوتا اكيدا لا شبهة فية ، ان الحمل لا ممكن ان يبقي جميع هذة السنوات الطويلة ، فلا مفر من القول بذلك ، لان الشرع لا ممكن ان ياتى بما يخالف الواقع او الحس .
والمسالة ليس بها نصف من القران او السنة حتي نقول ان الدين تصادم مع العلم ، و انما هى اجتهادات لاهل العلم المرجع بها الي الوجود ؛ اي ان من قال بقول ما ، ذكر انه ربما و جد فالواقع ما يشهد له و يؤيدة .
ولهذا قال ابن رشد رحمة الله :
“وهذة المسالة مرجوع بها الي العادة ، و التجربة ، و قول ابن عبدالحكم ، و الظاهرية : هو اقرب الي المعتاد ، و الحكم : انما يجب ان يصبح بالمعتاد ، لا بالنادر و لعلة ان يصبح مستحيلا”
وقال ابن عبدالبر رحمة الله :
“وهذة مسالة لا اصل لها الا الاجتهاد ، و الرد الي ما عرف من امر النساء”
وحينئذ ممكن الاعتذار عن العلماء الذين قالوا بجواز المدة الطويلة ، بانهم بنوا هذا علي اخبار ظنوا حينئذ ثبوتها ، و بنوا الامر علي السلامة .