الصراخ في وجة الاطفال

الصراخ فو جة الاطفال



امي.. ارجوك.. لا تصرخى فو جهي!


انة نداء و رجاء يحتبس فصدر العديد من الابناء الذين ابتلوا بتلقى نوبات الصراخ اليومي من امهاتهم عند جميع امر و نهي. عند جميع خطا يرتكبة الابناء مقصود او غير مقصود. و حتي عندما يملئون المنزل بلعبهم و لهوهم، تضيق صدور بعض الامهات عن تحمله، فيكفونهم عن اللعب بالصراخ ايضا!


ولو انك فكرت-عزيزى القاريء- يوما ان تستخدم السلم بدلا من المصعد الكهربائى لتصعد الي شقتك، فسوف تسمع خلال صعودك صراخا ينبعث من معظم الشقق، و اذا سالت احد الصارخين: لماذا تفعل ذلك؟ فانة سيجيبك علي الفور: لا شيء.. اننى اؤدب ابنائى و اربيهم!


فهل يصلح او يجدى ذلك الصراخ كاسلوب تربوى ناجح؟


عزيزى المربي:


علي الرغم من ان الصراخ هو السلوك الاكثر شيوعا – خصوصا بين الامهات –وذلك خلال الاحتكاك اليومي بالابناء، الا انه يعد من اسوا طرق التعامل مع الاطفال لما له من اثر سيء علي مشاعرهم و امانهم النفسي.


بداية اود ان اهمس فاذن جميع مربي، ابا كان، او اما، او معلما:


اننا نقدر تماما ما تتعرضون له من ضغوط الحياة اليومية ، و ما تتعرض له الامهات من تحمل اعباء ثقيلة لصالح الابناء ايضا- تكابدها جميع يوم مع شروق الشمس و لا تنتهى منها الا عند غروبها، و ربما يزيد الامر اذا كانت الام عاملة – اعانها الله تعالي – و لكن لمن تتعبون؟ و لمن تكدون ذلك الكد؟ اليس من اجل ابنائكم؟ فهل تعتقدون ان التربية – تلك المهمة المقدسة – تقتصر علي جلب المال؟ او علي اطعام الصغار و كسوتهم و تلقينهم الصواب و الخطا بشكل صارخ و اعصاب منهارة ؟


ان ذلك الاسلوب يجعلهم فحالة توتر دائم و توقع لكل ما هو سيء من اقرب الناس اليهم.. ابائهم و امهاتهم، كما ان الصراخ المتكرر فو جة الابناء يحطم امانهم النفسي، كما انه لا يغنى و لا يسمن من جوع فتربيتهم.


ولتعلم – عزيزى المربي: ان زجر الطفل بالصراخ فو جهة يعطى دلالة كبار علي ضعف شخصية المربى و قلة حيلتة فتربية ابنائه، قد لانة لم يتعلم اساليب التربية الفعالة او لم يلفت احد انتباهة اليها، و قد لانة نشا و تربي علي اسلوب الصوت العالى و الصراخ فيكرر تلقائيا الاسلوب نفسة مع ابنائه، و قد لانة شخص عصبى قليل الصبر، او غير هذا من الاسباب التي و ان اختلفت تبقي النتيجة و احدة ، و هي انه اسلوب تربوى خاطيء، يضر و لا ينفع.


وتامل ما ذا نجنى كذلك من كثرة الصراخ؟!


ان الصراخ يعد عقابا فاشلا لانة يشيع فالبيت مناخا متوترا يمس جميع من يعيشون فيه، و المنزل الذي تعلو فية الاصوات هو مناخ مناسب لانتاج افراد مرضي بامراض نفسية ، كالقلق و الاكتئاب، فالطفل الذي تصرخ امة دائما فو جهه، و تؤنبة باستمرار، سيشعر تلقائيا بانة فرد غير مقبول، و الجميع يبغضونه،ولا يرتاحون لتصرفاته.


