عملية تسريح شرايين القلب

عمليه تسريح شرايين القلب

تخفف اعراض امراض القلب لكنها لا تؤدي الى شفائها
كمبريدج (ولايه ماساتشوستس الاميركيه ): «الشرق الاوسط»*
ان كانت عمليه القلب المفتوح bypass surgery (فتح مجاز لتخطي الاوعيه الدمويه المسدوده في القلب) تمثل احدى عجائب الطب المعاصر، فان عمليه ازاله تضيق الشرايين angioplasty هي من عجائبه المضاعفه ! اذ ان هذه العمليه تعيد مسار تدفق الدم الطبيعي نحو عضله القلب المتلهفه الى الاكسجين، من دون الحاجه الى فتح الصدر، وقطع عظم القص، وايقاف عمل القلب.
الا ان المشكله المرتبطه بالعجائب هي اننا نشرع في توقع الكثير منها. وقد حدث هذا الامر بالنسبه لعمليه ازاله تضيق الشرايين، اذ يعتبرها الكثير من الناس تؤدي الى الشفاء من امراض القلب، الا انها لا تقود الى ذلك حقا. وعندما تجرى هذه العمليه معا مع وضع دعامات في الشرايين بهدف تخفيف الام الصدر الناجمه عن الذبحه الصدريه angina، فانها تكون متشابهه اكثر مع عمليه تناول دواء «ايبوبروفين» لتخفيف الحمى. فهذه العمليه تخفف الاعراض الا انها لا تتوجه الى حل المشكله الحقيقيه – انسداد الشرايين المعروف باسم تصلب الشرايين atherosclerosis.

وقد اشارت مقاله نشرت في مجله «حوليات الطب الباطني» بشكل واضح الى الامور التي تفصل ما بين ما تقدمه عمليه ازاله تضيق الشرايين المختاره ، وما بين ما يتوقعه المرضى من نتائجها.

* فوائد سريعه ومحدوده

* تظهر الذبحه الصدريه المستقره stable angina عندما يصبح واحد او اكثر من الشرايين التاجيه – الاوعيه الدمويه التي تغذي عضله القلب – متضيقا نتيجه تراكم الترسبات الدهنيه . وتجهز الاوعيه المتضيقه كميات من الاكسجين تكفي لسد احتياجات القلب اثناء الراحه . الا ان تلك الاوعيه لا يمكنها ان تتوسع لحمل دم اكثر عندما تطلب عضله القلب كميات اكثر منه، مثلا عند اجراء التمارين الرياضيه ، التعرض للاجهاد، الغضب. ويؤدي انعدام الاكسجين الى ظهور الذبحه الصدريه – الام الصدر، الضغط على الصدر او انعدام الراحه في المناطق المحيطه به.

وتعتبر عمليه ازاله تضيق الشرايين مع وضع الدعامات فيها، وسيله ممتازه لفتح الشرايين المتضيقه . ويقوم الطبيب بادخال انبوبه صغيره تسمى «القسطره » داخل الوعاء الدموي في منطقه اعلى الفخذ ثم يقوم بمناوره القسطره لكي تصل الى الشريان المسدود الموجود على السطح الخارجي للقلب. وما ان تصل الانبوبه الى موضعها حتى يتم نفخ بالون صغير يوجد على راس الانبوبه ، ثم فشه (اي افراغه). وتؤدي هذه العمليه الى تسويه ودك الترسبات المشبعه بالكولسترول التي تسد مجرى الدم. ثم توضع دعامه على شكل حصيره من الاسلاك المشبكه في الموضع لكي تدعم فتحه، وتدفق الدم بحريه .

وتستغرق هذه العمليه ساعتين تقريبا في العاده وتتطلب ابقاء المريض ليله في المستشفى. ويحدث الشفاء بسرعه . وتتحسن الذبحه الصدريه عاده بسرعه ويستمر تاثير العمليه الجيد لعده سنوات.

