الدفاع عن الحبيب
حديثنا اليوم عباد الله عن السراج المنير الذي امتن الله به علينا فانار القلوب بعد ظلمتها و احياها بعد مواتها و هداها بعد ضلالتها و اسعدها بعد شقوتها {يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا *وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا }الاحزاب46
عن عربا ض بن ساريه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اني عبد الله وخاتم النبيين وفيه ان ام رسول الله صلى الله عليه وسلم رات حين وضعته نورا اضاءت منه قصور الشام ) قال: شعيب الارنؤوط : حديث صحيح لغيره قال جابر رضي الله عنه : ( رايت رسول الله في ليله اضحيان اي ليله مضيئه لا غيم فيها فجعلت انظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم و الى القمر و عليه حله حمراء فاذا هو احسن عندي من القمر ) رواه الترمذي
فكان صلى الله عليه و سلم النور الساطع بعد ظلام دامس و كان صلى الله عليه و سلم الصباح بعد ليل طويل مظلم بهيم :
بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البريه ظلمه سوداء
فتفتقت بالنور اركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح ضياء
و مضى السلام على البسيطه صافيا *** تروى به الفيحاء و الجرداء
حتى صفت للكون اعظم شرعه *** فاضت بجود سخائها الانحاء
يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الارجاء
حديثنا عن الرحمه المهداه و النعمه المسداه كنا على شفا حفره من النار فانقذنا الله به (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفره من النار فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون) (ال عمران:103)
كنا على جهل و ضلال و سؤ اخلاق فجاءنا بالهدى و النور و مكارم الاخلاق : ( انما بعث لاتمم مكارم الاخلاق ) .
انقذنا الله به من الموت على الكفر دخول النار كان اشفق بنا من الام على ولدها عن ابي هريره رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( انما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما اضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فانا اخذ بحجزكم عن النار وانتم تقحمون فيها ) رواه البخاري
وقال تعالى: ” لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ”
قال العلامه ابن سعدي رحمه الله تعالى :” هذه المنه التي امتن الله بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي انقذهم الله به من الضلاله وعصمهم به من التهلكه ” ا.ه
الحديث ايها الكرام عن خير البشر خير من مشى على الارض و خير من طلعت عليه الشمس بل هو شمس الدنيا و ضياؤها بهجتها و سرورها ريقه دواء و نفثه شفاء و عرقه اطيب الطيب اجمل البشر و ابهى من الدرر ياسر القلوب و يجتذب الافئده متعه النظر و شفاء البصر اذا تكلم اساخت له لقلوب قبل الاسماع فلا تسل عما يحصل لها من السعاده و الامتاع كم شفى قلبا ملتاعا و كم هدى من اوشك على الهلاك و الضياع .
قال ابن الجوزي رحمه الله في وصفه : [ من تحركت لعظمته السواكن فحن اليه الجذع ، و كلمه الذئب ، و سبح في كفه الحصى ، و تزلزل له الجبل
كل كنى عن شوقه بلسانه
يا جمله الجمال ، يا كل الكمال ، انت واسطه العقد و زينه الدهر تزيد على الانبياء زياده الشمس على البدر ، و البحر على القطر و السماء على الارض . انت صدرهم و بدرهم و عليك يدور امرهم] .
هذا النبي العظيم الذي ارسله الله هدايه و رحمه للعالمين “وما ارسلناك الا رحمه للعالمين” (الانبياء:107)، فاخرج الله بهذا النبي الامي عليه افضل الصلاه والتسليم الناس من الظلمات الى النور، ومن الضلال الى الهدى، ومن العذاب الى الرحمه ، بعدما اجتالتهم الشياطين عن صراط الله المستقيم، فاشرقت الارض بنور الرساله المحمديه ، ورغمت انوف المبطلين وانخنس الكفر واهله، مصداقا لقوله تعالى: ( هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) فما اعظم احسانه البشريه و ما احوجها في هذه العصور التي على فيها زبد الباطل و انتفش الى نور الحق الذي جاء به
عباد الله بعد هذه المقدمه المقتضبه ان اعظم العظماء و سيد الاولياء و امام الاتقياء دعوني انقل لكم الخبر الفاجعه والمصيبه و الداهيه خبر يقرح الافئده المؤمنين و يقض المضاجع المتقين فما ذلك الخبر؟
لقد سخر من رسول صلى الله عليه و سلم و اعتدي على شخصه الكريم فما اجل الخطب و ما اعظم المصاب حق للعين ان تدمع و حق للقلب ان يحزن شلت يد خطت الاساءه الى خير البريه و سيد البشريه و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم .
في يوم الثلاثاء 26 / 8 / 1426ه الموافق 30 سبتمبر الماضي تعرض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم- الى هجوم حاد وحمله حاقده في الصحافه الدانمركيه ، والتي بدات عندما اراد مؤلف كتب اطفال دانماركي ان يضع على غلاف كتابه صوره للرسول -صلى الله عليه وسلم- ورفض رسام الكاريكاتير المكلف باعداد الغلاف رسم هذه الصوره ، فقرر المؤلف اقامه مسابقه لرسم الرسول، حيث تقدم لها (12) رسام كاريكاتير ارسلوا (12) صوره مسيئه لرسولنا الكريم •
ولم تفوت صحيفه (بيو لاندز بوستن) اليمينيه المتطرفه والتابعه للحزب الحاكم هذه الفرصه ، في التقاط هذه الصور ونشرها استهانه بمشاعر اكثر من مليار و(300) مليون مسلم ، بالرغم من ان مسلمي الدانمارك والبالغ عددهم (200) الف، ( الاسلام هو الديانه الثانيه في الدانمارك بعد المسيحيه البروتستانتيه ) حاولوا الاحتجاج على القرار، وذلك عن طريق رفع مذكره الى الحكومه الدانماركيه ، الا ان الجواب كان هو الرفض، واصرار الحكومه على دعم حمله الهجوم تحت مسمى ”حريه التعبير”
بل كان الموقف الحكومي الدانماركي اكثر شراسه برفض المدعي العام تلبيه طلب الجاليه الاسلاميه برفع دعوى قضائيه ضد الصحيفه
و لنا مع هذه الحادثه وقفات :
الاولى : عظم هذه الجريمه فهي تنتهك حرمه اعظم رجل مشى على الارض رسول الرحمه و الهدى والاعتداء عليه صلى الله عليه و سلم اعتداء عل المولى جل و علا و اعتداء على الدين الذي جاء به صلى الله عليه و سلم ولذا فقد بين العلماء حكم من سب النبي صلى الله عليه و سلم يقول شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله : [ من سب النبي من مسلم او كافر فانه يجب قتله هذا مذهب عليه عامه اهل العلم قال ابن المنذر : [ اجمع عوام اهل العلم على ان حد من سب النبي صلى الله عليه و سلم القتل ] و ممن قاله مالك و الليث و احمد و اسحاق و هو مذهب الشافعي رحمهم الله جميعا
قال عبد الله بن الحكم : [ من سب النبي صلى الله عليه و سلم من مسلم او كافر قتل و لم يستتب .
الثانيه : التاكيد على عقيد الولاء و البراء فالكفر مله واحده و هو يناوب الادوار في كر الدين و بغضه و العداوه له و لاهله فمره هجوم على الاسلام و مره اعتداء على القران و اليوم العداوه لرسول الله صلى الله عليه و سلم و قد اوضح الله هذا الامر و جلاله قال تعالى : ({ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل ان هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير }البقره 120
و قال تعالى : (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا)
فالعداوه لرسول الله و دينه و كتابه باقيه الى قيامه الساعه وهي رساله الى كل مسلم ان يجدد عقيدته فيحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و حزبه المؤمنين و يكره حزب الشيطان الكافرين .
الوقفه الثالثه :ان هذه الهجمه من اعداء الدين واعداد النبي صلى الله عليه و سلم هي اختبار لنا كمسلمين هل نهب لنصره نبينا صلى الله عليه وسلم و ندافع عنه ام نبقى في غفلتنا و نومنا و الا فالله سبحانه قد تكفل بالدفاع عن نبيه و مصطفاه وقال الله جل شانه : { ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمه للذين امنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب اليم } (61) سوره التوبه .
وقال الله سبحانه : { ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخره واعد لهم عذابا مهينا } (57) سوره الاحزاب .