هذا بالاضافة الي كون الصراخ يحدث ما يسمي بالرابط السلبى لدي الطفل، بمعنى انه يذكرة بمواقف سيئة يتالم لتذكرها و تجترها ذاكرتة بمجرد سماع الصراخ، و ربما يدوم معة طوال حياته، و مهما كبر فان اي رفع للصوت امامة يعيد لدية تلك المشاعر السلبية التي استشعرها و هو طفل ضعيف.


– ايضا فان اسلوب الصراخ فو جة الابناء يمثل قدوة سيئة لهم فالتعامل مع الاخرين، حيث يتشربون ذلك السلوك، و من بعدها يبدؤون فممارستة تجاة الاطفال الاصغر منهم فالعائلة و المدرسة ، و غالبا يستمر ذلك السلوك مع الابناء عندما يكبروا و لا ما نع ان يصبح مصوبا نحو الكبار انفسهم الذين صرخوا فو جوههم بالامس!


فنري البنت تصرخ فو جة امها او ابيها و الولد كذلك، و بالتاكيد يصبح من العبث حينئذ ان ننهاهم عن ذلك، كيف و ربما ربيناهم علي الصراخ و كان هو و سيلة التفاهم بيننا و بينهم؟


من نتائج الصراخ الدائم فو جة الاطفال:


– الصراخ الدائم فو جة الاطفال ينتج جيلا مشاغبا يتسم بالعبنوتة و العناد و قد العدوانية ، فبعد اجراء دراسة شملت 110 من الاسر الامريكية تضم اطفالا تتفاوت اعمارهم ما بين ثلاثة و خمسة اعوام، اعلن معهد العلوم النفسية ف“اتلانتا” عن نتائج هذة الدراسة و كانت كالاتى:


(اكدت الدراسة ان هنالك علاقة قطعية بين شخصية الطفل المشاغب العديد الحركة ، و بين الام العبنوتة التي تصرخ دائما و تهدد باعلي صوتها حين تغضب، و المقصود بالطفل المشاغب- كما جاء فهذة الدراسة – هو الطفل الذي لا صبر عندة و العنيد و المتمرد و العدوانى نحو الاخرين حتي و الديه، و الذي لا يلبث ان يجلس حتي يستعد مرة اخري للقيام و اللعب او العراك مع احد اخوته).


– و قال الدكتور “فرانك ترايبر” من الكلية الطبية بجورجيا: “ان نتائج هذة الدراسة اضافت الي المعلومات المعروفة حاليا بان هؤلاء الاطفال ربما يدمرون انفسهم اذا لم تقدم لهم المساعدات منذ صغرهم، و ان الطفل منهم لا يعرف كيف يوجة طاقتة هذة للوصول الي هدف مفيد، بل لوحظ انه يستعملها فعراك او لعب عدوانى مع اخوتة او اصدقائه، و قد و الدية ايضا.


كما تشير نتائج الدراسة كذلك الي ان الام التي تعبر عن غضبها بالصراخ و باستعمال الفاظ بذيئة او سيئة امام طفلها، تدفع بة الي التحول الي طفل من ذلك النوع المشاغب.


واكدت الدراسة ايضا ان تاثير غضب الام اقوي من تاثير غضب الاب علي تكوين شخصية الطفل.


اعزائى المربين و المربيات:


بعد ان و قفنا علي الجرح الغائر و الاثر البعيد الذي يحدثة اسلوب الصراخ فنفس الطفل، و ما له ايضا من اثر سيء علي تكوين شخصيتة و طباعة علي المدي البعيد- لعلنا نريد ان نتوقف عن ذلك الاسلوب الغير تربوي، و هذا امر يمكن بمشيئة الله و عونة اذا اتبعنا الخطوات الاتية ، و التي لم تظهر عن هدى القران و السنة فتهذيب الغضب و السيطرة علي النفس.