الا ان الفوائد تتوقف عند هذا الحد. فعمليه ازاله تضيق الشرايين للتخلص من اعراض الذبحه الصدريه المستقره لا توقف عمليات تصلب الشرايين، ولا توقف انتشارها والاضرار التي تحدثها. كما انها لا تقلل من احتمالات الاصابه بنوبه قلبيه لاحقا، ولا تحسن من فرص النجاه . ولكي تتحقق مثل هذه الفوائد البعيده المدى على المرضى اتباع وسائل علاجيه طبيه قويه – تناول ادويه تحمي القلب وتغيير نمط حياتهم.

* شعور زائف بالثقه

* ثم هناك مساله اخرى: ان عمليه ازاله تضيق الشرايين لوحدها لا تمنح اي فائده للشريان التاجي المتضيق عندما لا يسبب هذا الشريان اي مشكلات للمريض. لماذا؟ لانه، وما لم يكن المريض يعاني من ايه اعراض فان هذه العمليه لن تقوم بتخفيفها لانها غير موجوده اساسا. كما انها لا تقي المريض من النوبه القلبيه او الوفاه المبكره بسبب مرض في القلب. كما انها قد تمنح المريض شعورا زائفا بالثقه بانه امن، بعد ان اتخذ الاحتياطات اللازمه ، بينما يتواصل لديه في الواقع تصلب الشرايين،، مدمرا الشرايين الاخرى في القلب وفي اجزاء الجسم الاخرى. وبمعنى اخر فان المريض لن يجني الفوائد بل سيجابه بعض الاخطار.

ان عمليه ازاله تضيق الشرايين امنه عموما وفعاله ، الا انها لا تخلو من المضاعفات، اذ يحدث لدى بعض الناس نزف مستمر من موضع ادخال القسطره في اعلى الفخذ. كما ان الصبغه التي توضع فيها بهدف اضاءه الشرايين التاجيه قد تسبب الضرر للكلى. وكذلك يمكن لعمليه ازاله تضيق الشرايين ان تؤدي الى خفقان القلب او الى تحفيز نوبه قلبيه او سكته دماغيه .

لكن علينا ان نتذكر ان هذه المضاعفات ليست شائعه . فالاحصاءات الاميركيه تشير الى ان هذه العمليه تتسبب في مشكلات ل5 من بين 100 شخص تقريبا – ويقل هذا المعدل في المراكز الصحيه التي تجري عددا اكثر من هذه العمليات ويزيد في المراكز التي تجري عددا اقل منها. وفي ما عدا هذه المضاعفات فان وضع دعامه جديده مغطاه بالدواء يعني ضروره تناول الاسبرين و«كلوبيدوغريل» (بلافيكس) لمده سنه على الاقل.

* عمليات غير ضروريه

* حين دقق باحثون في مركز بايستايت الطبي في سبرنغفيلد بولايه ماساتشوستس، في اجابات 153 رجلا وامراه اختاروا اجراء عمليه ازاله تضيق الشرايين، وجدوا ان 40 في المائه منهم كانوا يريدون تخفيف اعراض الام الصدر التي تعيق نشاطاتهم. اما البقيه فكانت لديهم ذبحه صدريه خفيفه او اعراض خفيفه لتضيق الشرايين تم رصدها اثناء تمارين الاجهاد. اي، وبمعنى اخر فان 60 في المائه من الاشخاص الذين رغبوا في اجراء عمليه ازاله تضيق الشرايين كانوا سيكونون افضل حالا لو اتبعوا وسائل العلاج الطبي مع تغيير نمط الحياه («حوليات الطب الباطني» Annals of Internal Medicine، 7 سبتمبر «ايلول» 2024).

والامر الاكثر ايلاما ان 88 في المائه من المشاركين اجابوا بانهم يعتقدون ان هذه العمليه سوف تساعد على حمايتهم من حدوث نوبه قلبيه لاحقه . ورغم ان اغلب الاطباء الذين عالجوهم ليسوا مقتنعين بهذا القول فان هناك فجوه في الفهم بين ما تقدمه العمليه وبين توقعات المرضى منها. وهذا يعني ان الاطباء لا يملكون من الوقت ما يكفي لشرح العمليه للمرضى.

