الطب النبوي لابن سينا



الطب النبوى لابن سينا

خلق الله النباتات علي الكرة الارضية قبل ان تطاها دم انسان او حافر حيوان، لان النباتات هى الغذاء الاساسى لكل مخلوق حى و بدونة لا و جود للحياة .


ومنذ ان خلق الله الانسان و الحيوان و جدت الامراض التي تنتابهما.


كما ان الله، عز جلاله، ربما جعل النباتات غذاء لا تستغنى عنة الحياة ، فد اوجد فية كذلك الدواء للامراض. و اعطي الحيوان الذي لا يعقل و لا يفكر غريزة الاهتداء الي نوع النبات الذي يشفية من مرضه. و ترك للانسان العاقل ان يهتدى الي النباتات الشافية من الامراض، بالدراسة و التجارب و الاستنتاج.


وتاريخ التطبيب بالاعشاب قديم جدا جدا يرجع الي العصور الاولي من التاريخ. فبعض المخطوطات من اوراق البردى و قبور الفراعنة ، دلت علي ان الكهنة فذلك الوقت، كان عندهم معلومات كثيرة باسرار الاعشاب و التداوى بها، حتي ان البعض من هذة الاعشاب الشافية و جد بين ما احتوتة قبور الفراعنة من تحف و اثار.


ايضا هنالك ما يثبت ان قدماء الهنود ربما ما رسوا، كقدماء المصريين هذة المهنة ايضا، و حذقوا بها، و منهم (سوسورتا) Susurta. بعدها جاء بعد هذا قدماء حكماء اليونان و وضعوا المؤلفات عن التداوى بالاعشاب فالقرنين الرابع و الخامس قبل الميلاد، و اشهرهم فهذا المضمار (ابوقراط) و (ثيوفراستوس) و (ديسقوريدس) و (بلينوس). و ظلت مؤلفات هؤلاء عن التداوى بالاعشاب المصدر الاساسى لهذا العلم، حتي جاء العرب المسلمون، و توسعوا فهذا العلم بتجارب حديثة ، و فمقدمتهم (الرازي) و (ابن سينا).


وفى القرن الثاني عشر للميلاد احتكر الرهبان فاوروبا مهنة التداوى بالاعشاب و زراعتها، و اشهرها الراهبة (هيلديكارد)، و مؤلفها الذي سمتة (الفيزيكا) كتاب مشهور.


وفتح العرب للاندلس خدم طب الاعشاب فاوروبا، بان زودها بالعديد من معلومات الاطباء العرب و المسلمين، و اعشاب الشرق. كما ان الحروب الصليبية كانت ايضا بالنسبة للشرق. و ازدهر ذلك العلم كثيرا بعد اكتشاف القارة الامريكية و ما بها من كنوز كثيرة من الاعشاب الطبية .


وبعد اكتشاف الطباعة فالقرن الخامس عشر للميلاد كثرت المؤلفات عن التداوى بالاعشاب، و عم انتشار هذة المؤلفات بحيث كانت الي جانب الانجيل لا يخلو منها بيت =من البيوت فاوروبا. و ربما ظل التداوى بالاعشاب حتي هذا التاريخ مستندا الي التجارب و النتائج فقط دون الاهتمام بالبحث العلمى عن موادها الشافية او طرق تاثيرها فجسم المريض.


وكان الاطباء يمارسون مهنة جمع الاعشاب، و تحضير الدواء منها بانفسهم حتي سنة 1224، حيث افتتحت اول صيدلية نباتية فالعالم فايطاليا، و اصدر القيصر بها مرسوما خاصا يحصر مهمة تحضير الادوية من الاعشاب بالصيادلة فقط، علي ان يبقي للطبيب مهمة تحديد مقدار ما يجب ان يستخدم منها ممزوجا، و طريقة استعمالها.


وبعد ان ازدهرت الكيمياء فبداية القرن التاسع عشر للميلاد، و صار باستطاعتها تحليل الاعشاب لمعرفة المواد الفعالة فيها، و استخراجها او تركيبها كيماويا من مصادر كيماوية اخرى.


بدا التداوى بالاعشاب ينطوى فعالم الاهمال ليحل مكانة التداوى بالمساحيق و الاقراص و الاشربة المستخلصة من الاجزاء الفعالة فالاعشاب او من المواد الكيماوية غير العضوية . و كان من المامول ان تكون هذة الادوية الصناعية اقوى فعالية من الاعشاب لانها خلاصة المواد الفعالة فيها، و لكن التجارب اثبتت فيما بعد ان ما فصيدلية الله من اعشاب اقوى فعالية من انتاج المصانع الكيماوية .[1]

اثر الاسلام فتقدم الطب فالمجتمع العربى الاسلامي

تاثر المجتمع العربى بصورة عميقة بظهور الاسلام، فبعد ان كان مجتمعا بدويا متاخرا تعيش فئات قليلة منة فمدن صغار كالقرى، و تعيش غالبيتة علي شكل قبائل بدوية تنتقل من مكان لاخر، تحول فاقل من خمسين عاما الي مجتمع يضم عدة مدن ضخمة يقطنها عدد كبير من السكان.