وهذة باقة من التوصيات فاتباع اسلوب الصراخ:


– تذكر دائما و صية لقمان الحكيم لابنة ان يخفض صوتة و لا يرفعة فيما لا فوائد فيه؛ لان اقبح الاصوات و اكثرها شرا هى اصوات الحمير، و لو كان رفع الصوت خيرا ما جعلة الله تعالي للحمير؛ قال تعالى: “واقصد فمشيك و اغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير”- لقمان: 19- قال الامام القرطبى فتفسيرها: “فى هذة قبح رفع الصوت فالمخاطبة و الملاحاة (اللوم و التعنيف و النزاع و الخصام)- تفسير القرطبي:14/71- ، و انطلاقا من ذلك المبدا القرانى الرائع يقول عمر بن عبدالعزيز-رحمة الله- لرجل ربما رفع صوتة فمجلسه: “اخفض من صوتك، فانما يكفى الرجل قدر ما يسمع”- تاريخ بغداد:6/104.


– الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بصورة مستمرة و انت تشاهد من طفلك ما يثير فيك الغضب، ردد الاستعاذة بالله تعالي و انت تتوجة الية لتمنعة من فعلة الخاطئ او لاصلاح ما افسد، و عليك ان تخاطب ابنك عندما يخطئ بالدعاء له، فتقول: هداك الله، غفر الله لك، اصلحك الله..وهكذا.


– حدد الاولويات التربوية ، و فرق بين الاهم تربويا و الاقل اهمية ، فليس جميع طلب ما تطلبة الام او يطلبة الاب من الابناء يستحق الجدال و المناقشة و انهيار الاعصاب، فهنالك امور قابلة للتفاوض و لا تستحق ان تثور الام او الاب بسببها، مثل: اختيار نوع الطعام، او الاصرار علي ارتداء زى معين من جانب الطفل، و هنالك امور اخري غير قابلة للتفاوض، و ذلك النظام من شانة ان يقلل من جدالهم و مخالفتهم لوالديهم؛ لانة يشعرهم بقدر من الحرية و يعمق لديهم الشعور بالمسؤولية .


– الانسحاب و التزام الصمت من الاساليب الجيدة كذلك كبديل تربوى عن الصراخ و فقد التحكم فالاعصاب، فالمربى عندما ينفعل تتغير تعبيرات و جهة لتصبح اكثر قسوة ، و ربما يتفوة بالفاظ جارحة او يرتكب افعالا يندم عليها بعد ذلك؛ لذا علية ان ينسحب من ساحة المواجهة عندما يبدا دماغة فالغليان، و يوشك بركان غضبة ان ينفجر، و يكفى ان يقول لمن اخطا: “اننى من شدة غضبى منك الان لا اريد مواجهتك و انا فهذة الحالة “، و هنا سيشعر الطفل بتانيب الضمير، و لا تخش- عزيزى المربى- ان يفهم الطفل ذلك الانسحاب علي انه ضعف او استسلام منك؛ لان اغلبية الابناء سوف يدركون انهم تمادوا فالخطا فيتراجعون و يعتذرون و تمر العاصفة بسلام ان شاء الله تعالى.


– افصل بين شخص الطفل الذي هو و لدك و قرة عينك، و بين اخطاؤة التي هى مقتضي بشريتة و صغر سنة و قلة خبرتة بالحياة ، كما انها سبيلة لتعلم الصواب، و بالتالي يصبح التوجية و التصحيح منصب –لفظيا و انفعاليا- علي السلوك الخاطئ اما شخص الطفل فيظل قرة العين و حبيب القلب.


واخيرا ..عزيزى المربى ما الحل؟


ليكن الحوار هو اسلوبك معهم، الحوار القائم علي الود و الحنان و الرحمة ، و الهادف الي تحقيق مصلحتهم. بعدها لا تنس انك بالنسبة لابنائك القدوة التي يتعلمون منها السلوك و الاخلاق؛ فلتكن لهم خير قدوة ، فالهدوء و ضبط النفس و التعامل الراقي، البعيد عن الصراخ، المفعم بالحب و الاحترام.


الصراخ في وجة الاطفال