* النوبه القلبيه

* وان كان الشخص يتعرض لنوبه قلبيه او انه كان يعاني من الذبحه الصدريه غير المستقره unstable angina فان عمليه ازاله تضيق الشرايين هي علاج رائع. وتحدث هاتان المشكلتان الطبيتان بسبب الانسداد الكامل لشريان تاجي. وتؤدي عمليه ازاله تضيق الشرايين الى ازاله الانسداد والسماح للدم بالتدفق للوصول الى كل انحاء القلب.

وان نفذت عمليه ازاله تضيق الشرايين في الوقت المناسب فانها ستقلل من الضرر الذي يلحق بعضله القلب وتمنع تحول النوبه القلبيه الى سكته قلبيه .

ولهاتين المشكلتين: النوبه القلبيه والذبحه الصدريه غير المستقره تمثل هذه العمليه بالتاكيد افضل علاج مقارنه بالعلاج الدوائي، في درء حدوث نوبه قلبيه ثانيه وتحسين فرص النجاه على المدى البعيد.

* توقعات اوضح

* ان احد الاسباب التي تقود الى بناء الناس لتوقعات كبرى على عمليه ازاله تضيق الشرايين يكمن في حاله الالتباس التي تحيط بقدراتها. فان كنت تتعرض فعلا الى نوبه قلبيه فهذه العمليه هي الافضل لك، ولكن ان كنت تعاني من اعراض الذبحه الصدريه بين فتره واخرى او ان تضيق الشرايين لا يسبب لك ايه اعراض فان عمليه ازاله تضيق الشرايين لا تقدم لك الا القليل مقارنه بالعلاج الدوائي المكثف مع تغيير نمط الحياه .

* رساله هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»

* علاج طبي بالادويه .. ام عمليه لازاله تضيق الشرايين؟

* صممت تجربه «النتائج السريريه الناتجه عن اعاده ترميم الاوعيه وتقييم التناول المكثف للادويه » The Clinical Outcomes Utilizing Revascularization and Aggressive Drug Evaluation المسماه اختصارا باسم (COURAGE)، بهدف الاجابه عن سؤال بسيط: ايهما افضل لعلاج الشرايين التاجيه المتضيقه التي تتسبب في ظهور الذبحه الصدريه المستقره ، او التي لا تتسبب في ايه مشكلات – العلاج الطبي (باستخدام الادويه وتغيير نمط الحياه ) لوحده، ام استخدام العلاج الطبي زائد عمليه ازاله تضيق الشرايين ووضع الدعامات؟

وقد كان الفائز المدهش بهذه الاجابه هو العلاج الطبي وحده. وكان الدرس الرئيسي المستخلص من تجربه COURAGE هو ما يلي: لا تعتبر الذبحه الصدريه التي لا تتسبب في حدوث ايه مشكلات – كما لا يعتبر الشريان التاجي المتضيق الذي لا يتسبب في حدوث اي مشكلات – قنبله موقوته تتطلب ايجاد حل فوري لها، خصوصا ان كان المرء يشعر بوضعه الجيد. ولذا فان بالامكان التفكير على مهل بافضل وسيله للعلاج.

اما العلاج الدوائي مع تغيير نمط الحياه فيبدو انه افضل دواء. اذ انهما يحميان كل الشرايين، وليس تلك المسؤوله عن اكثر المشكلات المعروفه .

وتشمل عمليه مكافحه تصلب الشرايين على مختلف الجبهات ما يلي:

* ادويه للسيطره على الذبحه الصدريه ، مثل النترات ذات التاثير الطويل زائدا احد ادويه حاصرات بيتا beta blocker او حاصرات قنوات الكالسيوم calcium – channel blocker.

* ادويه للسيطره على مستوى الكولسترول، وارتفاع ضغط الدم، وسكر الدم.

* ممارسه اكثر للتمارين الرياضيه .

* نظام غذائي اكثر صحيه .

* التحكم في التوتر.

* الامتناع عن التدخين في حاله المدخنين.

وان حدث وظلت الذبحه الصدريه تؤذيك خلال فتره من 6 اشهر الى سنه ، او تمنعك من ممارسه مهماتك التي تتمتع بها، فان اجراء عمليه ازاله تضيق الشرايين او عمليه القلب المفتوح يعتبر خطوه معقوله .

• عملية تسريح عروق القلب