استقطب ذلك المجتمع الجديد كثيرا من العقول المستنيرة التي كانت تقطن فالبلاد المجاورة ، ذات الحضارة العريقة ، كما انه اجتذب كل العاملين فحقل العلم من سكان البلاد المفتوحة . و يعود الاسباب =فذلك الي عاملين: انتشار روح التسامح الدينى تجاة اهل الكتاب، و هو ما يامر بة الاسلام , و وجود مجال رحب للعمل و الربح فجميع البلاد التي انتشر بها الاسلام.


حارب الاسلام الخرافات الطبية ، و جعل الطيرة و التمائم و الرقي من الشرك. و كفر جميع من استشار عرافا او كاهنا او توجة لغير الله. و عد المنجمين كاذبين و لو صدقوا. و حث علي النظافة و حفظ الصحة فالعبادات من و ضوء و صوم.


ومن جهة ثانية = اجاز الاسلام الاسترقاء، و حض علي معالجة المرضي بالصدقة ، و هما شكلان من اشكال المعالجة النفسية التي تستند الي الايمان و تتم بالايحاء.


ولم يكتف الاسلام بالمعالجة النفسية ، بل كان يقرنها دائما بالمعالجة المادية . و ربما روى عن النبي،صلي الله علية و سلم، انه بينما كان يصلى اذ لدغتة عقرب فاصبعه، فدعا باناء فية ماء و ملح، فوضع فية اصبعة و هو يقرا القران حتي سكن المه.


ومن الاحاديث الشريفة للنبي،صلي الله علية و سلم، “ما انزل الله داء و الا انزل له شفاء”، و ايضا: “يا عباد الله تداووا، فان الله عز و جل لم يضع داء الا و ضع له دواء الا و احدا و هو الهرم” .


وفى الاحاديث النبوية مجموعة كبار من النصائح فيما يتعلق بالطب النبوى الوقائى و العلاجي. و من اوامر الرسول التي تعد اساسا فالطب الوقائي، الحض علي العزل و هذا بقولة الشريف: “اذا سمعتم بالطاعون بارض فلا تدخلوها، و اذا و قع بارض و انتم فيها فلا تظهروا منها”.


اما بالنسبة للطب العلاجى فقد اوصي النبي،صلي الله علية و سلم، بالمداواة بالعسل و بلبن الابل و بالحبة السوداء و غيرها، كما نصح بالحجامة و الكي.


كما اكد ان اصل الامراض كلها انما هو الاغذية بقولة الشريف: “المعدة بيت =الداء و الحمية راس الدواء، و اصل جميع داء البردة “.[2]

لقد جمعت الحكم النبوية التي ذكرها الرسول،صلي الله علية و سلم، عن الاعشاب و النباتات فعدة كتب، تعد اشهرها الكتب الاتية :


1- كتاب (زاد المعاد) للامام العلامة شمس الدين محمد بن ابى بكر المعروف بابن قيم الجوزية ، و الكتاب معروف تحت اسم (الطب النبوي).


2- كتاب سنن الترمذي.


3- كتاب الطب من سنن ابن ما جه.


4- كتاب الطب من سنن ابى داود.


5- كتاب الطب المقتبس من الاحاديث النبوية الواردة فصحيح البخاري.[3]

يقسم كتاب (زاد المعاد) لابن قيم الجوزية الي ستة اجزاء، تبحث الاجزاء الثلاثة الاولي فعلاج بعض الامراض التي كانت شائعة فعهد النبي، اما الاجزاء الثلاثة الاخيرة فهى تختص بالاعشاب و النباتات التي ذكرها النبي،صلي الله علية و سلم، علي لسانة و تحدث عنها.

يقول ابن قيم الجوزية فالجزء الاول من كتابة :


” المرض نوعان : مرض القلوب، و مرض الابدان، و هما مذكوران فالقران. و مرض القلوب نوعان: مرض شبهة و شك، و مرض شهوة و غي، و كلاهما فالقران.


قال تعالي فمرض الشبهة : ” فقلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ” [ البقرة : 110 ].


واما مرض الشهوات، فقال تعالى: “يا نساء النبى لستن كاحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي فقلبة مرض” [ الاحزاب : 32 ] . فهذا مرض شهوة الزني ، و الله اعلم.


