اعتادت النساء قديما ان تترك قطعه من العجين بعدما تتم عمليه العجن، لتضيفها الى العجين المقبل، وتسمى هذه القطعه من العجين القديم، التي تضاف الى العجين الجديد بالخميره التقليديه ، اما الان فاصبحت الخميره تباع على شكل معجون رطب او على شكل حبيبات جافه ليضاف القليل منها الى العجين قصد تخميره، الا ان هذه لازالت منحصره في المدن، حيث يتوفر الخزن تحت البروده . لكن في الباديه خصوصا في المناطق الحاره والجافه ، لا زالت بعض النساء تحتفظ بالطريقه التقليديه ، وسنرى فيما يخص الجانب العلمي ان هناك فرق بين الخميره الصناعيه التي تباع عند الباعه والخميره التقليديه . وقبل ذلك يجب ان نعطي فكره عن تحضير الخميره التقليديه نفسها، ذلك ان هناك عده طرق للحصول على هذه الخميره ، والتي سنذكر منها الشائع من طبيعه الحال.كلما تمت عمليه العجن تترك قطعه من هذا العجين لتضاف الى العجين المقبل، لكن هذا العجين الاول لا بد وان تضاف اليه قطعه من العجين القديم، وتسمى هذه القطعه بالخميره العتيده وتطلب ممن يتوفر عليها او تحضر حسب طرق معروفه في الوسط القروي على الخصوص، وتسمى بطرق “احياء” الخميره والتي نذكر منها البعض المشهور :
استعمال اللبن الحامض – لبن الخض
يعجن قليل من الدقيق بلبن الخض، ثم يترك حتى يطلع ويصبح جاهزا للاستعمال كخميره تضاف الى العجين اول مره ، ثم تترك قطعه من العجين كلما تم العجن لتضاف الى العجين المقبل. وبعد خمس او ست عمليات متتاليه تصبح الخميره التقليديه جاهزه للاستعمال. يمكن الحصول على نفس الخميره او نفس المفعول، باستعمال الخل او عصير الحامض بدل اللبن الخل او عصير الليمون عوض اللبن الحامض اذا تعذر وجوده.
استعمال التمر ودقيق الشعير
ربما ينعدم اللبن المخمر والخل وعصير الليمون الحامض في العالم القروي خصوصا في فصل الخريف والشتاء، وفي هذه الحاله فان دقيق الشعير يعجن بالماء، ويسطح على شكل مستدير ثم تغرس بعض قطع التمر على سطح القطعه ويترك لمده 5 ساعات ثم تنزع وتعاد عمليه العجن من جديد ويترك هذا العجين لمده ليله كامله ليصبح جاهزا للتخمير. ويمكن الحصول على خميره تقليديه باستعمال زبيب العنب او التين. وفي حاله انعدام وجود التمر او الزبيب فان بعض حبات الفول الاخضر او اليابس تحل محلها وتؤدي الى نفس المفعول.
استعمال الخميره الصناعيه الحديثه ( تعرف عليها لتتعرف اضرارها )
والفرق بينها وبين الخميره التقليديه
اما الخميره الصناعيه التي تباع حاليا عند باعه المواد الغذائيه على شكل عجين ابيض يميل الى الرمادي، فليست سوى خلايا خميره عزلت من اوساط معينه في المختبرات ثم نقحت واجريت عليها ابحاث واختبارات قصد اختيار السلاله الاكثر نشاط من حيث الكميه وكذلك من حيث النشاط التخمري. بعد هذه العمليات الخاصه بدراسه النوع والسلاله لخميره S.cerevisiae تزرع في مفاعل بيولوجي يحتوي على اطنان من المستنبت السائل المتكون من سائل حثاله استخراج السكر من الشمندر او قصب السكر، ثم تحرك هذه المزرعه مع التهويه ومراقبه الحراره حتى تصل الى اعلى مستوى نموها، حيث يرشح المستنبت السائل، والمحمل بخلايا الخميره ، على مرشحات لولبيه فيتم الحصول على عجين الخميره الذي يضغط ويعلب على شكل مربع ويوزع على الباعه .
