اوتيتم من العلم الا قليلا کم بدون علم



اوتيتم من العلم الا قليلا کم بدون علم

لعلم من الادوات المهمة التي اعطاها الله للانسان ليرقي فيها فالدنيا, و ليتعرف فيها علي ربة و خالقة فيرقي فيها فالاخرة , و للعلم مناحى كثيرة فهنالك العلوم الغيبية التي تاتي فيها الرسالات السماوية و التي تتكلم عن اسماء و صفات الخالق العظيم و صفات الملائكة و الجن و الروح و الجنة و النار و الحساب و ما شابة ذلك. و هنالك العلوم الكونية التي تختص بالارض و الشمس و الكواكب و النجوم و الاجرام السماوية و خواص المادة و الضوء و الصوت و ما شابة هذا و ممكن معرفة العديد منها بالحسابات المعروفة و قوانين الطاقة و المادة و هنالك العلوم الانسانية و الفلسفة و المنطق, و غيرها الكثير.

ولقد شهدت الاونة الاخيرة تطورا هائلا فالعلوم بعد التطور الهائل فسبل الاتصال و بعد و ضع العديد من المعلومات علي شبكة الانترنت فمع جميع يوم جديد يضاف الي هذة الشبكة الاف المعلومات و يتم مناقشة الاف الرسائل فالجامعات من الماجستير و الدكتوراة و اذا اضافت جميع رسالة معلومة و احدة للبشرية فان كم المعلومات التراكمى للانسان يكون هائلا.

ويوجد الان مصدران معتمدان للنشر العالمى الجيد و هما:

(1) قاعدة بيانات SCOPUS

(2) قاعدة بيانات ISI

وتعتمد بيانات جميع منهما علي مصادر المعلومات المتاحة لكل منهما عن طريق الابحاث العالمية المنشورة فالمجلات العالمية المتميزة . و تقدر قيمة الابحاث العلمية المتميزة بعدد مرات رجوع الباحثين اليها و الاستزادة من تلك المعلومات.

وقد سجلت قاعدة بيانات SCOPUS عدد 2946 بحثا مميزا فعام 2000 بينما ازداد العدد الي 5545 فعام 2008 بينما ارتفع الي 77651 بحثا فعام 2009. و بينما كانت عدد الدول المشتركة فشبكة المعلومات الدولية قليلا و قت انشائها فانة ربما ارتفع ليصل الي 233 دولة تضيف رصيدها العلمى اليومي اليها فزيادة مضطردة . بل ان الدول تتباهي باستخدام رصد المؤشر H-index فقائمة النشر للابحاث العلمية المتميزة و تتصدر هذا الولايات المتحدة بمؤشر قيمتة 891 درجة (مما يعني 3652547 بحثا مميزا) تليها انجلترا بمؤشر قيمتة 538 درجة بينما القيمة البحثية لمصر 76 درجة (مما يعني ان مصر هى الخمسين علي مستوي العالم فالبحث العلمي).

و بعد جميع ما سبق نقرا فكتاب ربنا حتي يومنا ذلك و الى قيام الساعة “وما اوتيتم من العلم الا قليلا” 85 الاسراء, و ربما نزلت هذة الاية منذ اكثر من 14 قرنا من الزمان فو قت كان العلم بالفعل قليل, فلم يكن بمقدور احد ان يعترض على ان علمة و علم اهل زمانة كلهم قليل, و بمضى الزمان حتي و صلنا الى زماننا الحالى الذي اتسع فية العلم و تشعبت فروعه, و تراكمت ابحاثة فكل المجالات التي خطرت و التي لم تخطر على البال, فجاب الانسان معظم الارض دراسة و تعميرا, و دخل فاعماقها و غاص فبحارها, و انطلق فالفضاء و صار ياتى بالعلم من على بعد مليارات السنوات الضوئية , فتراكمت المعارف بشكل مذهل يفوق قدرات العقل البشرى على التصور, فكان لابد من سؤال هام, هل ما زال العلم قليلا فزماننا حتي يخاطبنا الله بقولة “وما اوتيتم من العلم الا قليلا” 85 الاسراء.