واما مرض الابدان، فقال تعالى: “ليس علي الاعمي حرج و لا علي الاعرج حرج و لا علي المريض حرج” [ النور : 61 ]

وقد روي مسلم فصحيحه: من حديث ابي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن النبى صلي الله علية و سلم، انه قال: ” لكل داء دواء، فاذا اصيب دواء الداء ، برا باذن الله عز و جل”.


كما جاء فمسند الامام احمد: من حديث زياد بن علاقة ، عن اسامة بن شريك، قال: كنت عند النبى صلي الله علية و سلم، و جاءت الاعراب، فقالوا: يا رسول الله! انتداوى؟ فقال: “نعم يا عباد الله تداووا، فان الله عز و جل لم يضع داء الا و ضع له شفاء غير داء و احد” ، قالوا: ما هو ؟ قال: “الهرم “.


فقد تضمنت هذة الاحاديث اثبات الاسباب و المسببات، و ابطال قول من انكرها.


ويجوز ان يصبح قوله: “لكل داء دواء”، علي عمومة حتي يتناول الادواء القاتلة ، و الادواء التي لا ممكن لطبيب ان يبرئها، و يصبح الله عز و جل ربما جعل لها ادوية تبرئها، و لكن طوي علمها عن البشر، و لم يجعل لهم الية سبيلا، لانة لا علم للخلق الا ما علمهم الله، و لهذا علق النبى صلي الله علية و سلم الشفاء علي مصادفة الدواء للداء، فانة لا شئ من المخلوقات الا له ضد، و جميع داء له ضد من الدواء يعالج بضده، فعلق النبى صلي الله علية و سلم البرء بموافقة الداء للدواء، و ذلك قدر زائد علي مجرد و جوده، فان الدواء متي جاوز درجة الداء فالطريقة ، او زاد فالكمية علي ما ينبغي، نقلة الي داء اخر، و متي قصر عنها لم يف بمقاومته، و كان العلاج قاصرا.


وفى قولة صلي الله علية و سلم: “لكل داء دواء”، تقوية لنفس المريض و الطبيب، و حث علي طلب هذا الدواء و التفتيش عليه، فان المريض اذا استشعرت نفسة ان لدائة دواء يزيله، تعلق قلبة بروح الرجاء، و بردت عندة حرارة الياس، و انفتح له باب الرجاء. و ايضا الطبيب اذا علم ان لهذا الداء دواء امكنة طلبة و التفتيش عليه.[4]

وكان علاج النبي، صلي الله علية و سلم، للمرض علي ثلاثة نوعيات:


1- بالادوية الطبيعية (الاعشاب و النباتات)، 2- بالادوية الالهية ، 3-بالمركب من الامرين.


وستعالج حلقة البحث هذة مقال العلاج النبوى بالادوية الطبيعية من اعشاب و نباتات، ذكرها النبى فاكثر من مناسبة و علم الصحابة علي طرق استخدام هذة النباتات و طريقة الاستفادة منها:

1- فهديه، صلي الله علية و سلم، عن شرب العسل

يقول ابن قيم الجوزية فكتابة (زاد المعاد):[5]

(ان رجلا اتي النبى صلي الله علية و سلم، فقال: ان اخى يشتكى بطنه، فقال: “اسقة عسلا” ، فذهب بعدها رجع، فقال: ربما سقيته، فلم يغن عنة شيئا. فقال النبي: “اسقة عسلا” ، فقال له فالثالثة او الرابعة : “صدق الله ، و كذب بطن اخيك”).


والعسل فية منافع عظيمة ، فانة جلاء للاوساخ التي فالعروق و الامعاء و غيرها، نافع للمشايخ و اصحاب البلغم، و من كان مزاجة باردا رطبا، و هو مغذ ملين للطبيعة ، منق للكبد و الصدر، مدر للبول، موافق للسعال الكائن عن البلغم، و ان شرب و حدة ممزوجا بماء نفع من عضة الكلب و طعام الفطر القتال، و يحفظ كثيرا من الفاكهة ستة اشهر. و اذا لطخ بة البدن المقمل و الشعر، قتل قملة و صئبانه. و ان استن به، بيض الاسنان و صقلها، و حفظ صحتها، و صحة اللثة .


فهذا الذي و صف له النبى صلي الله علية و سلم العسل، كان استطلاق بطنة عن تخمة اصابتة عن امتلاء، فامرة بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة فنواحى المعدة و الامعاء، فان العسل فية جلاء، و دفع للفضول. و فتكرار سقية العسل معني طبى بديع، و هو ان الدواء يجب ان يصبح له مقدار و كمية بحسب حال الداء، فلما تكرر تردادة الي النبى صلي الله علية و سلم، اكد علية المعاودة ليصل الي المقدار المقاوم للداء. و فقولة صلي الله علية و سلم: “صدق الله و كذب بطن اخيك”، اشارة الي تحقيق نفع ذلك الدواء. و ليس طبة صلي الله علية و سلم كطب الاطباء، فان طب النبى صلي الله علية و سلم متيقن قطعى الهي، صادر عن الوحي، و مشكاة النبوة ، و كمال العقل.