وتستعمل هذه الخميره الصناعيه بقدر 2 %، من حيث يستعمل الخبازون كيلوغرامين من الخميره في 100 كيلوغرام من الدقيق. وتستغرق عمليه التخمير من 2 الى 4 ساعات. وهذه الطريقه التي يظن الناس انها الطريقه الصحيحه في تحضير الخبز، ليست في نظرنا الا طريقه سريعه لنفخ العجين لا غير. وهنا يظهر اول خطا علمي وقع في الصناعات الغذائيه ، وانعكس هذا الخطا الذي ربما لم يتنبه اليه الباحثون بعد على المكونات الغذائيه للخبز كما سنبرر هذه الاشياء:
ان العجين قد يستغرق وقتا طويلا اذ لا تضاف اليه خميره ، ويرجع ذلك الى كون هذه الاخيره تتوفر على القوه الحيويه التي يتخمر بها العجين، وتسمى عمليه الطلوع وربما يتسائل عامه الناس عن العلاقه بين الكائنات الحيه والخبز. وحقيقه الامر ان هذه الكائنات هي التي تخمر الخبز وتتسبب في طلوع العجين وانتفاخه. ان الخميره التقليديه وهي عباره عن عجين يترك بعد العجن للعجين المقبل وهي العمليه التي يحصل بها على خميره تقليديه تحتوي على كائنات حيه تنتمي الى كل من الخمائر والبكتيريا اللبنيه . اما الاولى فقد ثم العثور على عده انواع اشهرها C. milleri, S. exigus S. cerevisiae واما المجموعه الثانيه فهناك انواع عديده تختلف من بلد لاخر. وحسب النتائج التي ثم نشرها الى حد الان فان الانواع الاتيه هي الاكثر انتشار في الخمائر التقليديه لعده بلدان.
– L. plantarum.
– L. buchnerii.
– L. delbrueki.
– L. brevis.
– L. sanfrancisco.
– Leu. dextranicum.
– Leu. mesenteroides.
– P. acidilactis.
اما الانواع التي تم عزلها من الخمائر التقليديه فمنها:
– L. plantarum.
– L. brevis.
– L. casei.
– L. buchnerii.
– Leu. mesenteroides.
– Pediococcus sp.
فالخمائر تستقلب سكر العنب عن طريق “اتنر دودوروف” لتنتج الكحول وغاز ثاني اوكسايد الكاربون وعده جزيئات اخرى ثانويه ، اما الكحول فجزء قليل منه يتحول الى حمض الاستيك واما الجزء الاخر فيتبخر اثناء الخبز تحت حراره عاليه . ويحبس ثاني اوكسايد الكاربون داخل العجين في جيوب صغيره تاخذ شكل عيون، وتعطي للخبز شكله الاسفنجي المالوف، ويطلع العجين لما تكبر الجيوب الغازيه داخل العجين وتصل الى حد يجعل العجين ينتفخ او بتعبير اخر “يطلع”.
اما البكتيريا اللبنيه فتحدث تخمرا اخر يختلف عن التخمر الكحولي الذي تحدثه الخمائر.وحسب الانواع التي تم العثور عليها في عجين الخميره التقليديه ، فهناك الانواع المتجانسه التخمر والانواع المختلطه التخمر اما الاولى فتنتج الحمض اللبني بنسبه تفوق 90 % من نواتج التخمير. واما الثانيه فتفرز الحمض اللبني بنسبه 50 % وغاز ثاني اوكسايد الكربون مع جزيئات اخرى بالنسبه الباقيه . ويلعب الحمض اللبني دور المذاق الحامض الذي يتسم به الخبز التقليدي والكل يعرف تمام المعرفه الفرق بين الخبز التقليدي المخمر بالخميره والخبز المخمر بالخميره الصناعيه ، اذ ان الاول له مذاق حامض ونكهه جيده ولا يفسد بالسرعه التي يفسد بها الثاني الذي لا مذاق ولا نكهه له. ويرجع السبب في انتشار خبز الاسواق والذي يخمر بالخميره الصناعيه الى كون المخبزات اصبحت تستعمل الخميره الصناعيه ، لتبلغ مبتغاها في وقت قصير قصد البيع وبالتالي قصد المدخول دون ان تراعي جوده وخاصيه الخبز كما كانت من ذي قبل.