وقال تعالى : { فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين . انا كفيناك المستهزئين } ( 94 / 95 ) سوره الحجر . و قال تعالى : (والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين }المائده 67
و لذا يجب على كل مسلم ان يهب الى نصره حبيبه صلى الله عليه و سلم و يدافع عنه بكل ما يملك .
اسال الله العلي العظيم ان يرزقنا حبه ، وان يحشرنا في زمرته ، وان يجعلنا فداء له ولدينه
الخطبه الثانيه
الحمد لله و كفى و الصلاه و السلام على النبي المصطفى و الرسول المجتبى ما بدر بدا و ما ليل سجى
و على اله و صحبه اولي النهى
ابعد
الوقفه الرابعه : كيف نواجه هذا العدوان و ما الواجب على المسلم حيال نبيه صلى الله عليه و سلم ؟
اولا : المقاطعه التامه لدولتي الدنمرك و النرويج سياسيا و اقتصاديا جزاء اعتدائهم على حبينا صلى اله عليه و سلم و قد عرض ذلك مجلس الشورى و كان من نتائج ذلك المقاطعه السياسيه من بلاد الحرمين و فقها الله و حرسها فقد تم استدعاء سفير المملكه بالدنمارك و نتج عن ذلك مقاطعه مجموعه من كبار التجار للمنتجات الدولتين حتى ان بعض البضائع ردت من الجمارك و اعلن العثيم ان مقاطعته لتلك المنتجات و نتج عن ذلك خسائر خلال الايام السابقه تجاوزت مليار دولار و حث العلماء على مقاطعه تلك المنتجات من قبل عموم الناس فهل تحتس بذلك عند الله دفاعا عن حبيبنا و رسولنا و دفاعا عن ديننا و عقيدتنا هل نقول لا للمنتجات الدنمركيه و النرويجيه امل ذلك .
ثانيا : عرض سيرته صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال كل الوسائل المتاحه ، بالمقاله ، والمطويه ، والنشره ، والكتاب الصغير، والكبير، والبرامج المرئيه والمسموعه ، ومن خلال المدارس، والمساجد، والبيوت، والمحافل. حتى يقف الصغير والكبير على تفاصيل سيرته وسنته صلى الله عليه وسلم، فهذا الرجل اعظم رجل في التاريخ، وهو منا، ونحن منه، وقد فزنا به، وشرفنا بالنسبه اليه، فلا يليق بنا ان نجهل تاريخه وسيرته، فلا نعرف منها الا القليل.
ثالثا : طاعته: قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما . و قال تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنه او يصيبهم عذاب اليم . و قال تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنه اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم .
ربعا : تعظيم النبي وتوقيره: كان محمد بن المنكدر اذا ذكره بكى حتى يرحمه الجالسون. وكان ابن مهدي اذا قرا حديث النبي امر الحاضرين بالسكوت لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون .
خامسا : الصلاه و السلام عليه قال تعالى : ( ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (الاحزاب:56)
سادسا : الشوق الى النبي صلى الله عليه و سلم
نسينا في ودادك كل غال *** فانت اليوم اغلى ما لدينا
نلام على محبتكم و يكفي *** لنا شرف نلام و ما علينا
ولما نلقكم لكن شوقا *** يذكرنا فكيف اذا التقينا
تسلى الناس بالدنيا و انا *** لعمر الله بعدك ما سلونا
سابعا : تذكره وتمنى رؤيته:
روى مسلم عن ابي هريره مرفوعا: ((من اشد امتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود احدهم لو راني باهله وماله)).
وروى احمد عن انس بن مالك قال : قال : ((يقدم عليكم غدا اقوام هم ارق قلوبا للاسلام منكم)) قال : فقدم الاشعريون فيهم ابو موسى الاشعري، فلما دنو من المدينه جعلوا يرتجزون يقولون:
غدا نلقى الاحبه محمدا وحزبه
فلما ان قدموا تصافحوا فكانوا هم اول من احدث المصافحه .
ثامنا : محبه قرابته وال بيته وازواجه:
وروى مسلم عن زيد بن ارقم مرفوعا: ((الا ايها الناس فانما انا بشر يوشك ان ياتي رسول ربي فاجيب، وانا تارك فيكم ثقلين: اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، ثم قال: واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي)).
تاسعا : محبه سنته والداعين اليها:
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان
- الدفاع عن الحبيب