وقد و رد فصحيح البخارى عن شرب العسل، ما يلي:


عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبى صلي الله علية و سلم، قال: “الشفاء فثلاث: شربة عسل، و شرطة محجم، و كية نار”.

2- فهديه،صلي الله علية و سلم، فعلاج يبس الطبع، و احتياجة الي ما يمشية و يلينه[6]

روي الترمذى فجامعة و ابن ما جة فسننة من حديث اسماء فتاة عميس، قالت: قال رسول الله صلي الله علية و سلم: ” بماذا كنت تستمشين؟” قالت: بالشبرم، قال: “حار جار” ، قالت: بعدها استمشيت بالسنا، فقال: “لو كان شئ يشفى من الموت لكان السنا”.


وقد و رد فسنن ابن ما جة عن ابراهيم بن ابى عبلة ، قال: سمعت عبدالله بن ام حرام، و كان ربما صلي مع رسول الله صلي الله و سلم القبلتين يقول: سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول: “عليكم بالسنا و السنوت، فان فيهما شفاء من جميع داء الا السام” ، قيل: يا رسول الله ! و ما السام؟ قال: “الموت “.


فالشبرم هو من جملة الادوية اليتوعية ، و هو قشر عرق شجرة ، و هو حار يابس فالدرجة الرابعة ، و اجودة المائل الي الحمرة ، الخفيف الرقيق الذي يشبة الجلد الملفوف، و بالجملة فهو من الادوية التي اوصي الاطباء بترك استعمالها لخطرها، و فرط اسهالها.


اما السنا، ففية لغتان: المد و القصر، و هو نبات حجازى افضلة المكي، و هو دواء شريف قريب من الاعتدال، حار يابس فالدرجة الاولى، يسهل الصفراء و السوداء، و يقوى جرم القلب، و هذة فضيلة شريفة فيه، و يفتح العضل و ينفع من انتشار الشعر، و من القمل و الصداع العتيق، و الجرب و البثور و الحكة . و ان طبيخ =معة شئ من زهر البنفسج و الزبيب الاحمر المنزوع العجم، كان اصلح.


واما السنوت ففية ثمانية اقوال: احدها انه العسل، و الثاني انه رب عكة السمن يظهر خططا سوداء علي السمن ، الثالث انه حب يشبة الكمون و ليس به، الرابع انه الكمون الكرماني، الخامس، انه الرازيانج، حكاهما ابو حنيفة الدينورى عن بعض الاعراب، السادس انه الشبت، السابع انه التمر، الثامن انه العسل الذي يصبح فزقاق السمن.


ولنري ما ذا يذكر لنا الطب الحديث و طب العقاقير عن نبات السنا المعروف بالسنامكيCassıa angustifolia من الفصيلة القطانية Leguminaceae


يحتوى نبات السنا علي املاح معدنية و مشتقات فلافونية و مشتقات 1-8 دى هيدروكسى انتراسين، و التي منها انتراكينونات حرة كالرة ئين Reine ، و غلوكوزيدات انتراسينية كالسينوزيدات و منها Sinoside A,B,C,D .


تستعمل النبتة مسهلة و ملينة لوجود المواد الانتراكينونية ، و الية تاثيرها علي جهاز الهضم انها مخرشة حيث تزيدالحركة الحولية للامعاء و تزيد المفرزات الهضمية ، كما ان المشتقات الانتراكينونية تسبب احتباس الماء و الاملاح المعدنية فجهاز الهضم و تمنع امتصاصها فتزداد الكتلة فجهاز الهضم، مما يحرض علي طرح الفضلات من الجسم.


وهى تستخدم علي شكل منقوع او مسحوق بكمية لا تزيد عن 5 غ يوميا.[7]

3- فهديه،صلي الله علية و سلم، فعلاج الصداع و الشقيقة [8]

روي ابن ما جة فسننة حديثا ان النبى صلي الله علية و سلم كان اذا صدع، غلف راسة بالحناء، و يقول: “انة نافع باذن الله من الصداع”.


والصداع الم فبعض اجزاء الراس او كله، فما كان منة فاحد شقى الراس لازما يسمي شقيقة ، و ان كان شاملا لجميعة لازما يسمي بيضة و خودة تشبيها ببيضة السلاح التي تشتمل علي الراس كله، و قد كان فمؤخر الراس او فمقدمه.


ويقول ابن قيم الجوزية ان للصداع سبب عديدة :


” احدها: من غلبة و احد من الطبائع الاربعة .


