قصة الملك والعبد

قصة الملك و العبد




حكى ان بعض الملوك طلع يوما الي اعلي قصرة يتفرج، فلاحت منة التفاتة ، فراي امراة علي سطح دار الي جانب قصرة لم ير الراؤن اقوى منها، فالتفت الي بعض جوارية .فقال لها : لمن هذه؟فقالت : يا مولاى هذة زوجة غلامك فيروز .قال : فنزل الملك و ربما خامرة حبها، و شغف بها، فاستدعي بفيروز .وقال له : يا فيروز .قال : لبيك يا مولاى .قال : خذ ذلك الكتاب و امض بة الي البلد الفلانية ، و ائتنى بالجواب .فاخذ فيروز الكتاب، و توجة الي منزله، فوضع الكتاب تحت راسه، و جهز امره، و بات ليلته، فلما اصبح و دع اهلة و سار طالبا لحاجة الملك، و لم يعلم بما ربما دبرة الملك، و اما الملك فانة لما توجة فيروز قام مسرعا و توجة متخفيا الي دار فيروز، فقرع الباب قرعا خفيفا .

فقالت امراة فيروز : من بالباب؟قال : انا الملك سيد زوجك .ففتحت له، فدخل و جلس .فقالت له : اري مولانا اليوم عندنا.فقال : زائر .فقالت : اعوذ بالله من هذة الزيارة ، و ما اظن بها خيرا .فقال لها : و يحك اننى الملك سيد زوجك، و ما اظنك عرفتنى .فقالت : بل عرفتك يا مولاي، و لقد علمت انك الملك، و لكن سبقتك الاوائل فقولهم :

ساترك ما ءكم من غير و رد (*) و ذاك لكثرة الوراد فية اذا سقط الذباب علي اكل (*) رفعت يدى و نفسى تشتهية و تجتنب الاسود و رود ماء (*) اذا كان الكلاب و لغن فية و يرتجع الكريم خميص بطن (*) و لا يرضي مساهمة السفيه

وما اقوى يا مولاى قول الشاعر :قل للذى شفة الغرام بنا (*) و صاحب الغدر غير مصحوب و الله لا قال قائل ابدا (*) ربما طعام الليث فضلة الذيب

ثم قالت : ايها الملك تاتى الي موضع شرب كلبك تشرب منة .

قال : فاستحيا الملك من كلامها و خرج و تركها، فنسى نعلة فالدار، ذلك ما كان من الملك .

واما ما كان من فيروز، فانة لما خرج و سار تفقد الكتاب، فلم يجمة معة فراسه، فتذكر انه نسية تحت فراشه، فرجع الي داره، فوافق و صولة عقب خروج الملك من داره، فوجد نعل الملك فالدار، فطاش عقله، و علم ان الملك لم يرسلة فهذة السفرة الا لامر يفعله، فسكت و لم يبد كلاما، و اخذ الكتاب، و سار الي حاجة الملك، فقضاها، بعدها عاد اليه، فانعم علية بمائة دينار، فمضي فيروز الي السوق، و اشتري ما يليق بالنساء، و هيا هدية حسنة و اتي الي زوجته، فسلم عليها .

وقال لها : قومى الي زيارة بيت =ابيك.قالت : و ما ذاك؟قال : ان الملك انعم علينا و اريد ان تخرجى لاهلك هذا .قالت : حبا و كرامة .ثم قامت من ساعتها، و توجهت الي بيت =ابيها، ففرحوا بها، و بما جاءت بة معها، فاقامت عند اهلها شهر، فلم يذكرها زوجها و لا الم بها، فاتي الية اخوها .وقال له يا فيروز : اما ان تخبرنا بسبب غضبك، و اما ان تحاكمنا الي الملك .فقال : ان شئتم الحكم، فافعلوا، فما تركت لها على حقا، فاطلبوة الي الحكم .فاتي معهم، و كان القاضى اذ ذاك عند الملك جالسا الي جانبة .فقال اخو البنوتة : ايد الله مولانا قاضى القضاة انى اجرت ذلك الغلام بستانا سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة ، و اشجار مثمرة ، فاكل ثمره، و هدم حيطانه، و اخرب بئره، فالتفت القاضى الي فيروز .

وقال له : ما تقول يا غلام؟فقال فيروز : ايها القاضى ربما تسلمت ذلك البستان و سلمتة الية اقوى ما كان .فقال القاضى : هل سلم اليك البستان كما كان؟قال : نعم، و لكن اريد منة الاسباب =لردة .قال القاضى : ما قولك؟قال : و الله يا مولاى ما رددت البستان كراهة فيه، و انما جئت يوما من الايام، فوجدت فية اثر الاسد، فخفت ان يغتالني، فحرمت دخول البستان كراما للاسد .وكان الملك متكئا فاستوي جالسا .

وقال : يا فيروز ارجع الي بستانك امنا مطمئنا، فوالله ان الاسد دخل البستان و لم يؤثر فية اثرا، و لا التمس منة و رقا، و لا ثمرا و لا شيئا، و لم يلبث فية غير لحظة يسيرة ، و خرج من غير باس، و والله ما رايت كبستانك، و لا اشد احترازا من حيطانة علي شجره، قال: فرجع فيروز الي داره، و رد زوجته، و لم يعلم القاضى و لا غيرة بشيء من هذا و الله اعلم.

 


قصة الملك والعبد