اما الخبز كما عرفه الانسان فهو دون ما نستهلك في الوقت الحاضر، ويرجع هذا الى انطلاق خاطئ لدى الباحثين في ميدان الكائنات الحيه المرتبطه بالتغذيه ، ذلك ان الابحاث القديمه ادت الى عزل نوع S. cerevisiae وهو الذي ساد استعماله في صناعه الخمور والخبز على حد سواء. بعدما تم عزل هذا النوع الذي انتقي وزرع على مستنبت غني بالسكر، ثم بعد نموه وتكاثره يتم تركيزه عن طريق الترشيح فنحصل على عجين ابيض، او ما يسمى بالخميره الصناعيه التي تباع لذى باعه المواد الغذائيه ، ونشير الى ان صناعه الخميره في جميع الدول اصبحت موحده ومرخص لها دوليا اذ ان الطريقه التي يتم بها التصنيع لا تتغير من بلد الى بلد وكذلك النوع او السلاله المستعمله في الانتاج وهي سلاله تنتمي الى نوع S. cerevisiae.
اما الانطلاق الخاطئ الذي اشرنا اليه، فيتمثل في كون الباحثين لم ينتبهوا الى اهميه البكتيريا اللبنيه التي تلعب دورا هاما، ولذا نرى في وقتنا الحاضر ان مذاق الخبز تغير بسبب تغيير الماده الحيويه للتخمير وكذلك جوده القمح الذي طرا عليه تغيير هائل من الناحيه الاحيائيه او الوراثيه . لكن في السنوات الاخيره بدات بعض الابحاث تهتم بدور البكتيريا اللبنيه في تخمير عجين الخبز الى جانب الخمائر، وذلك للرجوع الى التخمر الطبيعي الاصلي للخبز.
وبما اننا بصدد الحديث عن الخمائر، فهناك بعض المواد الاخرى التي تصيبنا فيها غرابه حمراء لما نسمع الناس يتكلمون عن الخميره الفوريه ، وهي ماده تضاف الى العجين فيتخمر فوريا دون ما انتظار، ونعلم جيدا ان ليس هناك حي دقيق ينتمي الى فصيله الخمائر بامكانه ان يفعل هذا، وما يسمونه بعض اصحاب المهن بهذه التسميه ليس الا مواد كيماويه (كاربونات الصودا) التي تتفاعل مع الماء فتعطي ثاني اوكسايد الكربون وهي مفاعله كيماويه لا تحتاج لوقت فينتفخ الخبز فورا.
مهما نحاول ان نحدد لائحه انواع الخبائز السائده في العالم فلن نستطيع، لكن يمكن ان ناخذ بعض الانواع الاكثر انتشارا، فنذكر خبز “المخمار” و “البغرير” في المغرب ثم الشمسي والبلدي والفينو في مصر،و هناك الخبز التنوري الشامي . ونشير الى ان كل هذه الانواع تحضر على الطريقه التقليديه ، ويضاف الى ذلك الخبز العادي المخمر بالخميره المسوقه ، والخبز الحامض المعروف بخبز San Francisco وهو خبز اميركي كما يدل على ذلك اسمه، وخبيز الايدلي الهندي والبوطي الفليبيني ثم الكانونطان الطايلاندي والبانطوني والباندور الايطالي.
تجري حاليا تجارب حول اهميه البكتيريا اللبنيه في الخبز، وعلاوه على المذاق الحامض الذي تضفيه هذه البكتيريا اللبنيه على الخبز فان هذه تتميز بخاصيه تحليل مركات الفيطات (Phytates) الموجوده في الدقيق، والتي تحول دون امتصاص الاملاح. وتنقص بذلك القيمه الغذائيه للخبز. اما اذا تحللت فان الامتصاص يرتفع وترتفع القيمه الغذائيه للخبز.
بعض الانواع من الخبائز المنتشره في العالم العربي ( تقليديه )
الفطائر وهو النوع المنتشر في جل البلدان العربيه ويقصد به في غالب الاحيان خبائز مختلفه حسب البلد ففي بعض البلدان يكون رقيقا وقد يكون مخمرا كما قد يكون غير مخمر ويوجد في كل البلدان العربيه ولو انه يختلف من حيث التسميه وطريقه التحضير.
البلدي المصري و”المخمار” المغربي وقد اخذنا هذه البلدان لانها تبتعد ورغم ذلك فكل البلدان العربيه يوجد بها نفس الخبز وهو خبز يعجن جيدا، ويخمر بالخميره البلديه بدل الخميره الصناعيه ومع الاسف فكل البلدان العربيه تلجا الان الى الخمائر الصناعيه وهي ليست غذائيه . كما ان العجن بالاله جعل الخبز يفقد جودته ويتقادم بسرعه . فيجف ويصبح غير قابل للاستهلاك.