والخامس: يصبح من قروح تكون فالمعدة ، فيالم الراس لذا الورم لاتصال العصب المنحدر من الراس بالمعدة .


والسادس: من ريح غليظة تكون فالمعدة ، فتصعد الي الراس فتصدعه.


والسابع: يصبح من و رم فعروق المعدة ، فيالم الراس بالم المعدة للاتصال الذي بينهما.


والثامن: صداع يحصل عن امتلاء المعدة من الطعام، بعدها ينحدر و يبقي بعضة نيئا، فيصدع الراس و يثقله.


والتاسع: يعرض بعد الجماع لتخلخل الجسم، فيصل الية من حر الهواء اكثر من قدره.


والعاشر: يحصل بعد القئ و الاستفراغ، اما لغلبة اليبس، و اما لتصاعد الابخرة من المعدة اليه.


والحادى عشر: صداع يعرض عن شدة الحر و سخونة الهواء .


والثاني عشر: ما يعرض عن شدة البرد، و تكاثف الابخرة فالراس و عدم تحللها.


والثالث عشر: ما يحدث من السهر و عدم النوم.


والرابع عشر: ما يحدث من ضغط الراس و حمل الشئ الثقيل عليه.


والخامس عشر: ما يحدث من كثرة الكلام، فتضعف قوة الدماغ لاجله.


والسادس عشر: ما يحدث من كثرة الحركة و الرياضة المفرطة .


والسابع عشر: ما يحدث من الاعراض النفسانية ، كالهموم و الغموم، و الاحزان و الوساوس.


والثامن عشر: ما يحدث من شدة الجوع، فان الابخرة لا تجد ما تعمل فيه، فتكثر و تتصاعد الي الدماغ فتؤلمه.


والتاسع عشر: ما يحدث عن و رم فصفاق الدماغ، و يجد صاحبة كانة يضرب بالمطارق علي راسه.


والعشرون: ما يحدث بسبب الحمي لاشتعال حرارتها فية فيتالم، و الله اعلم”.

هكذا فسر الطبيب ابن قيم الجوزية سبب الصداع المختلفة كما كانت معروفة فزمنه.


وقد روي البخارى فصحيحة و ابو داود فالسنن ان رسول الله،صلي الله علية و سلم، ما شكي الية احد و جعا فراسة الا قال: “احتجم”، و ما شكي الية و جعا فرجلية الا قال له: “اختضب بالحناء”.


وفى الترمذي: عن سلمي ام رافع خادمة النبى صلي الله علية و سلم قالت: كان لا يصيب النبى صلي الله علية و سلم قرحة و لا شوكة الا و ضع عليها الحناء.


ويقول ابن قيم الجوزية عن الحناء:


“والحناء بارد فالاولى، يابس فالثانية =، و قوة شجر الحناء و اغصانها مركبة من قوة محللة اكتسبتها من جوهر بها ما ئي، حار باعتدال، و من قوة قابضة اكتسبتها من جوهر بها ارضى بارد.


ومن منافعة انه محلل نافع من حرق النار، و فية قوة موافقة للعصب اذا ضمد به، و ينفع اذا مضغ من قروح الفم و السلاق العارض فيه، و يبرئ القلاع الحادث فافواة الصبيان، و الضماد بة ينفع من الاورام الحارة الملهبة . و اذا خلط نورة مع الشمع المصفي و دهن الورد ينفع من اوجاع الجنب.


وحكى ان رجلا تشققت اظافير اصابع يده، و انه بذل لمن يبرئة ما لا، فلم يجد. فوصفت له امراة ان يشرب عشرة ايام حناء، فلم يقدم عليه، بعدها نقعة بماء و شربه، فبرا و رجعت اظافيرة الي حسنها.


والحناء اذا الزمت بة الاظفار معجونا حسنها و نفعها، و اذا عجن بالسمن و ضمد بة بقايا الاورام الحارة التي ترشح ماء اصفر، نفعها و نفع من الجرب المتقرح المزمن منفعة بليغة ، و هو ينبت الشعر و يقويه، و يحسنه، و يقوى الراس، و ينفع من النفاطات، و البثور العارضة فالساقين و الرجلين و سائر البدن”.

4- فهديه،صلي الله علية و سلم، فعلاج البثرة [9]

ذكر ابن السنى فكتابة عن بعض ازواج النبي،صلي الله علية و سلم، قالت: “دخل على رسول الله، صلي الله علية و سلم و ربما خرج فاصبعى بثرة ، فقال: عندك ذريرة ؟ فقلت: نعم، فقال: ضعيها عليها و قولي: اللهم مصغر الكبير، و مكبر الصغير، صغر ما بي”.