يقول الطبرى فتفسيرة بان هنالك خلاف حول المخاطبين بهذة الاية , فهنالك من يقول بان الاية تخاطب اهل زمان النبى صلى الله علية و سلم فقط, و هنالك من يقول بانها عامة لكل زمان, و هو ما انتصر له الطبرى و غيرة العديد من المفسرين لان خطاب العموم (و ما اوتيتم) فالاية و اضح انه لكل زمان.


يقول ابن كثير فتفسيرة لهذا الاية الكريمة (اى و ما اطلعتم علية من علم الا علي القليل فانة لا يحيط احد بشيء من علمة الا بما شاء تبارك و تعالي و المعني ان علمكم فعلم الله قليل). و فقصة موسي علية السلام و الخضر علية السلام (ان الخضر نظر الي عصفور علي حافة السفينة فنقر فالبحر نقرة اي شرب منة بمنقارة فقال يا موسي ما علمى و علمك و علم الخلائق فعلم الله الا كما اخذ ذلك العصفور من البحر).

و من الملفت للنظر ان الله خاطب عموم البشر فقال (و ما اوتيتم من العلم) و لم يخاطب الفرد فيقول (و ما اوتيت من العلم) مع انها ربما تكون صحيحة فكل زمان الى قيام الساعة , لان علم اي انسان بمفردة مهما بلغ قليل الى علوم الاخرين, و لا يساوى حتي ما يشربة عصفور من النهر!, و يكفى ان تنظر الى مكتبة بيتك لتتحقق من قولي, فلو كنت تملك غرفة مليئة بالكتب فسوف تشعر امامها بالعجز العلمي, فكل ذلك علم انت لا تعرف منة الا القليل, و ليس امامك فالعمر العديد لتعرفة و مهما طال الاجل فهو قصير, و مكتبتك هذة مكتبة صغار اذا قورنت بالمكتبات العامة , و لذلك فمهما عرفت من اي علم فهو ضئيل. و لما سئل العالم الانجليزى الكبير نيوتن عن مدي علمة فقال (مثل ظلطة ملونة علي شاطئ المحيط). و لما سئل العالم الالمانى اينشتاين قال (ان علمة لا يعدو ان يصبح طابع بريد الصقوة فمسلة فرعونية ), و لما سئل الفيلسوف الفارسى السعدى قال (لا تنظر الي الشمس يكفى انك تعيش علي القليل من نورها.. فما بالك بنور الله!).

فما بالك ايها الانسان لو جمعت علوم الاولين و الاخرين, و قال لك رب العالمين “وما اوتيتم من العلم الا قليلا”

فالله سبحانة و تعالي يعطي من العلم من يشاء بالقدر الذي يشاء فالوقت الذي يشاء. و الاعجاز العلمى فهذة الاية الكريمة ان العلم الهائل الذي تم تحصيلة الي اليوم كان غائبا عن الناس سابقا و ان العلم كلما ازداد كلما كان هذا اعترافا بالنقص فالعلم البشري قبل اكتشافه, و ان ذلك النقص سيستمر الي قيام الساعة , و العلم كلما تقدم اثبت لاهلة بان الجهل فزيادة مستمرة بدرجة تفوق العلم الذي و صلوا اليه, فكل معلومة نكتسبها تطرح على العقول الكثير من الاسئلة التي تحتاج الى بحوث علمية تستغرق سنوات و قد و صلنا الى اجابة و قد لم نصل, فيصبح الذي نحصلة من العلوم باستمرار اقل مما هو مطروح من اسئلة تحتاج الى اجوبة , و لهذا يقول جوى بول (معلوماتنا كقطر فدائرة ، فكلما اتسع القطر يتسع المحيط اضعافا، لعل الاجيال القادمة تستطيع ان تتقدم فاعمالها العلمية و تكتشف اسرارا حديثة عن الكائنات، لكنة من المؤسف جدا جدا فينبغى ان نقاوم غرورنا و نعترف باننا لا نعلم شيئا عن اسرار الخلقة و عن سر الوجود، فرموز الحياة و الموت و فلسفة الخلق و حاجات كثيرة اخري الغاز ربما لا يكشف عنها العلم فالقريب العاجل).