الذريرة دواء هندى يتخذ من قصب الذريرة ، و هى حارة يابسة تنفع من اورام المعدة و الكبد و الاستسقاء و تقوى القلب لطيبها. و فالصحيحين عن عائشة انها قالت: “طيبت رسول الله، صلي الله علية و سلم، بيدى بذريرة فحجة الوداع للحل و الاحرام”.


والبثرة كما يشرحها ابن قيم الجوزية : ” خراج صغير يصبح عادة من ما دة حارة تدفعها الطبيعة فتسترق مكانا من الجسد تظهر منه، فهى محتاجة الي ما ينضجها و يظهرها، و الذريرة احد ما يفعل فيها ذلك، فان بها انضاجا و اخراجا مع طيب رائحتها، مع ان بها تبريدا للنارية التي فتلك المادة ، و ايضا ال صاحب القانون(ابن سينا): انه لا اروع لحرق النار من الذريرة بدهن الورد و الخل”.

وفيما يلى سنعالج جميع ما ذكرة الرسول الكريم، صلي الله علية و سلم، و ما جاء علي لسانة من الاعشاب و النباتات الطبية مرتبة علي حروف المعجم، و هذا ما و رد فكتاب (زاد المعاد) للطبيب المسلم ابن قيم الجوزية :

1- اترج

ثبت فالصحيح : عن النبي، صلي الله علية و سلم، انه قال: “مثل المؤمن الذي يقرا القران كمثل الاترجة ، طعمها طيب، و ريحها طيب”.


يقول ابن قيم الجوزية عن الاترج، ما يلي:


” فالاترج منافع كثيرة ، و هو مركب من اربعة اشياء: قشر و لحم و حمض و بزر، و لكل و احد منها مزاج يخصه، فقشرة حار يابس، و لحمة حار رطب، و حمضة بارد يابس، و بزرة حار يابس.


ومن منافع قشره: انه اذا جعل فالثياب منع السوس، و رائحتة تصلح فساد الهواء و الوباء، و يطيب النكهة اذا امسكة فالفم، و يحلل الرياح، و اذا جعل فالاكل كالابازير ، اعان علي الهضم”.


يقول ابن سينا عن الاترج فكتابة (القانون):


“وعصارة قشرة تنفع من نهش الافاعى شربا، و قشرة ضمادا، و حراقة قشرة طلاء جيد للبرص”.


ويتابع ابن قيم الجوزية عن منافع الاجزاء المختلفة للاترج:


“واما لحمه: فملطف لحرارة المعدة ، نافع لاصحاب المرة الصفراء، قامع للبخارات الحارة . و قال الغافقي: طعام لحمة ينفع البواسير.


واما حمضه: فقابض كاسر للصفراء، و مسكن للخفقان الحار، نافع من اليرقان شربا و اكتحالا. و اما بزره: فلة قوة محللة مجففة “.


وقال ابن ما سويه: “خاصية حبة النفع من السموم القاتلة اذا شرب منة و زن مثقال مقشرا بماء فاتر و طلاء مطبوخ ، و ان دق و وضع علي موضع اللسعة نفع، و هو ملين للطبيعة ، مطيب للنكهة ، و اكثر ذلك الفعل موجود فقشره”.[10]

2- ارز

فية حديثان باطلان موضوعان علي رسول الله صلي الله علية و سلم، احدهما انه “لو كان رجلا، لكان حليما” الثاني: “كل شئ اخرجتة الارض ففية داء و شفاء الا الارز، فانة شفاء لا داء فيه”، و ربما ذكر ابن قيم الجوزية هذين الحديثين تنبيها و تحذيرا من نسبتهما الي الرسول، صلي الله علية و سلم .


ويتابع ابن قيم الجوزية جديدة عن الارز قائلا:”فهو حار يابس، و هو اغذي الحبوب بعد الحنطة ، و احمدها خلطا، يشد البطن شدا يسيرا، و يقوى المعدة ، و يدبغها، و يمكث فيها. و اطباء الهند تزعم انه احمد الاغذية و انفعها اذا طبيخ =بالبان البقر، و له تاثير فخصب البدن، و زيادة المني، و كثرة التغذية ، و تصفية اللون”.


اما الارز: بفتح الهمزة و سكون الراء، و هو الصنوبر، ذكرة النبى صلي الله علية و سلم فقوله: “مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيئها الرياح، تقيمها مرة ، و تميلها اخرى، و كالمنافق كالارزة لا تزال قائمة علي اصلها حتي يصبح انجعافها مرة و احدة “.


وحسب راى ابن قيم الجوزية فان الارزة :”حبة حار رطب، و فية انضاج و تليين و تحليل و لذع، يذهب بنقعة فالماء و هو عسر الهضم، و فية تغذية كثيرة ، و هو جيد للسعال و لتنقية رطوبات الرئة ، و يزيد فالمني، و ترياقة حب الرمان المر”.[11]

3- بطيخ

روي ابو داود و الترمذي، عن النبى صلي الله علية و سلم، انه كان ياكل البطيخ بالرطب، يقول: “نكسر حر ذلك ببرد هذا، و برد ذلك بحر هذا”.


وحسب قول ابن قيم الجوزية ، فان البطيخ: “بارد رطب، و فية جلاء، و هو اسرع انحدارا عن المعدة من القثاء و الخيار، و هو سريع الاستحالة الي اي خلط كان صادفة فالمعدة ، و اذا كان اكلة محرورا انتفع بة جدا، و ان كان مبرودا دفع ضررة بيسير من الزنجيل و نحوه، و ينبغى اكلة قبل الطعام، و يتبع به، و الا غثي و قيا”.[12]

4-بلح

روي ابن ما جة فالسنن : من هشام بن عروة عن ابيه، عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله علية و سلم: “كلوا البلح بالتمر، فان الشيطان اذا نظر الي ابن ادم ياكل البلح بالتمر يقول: بقى ابن ادم حتي طعام الحديث بالعتيق”.


وقال بعض اطباء الاسلام: انما امر النبى صلي الله علية و سلم باكل البلح بالتمر، و لم يامر باكل البسر مع التمر، لان البلح بارد يابس و التمر حار رطب، ففى جميع منهما اصلاح للاخر، و ليس ايضا البسر مع التمر، فان جميع و احد منهما حار، و ان كانت حرارة التمر اكثر، و لا ينبغى من جهة الطب الجمع بين حارين او باردين.


ويقول ابن قيم الجوزية : “وفى البلح برودة و يبوسة ، و هو ينفع الفم و اللثة و المعدة ، و هو رديء للصدر و الرئة بالخشونة التي فيه، بطيء فالمعدة يسير التغذية “.[13]

5-البصل

روي ابو داود فسننة : عن عائشة رضى الله عنها، انها سئلت عن البصل، فقالت: ان احدث اكل اكلة رسول الله صلي الله علية و سلم كان فية بصل، و ثبت عنة فالصحيحين انه منع اكلة من دخول المسجد.


وحسب ابن قيم فان البصل: “حار فالثالثة ، و فية رطوبة فضلية ينفع من تغير المياه، و يدفع ريح السموم، و يفتق الشهوة ، و يقوى المعدة ، و يهيج الباه، و يزيد فالمني، و يقطع البلغم، و يجلو المعدة ، و بزرة يذهب البهق، و يدلك بة حول داء الثعلب فينفع جدا، و هو بالملح يقلع الثاليل، و اذا استعط بمائه، يقطر فالاذن لثقل السمع و الطنين و القيح.


اما ضررة فانة يورث الشقيقة و يصدع الراس و يولد ارياحا، و يظلم البصر، و كثرة اكلة تورث النسيان، و يفسد العقل، و يغير رائحة الفم و النكهة ، و يؤذى الجليس و الملائكة “.


وفى السنن: انه صلي الله علية و سلم امر اكلة و طعام الثوم ان يميتهما طبخا و يذهب رائحتة مضغ و رق السذاب عليه.[14]

وفيما يلى ما يذكرة الطب الحديث و طب الاعشاب لنا عن البصل:


البصل Allium cepa من الفصيلة الزنبقية Lilliaceae


يحتوى البصل علي زيوت عطرية عديدة و علي مركب كبريتى يعي بالالليين Alleine و الذي يتحلل الي ما دتي:


الالليسين Allicin (ذو الرائحة المزعجة ) و دى الليل دى سلفيد Di-Allil-Disulfide .


ومن خصائص البصل الطبية انه مضاد جرثومي، مقشع، مدر للبول، مقوى لافرازات المرارة ، مضاد خفيف للدود، خافض للضغط الشريانى و خافض لسكر الدم، مسرع فالتئام الجروح، مضاد للحساسية و الربو و منشط جنسي.[15]

6-الثوم

هو قريب من البصل، و فالحديث الكريم: “من اكلهما فليمتهما طبخا”. و اهدى الية اكل فية ثوم، فارسل بة الي ابى ايوب الانصاري، فقال: يا رسول الله، تكرهة و ترسل بة الي؟ فقال: “انى اناجى من لا تناجي”.