و هذة الاية اتت فسياق الكلام عن الروح التي نحيا فيها “ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربى و ما اوتيتم من العلم الا قليلا”, و منذ عهد النبى صلى الله علية و سلم و معرفة كنة الروح و اسرارها امل يراود العديد من العلماء, و مع هذا فقد ظلت حتي يومنا ذلك غيب لا ندرك حقيقتة بكل ما اوتينا من علم, و لا نعرف عنها الا اثرها من الاحياء و الاماتة . و اذا تركنا الروح و انطلقنا فعالم الجسد نجد الجهل الفاضح فكل الاتجاهات فكم من مرض عجز الطب عن شفائه, و فهم طريقة حدوثه, و امام القلب و العقل و النفس يقف العلم حائرا لم يصل الى الشيء العديد فمجال كشف و فهم الكيفية التي يؤدي فيها جميع منهم عمله، و كيف يحدث ربط بينهم بحيث يصبح الانسان و حدة متكاملة لا خلل فيها, فالامور التي لم يتوصل الطب الى ادراكها اكثر من تلك التي تم التوصل اليها حتي و قتنا هذا.

و اذا سالنا كيف تحول تراب الارض الى ذلك الانسان المبدع و ما حولة من كائنات حية مسخرة لاجله, لوجدت جهلا اكبر لا شفاء له الا فو حى رب العالمين الى رسلة و انبيائة الكرام.

و اذا سالنا عن احصاء دقيق لكل الكائنات الحية التي تعيش على الارض و تحت التراب, و فالجو و البحار و الانهار و المحيطات, و لو سالت عن جميع كائن و تفصيل معيشتة و كيف يرزقة رب العالمين, و لو سالت عن عدد قطرات المطر و حبات الرمال فالصحراء و اوراق الاشجار و الازهار و عن الانفس متي تولد و متي تموت, و ما يحدث لها بين المولد و الاماتة , و غيرها العديد من الاسئلة التي لا تجد مجيب, و لو و جدت مجيب لما اجابك الا بالقليل, و صدق الله اذ يقول {وعندة مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو و يعلم ما فالبر و البحر و ما تسقط من و رقة الا يعلمها و لا حبة فظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا فكتاب مبين }الانعام59.

و اذا تركنا الانسان بارضة و توجهنا الى فضاء كونة نرى ابعادا لا يحصيها العلم تثبت انه كلما تقدم العلم و تطورت الاكتشافات الكونية ادرك العلماء ضعفهم و عجزهم امام عظمة الكون، و ادركوا جهلهم باسرارة و عجائبه, فعلماء الكون يعترفون بان علمهم محدود فما و صلوا الية من تقدم لم يكشف اكثر من 5% من اسرار ذلك الكون العجيب, فهنالك كواكب و مجرات كثيرة لم يكتشفها الانسان، و لم يصل العلم بعد الى حواف الكون المنظور, فكيف بما و راءة من عوالم و اكوان, و سكان لا يعلمهم الا رب العالمين, و العلم لا يقدم لنا حول نشاة الكون و من خلق الوجود و لماذا خلق الكون و هل توجد كائنات حية اخرى؟ الا الكثير من الاسئلة التي لا تجد اجابات.

  • ان اعتراف العلماء بقلة معلوماتهم عن الكون رغم التطور الهائل الذي شهدة العصر الحديث، يعنى ان الله تبارك و تعالي لا يسمح لاحد من خلقة ان يحيط بشيء من العلم الا باذنه، و لذا قال تعالي (ولا يحيطون بشيء من علمة الا بما شاء) 255 البقرة , و مهما تطور العلم سيبقي علم العلماء محدودا و قليلا، فينبغى على جميع انسان ان يعترف بجهله، و ان لا يكابر فدعوي العلم لانة غاية الجهل كما قال امير المؤمنين على رضى الله عنة (من ادعي من العلم غايتة فقد اظهر من جهلة نهايته), فالاعترف بالجهل هو بداية طريق العلم, حتي تحصل علي ما تجهله، و تدرك ما لم تعرفة ، و تذكر دوما قول الله تعالي ( و يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربى و ما اوتيتم من العلم الا قليلا ) 85 الاسراء, حتي تعرف الحجم الطبيعى لعلومنا امام علم الله المحيط الشامل الذي قال عن نفسة {الله الذي خلق سبع سماوات و من الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله علي جميع شيء قدير و ان الله ربما احاط بكل شيء علما } الطلاق12, و قال ايضا{ليعلم ان ربما ابلغوا رسالات ربهم و احاط بما لديهم و احصي جميع شيء عددا} الجن28.


اوتيتم من العلم الا قليلا کم بدون علم