وهذا ما يذكرة ابن قيم الجوزية : “هو حار يابس فالرابعة ، يسخن تسخينا قويا، و يجفف تجفيفا بالغا، نافع للمبرودين، و لمن مزاجة بلغمي، و لمن اشرف علي الوقوع فالفالج، و هو مجفف للمني، مفتح للسدد، محلل للرياح الغليظة ، هاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، و اذا دق و عمل منة ضماد علي نهش الحيات او علي لسع العقارب، نفعها و جذب السموم منها. و هو يقطع البلغم، و يحلل النفخ، و يصفى الحلق، و ينفع السعال المزمن. و اذا دق مع الخل و الملح و العسل بعدها و ضع علي الضرس المتاكل فتتة و اسقطه، و علي الضرس الوجع سكن و جعة . و اذا طلى بالعسل علي البهق نفع”.[16]

وقد ركز طب الاعشاب الحديث اهتمامة بالثوم و ذكر له الخواص التالية :


الثوم Allium sativum من الفصيلة الزنبقية Lilliaceae


يحتوى كذلك كالبصل علي زيوت طيارة و علي مركب الالليين، بالاضافة الي هذا فان الثوم غنى بعنصر اليود I2 و ايضا فيتامينات A,B1,C و بعض المركبات الستيروئيدية .


للثوم خاصية تخفيض الضغط المرتفع، و هو مضاد للربو، مقوى للمرارة ، و مفيد جدا جدا ضد تصلب الشرايين، كما انه مضاد للتسمم بالرصاص، و يخفض معدل الكوليستيرول فالدم.


يستعمل الثوم لعلاج اصابة الامعاء بمختلف الجراثيم، و هو يخفض من مخاطر الاصابة بالسكتة الدماغية و هذا بتخفيض نسبة الكوليستيرول فالدم و تخفيض الضغط المرتفع.[17]

7-الحبة السوداء

ثبت فالصحيحين: من حديث ابى سلمة ، عن ابى هريرة رضى الله عنه، ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال: “عليكم بهذة الحبة السوداء، فان بها شفاء من جميع داء الا السام”.


ويقول ابن قيم الجوزية عن الحبة السوداء: “هى الشونيز فلغة الفرس، و هى الكمون الاسود، و تسمي الكمون الهندي. و هى كثيرة المنافع جدا. فهى نافعة من كل الامراض الباردة ، و تدخل فالامراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوي الادوية الباردة الرطبة اليها بسرعة تنفيذها اذا اخذ يسيرها.


والشونيز حار يابس فالثالثة ، مذهب للنفخ ، نافع من البرص و حمي الربع. و ان دق و عجن بالعسل و شرب بالماء الحار اذاب الحصاة التي تكون فالكليتين و المثانة و يدر البول و الحيض و اللبن اذا اديم شربة اياما، و ان سخن بالخل و طلى علي البطن قتل حب القرع و ان عجن بماء الحنظل الرطب او المطبوخ، كان فعلة فاخراج الدود اقوى.


ودهنة نافع لداء الحية ، و من الثاليل و الخيلان، و اذا شرب منة مثقال بماء، نفعع من و ضيق النفس ، و الضماد بة ينفع من الصداع البارد.


واذا طبيخ =بخل و تمضمض بة ، نفع من و جع الاسنان عن برد، و اذا ضمد بة مع الخل قلع البثور و الجرب المتقرح و حلل الاورام البلغمية المزمنة و الاورام الصلبة . و ان قلى بعدها دق ناعما بعدها نقع فزيت و قطر فالانف ثلاث قطرات او اربع نفع من الزكام العارض معة عطاس كثير”.[18]

8-الحرف

ورد فكتاب (زاد المعاد) لابن قيم الجوزية ، ما يلي:


“قال ابو حنيفة الدينوري: ذلك هو الحب الذي يتداوي به، و هو الثفاء الذي جاء فية الخبر عن النبى صلي الله علية و سلم، و نباتة يقال له: الحرف، و تسمية العامة : الرشاد، و قال ابو عبيد: هو الحرف.


والحديث الذي اشار اليه، ما رواة ابو عبيد و غيره، من حديث ابن عباس رضى الله عنهما، عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال: “ماذا فالامرين من الشفاء؟ الصبر و الثفاء”.


وقوتة فالحرارة و اليبوسة فالدرجة الثالثة ، و هو يسخن و يلين البطن، و يظهر الدود و يحلل اورام الطحال، و يحرك شهوة الجماع، و يجلو الجرب المتقرح و القوباء.


واذا طبيخ =مع الحناء اخرج الفضول التي فالصدر، و شربة ينفع من نهش الهوام و لسعها، و اذا دخن بة فموضع طرد الهوام عنه، و اذا خلط بسويق الشعير و الخل، و تضمد بة نفع من عرق النسا. و اذا تضمد بة مع الماء و الملح انضج الدماميل، و هو يزيد فالباه، و يشهى الطعام، و ينفع الربو و عسر التنفس و غلظ الطحال، و ينقى الرئة ، و يدر الطمث”.[19]


الطب النبوي لابن سينا